يأتي رمضان هذا العام كما الأعوام السابقة والمسلمون في كل مكان يستقبلونه بفرحة واستبشار، لما له من مكانة خاصة في نفوسهم، فهو يعد الفسحة السنوية من عناءات وهموم الأشهر الأخرى، فيه ترتجي القلوب المؤمنة رضا الإله وغفرانه. ولكن ياترى هل يشفع هذا الشهر بما يحمله من معان سامية أقرب إلى المثالية في زمننا هذا عما اقترفته أيدينا نحن المسلمين كأفراد ابتداءً بممارساتنا اليومية من غش ورشوة وإهمال وتقصير وتزييف للحقائق وتبادل التهم والخيانة للوطن وبيع الذمم والاتكالية وغيرها وغيرها. وانتهاءً بما تقوم به الحكومات الاسلامية في البلدان العربية وغيرها من دول العالم الاسلامي من ظلم تمارسه على محكوميها أو حتى على نفسها من خلال أعمالها فهي إما أن تتخلى عن أخلاقيات الاسلام وتتصرف كما لو كانت دولاً غربية ولكن للأسف بمفهوم مغلوط، فتتحول على أثر ذلك إلى كيانات هشة ذليلة تدهس ليل نهار من قبل اعدائها. وإما أن تكون دولاً ينطبق عليها وصف «ارهابية» تسعى دوماً لحياكة الدسائس على غيرها من الدول الاسلامية سعياً لتكوين امبراطوريات توسعية واهية قائمة على الغدر. أو لغيرها من الدول التي من المفترض أن تكون صديقة وقدوة في العلم وإقامة أعمدة التقدم، فتحولها دون سبب إلى عدوة وتنتهك باسم الاسلام والإسلام براء من ذلك أمنها وأمانها فلا ينال المسلمون من وراء هذه التصرفات المجنونة وغير المدروسة إلا كراهية العالم الآخر وازدراءه منهم ومن دينهم. فيارمضان الخير، الحامل في نسائمه الرحمة والمغفرة تراك ستستطيع أن تطهرنا من أرجاسنا ومن وهن عقولنا. اللهم تقبل دعاءنا بالمغفرة والتوبة ولاتآخذنا بما فعل السفهاء منا.