منذ أن غادرت عدن وأنا احن إلى بيتنا القابع فوق الجبل الأسمر المطل على البحر الذي نتنسم هوائه المملح تسكن معنا حمامات ..وقطط...وكلب يحرسنا..بمجرد مايشتمنا يركض أمامنا يلعب بذيله ويقترب منا كي نربت عليه...منظر البحر بديع....وقت الفجر..ورائحته المملحة الممتعة..تأخذك الى سحره..وعالمه تبرز نخلة أمام بيتنا ..وخلف البيت شجرة المريرة كبيرة متشعبة أصبحت وكرا للغراب...وملاذا لها.. على يمين البيت أوراق الياسمين..والسدر وشجرة الليمون... المنغصات تكاد تنعدم...لهدوء المكان وروعته...في منحنى الجبل ..على يسار البيت توجد أشجار كثيفة خضراء لاتخضع لقواعد الري...تغريني شجرة السواك بنزع عيدانها..واستعمالها .. منظر الفراشات. ..يضفي سحر على المكان... أصوات العصافير وارتياد بعض الطيور الجميلة وتغريدها الجميل.. الحمام ينتشر في الفجر....يبحث عن طعامه..وأنا تسول لي نفسي بتصويب بندقية الصيد..لأحظى بلحمه واستمتع في الليلة القمراء أنا والعائلة بالشواء...حين يدلهم الليل تبدأ الحمام بالتخفي والانزواء تحت السقف القرميدي الهرمي للبيت مايزعج طرطقة الغربان في الصباح الباكر....على النوافذ أو على سقف البيت...المكان ..زخم ووحي لمن يمتلك ملكة الشعر..صوت البحر وهو يلطم الصخر بقسوة جارفة يحفر ويعلم في الصخر الندوب والجروح..فيكون الرد مستميتا...حيث ترتمي بعض السمكات..الميتة على الشاطئ.. بمنتهى الغموض ..والإهمال..تظل مرمية إلى أن تنتن وتعفن فيتبرع الصيادين حينها برميها ..بعيدا عن البحر رائحة البحر المملحة تعيد لنسماتك التجديد والانتعاش...هدير البحر أمواجه المتقلبة مده وجزره.. أصوات السفن والبواخر القادمة والغادية..أصوات القوارب....طيور البحر....تنسيك كل هموم الدنيا هنا أجد نفسي قريبة من السماء هاهي أمامي أتطلع إليها كل ليلة مااجمل الليالي القمرية هنا تراني أشاهد القمر في كل حالاته وتطوراته ..وقت الغروب له سحره ..تختفي الشمس خلف الجبال الموازية لبيتنا..ترتسم لوحة جميلة في السماء تنعكس هذه اللوحة على مياه البحر فيتلالا نور الشمس الخافت بلون ذهبي جميل نسمات الليل الباردة ...تداعب أوراق الشجر..يتحول النسيم ..إلى رياح قويه ..يعبث بالأشجار ..يمنه ويسره تتدحرج بعض..العلب والأوراق..من شدة الرياح..تتسابق ..حيث منحنى الجبل لتستقر ..بين حنايا الأشجار النجوم والقمر ..فوق مستوى راسك إن رفعته بتأمل ساحر ...البحر أسفلك بنسماته الاخاذه الرائعة يغريك ..بشراء السمك..من الصيادين..الذين اصطادوه للتو..طازج..فنستمتع حينها بالشواء..نسمع أحيانا حفيف..يمر من جانبنا ثعبان..يلهث سريعا خوفا من أن ينال عقابه..فيختفي في حفره بين الصخور ..لاتطلع الثعابين إلا في الصيف أما في الشتاء فلا نكاد نراها أو نسمع حفيفها.... ندهس أحيانا جلد ثعبان ..مرمي..قام بتغييره..والانزواء في حفرته..أما الأفعى فهي هنا كالا سطوره التي نسمع عنها ..ولانراها... . الحياة هنا ممتعة..في كل الأوقات لا يتسرب إليك الملل...الهدوء يغريك بالتأمل والقراءة..شرط ألا يشغلك عمل ما تغريك شجرة الدوم ..بهزها...حيث تتساقط ثمرات الدوم المدورة المغرية بالتهامها..تطل أمام ناظري شجرة المانجا..والعنباء...حين ازور بعض صديقاتي..الساكنات...في الجهة اليسرى من الجبل.... فيأتيننا فضول بزراعتها أمام بيتنا.. .في أيام العطل ...تكون متعة حقيقة ..إما لتأمل الكم الهائل من البشر يرتادون البحر..طلبا ..لإجازة ممتعة....وتناغما وانسجاما مع موجات البحر..حيث يمتز وجون فيه ..ويمتزج بهم فرحا أو ننزل في رحلة بحرية..نستقل قارب....فيمخر البحر بغير تلاطفا..تغريني مياه البحر..فاغطس يدي والقارب يسرع بطريقة جنونية ..وأخرجها بحركة دائرية مستمتعة بالمغامرة المهلكة...حيث..ينحنى جزء مني إلى البحر العميق والجزء الأخر في القارب مدركة بان هذا هلاكي ومع ذلك استمرا المغامرة...يبتعد القارب عن الشاطئ فيستبد الخوف بالبعض...من أن تكون نهايتنا..لكن هذا لايحدث أبدا في حساباتي....لاادري لماذا هل لأنني أحب المجازفة أم لأنني استمتع بلحظة عبورنا إلى المكان الأخر.. لانتوقف..تمنيت أن اتوقف وأبقى هنا ...أنا والعائلة الى الليل..ولكن هاجس يمنعنا من ذلك...العودة في الليل..مهلكة... لا توجد هنا وسائل مواصلات إلا القارب الذي . أقليناه.... فنعود ..دون المكوث أو حتى النزول في هذا المكان..ولاتكون العودة بنفس متعة بداية الرحلة... كتب في 2008