بدون أدنى شك، أو أي نوع من المبالغة، أصبحت السياحة في عالمنا الحالي مورداً اقتصادياً هاماً يمكن الاعتماد عليه لإحداث تنمية اقتصادية ناجحة تعم بخيرها كل أبناء الوطن، ونتيجة لذلك حدثت تغيرات كمية وكيفية خلال السنوات الأخيرة في الطلب والعرض السياحيين وقد بدا ذلك واضحاً للمتابع لأحداث ومجريات قطاع السياحة في العالم، حيث تركز الطلب السياحي الدولي في الدول المتقدمة «المصدرة للسياحة» رافق ذلك ضرورة الاتجاه نحو تعزيز وتوثيق عرى التكامل الإقليمي وشبه الإقليمي وهو باعتقادي النهج السليم الذي اتبعته معظم دول العالم لتحسين صورة منتجها السياحي أمام الآخرين.. فكلما زادت تلك المناطق تقدماً لاحظنا زيادة تكثيف جهودها لتحقيق التكامل السياحي وهو الأمر الذي أدى إلى تحسن ملموس في ثبات درجة التدفق السياحي إليها.. بمعنى أن يصبح للحركة السياحية وجود متميز وواضح الأثر من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. الخ. من هذا المنطلق أصبح مفهوم التكامل الإقليمي بين الدول المصدرة والدول المستقبلة للسياحة يشكل هدفاً محورياً تسعى السياحة الدولية الإقليمية لتحقيقه على الواقع المعاش، في دراسة حديثة طرحتها «جلوبال فيوتشر اندفورسايتس» الهيئة العالمية المتخصصة بالدراسات والأبحاث المستقبلية دراسة موسعة حول الرؤية المستقبلية لقطاع السياحة والسفر في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاث عشرة المقبلة رؤية «2020» . حيث غطت هذه الدراسة ثلاث عشرة دولة من مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي وشمال افريقيا وضحت الدراسة مبادرة هامة لمنطقة الشرق الأوسط حيث ستوفر رؤية عالمية لآفاق السياحة الإقليمية بالإضافة إلى أن الدراسة قدمت معلومات وافية عن توجهات السياحة العالمية والإقليمية والمحلية، ولسنا هنا بصدد إعادة ما طرحته هذه الدراسة من أفكار ومقترحات ولكننا بحاجة ماسة إلى الاستفادة مما ورد فيها من نتائج وتوصيات عملية، لإنعاش سياحتنا اليمنية وتطوير السياحة الإقليمية الوافدة إلى بلادنا. فالسياحة اليمنية بحسب آراء الخبراء والمختصين تمكنت خلال السنوات الأخيرة من إصلاح الكثير مما أفسدته الأحداث والتداعيات سواء المحلية والدولية، وعندما نستعرض الواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط، فإن هناك أزمة سياسية وتداعيات على المنطقة أهمها الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق، وجمود عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، والأزمة السياسية في لبنان والتأثيرات الإقليمية التي مرت بها المنطقة، نجد أن سياحتنا ستكون بألف خير، ونتوقع أن تحقق السياحة اليمنية نمواً إيجابياً للسياحة الاقليمية خلال الأعوام القادمة. وهو ما أكده الاستفتاء الذي أجرته مجلة أسفار الخليجية الصادرة في أبوظبي وشمل العديد من الأجانب المقيمين في دول الخليج والسياح، حيث حصلت اليمن على المرتبة الأولى كأفضل وجهة سياحية للأجانب في دول الخليج العربي للعام 2008م ونتيجة لذلك يتوجب على وزارة السياحة في بلادنا التوجه بشكل علمي مدروس للاستفادة من مخرجات هذه التوجهات والتدفق السياحي العالمي للسياحة الإقليمية وتعزيز ذلك بالقيام بالعديد من الدراسات والبحوث التسويقية التي ستمكننا بكل تأكيد من توجيه رسائل ترويجية ناجحة تستهدف كل محبي اليمن السعيد. وقبل ذلك على كل القطاعات في البلد أن تعي هذه التوجهات الصائبة وتبادر إلى تحمل مسؤولياتها نحو تشجيع وتطوير السياحة في بلادنا، فالسياحة وتطويرها ليست مسؤولية وزارة السياحة فقط ولكنها مسؤولية وطنية مشتركة بين كل قطاعات الدولة فهي تشمل سبعين قطاعاً خدمياً كما أكدت ذلك الأبحاث والدراسات المتخصصة بشؤون السياحة في بلدان العالم. علينا أولاً أن نعزز قدرة البنية التحتية القادرة على استيعاب أعداد من السياح الذين سيقدمون إلى بلادنا وسيغادرون منها عبر منافذها المختلفة، كما أن النظافة عنصر حضاري وديني لذا يتوجب علينا أن نعي ذلك تماماً فنحافظ على نظافتنا ونظافة مواقعنا السياحية، والحفاظ على البيئة المحيطة بنا من التدهور، والاهتمام بالتدريب والتأهيل وإعادة النظر في السياسة التعليمية المتبعة حالياً في المعاهد والأقسام السياحية والفندقية في بلادنا وإصلاح ما اختل منه في أقرب وقت، وتحقيق التوزيع الجغرافي المتوازن لكافة النشاطات التنموية والربط بين تلك النشاطات من النواحي الاقتصادية والعمرانية بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، وتكثيف حملات التوعية السياحية في الداخل. وتعزيز مفهوم التربية السياحية في المدارس والمعاهد والجامعات وتكثيف الحملات الترويجية الموجهة للأسواق السياحية الخارجية المصدرة للسياح وعقد الاتفاقيات مع عدد من الدول التي سبقتنا في هذا المضمار للاستفادة من خبراتها ودعم وتشجيع الصحافة المحلية المتخصصة بالسياحة والتعريف بها بين أبناء البلد والاهتمام بالكادر البشري والإداري العامل في قطاع السياحة والتركيز على ضرورة توفير نظام معلومات دقيق ومحدث والاهتمام بالدراسات والبحوث السياحية وتوفير الإحصائيات حول القطاع السياحي وإيجاد نظام رقابي دقيق يعي المهمة الملقاه على عاتقه لا أن يبيع ويشتري في ما أوكل إليه من مهام تخص الجانب الرقابي والتفتيش على الضيافة وقبل ذلك الأخذ في الاعتبار المعلومات الصحيحة المستندة على الدراسات المنهجية عن توجهات السياحة العالمية والإقليمية والمحلية بما في ذلك الاتجاهات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والتقنية والبيئية والتشريعية وتصورات حول السلوكيات المتوقعة للسياح، والأخذ في الحسبان . مواكبة التغيرات المستقبلية للسياحة الإقليمية والحد من ظاهرة التعرض للسياح الأجانب أو اختطافهم في المدن السياحية، وتشجيع سياحة المهرجانات بين المدن والمحافظات اليمنية وتشجيع قيام المسابقات السياحية المتخصصة بين أفراد المجتمع ورصد الحوافز التشجيعية لها في ظل ما تشهده اليمن الحبيب من زخم ديمقراطي للمجالس المحلية وتوسيع صلاحياتها، فالمجالس المحلية تضطلع بدور كبير في التنمية السياحية كل في إطار المدينة والمحافظة التي يعيش فيها. ختاماً نقول: أن تكون اليمن مقصداً سياحياً ذا مكانة عالية تنمو بشكل مستدام، وأن تساهم سياحتنا في تحسين اقتصادنا ورفع مستوى دخلنا ومعيشتنا، علينا أن ندرك أن السياحة نشاط واعد لمستقبلنا وأنها أصبحت أكثر من مجرد طريقة لقضاء الإجازات، ولذا علينا أن نجعل تنميتها نصب أعيننا، فهي مسؤولية وطنية مشتركة تهم كل أبناء اليمن فهل نحن فاعلون.. نأمل ذلك.