كان ولا يزال اليمنيون هم المتميزين عبر العصور والدهور، فمن خلال قصص التاريخ وشواهده كان لليمنيين دوماً كلمتهم وبصمتهم وإرادتهم وفي هذا الزمن تفرد اليمنيون أيضا بأشياء كثيرة فمن الوحدة التي مثلت بارقة ضوء جميلة في عتمة الفرقة والانقسام حتى تماسك شعبا يمتلك 60 مليون قطعة سلاح في ازمة عصفت بالبلاد حيث تجلت حكمة كل مواطن في عدم استخدام سلاحه ضد من يخالفه في الرأي ووصولاً إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ايقن فيه كل يمني بأنه السبيل الوحيد للخروج بالبلاد من أزمته الراهنة وتسارع اليمنيون صوب الحوار رغم العراقيل ورغم الإحباطات إلا أن اليمنيين يعلقون آملاً قصوى بنتائج هذا الحوار حيث مثل مؤتمر الحوار الوطني واندفاع الناس صوبه دليلاً قوياً على رقي هذا الشعب وسلميته ورغبته في الحياة الهادئة والآمنة، وعليه فإن الذين يشاركون في الحوار ممثلين عن شعبهم يتحملون مسئولية تاريخية تحتم عليهم العمل بجد للوصول بالوطن على بر الأمان ويجب عليهم عدم التعصب والتحيز لفئة معينة أو قضية ما بل يجب عليهم أن يكون الوطن برمته هو قضيتهم العظمى ولأن مؤتمر الحوار الوطني صار شغلنا الشاغل وهمنا اليومي إلا أنني تأخرت في الكتابة حوله لأنني حرصت على متابعة الحوار وأحداثه وما يتعلق به، وأردت أن أعطي نفسي فرصة كبيرة لتكوين رأي حول ما يدور وأعطي فرصة أخرى للمتحاورين ولشكل الحوار وطريقته ان تضع انطباعها على أفكاري وعلى مشاعري حتى لا اضع رأياً قد يجافي الحقيقة او يكون متسرعاً رغم صدمتي في الجلسات الأولى من عدة اشياء لم اكن أتوقع مشاهدتها في اسلوب طرح الأفكار وطريقة التحدث وهدف بعض المشاركين لذا ومن خلال ما مضى من أحداث ومجريات حول الحوار أحب أن أبعث برسائل معينة للمشاركين في الحوار الوطني ورسائلي لن تكون مرتبة أو ممنهجة بل سأترك أفكاري تنساب بسلاسة الحبر على الورق، فأول شيء كما اسلفت سابقاً أن يعي كل مشارك بالحوار حجم المآسي والمشاكل التي ستحدث لو فشل الحوار لذا يجب أن يسعى كل فرد إلى إنجاحه ويجب ان يدرك أن الوطن هو القضية الرابحة للجميع وألا يختزل الحلول في فكرة واحدة وقضية واحدة بل يجب ان تتلاقى الحلول وتتقارب الأفكار لتصب كلها في مجرى واحد وهو اليمن سليماً ومعافى بإذن الله لأن دخول المشاركين الحوار وفي رأس كلٍ منهم فكرة جامدة أنه يمثل فئة معينة أو حزبًا ما يعتبر شيئاً سلبياً قد لا يقود سوى الى مزيد من الاحتقان بل يجب أن يشعر الجميع بالانتماء لحزب الوطن ووحدة الارض وحزب المواطن وبمعنى آخر أن ينتمي لليمن فقط ويكون يمنياً فقط يتمثل تاريخها ومستقبلها وتراثها ومجدها وجمالها وعطاءها وكنوزها وأن يشعر أن القدر شاء ليكون ممن يسطرون التاريخ ويرسمون معالم الطريق نحو المجد أو نحو الهاوية لا قدر الله. جميلة تلك اللوحة التي نراها يومياً في تلاقي الأطراف المتنازعة في بلادنا في حوار يجب ان يكون هادفا وبناءً ويسعى نحو الحلول ولا يخلق الأزمات ويفتعل الاحتقانات ويرسم طرق وسبل النجاة ولا يبث سموم الفرقة والتناحر. نريد من كل المتحاورين أن يدركوا أن هناك غالبية عظمى من الشعب لا يهمه من يحكم قدر ما يعنيه أمنه وخدمات تسهل حياته وحياة يعيشها بسلام دون أن يكون ضحية صراع أي أطراف تتنازع على الحكم أو تتناحر لفرض هيمنتها على الأخرى، نريد من المتحاورين أن يثبتوا للعالم أجمع اننا نتحاور لنتفق ونتحاور لنسمو ونتحاور لنبني وننجو بوطننا من الغرق.. نريد من المتحاورين عدم التعامل مع الحوار على أنه جولة سياحية يقضيها او وظيفة دسمة تحقق له أحلامه وينسى ان العيون تشخص إليه يومياً تحمله مسئولية كل الاحلام وكل الآمال التي تدور في مخيلة كل الاجيال، لذا نتمنى من كل مشارك أن يكون حمامة سلام وأن يعمل وبقوة على إذابة الاحقاد المتراكمة ونشر المحبة وإحلال السلام وبناء جسور الثقة التي تهدمت بفعل الاطماع حتى نضمن نتائج طيبة ومثمرة .. وفي الأخير أختم برسالة من احدى النساء العجائز التي أجابتني حين سألتها عن رأيها في الحوار قائلة وهي تتنهد بقوة تهز الجبال: (قلدهم الله فينا إحنا في ذمتهم).