أكد علماء النفس أن للمخدرات أثراً كبيراً على الأمن العام إذا تفشت ظاهرتها بين الأفراد ينعكس ذلك على المجتمع فيصبح مجتمعاً مريضاً بأخطر الآفات يسوده الكساد والتخلف والفوضى والمخاطر على الإنتاج والاقتصاد القومي.. الدكتورة رائدة عبدالجبار السويدي أستاذ علم النفس بجامعة تعز تقول إن علماء النفس يؤكدون أن المخدرات أخطر وأشد وبالاً على المجتمع وانتشارها جريمة في حد ذاتها تؤدي إلى طريق الهاوية؛ لما لها من اضطرابات وخيمة تتمثل في عدة أقسام: الاضطرابات السارة وتشمل الأنواع التي تمنح المتعاطي صفة إيجابية حيث يحس برواق الحال والطرب أو التيه أو التفخيم أو النشوة فمثلاً حسن الحال، حيث يحس المتعاطي في هذه الحالة بالثقة التامة ويشعر بأن كل شيء على مايرام، والطرب والتيه، حيث يحس بأنه من أعظم الناس وأقوى وأذكى ويظهر من الحالات السابقة الذكر “الطرب والتيه، وحسن الحال، والتفخيم” الهوس العقلي والفصام العقلي، وأخيراً النشوة ويحس المتعاطي في هذه الحالة بجو من السكينة والهدوء والسلام. الاضطرابات غير السارة الاكتئاب: ويشعر الفرد فيه بأفكار “سوداوية” حيث يتردد في اتخاذ القرارات وذلك للشعور بالألم، ويقلل الشخص المصاب بهذا النوع من الاضطرابات من قيمة ذاته ويبالغ في الأمور التافهة ويجعلها ضخمة ومهمة. القلق: ويشعر الشخص في هذه الحالة بالخوف والتوتر. جمود أو تبلد الانفعال: وهو تبلد العاطفة، حيث إن الشخص في هذه الحالة لا يستجيب ولا يستشار بأي حدث يمر عليه مهما كان ساراً أو غير سار. عدم التناسب الانفعالي: وهذا اضطراب يحدث فيه عدم توازن في العاطفة فيُرى الشخص المصاب بهذا الاضطراب يضحك ويبكي من دون سبب مثير لهذا البكاء أو الضحك. اختلال الآنية: حيث يشعر الشخص المصاب بهذا الاضطراب بأن ذاته متغيرة فيحس بأنه شخص متغير تماماً، وأنه ليس هو، وذلك بالرغم من أنه يعرف هو ذاته. ويحدث هذا الإحساس أحياناً بعد تناول بعض العقاقير، كعقاقير الهلوسة مثل “ال. اس. دي” والحشيش وأحب أن أضيف هنا عن المذيبات الطيارة “تشفيط الغراء والبنزين.. الخ” يعاني متعاطي المذيبات الطيارة الشعور بالدوار والاسترخاء والهلوسة البصرية والدوران والغثيان والقيء وأحياناً يشعر بالنعاس، وقد يحدث مضاعفات للتعاطي كالوفاة الفجائية نتيجة لتقلص الأذين بالقلب وتوقف نبض القلب أو هبوط التنفس كما يأتي الانتحار كأحد المضاعفات وحوادث السيارات وتلف المخ أو الكبد أو الكليتين نتيجة للاستنشاق المتواصل ويعطب المخ مما قد يؤدي إلى التخريف.. هذا وقد يؤدي تعاطي المذيبات الطيارة إلى وفاة بعض الأطفال الصغار الذين لا تتحمل أجسامهم المواد الطيارة، وتأثير هذه المواد يبدأ عندما تصل إلى المخ وتذوب في الألياف العصبية للمخ، مما يؤدي إلى خلل في مسار التيارات العصبية الكهربائية التي تسري بداخلها ويترتب على ذلك نشوة مميزة للمتعاطي كالشعور بالدوار والاسترخاء. تأثير المخدرات على الأسرة وعن تأثير المخدرات على الأسرة: تقول أستاذ علم النفس الأسرة هي: الخلية الرئيسية في الأمة إذا صلحت صلح حال المجتمع وإذا فسدت انهار بنيانه فالأسرة أهم عامل يؤثر في التكوين النفساني للفرد؛ لأنها البيئة التي يحل بها وتحضنه فور أن يرى نور الحياة ووجود خلل في نظام الأسرة من شأنه أن يحول دون قيامها بواجبها التعليمي لأبنائها، فتعاطي المخدرات يصيب الأسرة والحياة الأسرية بأضرار بالغة من وجوه كثيرة أهمها: 1 ولادة الأم المدمنة على تعاطي المخدرات لأطفال مشوهين. 2 مع زيادة الإنفاق على تعاطي المخدرات يقل دخل الأسرة الفعلي؛ مما يؤثر على نواحي الإنفاق الأخرى ويضعف المستوى الصحي والغذائي والاجتماعي والتعليمي وبالتالي الأخلاقي لدى أفراد تلك الأسرة التي وجه عائلها دخله إلى الإنفاق على المخدرات هذه المظاهر تؤدي إلى انحراف الأفراد لسببين: أولهما: أغراض القدوة الممثلة في الأب والأم أو العائل. السبب الآخر: هو الحاجة التي تدفع الأطفال إلى أدنى الأعمال لتوفير الاحتياجات المتزايدة في غياب العائل، بجانب الآثار الاقتصادية والصحية لتعاطي المخدرات على الأسرة نجد أن جو الأسرة العام يسوده التوتر والشقاق والخلافات بين أفرادها، فإلى جانب إنفاق المتعاطي لجزء كبير من الدخل على المخدرات والذي يثير انفعالات وضيقا لدى أفراد الأسرة فالمتعاطي يقوم بعادات غير مقبولة لدى الأسرة حيث يتجمع عدد من المتعاطين في بيته ويسهرون إلى آخر الليل مما يولد لدى أفراد الأسرة تشوقا لتعاطي المخدرات تقليداً للشخص المتعاطي أو يولد لديهم الخوف والقلق خشية أن يهاجم المنزل بضبط المخدرات والمتعاطين. أَضرار المخدرات وعن أضرار المخدرات وآثارها على الفرد والمجتمع تضيف الدكتورة رائدة عبدالجبار يقول أستاذ علم النفس: مضار المخدرات كثيرة ومتعددة ومن الثابت علمياً أن تعاطي المخدرات يضر بسلامة جسم المتعاطي وعقله وأن الشخص المتعاطي للمخدرات يكون عبئاً وخطراً على نفسه وعلى أسرته وجماعته وعلى الأخلاق العامة والإنتاج القومي لبلده وعلى الأمن العام ومصالح الدولة وعلى المجتمع ككل، بل لها أخطار بالغة أيضاً في التأثير على كيان الدولة السياسي والاقتصادي والأمن الاجتماعي ونذكر هنا الأضرار للعرض وليس على سبيل الحصر. أولاً: الأضرار على الصعيد الشخصي “العضوية والنفسية” الأضرار العضوية 1 يتسبب التعاطي والإدمان في فقدان الشهية للطعام مما يؤدي إلى النحافة والهزال والضعف العام المصحوب باصفرار الوجه أو اسوداده لدى المتعاطي، كما تتسبب في قلة النشاط والحيوية وضعف المقاومة للمرض الذي يؤدي إلى دوار وصداع مزمن مصحوب باحمرار في العينين، ويحدث اختلال في التوازن والتآزر العصبي في الأذنين. 2 يحدث تعاطي المخدرات تهيجا موضعيا للأغشية المخاطية والشعب الهوائية وذلك نتيجة تكون مواد كربونية وترسبها بالشعب الهوائية حيث ينتج عنها التهابات رئوية مزمنة قد تصل إلى الإصابة بالتدرن الرئوي. 3 يحدث تعاطي المخدرات اضطرابا في الجهاز الهضمي والذي ينتج عنه سوء الهضم وكثرة الغازات والشعور بالانتفاخ والامتلاء والتخمة والتي عادة تنتهي إلى حالات الإسهال الخاصة عند تناول مخدر الأفيون، والإمساك.. كذلك تسبب التهاب المعدة المزمن وتعجز المعدة عن القيام بوظيفتها وهضم الطعام كما يسبب التهابا في غدة البنكرياس وتوقفها عن عملها في هضم الطعام وتزويد الجسم بهرمون الأنسولين والذي يقوم بتنظيم مستوى السكر في الدم. 4 إتلاف الكبد وتليفه حيث يحلل المخدر “الأفيون مثلاً “ خلايا الكبد ويحدث بها تليفاً وزيادة في نسبة السكر مما يسبب التهابا وتضخما في الكبد وتوقف عمله بسبب السموم التي تعجز الكبد عن تخليص الجسم منها. 5 التهاب في المخ وتحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية التي تكون المخ مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة والهلاوس السمعية والبصرية والفكرية. 6 اضطرابات في القلب، ومرض القلب الحولي والذبحة الصدرية، وارتفاع في ضغط الدم، وانفجار الشرايين، ويسبب فقر الدم الشديد، وتكسر كريات الدم الحمراء، وقلة التغذية، وتسمم نخاع العظام الذي يضعف كريات الدم الحمراء. 7 التأثير على النشاط الجنسي، حيث تقلل من القدرة الجنسية وتنقص من إفرازات الغدد الجنسية. 8 التورم المنتشر، واليرقات وسيلان الدم وارتفاع الضغط الدموي في الشريان الكبدي. 9 الإصابة بنوبات صرعية بسبب الاستبعاد للعقار، وذلك بعد عدة أيام من الاستبعاد. 10 إحداث عيوب خلقية في الأطفال حديثي الولادة. 11 مشاكل صحية لدى المدمنات الحوامل مثل فقر الدم ومرض القلب، والسكري والتهاب الرئتين والكبد والإجهاض العفوي، ووضع مقلوب للجنين الذي يولد ناقص النمو، هذا إذا لم يمت في رحم الأم. 12 كما أن المخدرات هي السبب الرئيسي في الإصابة بأشد الأمراض خطورة مثل السرطان. 13 تعاطي جرعة زائدة ومفرطة من المخدرات قد يكون في حد ذاته، انتحاراً، كونه يتسبب بحدوث الجلطات بالأوعية الدمية بأنواعها وجلطات شديدة إما بالقلب أو المخ أو الجلطات الرئوية. ب الأضرار النفسية 1 يحدث تعاطي المخدرات اضطراباً في الإدراك الحسي العام وخاصة إذا ماتعلق الأمر بحواس السمع والبصر حيث يحدث تخريف عام في المدركات، هذا بالإضافة إلى الخلل في إدراك الزمن بالاتجاه نحون البطء واختلال إدراك المسافات بالاتجاه نحو الطول واختلال أو إدراك الحجم نحو التضخم. 2 كما يؤدي تعاطي المخدرات إلى اختلال في التفكير العام وصعوبة وبطء به، وبالتالي يؤدي إلى فساد الحكم على الأمور والأشياء الذي يحدث معها بعض أو حتى كثير من التصرفات الغريبة، إضافة إلى الهذيان والهلوسة. 3 تؤدي المخدرات إثر تعاطيها إلى آثار نفسية مثل القلق والتوتر المستمر والشعور بعدم الاستقرار والشعور بالانقباض والهبوط على عصبية واحدة في المزاج وإهمال النفس والمظهر وعدم القدرة على العمل أو الاستمرار فيه. 4 تحدث المخدرات اختلالاً في الاتزان والذي يحدث بدوره بعض التشنجات والصعوبات في النطق والتعبير عما يدور بذهن المتعاطي، بالإضافة إلى صعوبة المشي. 5 ويحدث تعاطي المخدرات اضطرابا في الوجدان، حيث ينقلب المتعاطي عن حالة المرح والنشوة والشعور بالرضى والراحة “بعد تعاطي المخدر” ويتبع هذا ضعف في المستوى الذهني وذلك لتضارب الأفكار لديه فهو بعد التعاطي يشعر بالسعادة والنشوة والعيش في جو خيالي وغياب عن الوجود وزيادة النشاط والحيوية ولكن سرعان ما يتغير الشعور بالسعادة والنشوة إلى ندم وواقع مؤلم وفتور وإرهاق مصحوب بخمول واكتئاب. 6 وتتسبب المخدرات في حدوث العصبية الزائدة، الحساسية الشديدة والتوتر الانفعالي الدائم، والذي ينتج عنه بالضرورة ضعف القدرة على التواؤم والتكيف الاجتماعي.