لماذا عادت؟ هاهي ترجع ثيابها وحاجياتها الأنثوية الطابع المتعددة التفاصيل الزاهية الألوان الشديدة البريق إلى الخزانة بهدوء وصمت ولم تنسَ أيضاً ثياب نومها الفاضحة والمحتشمة وهي تعيدها إلى أحد الأدراج.. لماذا عادت وهي تعرف تماماً أنه لا يريدها وأنها تثير غيضه وغضبه أكثر مما يثيره أي شيء فيها وحتى أنه لا يحب عينيها يديها جسدها.. إنه يكرهها وهي تعرف أنه يعرف أنها تعرف ذلك.. إذاًً.. لماذا عادت؟ اضطر هو أيضاً لرضوخ لصمت الذي فرضته هي عليه تماماً كما فرضت نفسها.. دخلت المطبخ صوت أدوات الأواني تنتقل من مكان إلى آخر وهي تمر بدش مائي تصل إليه كعادتها عندما تدخل المطبخ فيما سبق لكن هذه المرة كانت ضجيج الأواني أقل حدة أكثر هدوءاً أقل تواجداً.. لماذا عادت هذه البائسة.. إنها منذ دخلت لم تنظر إلى عينيه بقدر ما اهتمت باستتباب وجودها في المكان.. ما الذي أغراها بالعودة؟ وقد كانت في آخر لقاء تهدد وتتوعد بالويل والثبور والطلاق مع عظائم الأمور.. وهو لم يرسل أحد من أهله أو أهلها لتعود، هو يعلم تماماً مدى غرورها وعنادها وإصرارها وتبخترها بكرامتها والاسطوانة المشروخة بتميزها في كل شيء وأي شيء.. إذاً لماذا عادت إليه وهي تكره أيضاً وهو يعلم أنها تعلم أنه يعلم بذلك جيداً.. إذا لماذا عادت.. وليس بينهما أطفال لتتحجج بالأمر.. يكاد يجن لماذا عادت؟ مرّت الساعة سريعاً نادته باقتضاب شديد وبصوت متردد خجول وربما حزين لتناول العشاء.. تمهل للحظة ثم أتى للمطبخ الذي غادرته بعد أن تحول بعصا ساحر إلى شديد النظافة شديد الترتيب.. وكان العشاء طبق الشوربة البحرية المغرم بها والذي كان يعشقها من يديها فقد ادعى يوماً لأصحابه أنها المرأة الوحيدة التي كانت تتقنها في المدينة وهي تعرف أنه يحبها وهو يعرف أنها تعرف بذلك. أكملت عملها الدؤوب في تنظيف المكان.. لا يستطيع أن ينكر مهارتها كما لا يستطيع أن ينكر أنه يحتاجها وأن لحظات مرت عليه تمنى أن تعود رغم أنها لم تكن لحظات طويلة أو مريرة إلا أنه لا ينكر أنها مرت عليه. إذاً فلتعد.. لا ضير إن عادت يحتاج لامرأة هذه الليلة وبضع ليالٍ قادمة.. وسيعود البيت مرتباً وأكله متقن وشهي، سيعود كل شيء إلى ما كان عليه، ما من سوء في ذلك إنه يحتاج امرأة هذه الليلة نعم بخاصةً هذه الليلة.. نعم كل شيء سيعود كما كان تماماً كما كان.. لا إنه يغالط نفسه هناك شيء ما مختلف وغامض مكسور ومهشم في الأرضية النظيفة التي تحته حتى لقد خاف أن تدمى قدماه أو إذا ما انحنى أن تخدش أصابع يديه.. ربما كانت عيناها أو ظلها أو أي شيء يتعلق بها لا يهم ما هو المهم أن لا تعرف أنه يعرف الفرق.