هو إبراهيم بن محمد بن عبدالقادر المازني، شاعر مصري من شعراء العصر الحديث، عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره كما عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أم الشعر، واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتّاب والشعراء الفطاحل، حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكاناً بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان.. حاول المازني الإفلات من استخدام القوافي والأوزان في بعض أشعاره، فانتقل إلى الكتابة النثرية، وخلف وراءه تراثاً غزيراً من المقالات والقصص والروايات بالإضافة إلى العديد من الدواوين الشعرية، كما عرف كناقد متميز. النشأة والمجال العملي ولد المازني في عام 1890م بالقاهرة بجمهورية مصر العربية، ويرجع نسبه إلى قرية كوم مازن في محافظة المنوفية، تخرج من مدرسة المعلمين عام 1909م، وعمل في التدريس ثم في الصحافة، كما عمل في البداية بجريدة الأخبار مع أمين الرافعي، ثم محرراً في جريدة السياسة الأسبوعية، كما عمل في جريدة البلاغ مع عبدالقادر حمزة وغيرهم وفي الكثير من الصحف الأخرى، كما انتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية، وعرف عن المازني براعته في اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية، فقام بترجمة العديد من الأشعار إلى اللغة العربية، وتم انتخابه عضواً في كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي بدمشق. أسلوبه الأدبي عمل المازني كثيراً من أجل بناء ثقافة أدبية واسعة لنفسه، فقام بالإطلاع على العديد من الكتب الخاصة بالأدب العربي القديم، ولم يكتف بهذا بل قام بالإطلاع على الأدب الإنجليزي أيضاً، وعمل على قراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية حتى قال العقاد عنه: إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً. يعد المازني من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من عبدالرحمن شكري، وعباس العقاد، عشق الشعر والكتابة الأدبية وعمل في شعره على التحرر من الأوزان والقوافي، ودعا كغيره من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، هذا على الرغم من أننا نجد أنه غلب على شعرهم وحدة القافية، اتجه المازني للنثر وأدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة، فأخذت كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيش فيه من أشخاص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في هذه الفترة، فعرض كل هذا بسلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلفات الشعرية والأدبية. توقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني في عام 1917م، واتجه إلى كتابة القصة والمقال الصحفي. من أعماله قدم المازني العديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة نذكر من أعماله: إبراهيم الكاتب، وإبراهيم الثاني رواياتان، أحاديث المازنى- مجموعة مقالات، حصاد الهشيم، خيوط العنكبوت، ديوان المازنى، رحلة الحجاز، صندوق الدنيا، عود على بدء، قبض الريح، الكتاب الأبيض، قصة حياة، من النافذة، الجديد في الأدب العربي بالاشتراك مع طه حسين وآخرين، حديث الإذاعة بالاشتراك مع العقاد وآخرين، كما نال كتاب الديوان في الأدب والنقد الذي أصدره مع العقاد في عام 1921م شهرة كبيرة، وغيرها الكثير من القصائد الشعرية، هذا بالإضافة إلى مجموعات كبيرة من المقالات، كما قام بترجمة مختارات من القصص الإنجليزي، توفي المازني في عام 1949م. قصائده وهذا جزء من إحدى قصائده وهي “الإنسان والغرور”: أقم وادعاً واصبر على الضيم والأذى فإنك إنسان وجدك آدم وهبك على الدنيا سخطت وظلمها أتملك دفع الظلم والظلم لازم بني آدم ما للغرور رمى بكم مراميه حتى غدا وهو حاكم تظنون أن الأرض قد بسطت لكم ومن أجلكم تجري الغمام الروائم وأن النجوم الزهر علن زينة تقر بها الألحاظ وهي هوائم فما لكم لا تنظمون نثيرها فيصبح منها حليكم والتمائم وفي قصيدة أخرى يقول: أضعت شبابي بين حلم وغفلة وأنفقت عمري في الأماني الكواذب ولم يبق لي شيءٌ وقد فاتني الصبا وأدبر مثل السهم عن قوس ضارب تعود الغصون الصفر خضراً وريفة مرنحةً بعد الذوي والمعاطب وليس لما يمضي من العمر مرجعٌ ولا فرصةٌ فاتت لها كرٌّ آيب بلى زاد في علمي وفهمي وفطنتي وحلمي أن جربت بعض التجارب ولكن في عزمي فلولا كثيرة تغادرني في العيش طوع الجواذب وما خير علمٍ في الحياة وفطنةٍ إذا حال ضعف العزم دون المطالب كأن لنا عمرين عمراً نريقه وآخر مذخوراً لنا في المغايب ويقول أيضاً: أبليت فيك العمر وهو جديد وعرفت فيك الصبر كيف يبيد وغدوت أجلك في الحياة محسداً تغلى علي صغائنٌ وحقود وتركتني مثلاً شروداً في الهوى يومي إلى الأصبع الممدود لي كل يومٍ منك موقف ذلة صعبٌ على الطبع الحمي شديد وأراك تلقاني ووجهك عابس وبناظريك بوارقٌ ورعود مهلاً حبيبي إن في لعزةً أبداً علي لواؤها معقود لا يخدعنك ما ترى من حبنا فكأنه مع يومه ملحود إن الهوى كالنار يخمد جمره والحسن ليس له كذاك خلود ولقد تكون غداً وما في قربكم ري ولا في بعدكم تصريد ولسوف يطوي اليأس صفحة ذكركم ويصد نثر عنك وقصيد ما أنت أول من سلوت وردني عن حبه شممٌ بنا محمود إن الشتاء وإن تطاول عهده للأرض بعد ذهابه تجديد يمضي بأدمعه التي ما إن تني تهمي ويحلو بعده التغريد فأبسط غضوناً في جبينك أنني قد ذدت عنك القلب قبل تذود