وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الإسلامية الوراثية
نشر في الجمهورية يوم 04 - 09 - 2012


بداية الملك العضوض
يمكننا القول إن الإسلام، بل حتى الفكر الإسلامي لم يقدما نظرية سياسية حول بناء الدولة ،والسلطة، أو منظومة الحكم المعروفة في بناء الدولة، والحقيقة أنه ليس الدين الإسلامي، والفكر الإسلامي، وحدهما لم يقدما مثل هذه الرؤية أو المشروع، بل إن جميع الأديان السماوية، (اليهودية، والمسيحية)، لم تقدم خطة حول بناء السلطة، والدولة، والحكم، كنظام سياسي، بل هي جميعاً، قدمت عقائدها الدينية للمؤمنين بها. وبقيت شرائع وتشريعات السياسة، والدولة، والسلطة، اجتهادات بشرية متروكة للناس يهندسونها ويبنونها وفقاً لاحتياجاتهم الموضوعية، والتاريخية (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية) التي تمليها عليهم حقائق ووقائع الحياة المطروحة أمامهم، فالأديان قدمت المبادئ والثوابت الكلية العامة الدينية العبادية والحياتية (أحكام الحدود) المقدسة، أما فكرة وقضية الدولة فهي مرتبطة بشرائع وتشريعات الناس المختلفة وباجتهاداتهم في تلبية حاجاتهم في بناء وتعمير أمور حياتهم (دولهم) .
كما تطرحها عليهم وأمامهم أسئلة الحياة والواقع. ومعلوم أن الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم أبقى على مناطق الفتوحات الإسلامية المختلفة شرائعهم وتشريعاتهم الاجتماعية، والاقتصادية، والادارية، والثقافية، التي كانت عليها قبل دخول الإسلام باعتبارها ليس فحسب أموراً تخصهم، بل باعتبارها منجزات للخبرة الحياتية التاريخية الإنسانية لهذه الشعوب. فالتاريخ يقول لنا كما يرى جمال البناء (إن الحكومات التي حكمت الناس باسم الدين سواء في المسيحية أو الإسلام كانت أسوأ مثل، للحكم، ما عدى قلة نادرة فاضلة لا تكاد العين تقع عليها في زحام الكثرة الباغية، وأن الحكومات التي ينقدها هي تلك التي تعتمد سلطة مبهمة غامضة، ولا تقوم على أسس دستورية واضحة وتمنح نفسها قداسة وعصمة مدعاة). فالمسيح عليه السلام يقول: (مملكتي ليست في هذا العالم) فالأديان السماوية دورها يختلف عن دور ووظيفة الدولة (فالأديان تجمع وتصلح، ولكن السلطة تفرق وتفسد)(28) واعتراض البعض هنا بالحديث عن دولة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، التي أسسها فيما نسميه بدولة الصحيفة، أو صحيفة الرسول، هي دولة لا يقاس عليها، فهي دولة استثنائية عابرة للسياسة اليومية ،دولة مرتبطة بالإشارة والتوجيه الإلهي، وليست ذات طبيعة سياسية مطلقة وصرفة، حتى يجري القياس عليها، دولة توقفت عن الوجود بموت الرسول، إن مايمكن القياس عليه هنا هي دولة خلافة الشيخين (أبي بكر، وعمر) باعتبار مكانتهما الذاتية الخاصة، وباعتبار خلافتيهما ليستا مرتبطة بالوحي، والنبوة، وتبقى ميزة خلافتيهما في قربهما الشخصي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلة عهدهما المباشرة (حياة، وزمناً) بالفترة النبوية، وهي التجربة أو النموذج الأولي للخلافة / الدولة، التي جرى الانقلاب عليها عملياً في فترة حكم الخليفة عثمان بن عفان.
ويمكن للباحث السياسي والتاريخي أن يلاحظ بسهولة، أن الفقه الإسلامي رغم تفاصيله الكثيرة واهتماماته المتنوعة بالعديد من القضايا الثانوية حيث لم يترك حتى وصف طريقة كيفية دخول المرحاض، ولكن في نفس الوقت لم يعط الاهتمام اللازم لمسائل الحكم، والفكر السياسي الإسلامي، فهذه ميادين شديدة الخطورة في نظر السلطات، ولها نتائج غير مأمونة على المتكلمين فيها، وهذا سبب ونتيجة للاستبداد، حيث صارت السياسة من المحرمات أو التابوهات القديمة. لذلك لم يترك العقل الإسلامي تراثاً مقنعاً عن مسائل مثل: السلطة السياسية، وظيفتها، وطرق تداولها، وشروط الحاكم وواجباته، وسبل عزله، ودور الجماهير “أو الأمة” في الحكم) (29) أي أن دولة الخلافة لم يحدد فيها مدة الخلافة، كما لم تكن معروفة باختصاصات محددة، كما أنها عمليا جمعت بين السلطتين الزمنية، والدينية، تحول فيها الخليفة عملياً إلى حاكم بأمره، أو ظل لله في الأرض.
وإذا كنا فعلاً نرى في ذلك سبباً ونتيجة للاستبداد، فإن السبب أو العلة الجوهرية كامن في ذلك الخط المبكر في السياسة الإسلامية، بين الدين، والسياسة، بين الدين والسلطة، والملك، أو الخلط بين الدين، والفكر الديني، علماً أن النص القرآني في مجموع سوره، وآياته، لم يشر ولم يتحدث عن الدولة، وطرق بنائها، وهو في تقديرنا سبب إضافي كذلك لعدم اهتمام الفكر السياسي الإسلامي بمسألة الدولة، فلم نر -كما يقول جمال البناء- في القرآن الكريم مفردة الدولة إلا مرة واحدة، بصدد الحديث عن الفيء (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) كما جاءت اشتقاقاتها (وتلك الأيام نداولها بين الناس) ولا نجد في معاجم اللغة لكلمة دولة معنى إلا بالمعنى الذي أوردها القرآن الكريم، بمعنى الغلبة .. في مقابل هذا نجد القرآن يستخدم كلمة أمة في (49)موضعاً ويجعل هذه الكلمة الوصف الجماعي للناس وللمؤمنين، ويضيق المجال بالطبع -كما يقول جمال البناء- عن إيراد هذه الآيات) (30) وتقدم لنا العديد من كتب التاريخ أن مفردة كلمة الحكم وردت في القرآن الكريم أكثر من مائتي مرة، ولكنها ليس بمعنى الدولة، والملك والسلطة، بل إن هناك نصوصاً قرآنية واضحة تنطق بالتعريض بالملك، والحكم (أن الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة أهلها أذلة...) ومن أن ورود مفردة أو كلمة الحكم في القرآن الكريم إنما أساسها ومعناها المباشر والواضح هو “القضاء”، والفصل بين المسلمين في منازعاتهم (فكرة القضاء)على قاعدة فكرة العدل الإسلامية، ولم ترد مفردة أو كلمة “الحكم” اطلاقاً بمعنى الدولة أو السلطة، أو الملك، وهو ما يؤكده في فصل كامل المفكر الإسلامي جمال البناء في كتابه (الإسلام دين وأمة) وليس ديناً ودولة، وفي تقديري أنه ومنذ ثبت الحكم، أو الملك العضوض قوائمه وأركانه في أرض السياسة الإسلامية، وفي قلب السلطة، والدولة، وجمعت فيه الخلافة الإسلامية، بين السلطة، والثروة، وبالنتيجة بين السلطة الزمنية (السياسية) والسلطة الروحية (الدينية) تراجع مشروع الخلافة الراشدة ،التي بدأت بذور مشكلة السلطة فيها مع أو منذ سقيفة بني ساعدة، واختلاف المسلمين حول مسألة خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرى تاريخياً، حل ذلك الخلاف -بين المهاجرين، والأنصار- من خلال الشورى والبيعة الشوروية، في صورة خلافتي، أبو بكر الصديق، وعمر ابن الخطاب، والحديث حول ذلك يطول(31) وباختصار يمكننا القول إننا نفهم الخلافة، والإمامة، هنا بمعنى السلطة، وقيادة الدولة لا أقل ولا أكثر..، والتي عبرت عنها بشكل جلي وواضح لا لبس فيه في السلطة الأموية، وجاءت مقدماته مع قول الخليفة عثمان بن عفان بما معناه (لن أخلع ثوباً ألبسنيه الله، أو سربلنيه الله) وقول معاوية للمعارضين له (امسكوا علينا ألسنتكم نمسك عليكم سيوفنا)وقول عبدالملك بن مروان (الملك عقيم) بمعنى أنه حق مكتسب (وراثة) لشخص أو أسرة، ولا يقبل شريكاً من أحد آخر دونهم ،حتى قول أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، بعد استيلاء العباسيين على السلطة: (أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه، اسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده، وحارسه على ماله، أعمل فيه بمشيئته وإرادته، وأعطيه بإذنه، فقد جعلني الله عليه قفلاً، إن شاء أن يفتحني فتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم، وإن شاء أن يقفلني عليها، أقفلني) (32) ومنذ ذلك الحين فإن حكم (الدولة الأموية) والعباسية -بمرحلتيها الأولى والثانية- تراجع نهائياً وأصبح مطلقاً ولا صلة له بمشروع الخلافة الذي تجلى وتعملق في صورة خلافتي الشيخين أبي بكر، وعمر، وحسب رأي جمال البناء (لقد انتهت الخلافة الراشدة مع مقتل عمر بن الخطاب، ودفنت مع مقتل علي، وانفسح المجال للملك العضوض) (33) .
لقد اسست سقيفة بني ساعدة تاريخياً مبدأ البيعة، والشورى، على إشكالاتها الواقعية والتاريخية، وجاءت الخلافة الأموية (معاوية) لتثبيت أسس الحكم الوراثي، والملك السلطاني العضوض في الأسرة الأموية بفرعيها أو جناحيها، “السفياني”، و”المرواني”، تلك في تقديرنا هي بداية الفتنة الكبرى الحقيقية، وليس في مقتل عثمان، إن الفتنة الكبرى السياسية والعملية إنما كانت مع تولية يزيد بن معاوية للخلافة والحكم، فمع الخلافة الأموية، والعباسية، تأسس الملك العضوض على قاعدة التوريث للخلافة، وليس على قاعدة الشورى، والبيعة المعروفة في الفكر وفي الواقع السياسي الإسلامي، خاصة وأن توريث الملك ليزيد جاء على حياة والده الخليفة معاوية، تحولت معه الشورى، والبيعة إلى شكل خارجي يشرعن ويبرر قضية الوراثة للإمامة، والخلافة، (الملك، والحاكم) وفي حضور ووجود معظم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبار، بل وفي حضور بعض أهل البيت المقربين للرسول، الحسن، والحسين ولدي علي ابن أبي طالب، وسبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثنائية الدولة السلطة
إن الدولة التقليدية: الامبراطورية، والملكية، بما فيها دولة الخلافة الإسلامية، والدويلات والإمارات السلطانية المختلفة التي سادت الشرق القديم، والوسيط، بما فيها دول المنطقة العربية والإسلامية في العصر الحديث والمعاصر، جميعها -بهذه الصورة أو تلك- قد جمعت في داخلها جملة من الثنائيات التي وجدت في ذلك التاريخ القديم، والوسيط، والحديث أساس شرعيتها ومبرر وجودها وقيامها، والتي تمثلت وتجسدت في ثنائيات: الدين، والملك إلى جانب ثنائية الدولة / السلطة، وثنائية السلطة / والثروة، وذلك ينطبق تاريخياً على جميع تلك الدول، القديمة، والوسطية، والحديثة، حتى المعاصرة، فلم يجر فك الاشتباك بين هذه الثنائيات تاريخيا في –أوروبا-
إلا مع ظهور عصر الأنوار، وقيام النهضة الاوروبية بدورها التنويري العقلاني الفكري والثقافي والسياسي، والعلمي، دورها في تحديد حدود دقيقة فاصلة بين جملة هذه الثنائيات: ثنائية السلطة الدينية، والزمنية، وثنائية الدولة / السلطة، وبالنتيجة ثنائية السلطة / الثروة، حيث بقيت الملكية الاجتماعية (الثروة الوطنية) العامة للشعب، وكذلك الدين المقدس، عبارة عن رديف وغطاء للحكم، وتحت إمرة الحاكم المباشرة، ولم يتحقق فض هذا الاشتباك عملياً وتاريخياً إلا مع انجاز الثورة البرجوازية (الرأسمالية) لمهماتها السياسية، والاقتصادية، (الصناعية) وإقرار واقع الفصل بين السلطات (التنفيذية، والتشريعية، والقضائية) في إطار دولة مؤسساتية مدنية قانونية دستورية، برجوازية، لعب فيها المجتمع المدني دوراً تاريخياً مشهوداً في إنتاج صورة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والحقوق والحريات، معها تحددت الفواصل، والحدود، بين النص الديني المقدس، والفكر الديني، بين الدين، والسياسة، والسلطة، بين الدولة، والسلطة وبين السلطة، والثروة الوطنية العامة (الملكية الاجتماعية للشعب) وعند هذه اللحظة السياسية، والقانونية، والدستورية، دخلت المجتمعات الإنسانية قاطبة، عتبة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة لكل مواطنيها، سقطت معها دولة “الراعي، والرعية”، دولة القائد، والمقود، دولة “المستبد العادل”، والقائد الضرورة، سواء تحت اسم الحق الالهي، أو الحق السلالي (الإثني) والمذهبي أو غطاء الحق القبلي، أو العسكري أو تحت أي شعارات أيديولوجية حزبية شمولية، وفي تقديري أن جميع أقطار منطقتنا العربية والإسلامية، تعيش بدرجات متفاوتة مرحلة ما قبل الدولة المدنية الحديثة المنشودة، أو في احسن الأحوال مرحلة انتقالية تجمع بين الرعوي، والمواطن، نتيجة استمرارية قيام حالة الثنائيات القاتلة المدمرة التي سبق الإشارة إليها، ومن هنا الاستعصاء السياسي التاريخي، في دخول منطقتنا العربية إلى العصر - رغم أننا نقتني ونستورد جميع منتجات العصر المادية الاستهلاكية.
وهو ما يفسر تعثر مشروع بناء الدولة الوطنية الدستورية المدنية فيها، وكذلك صعوبة إمكانية استمرار الدويلات بالطريقة القديمة في صورة الانظمة (الجملكية) لاسيما بعد حدوث الانقلابات العلمية، والصناعية، الرأسمالية، والتحولات المعرفية ،والفكرية الثورية العقلانية الكبرى (عصر الأنوار، النهضة، الثورات الصناعية العلمية والتكنولوجية) وصولاً إلى موجة ثورة الاتصالات المعرفية، والمعلوماتية الهائلة الجارية..، إن الحديث عن إمكانية استمرار دول سلطانية، أو دينية، أو جمهورية وراثية، وحتى ملكية غير دستورية، لن يكون إلا باعتبارها قائمة وكائنة خارج شروط الحياة والعصر، والتاريخ، - مثل بعض دول الخليج وخاصة السعودية- وضد قوانين وسنن الحياة، والخطوة الأولى على طريق الدولة المؤسسية المدنية الحديثة، هو ضرورة قيام حالة من الفصل الموضوعي، والدستوري (القانوني) والمؤسسي بين الدولة باعتبارها كياناً، ونصاباً كلياً متعالياً محايداً، تمثل الشعب –الأمة-...إلخ وبين السلطة التي دائماً ما تمثل وتعكس مصالح طبقية أو تحالفاً طبقياً، أو حزبياً سياسياً معيناً، وهي حالة سياسية عابرة ومؤقتة، ومتغيرة بتغيير الشروط السياسية التي انتجتها، فالسلطة (الحكومة) ظاهرة تتغير بسرعة، وتخضع في تحولاتها لموازين قوى سياسية واجتماعية وطبقية، وعسكرية، في أحايين عديدة، بينما الدولة نصاب وكيان كلي مؤسسي حقوقي تاريخي على قدر كبير من الثبات والاستقرار (فالدولة هي الجهاز الحاكم بصرف النظر عن الأشخاص، أما الحكومة فتتمثل في الأشخاص الذين يحكمون باسم الدولة، والأشخاص يتغيرون بالطبع ،في حين أن الدولة ترمز إلى دوام الجهاز) (34) أي أن الدولة هي البرلمان، والحكومة والجيش والأمن، والسجون، وهي الهيئة التشريعية (الدستور)، والقضاء المستقل، والقوانين، و”النيابة العامة”، وبهذا المعنى فالدولة هي لكل الشعب (الأمة)، وليس لطبقة دون أخرى، والدولة لها حدود جغرافية، ولها طابع استقلالي مؤسسي عن الأفراد، يميزها عن غيرها من مؤسسات السلطة (الحكومة)، والدولة كيان لا خلاف عليه، وإنما الخلاف والصراع والتنافس ينحصر حول السلطة بين الأحزاب والطبقات المختلفة في المجتمع(35) والدولة بهذا المعنى والتعريف الفلسفي القانوني مهمتها العامة الإشراف على هذا التنافس أو الصراع على السلطة بين الأطراف المختلفة (المتعارضة) حتى تصل إحداها إلى السلطة عبر التنافس الانتخابي الديمقراطي، والتداول السلمي للسلطة، فالدولة إذاً جهاز عام تعكس وتعبر عن مصالح جميع الطبقات والفئات، والشرائح (المجتمع والشعب كله) وملكيتها عامة للشعب كله، ولا تخضع الدولة لاحتكار هذه الطبقة أو تلكم الفئة، أو ذلك الحزب، كما هي الحال في معظم أنظمة المنطقة العربية، والدولة في التاريخ هي القابلة الموضوعية لإنتاج السلطات، (الحكومات) وهي سابقة عليها تاريخياً، ولكنها في معظم حالاتنا العربية -مع الأسف- تحولت الدولة إلى مجرد أداة بيد السلطة، وخادمة لها، بعد أن تغولت السلطة والتهمت الدولة في جب الحاكم والسلطان، الذي اختزل كل شيء في اسمه، وهذه الثنائية هي المطلوب اليوم إعادة تأسيسها، وتقويمها بصورة مؤسسية قانونية، واضحة، وصريحة، بما يجعل حالة الفصل بين الدولة، والسلطة، قائماً، موضوعياً، ومؤسسياً، وقانونياً، وهذا لا يعني أن الدولة كيان اسطوري ميثولوجي لا تتغير، بل هي تخضع لشروط التغير الموضوعية التاريخية، ولكنه تغير ذو طابع موضوعي، تاريخي، بطيء جداً، ويتحقق حين تستدعيه الضرورات السياسية العامة والتاريخية الكبرى، المحققة لإرادة ومصالح كل الشعب، أو الأمة (فحين تمارس الدولة تلك السلطة الإلزامية، التي تفرض الخضوع للقانون تمارسها باسم المجتمع، وتمثيلاً لإرادته، وقد تقتضي إرادته إحداث تغيير أو تعديل في قواعد تلك السلطة الإلزامية، فيحدث، وحين يحدث يكون الناس قد مارسوا دورهم في إعادة تكوين الدولة، بحرية وعلى المثال الذي يشاؤون)(36) إن الدولة الوطنية التقليدية، أو الدولة القومية بالمعايير، والمواصفات القديمة -الدولة الاستقلالية الوطنية الشمولية-فقدت اليوم الكثير من شروط قدرتها الذاتية والموضوعية والتاريخية على الاستمرار بالطريقة القديمة (جميع دول المغرب، والمشرق العربيين) في مواجهة مصاعب البناء، والتقدم، وتحدياتها في الداخل، وكذا في مواجهة مصاعب وضغوط العولمة السياسية، والاقتصادية، الاستعمارية الوحشية، التي تنتهك اليوم حرماتها الاستقلالية، والسيادية، والاقتصادية، لصالح سلطة وهمية عليا لم تتشكل بعد في صورة أمم متحدة جديدة، ولم يتبق لمثل هذه الدول السائدة في منطقتنا من قوة سوى قوة الدفاع عن استمرارها، وبقائها كسلطات فاقدة للشرعية الدستورية والقانونية، والشعبية (الوطنية) بعد أن وصل بها الحال إلى التبعية المطلقة للخارج، وإلى حالة من الهامشية التي لا دور لها سوى الحفاظ على البقاء في السلطة والقوة، على الطريقة الشمشونية، والنيرونية، وهو ما نشهده اليوم في كل المنطقة العربية، وهو ما يفسر ظاهرة الإحتجاجات والانتفاضات، والثورات التي تعم المنطقة بصرف النظر عن مآلاتها السياسية العملية، نتيجة استمرار هذه الثنائيات القاتلة، والمدمرة، للدولة، وللمجتمع، وللسلطة نفسها، فلم يعد بإمكان “سلطة الغنيمة” أو “الخلافة القادمة”، التي يدعو ويبشر بها، الشيخ محمد الصادق المغلس الاستمرار بالحكم بالطريقة القديمة، كما ليس بإمكانها إعادة انتاج منظومة الولاءات والمحسوبية لإدارة البلاد من خلاله، عبر تفكيك وتفتيت قوى المجتمع المختلفة، بعد أن أسقطته ثورات الربيع العربي مطالبة بالدولة المدنية، وبأن الشعب يريد اسقاط النظام، لقد تجاوز الزمن، والتاريخ هذه الانظمة، ولم يعد بإمكانها توظيف الثنائيات التاريخية خدمة لاستمرارها وبقائها في الحكم، بعد أن خرج الشعب إلى الشارع مطالباً، بحريته، وبدولة مدنية، مؤسسية، ديمقراطية ،حديثة، رافعاً شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) والرحيل للأنظمة البائدة الفاشلة.
وبالعودة لموضوع هذه الفقرة، فإن الدولة، مفهوماً ،وحالة وجود، وقضية أوسع وأشمل من السلطة أو الحكومة أو النظام، فالدولة باقية، والسلطة أو الحكومة متغيرة باستمرار (وقد يرى بعض المؤرخين أن هناك نظماً عاشت طويلاً في حقبة ما قبل الدولة، أي ما قبل المؤسسة، والتشكلات المدنية التي لا تسير وفقاً لقانون، لكن مثل هذا الابتلاع قد حدث له ما يحدث لأفعى (اليو) التي تختنق وتصاب بالغثيان عندما تحاول ابتلاع ما لا تقوى عليه، وما لا يتسع له جوفها)(37) وهو الأمر نفسه الذي حدث بعد حرب 1994م للسلطة أو التحالف الذي وجد وتشكل بعد الحرب، وخاصة بعد انفراد الحزب الحاكم بالسلطة، حيث وجد نفسه أمام دولة مترامية الأطراف جغرافياً وديمغرافياً وبقدرات وامكانات هائلة، عبث بها بجنون، إلى جانب قوى بشرية وسياسية تقع تحت ظل هذا الامتداد للدولة، التي حاولت سلطة حزب الحاكم مصادرتها وتغييبها من بعد حرب 1994م تحت جبة عصبية، فردية، عائلية، وفي إطار مركزية متخلفة، وهو ما قاد موضوعياً وعملياً وسياسياً إلى المآل الذي نشهده اليوم، فقد كان من الصعب على أي سلطة أن تهضم وتحتوي هذا الامتداد الواسع لوجود الدولة (شمالاً، وجنوباً) ومن هنا كانت الاحتجاجات المدنية السلمية الجنوبية التي بدأ تململها الأولى من بُعيدَ حرب 1994م، واختمرت حالة تشكله النهائي مع عامي، 2006م -2007م اضافة إلى التمردات المسلحة في صعدة في طبعات حروبها الستة 2004م-2010م، حتى تفكك بنية السلطنة (سلطة الغنيمة) السلطة العائلية، (الحملكية) فيما نشهده من ثورة شبابية شعبية، عمت كل الوطن، مطالبة في جوهرها، بفصل الدولة، عن السلطة، وبفصل السلطة، عن الثروة الوطنية العامة، وبفصل الدين، عن السياسة، والسلطة، للدخول إلى عتبة وفضاء الدولة المؤسسية المدنية الدستورية الديمقراطية، وهو تأكيد ودليل عملي على أنه مهما تغولت وتجبرت السلطة الطغيانية العائلية، فإنها تبقى أصغر من الدولة، وهنا يمكنني القول إن وقائع حرب 1994م، هي حقيقة التي فجرت تناقضات الدولة / السلطة، وأخرجتها إلى العلن، وأكدت بالملموس صعوبة امكانية استمرار هذه الثنائية..، فلم تستطع معدة (سلطة الغنيمة) أن تفرض استمرار هذه الثنائية، في صورة نظام شراء الولاءات والمحسوبية، ذلك أن تاريخها السياسي الذاتي توقف عند لحظة صعود الربيع العربي -واليمني على وجه الخصوص- فما من دولة مهما صغرت أو كبرت وسقط نظامها، إلا واستمرت بشكل أو بآخر، لأن السياسة، كالطبيعة كلتاهما لا تقبل الفراغ، وتسعى على الفور إلى ملئه(...) والأرجح أن علينا أن نودع حقبة اختلط فيها حابل الدولة، بنابل النظام (السلطة)، ومناخ الثقافة المبثوث على امتداد كوكبنا لن يكون ملائماً لتكرار تلك الظاهرة(39) وهو ما تحاوله وتدعوا إليه الثورة الشبابية الشعبية بجميع مكوناتها اليوم، من خلال رفعها عالياً خطاب، وشعار الدولة المدنية، ومنع تغول السلطة على الدولة، أي ظاهرة اختطاف السلطة، للدولة..، فالتاريخ سيعاقب ويحاكم التاريخ المختطف للدولة، كما بدأته ثورات الربيع العربي التي تجتاح المنطقة كلها، بدءاً من تونس، ومصر، حتى ليبيا، وسوريا، واليمن، والبحرين، والقائمة مفتوحة.
إن ما تحاوله، وتدعو إليه ثورات الربيع العربي بجميع مكوناتها الثورية ومن جميع الأفكار -بصرف النظر عمن يصل إلى السلطة- إنما هو تصحيح خطأ، سياسي تاريخي يجب أن لا يستمر، ولم يعد ممكناً تاريخياً أن يسير في صورة الثنائيات القاتلة والمدمرة المذكورة.
وهنا من المفيد والمهم على المستوى اليمني التأكيد، على أنه ليس دقيقاً ولا صادقاً ولا صحيحاً سياسياً، وتاريخياً تحميل مسؤولية تعثر وتعويق بناء الدولة المدنية الحديثة (إلى المرجعيات التقليدية المؤثرة: قبلية، ودينية، وعسكرية، حسب ما جاء في ورقة مشروع (تيار الوعي المدني وسيادة القانون) ذلك أن التحالف موضوعياً، وسياسياً، ومصالحياً، كان يضم إلى جانب هذه القوى التقليدية المؤثرة فعلاً، يضم نخبة ايديولوجية (مثقفين، وسياسيين كبار، وتكنوقراط إداريين)، أي نخبة ثقافية سياسية لها وزنها السياسي النوعي، والمناطقي وبعضهم أو أسماء نافذة منهم هي من قيادة ما يسمى ب”تيار الوعي المدني وسلطة القانون” المذكورة..، ساهموا في إنتاج صيغة الحكم التي وجدت، بل وأسسوا سياسياً، وموضوعياً، وتاريخياً لاستمرار تلك الصيغة من الحكم، وبقوة الحرب، والعسكرة، والأدلجة السياسية، والدينية، وخاصة قبل حرب 1994م، وفيما بعد ذلك مباشرة، ويمكننا القول إنه لولا الدفاع الايديولوجي والسياسي، والتشريع القانوني للحرب، الذي أدى إلى تغيير دستور وحدة 22مايو 1990م في سبتمبر 1994م، من قبل النخبة الايديولوجية والسياسية لما وجد زعماء القبيلة، ورجال الدين من رموز الجهاد والتكفير، والحرب، من يشرعن ويبرر لهم قيام هذه الحرب، وصولاً إلى جني ثمار استحقاقاتها من قبل جميع أطراف المعادلة السياسة التي اشتركت في الحرب، وهو ما تحقق بالفعل، فمن غير الصدق مع النفس، ومع التاريخ، تحميل اليوم المرجعيات التقليدية وحدها المسؤولية السياسية والتاريخية عما وصلت إليه أحوال البلاد اليوم..، من تدهور، وفشل، فلم تكن القيادة العسكرية، والأرستقراطية المشيخية القبلية، والجماعات الدينية قادرين لوحدهم وبدون مساعدة ومساندة رموز النخبة الأيديولوجية والسياسية، والثقافية (الليبراليين)، على حسم المعركة، فهذه النخبة الأيديولوجية تحت غطاء الحداثة والوطنية الزائفة، والوحدة، هي من أعطت الغطاء الأيديولوجي السياسي الحداثي، بل والوطني، لتلك الحرب الظالمة أمام الخارج، وهي التي ساعدت وساهمت في إعادة انتاج البنية الاجتماعية والسياسية التقليدية، فقد قادت هذه الأطراف مجتمعة إلى صناعة وإعادة إنتاج هذا المشروع الفاشل للدولة، في صورة ثنائية الدولة/السلطة، أو (السلطة/ الغنيمة) الذي كان تعبيرها السياسي الحزبي ..، إن هذا الخليط، العسكري، القبلي، الديني، الايديولوجي النخبوي، في مجموعه هم من حددوا صورة، ومضمون السلطة الفاشلة التي هيمنت على جميع مقاليد الأمور من بعد حرب 1994م وهم الذين كانوا تاريخياً جزءاً من هذه المعادلة السياسية السلطوية في شمال الوطن، (قبل الوحدة، وبعدها) بهذه الدرجة أو تلك، ولا يجوز بل ولا يحق، لأي من هذه الأسماء، والقوى، والجماعات تحميل طرف المرجعية التقليدية، مسؤولية ما آلت إليه الأمور والأوضاع اليوم، لأنه من حقنا اليوم أن نتساءل أين كانت هذه النخبة -نخبة تيار الوعي المدني وسيادة القانون- طيلة نيف وثلاثة عقود؟!
ألم تكن جزءاً أصيلاً، ومشاركاً ومنتفعاً من السلطة وثمارها، وفي قمة السلطة (رؤساء وزراء، ووزراء) ومسؤولين نافذين في مواقع السلطة المختلفة في الداخل والخارج، وبعضهم في قمة الحزب حتى اللحظة، نقول ذلك ونؤكد عليه للإيضاح السياسي والتاريخي ولعرض وطرح الحقائق والوقائع كما جرت ضمن تاريخها الخاص، مع أنني شخصياً أرحب بجميع من يقفزون من السفينة الغارقة، ومنهم أسماء طيبة في تيار الوعي المدني وسلطة القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.