(1) تعرفون أن أكثر ما يحزن أن ترى طفلاً صغيراً في مقتبل العمر يكافح مرضاً اسمه السرطان. وكم يثيرون عجبك بقوة تحملهم لهذا المرض المميت, هذه القوة التي لا يتحملها الكبار وذلك المرض الذي لا يفهمه الصغار. تحار أحياناً فيما يجب أن تفعل مع حصاد الموت الذي يأتي ولا يبقى معه شيء! وتقول من ينجو من هذا المرض في بلادنا التي يعجز الطب عن شفاء الأمراض العادية ناهيك عن الأمراض الخطيرة كالسرطان؟ لكن رؤية ذلك الطفل الذي يغطي رأسه ب«كوفيه», ولم يعد لديه شعر, أو فقد جزءاً من أطراف وجهه أو جسده, تعيد لديك الشعور بمعاناة تستطيع أن تخفف ولو قليلاً منها, ولو بريال واحد تدفعه أو تجمعه. المال الذي نصرفه على الأكل والشرب والصرفيات التي لا تنتهي, ماذا لو حجزنا مبلغاً بسيطاً, وتجمعنا مع أقاربنا أو أصدقائنا وحولناه إلى هؤلاء الأطفال لتخفيف معاناتهم من هذا المرض الخبيث. (2) كنت أتحدث مع إحدى المشرفات على رعاية مرضى السرطان, وأخبرتها عن يأسي من عدم جدوى علاج السرطان في بلادنا.. قالت: أتعرفين أن الحمى التي تصيب شخصاً مصاباً بهذا المرض عشرة أضعاف الحمى التي تصيب الإنسان العادي؟ إن كان المرض قد وصل لمراحله النهائية أليس من الرحمة أن يحصل هذا المريض على قيمة المهدئات على الأقل لتخفف من وجعه؟! (3) ربما حالي كحال البعض في بلادنا لا يؤمنون بجدوى العلاج, وخاصة العلاج من السرطان, لكن بعض الحالات فعلاً (وخاصة للمراحل الأولى للعلاج) قد شفيت من هذا المرض, ليس العجز في العلاج وإنما في قيمة العلاج! حيث لا تستطيع المؤسسات المختصة بالسرطان أن توفي ربع احتياجاتها، بل أقل لعلاج المرضى, ثلاثة ملايين تجمع في رمضان تصرف فقط على ثلاثة مرضى مصابين بهذا المرض! هذا المرض الذي يصيب كل عام أكثر من 20 ألف مواطن يمني, وسترتفع الأرقام في حالة لم يتم استئصال أكبر مسببات المرض وهي المبيدات الزراعية التي تحصد الأرواح بلا ضوابط. (4) كم من ريالات سبقت في الأجر والمثوبة قيمة الألف يقدمها الفقراء على استحياء, وكم من أجر تضاعفه هذه الليالي المباركة بما لا يحصى ولا يُعد, رمضان المغفرة والرحمة والعطف, دخلت ليالي العتق من النار وقد تعتق الرقاب بريال صادق لهؤلاء المرضى المتعبين وقد تعتق بلحظة صدق تبذل لتوفير القليل للمحتاجين, رمضان شهر تتسابق فيه الأرواح بالعطاء والبذل, فمن هو المشمر ومن يسابق لما تبقى من الشهر الكريم ليحصل على الفوز والرضوان..؟