تسافر بنا الأمنيات إلى المستقبل البعيد بكل آيات الجمال، والروعة، بكل ثقة بالله، وتسافر معنا قلوبنا إلى ما بعد الواقع في روحانية هذا الشهر الكريم ، تسافر قلوبنا إلى الآخرة ، ونعيش جوا من الأمل بالله أن يرحمنا ، بأن نكون من أصحاب الجنة في الوقت الذي تسافر فيه أحلام الفقراء والمعدمين والمرضى والعاجزين إلى المستقبل القريب، تسافر أحلامهم، ومعها قلوبهم على بساط الأمل والرجاء بأن ترن هواتفهم ليتقبلوا مكالمة من فاعل خير أو من تاجر أعطاه الله فأعطى عبيده لينتشلهم من معاناتهم، نحن نعيش الواقع حلوا في أغلب أيام حياتنا، فنحلم للمستقبل البعيد، وهم يعيشون المرارة في كل أيام حياتهم فيحلمون للمستقبل القريب.. على بساط ليلة القدر نسطر آلام الفقراء والمعدمين، المرضى والعاجزين، إلى أولئك الذين وصفهم رسول الرحمن عليه الصلاة والسلام بأنهم أرق قلوبا وألين أفئدة. من المؤلم أن تكون أحلام ضيوف ليلة القدر هي شريط علاج يهدئون به آلامهم أو لقيمات يسدون بها رمقهم أو أغطية تقيهم حر الصيف وزمهرير الشتاء أو أسقف يستظلون تحتها ويؤون إليها ، في الوقت الذي نحن فيه نستمتع بالعافية ولا نشعر بقيمتها ، ونفترش على موائد عامرة تزيد عن حاجتنا ويذهب ما تبقى منها إلى القمامة، ونمتلك بيوتا تؤينا وفرشا تغطينا. يا الله كم هو الفارق كبير بين بني الإنسان، أناس يحلمون بالآخرة والجنة ولا يعملون لها ، يسمعون أنين المرضى ولا تهتز قلوبهم ألما ، يسمعون صياح الجوعى ، ولا يسكتون صراخ أمعائهم ،يحلمون بأن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلى ظله، ويمتلكون الملايين، ولا يُظلون أحداً ممن يحتاجون الظل في الدنيا. أين أولئك المحسنون الذين يسعون إلى رضا الله، فيحسنون لعباده تقربا إليه؟ أين المحسنون الذين أحسن الله إليهم بالصحة والمال؟ أين من يقرؤون آلام الضعفاء والفقراء والعاجزين فينحنون ليمسحوا دموعهم، ويخففون آلامهم، أين من نراهم على شاشات التلفزة، وصفحات الجرائد يصرفون الملايين ليهنئوا بعضهم بعضا بالنجاحات والصفقات التجارية..؟ كم نتمنى أن نراهم يهنئون بعضهم بصفقاتهم مع الله تعالى. صدق رسولنا الكريم القائل: «من أكرم امرءا مسلما فإنما أكرم الله تعالى».. ولو تراحم الناس ما كان بينهم جائع ولا عارٍ ولا مظلوم ولا مغبون، ولأقفرت الجفون من المدامع، ولمحت الرحمة آثار البؤس والشقاء بين الناس، ولحلّت المحبة والوفاء أرجاءهم.