تركها تنتظر في موقف الباصات حيث أقدام الرجال تضرب الأرض ضرباً تقاطعها خطوات دقيقة متسارعة كانت خطواتها من ضمنها ووقفت قرب الموقف وكانت خجلى. ليتها تتخلى عن خجلها وتواجه الحياة بجرأة أكبر.. أدارت وجهها فواجهتها عينان شرستان كانت تبحثان عن إجابة لأسئلة مبهمة تدور في رأس صاحبها وما يعنيها أمره، ثم لماذا تهتم بأفكار الرجال عنها وهي الآن تنتظره ما هما من الدنيا وقد أحبته.. فكرت بالجملة الأخيرة، وجدتها لوهلة ساذجة وسطحية كيف لها ألا تهتم بالدنيا وهى جزء من هذا الحشد نظرت إلى الساعة في معصمها تأخر. تأملت ملابسها كل ما ترتديه يعيق حركتها لكنه جميل كانت تريد أن تبدو جميلة في عينيه ولكن حرارة الجو شيء والجمال شيء آخر. وهؤلاء الرجال كانت المنطقة مزدحمة بكل صنوف البشر وكانت تتخيل أنها دخلت مصيدة لا تستطيع مغادرتها إلا إذا جاء.. تأخر. لمَ لا يتزوجان وينتهي كل هذا العذاب..؟ في دراستها الإعدادية كانت تردد أنها لن تقبل أن تعيش علاقة في الخفاء، كانت ترفض فكرة الخوف لكنها اليوم وبعد سنين خائفة. لماذا يقولون إن المرأة عليها ألا تطالب حبيبها بالزواج، لماذا عليها أن تنتظره ينطق بها هو وهو صامت يردد أعذاراً ويطالبها بمواعيد والآن صار يطالبها بأن تراه في أوقات يصعب عليها فيها مغادرة البيت..؟ كم هو حاد الطباع، تأخر. أنوثتها تحركت معه لكنها تريد أن يحميها وهو يحرك الخوف في دواخلها والرغبة بالمغامرة يردد عليها أن عيشي حياتك وهى تعيش الآن بانتظاره هو، كم مضى من الوقت دقائق.. نصف ساعة.. ساعة.. ساعتان.. تكاد تبكي أدارت وجهها وكانت العينان الشرستان لا تزالان تحدقان بها بقسوة وتهد كبرياءها. لن يأتي. سمعته يقول أخيراً صدقيني لو كان يحبك لما تركك تنتظرين كل هذا الوقت. قالها ومضى وكأنة جاء هنا ليراقبها وحسب.. وأحست بالخجل يتراكم فوق نفسها كانت قدماها تئنان والصداع قد حلّ، فلا مفر من إيقاف عربة أجرة. في الماضي كانت ترفض الخوف الآن هي ترفض نفسها لا بأس من العودة إلى البيت والاغتسال، أما هو فقد أتعبها يكفيها ساعتان من الانتظار. اتصل بها رفعت سماعة الهاتف بداء يسرد لها أعذاراً وحججاً ليبرر عدم مجيئه.. أغلقت السماعة ولم ترد عليه حاول الاتصال إلا أنها لم ترد وقررت أن ترفضه وترفض الخوف من حياتها..