أستيقظ كل صباح على تغريد عصفوري الجميل الذي اشتريته منذ خمسة أعوام. ظل رفيقي طيلة هذه المدة يشاركني أفراحي وأحزاني، ألفته وألفني حفظته وحفظني استطعنا أن نخلق بيننا لغة للحوار حتى نفهم بعضنا. يغرد عند هطول المطر فأشعر أنه سعيد، يغرد عندما يراني حزيناً فأحس أنه حزين ويريد تغريده أن يبعث البهجة إلى نفسي، صرت أعشقه حد الجنون، كنا نحتفل أنا وهو كل عام بمناسبة صداقتنا، أقوم أنا بإشعال الشموع ويقوم هو بعزف أجمل ألحانه بتغريده الآسر على ضوء الشموع. كان كل منا يشعر بسعادة الآخر، كانت هديتي له أن أغير له القفص كل عام كي يشعر بتجدد الحياة. في الليلة الماضية احتفلنا بالذكرى الخامسة لصداقتنا، اشعلت الشموع، شدا، غرد بأجمل ألحانه، استمررنا سعداء طيلة الليل، أتى موعد حوارنا الذي اتخذنا عادة لنا كل عام لمعرفة الآخر، تقدمتُ نحوه جلستُ أمامه نظر إليّ سألته: ترى هل تتوق إلى الطيران؟ دار حول نفسه دورة كاملة، عرفتُ أنه يريد أن يجيب. لا. أبهجتني إجابته لأنها تدل على أنه سعيد معي. بادرته بسؤال آخر. ترى هل تحبني كما أحبك؟ غرد تغريدة بنفس طويل عرفت أنه يريد أن يقول: أحبك أكثر. سعدت كثيراً أدخلت أصبعي لأتحسس ريشه الجميل ثم سألته: هل أنت سعيد بهذا القفص؟ أفلت من بين أصابعي وبدأ يدور ويدور في القفص فعرفت أنه يريد أن يجيب: سعيد جداً. كان هذا حوارنا دائماً خلال خمسة أعوام، لكني لم أفكر للحظة واحدة في أن أفتح له باب القفص. احتقرت نفسي واستصغرتها لأني كنت أنانياً معه. أخذت القفص من مكانه بجانب سريري، تقدمت نحو النافذة فتحتها وضعت القفص على حافتها، فتحت للعصفور باب لقفص ظل واقفاً لم يخرج من القفص لم أفهم شيئاً، ظننت أنه سيندفع مسرعاً نحو الخارج، فرحت كثيراً عرفت أنه يريد أن يجيب أنه لايريد أن يرحل عني ويتركني وحيداً. أردت أن أجعله يرحل رغم حبي له وتعلقي به. أدخلت يدي في القفص، أخذت العصفور وضعت القفص في أرضية الغرفة أمسكت العصفور في يدي قذفت به عالياً كي أرغمه على الطيران، ارتفع عالياً ظل يضرب بجناحيه الهواء سقط على الأرض أخذته من على الأرض نظرتُ فيه لم يكن فيه شيء يمنعه من الطيران سألته: لماذا لاتطير؟ قفز من بين يدي إلى الأرض، عاد إلى القفص استغربت كأنه يريد أن يقول شيئاً دنوت إليه نظر إلي، دار حول نفسه ضرب بجناحيه الهواء أدركت أنه يريد أن يجيب. لقد نسيت كيف أطير.