جلست على شاطئ البحر أراقب غروب الشمس بأشعتها الصفراء الباهتة المتناثرة على صفحة البحر المتقلب, هبات النسيم الباردة تداعب وجهي من حين لآخر, والأمواج المتعالية ترتطم بقدماي وكأني بها تتماوج في أعماقي, أغمضت عيني واستسلمت لها وهي تداعب أطرافي, تمنيت لو أسلمها نفسي ارتمي بين أحضانها, تأخذني معها أينما ذهبت فإذا بها تتعالى أكثر فأكثر ومع انحسارها تسحبني بهدوء إلى عرض البحر حيث العالم الفسيح, تعلو الأمواج فأعلو معها وحين تهبط ينساب جسدي معها بهدوء, يا له من شعور جميل حين تشعر انك جزء من البحر, وفي لحظة استسلام كامل للموج ارتفع إلى الأعلى ليقذف بي إلى عمق البحر المظلم أحسست بالاختناق فحاولت الصعود لتنفس بعض الهواء ولكن لا جدوى فالموج يجذبني معه إلى العمق السحيق, اتخبط بضعف فيسحق ضعفي بقوته وكلما خارت قواي زادت قوته وجبروته, فتحت عيني لأجد أني ما زلت على شاطئ البحر, أخذت نفساً عميقاً عليّ اطرد من مخيلتي بقايا ذلك الكابوس المرعب, نهضت مبتعدة عن الأمواج الغاضبة وفي أعماقي قررت ألا اسلم نفسي للموج أبداً مهما كان إغراؤه لي. البحر هي أنفسنا والأمواج هي مشاعر الحزن والإحباط التي تغرينا أن نستسلم لها لنهرب من واقع الحياة الصعب,فإن استسلمنا لها سحقتنا وسحقت كل أحلامنا وطموحنا وإن تجاهلناها واصلنا طريقنا بخطى ثابتة.