بعد انقضاء أيام شهر العسل، تبدل الحال من عسل إلى بصل، صار يغضبُ لأتفه الأسباب، حديثه زمجرة تبدل وجهه الباسم إلى عبوسٍ دائم، إذا تحدثت معه تأفف، وإذا تبسمت تجهم وعبس، إذا بقربه جلست تحسّ بأنفاسه حبست، وإذا خرج من المنزل أغلق وراءه الباب وشدد عليها بالإحتجاب، فلا جارة تزورها ولا صديقات حتى الأهل إذا طلبت زيارتهم عنفها بالخطاب. فتبدل الأمن بالخوف، والحنان بالقسوة.. لا يسمع إلا للحاسدين، ولا يصغى إلا لكيد النساء العظيم انحنى رأسُها على ركبتيها تحدثت مع نفسها والدموع تتساقط من عينيها: «ماذا تصنع وكيف تتصرف مع رجل الشك يحاصره من كل مكان؟» تقدمت نحو غرفته بهدوء ولطف تخاطبه: «لم لم تعد تطيق مجلسي، ولا منطقي؟ هل حدث مني شيء أزعجك.. ماذا أصنع حتى لا أضايقك؟ ما الذي تريده مني فيسعدك؟» وفجأة دق جرس الباب فنهض من فراشه مذعوراً، تقدم نحو الباب قائلاً: «من هناك؟!!» صعد من الخارج صوتٍ يقول: «افتح أنا صهرك أحمد..» تلبك قليلاً ثم فتح الباب قائلاً: «نعم ماذا تريد؟» فرد متعجباً من سوء استقباله: «والدي مريض وطلب زيارة أختي فهل تسمح لها؟». فرد ذلك الرجل بتعجرف شديد: «هذا غير ممكن». فقال له ذلك الصهير: «ولم كل هذا ألم تزل بطبعك العنيد؟!» قال ذلك الزوج بلهجة غضب: «أتشتمني في بيتي.. خذ أختك الآن ولا تعود» فخرجت من منزلها وهي لا تريد، ولكن ماذا تصنع مع رجلٍ صار قلبه من حديد وفعله غير حميد.. فحدثت الفرقة بينهما، كانت طفلتان في مهدهما هما الضحية.. جرت السنين وقلب تلك الزوجة ما زال حزيناً تزوجت من آخر لعلها تنسى ولكن دون جدوى .. تعرضت لمرضٍ عضال أقعدها في السرير سنين طوال طلبت زيارة ابنتيها لكن ذلك المتعجرف رفض بشدة.. فرحلت عن الحياة محزونة القلب مكسورة الخاطر، دموعها تتدحرج على خديها تبكي وتُبكي لكل ناظر. ولم تمر إلا بضع سنين فإذا بعدالة السماء تنزل على ذلك الظالم فتقعده على سريره بتألم بصوت تخنقه غصة المرض فينادي من حوله لعونه، فلا يجدُ من يسمعه فالكل عنه مشغول.. زوجته الجديدة وأبناؤه لا يشفقون عليه ولا يرثون على حاله.