إن وجد سبب للضيق والكربة خلال الشهر رمضان فغالباً ما يكون مصدره حالة الازدحام في وسط المدن والعشوائية والفوضى الناتجة عن انتشار أصحاب العربيات والمفرشين والبسطات وسوء استخدام الطريق من قبل سائقي الدراجات النارية والمركبات في ظلمة تهاون الجهات المعنية وتواطؤ منتسبيها..في قلب مدينة تعز وشوارعها الضيقة وكثافة أعداد المتسوقين والعبارين والمتسولين والفارغين، من كل هؤلاء ترتسم صورة ليس فيها ملمح واحد من ملامح النظام، هذه المفردة التي يرغب فيها الناس ويتمناها الكثير منهم ويفتقد الجميع لمعنى، يجد آخرون مبرراً لها من خلال عبارات مثل..! رمضان كريم، أنت في اليمن، ليست في اليابان.عجز في البنية التحتية المشكلة الظاهرة تستند إلى معضلة اكتسبت هويتها في الظروف الانتقالية وخلال أحداث وتداعيات طيلة ما يزيد عن سنتين ومن وجهة نظر إدارة المرور فإن المسألة تتعلق بعجز البنية التحتية المرورية وأما المجالس المحلية وهي المناط بها الإشراف ومعالجة الاختلالات وضعها يرثى له على اعتبار أنها محور التنسيق والتكامل بين الجهات المختلفة لتوفير الأجواء الملائمة لحركة المواطنين في كل الأوطان وليس فقط في شهر الصيام وهو ما استعدت له السلطة المحلية كالعادة إلا أن هناك خللاً يبدو أكبر من الجميع ما توجد إرادة فاعلة لتنظيم وحماية حقوق الناس جميعاً في استخدام الطريق وتنظيم الأسواق وهو ما كانت السلطة المحلية قد عبرت عن إرادة قوية وحزم في تحقيقه وإعمال القوانين واستنفار أجهزتها من أجل ديمومة الإجراءات الخاصة بتنظيم ونقل بعض الأسواق وخاصة أسواق القات. إن المتابع لما كتب ونشر حول مشكلات الازدحام والفوضى المرورية وبخاصة تطبيق قانون المرور على الدراجات النارية وأوضاع الأسواق يسلم بأن هناك أدوارا غائبة وحضورا مجتمعيا باهتا إن لم يكن غائباً للمجالس المحلية فيما يتعلق بالإشراف والمتابعة وتصحيح الاختلالات جراء انتشار المفرشين في الأرضة وجزء كبير من الشارع كما هو الحال في شارع 26 سبتمبر وشارع التحرير وحسب العادة يبدأ مفرشون وأصحاب عربيات ثم بسطات تقام لتبدو في رمضان والأيام السابقة للأعياد كمواقع ثابتة أمام المحلات التجارية وتحيطها عربيات أصغر وبينها وبين بعضها بضائع منزلية وملابس متنوعة على سيارات تحتل مساحة من الشارع. المراهقين في السوق رغبة المواطنين في التسوق بهدوء ودون عوائق تدفع إلى الشكوى من الوضع السائد، لكن الرسائل الواجب أن تنعكس في سلوك الناس وخاصة المراهقين والشباب الذين يتجمعون ويتحركون زمراً مزاحمين المتسوقين وخاصة النساء يبدو أنها ليست في حسبان الأسرة والمدرسة والمسجد والأندية لما لهذه المؤسسات من أثر لو أنها تقوم بدورها التربوي الهام للشباب الذي يهدر وقته ويقضي ساعات الفراغ في الشارع لاهثاً وراء أوهام أو مساقاً وراء أهواء دون إحساس بشكوى آخرين منه ومن مضايقات لها عنده مسميات أخرى. حركة مكتظة ضيق مدينة تعز وشوارعها وكثافة سكانها وقد تقام هذه الشوارع وتزايد أعداد المركبات والدراجات وبناء أسواق تجارية متقاربة في شارع ضيق وارتفاع الحرارة يجعل الشوارع جاذبة لكثير من الشباب ما يزيد من أسباب الزحمة. والحديث مع هذه الفئة في ظلمة انطفاء الكهرباء يتمثل حرجاً لمن ليس بمستعد لتحمل نبرة الاحتجاج والرفض فالشباب يعون تماماً معنى المدن المعاشة والمفاهيم المرتبطة بها فسمع منهم أسئلة عن البلدية “أي المجالس المحلية” والمرور ولماذا لا يعملون على تطبيق القوانين وضبط المخالفات؟ ولماذا توضع خطط من أجل مدينة يجد فيها الناس ما يلبي رغباتهم ويحقق لهم ارتياحاً وتلك من مقاييس المدن المعاشة أي المدن التي تهتم بالإنسان الساكن فيها فتخطط وتوجد بدائل للشوارع الضيقة والأسواق وتعطيها طابعا تخصصيا وتهتم بالحدائق والبنى التحتية والمؤسسات التي تستوعب الشباب لممارسة الرياضة والمشاركة في الأنشطة الثقافية غير الموجودة في الأندية الرياضية. تجارب الآخرين ويرى الخبراء بتجارب بلدان عملت على تحويل مدن إلى مدن معاشة بأن الأمر يتطلب أموالاً كبيرة ولا يمكن ذلك في وجود المركزية المالية والإدارية وهو ما يفسر عدم قدرة المجالس المحلية في تعز وغيرها على بناء خططها والحفاظ على مساحات من الأرض للتطوير العمراني وإنشاء الحدائق وتحقيق تنمية في مختلف المجالات؛ لأن المحليات ليس قادرة مادياً وفنياً. كما أن الشخصيات والفعاليات ذات الوزن في المجتمع لا يعمل باتجاه إيجاد حلول تساعد السلطة المحلية على تجاوز المشكلات الراهنة ومنها الازدحام في الشوارع خلال شهر رمضان، ولعل عدم وجود برنامج ذي بعد اقتصادي وتجاري يدعم ويحمي أصحاب المهن والصنائع والحرف وهم من تسعد بهم المجتمعات عندما تسود قواعد ونظم للأسواق ذلك ما كان وما يزال نقطة ضعف كبيرة في مدن كتعز أصبح فيها البائعون المخالفون يدافعون عن سلوكهم الخاطئ بالسلاح ضد بعضهم ويقاومون السلطات.. فوجودهم بأعداد كبيرة تعيق حركة السير ليس دليل عافية اقتصادية ولا يمثل وجودهم العشوائي مخرجاً لكن مشكلة البطالة تعوق الازدهار لأن الازدحام مقترن بالتطور الحضري وثمرة لجهود الجميع ولا يتفق مع ربح محدود لقلة من الناس سيبقى بسبب الكثير لا سيما بسبب وجود الغش التجاري وتسويق سلع وخاصة الملابس الرديئة ورخيصة الثمن. عشوائية الأسواق عندما تتحقق من المستهلكين لتعرف انطباعاتهم حول الزحام والفوضى في السوق تجد من يقول أن تزايد مظاهر العشوائية هو نتيجة لضعف القدرة الرمزية للدولة وضعف بل تخاذل الجهات المعنية بتطبيق القانون وعزوف أفراد المجتمع عن ممارسة الضبط الاجتماعي والغيرة على الآداب العامة والمواطن ومنهم الشباب يدركون أن البيروقراطية في أجهزة الدولة وعدم قيامها بوظيفيتها يدفع المواطن إلى اللامبالاة ويصيب الشباب بالإحباط حتى إن أحدا لا يؤمن بأن فكرة ما ستجد تأييداً من أفراد المجتمع أنفسهم على طريق إصلاح ما أمكن من المفاسد في الطرق والأسواق حتى تنجلي الغمة وتتضح معالم طريق مستقبل الوطن كل الوطن. العقلية السائدة سواء عقلية المستهلك أو السائق أياً كانت المركبة وعلى رأسها الدراجات النارية والمفرشون والبساطون، هذه العقلية لا تتوافق مع ما يلبي رغبات واحتياجات معظم الناس والأصل أن السلوك الحضاري والثقافة السليمة غير منعزلة بل حاضرة بكل إيجابياتها في صلب السلوك الاقتصادي السليم يجد المتسوق حاجته من السلع في أماكن خالية من الاختناقات والضوضاء فلا يصيبه توتر وقلق ولا يتعرض لضغوط الوقت وضيق الخيارات فيشترى البضاعة أياً كانت. هيمنة بالسلاح فإذا كان البائع المفرش في الرصيف أو جزء من الشارع وصاحب البسطة مسلحا فلا يمكن لجهة كإدارة المرور إزاحتهم وإذا وجه اللوم إلى إدارات الأشغال العامة والمسئولين المختصين بتنظيم الأسواق ردوا بقولهم: إن الهدف أكبر من إمكانياتهم كون تنظيم الأسواق والقضاء على ظاهرة المفرشين والبساطين يتطلب خطة شاملة وقرارا من السلطة المحلية يسعى المواطنون جميعاً إلى تطبيقه. ولأن أصحاب المحال التجارية الذين طالما اشتكوا من الصعوبات في شهر رمضان والأعياد عامة وهم من يدفع الضرائب والزكاة ويتحملون أعباء رسوم متعددة قد تكيفوا مع الصعوبات فمن المفرشين والبساطين من يؤكد أن أصحاب هذه المحال يجارون المفرشين ويعرضون من خلال بعضهم ملابس وأدوات في الشارع ذات مواصفات عادية أو رديئة ويساعدهم على التوسع في هذا النشاط قدرتهم على استيراد سلع متنوعة منها ما هو جيد ليباع في المحلات وما هو رخيص ليباع عبر عرضه على سيارة أو في الرصيف من قبل أحد عمال المحل أو شخص يستخدم لهذا الغرض في شهر رمضان وعندما تسأل عن سر عرض ملابس أطفال ونساء أمام محلات متخصصة يقال لك إن المسألة متعلقة بعقلية المتسوقات من النساء حيث يسهل عليهن أخذ ما يرغبن به والسؤال فقط عن السعر والدفع دون اضطرار لدخول محل وطلب أنواع من الملابس ذكرها محرج للإناث. تسوق النساء وفيما يرى البعض أن دخول الشباب والمراهقين للمحلات عند تواجد نساء بأنه عامل مشجع على إخراج البضائع إلى الشارع يرى آخرون أن كثرة تردد مجموعات من النساء والفتيات على المحلات في أيام متتالية وإن كان يعكس سلوكاً اقتصادياً قائما على فحص السلعة والترتيب للشراء ومقارنة الأسعار في محال وشوارع أخرى إلا أن هذا الأمر يغري متسوقين بترصد ومتابعة هذه المجموعات لحسابات خاطئة وأهواء ينميها الفراغ. سوء ظن ورأي ثالث عبر عنه أحد التربويين حيث قال أحمد محمد ناصر: أظن أن هناك سوء ظن وتفكيرا سطحيا في مسألة مضايقة النساء وتواجد الشباب بكثافة في الشارع خلال ليالي شهر رمضان فهذا الشهر حسب قوله شهر خير وبركة وكل من أصاب شيئاً من بركته ذهب إلى السوق لشراء ما يحتاج والتردد على البوفيهات ومحال تقدم أشياء مرغوبة ولا يخفى على أحد مغريات السوق وأثرها في الشباب من الجنسين وتتبع الموضات؛ لأن المعروض يبدأ بما كان في المخزن والمتابع للموضة يظل على اتصال وكل المحلات تقدم وعودا بوصول الجديد وتبقى الوعود سارية طوال الشهر ما يعد عاملاً من عوامل الازدحام.. اقتصاديون عُرفت آراؤهم من قبل يذهبون إلى أن تنظيم الأسواق وتنامي ثقافة المستهلك محدد أساسي لتطور سبل العرض والتسهيل على المواطن. انتشار العشوائية وما يشاهد من ازدحام و تفضيل الشراء للسلع الرخيصة من المفرشين والبساطين لأسباب تتعلق بالمستهلك وضعف القوة الشرائية كل ذلك يشجع على اتساع العشوائية وحالات الاختناق المروري في وسط مدينة تعز وشارع 26 سبتمبر تحديداً. زد على ذلك أن محلات في الظاهر تعرض ملابس أو أقمشة أو غيرها لكنها معروفة لكثيرين بأنها تقدم خدمات أخرى منها صرف عملات، وتبيع بعضها ذخائر كما في شارع الجمهورية ...هذا وغيره. يتطلب النظر إليه كجزء من الأشكال والمعوقات حينما ينظر إلى النظام الاقتصادي في البلد ككل فهو في مجمله يحتاج إلى تقييم ومعالجات بحيث يقدم صيغا عملية لأهداف المجتمع الأولية والنهائية والغاية النهائية أن يقدم أقصى حد ممكن من الإشباع دون عوائق فالعشوائية أشبه بظاهرة التسول والكسب من خلاله يغري بمزيد من الجشع والطمع والتهرب من استحقاقات كالضريبة والواجبات الزكوية حتى إذا أصبح للمفرش محلاً وكذا المتسول وإن تعلم بعد ممارسة العادة فلن يقنع بدخله حسب المختصين في علم الاجتماع. مخالفات ضرورية ونظراً لما يقبع من مخالفات مرورية لها صلة بالزحمة وتزايدها في لحظات وأيام الذروة يفتقد كثير من الناس أن عقلية شرطة السير مصابة بالعطب والسبب مكن وجهة نظر سائقين أن المرور لا يستطيع فرض القانون لعدم وجود مواقف للسيارات ولا بديل والأسوأ السماح لسائقي الحافلات والميكروباص بالتوقف كيفما شاءوا في تواطؤ وضع يصفه أناس باتفاقات ضمنية حيث يبدو البعض الحافلات في 26 سبتمبر وكأنهم محصنون بينما يتعرض غيرهم لملاحقة. زحام مستمر مدير عام مرور تعز العميد محمد كواتي ينظر إلى المعضل في وسط المدينة وحينما تواجد المفرشون والبساطون بأنها أكبر من مشكلة مرورية وتتطلب تضافر جهود المجالس المحلية والأشغال العامة مع إدارة المرور وبتعاون من المواطنين لأجل تحقيق النظام واحترام حق الطريق والسلامة. وقال الكواتي: بالنسبة لدور المحليات فقد تراجع بعد تنسيق ونزول ميداني قبل نحو شهر لمعالجة أسباب الزحام جولة القصر أو بيرباشا حيث الزحام حالة مستمرة بسبب المفرشين والبسطات الخاصة ببيع القات ولم يشارك المجلس المحلي في الحملة الخاصة ببرباشا حتى إن شرطة المرور تراجعت مرتين عن إجراءات منها ما سببه وجود السلاح مع بائعي القات وهم جنود من أفراد اللواء 33 في بيرباشا وفي جولة المركزي تم وضع كتل إسمنتية لمنع الدراجات من إرباك حركة السير بالمرور من خلال الفراغات في الجزيرة الوسطية في شارع جمال. ترقيم الدرجات وأضاف مدير مرور تعز قائلاً: لقد تفاعل سائقو الدراجات مع حملة الترقيم ولكن تكتل 2030 فرداً منهم ضد الإجراء في المركزي وكرروا عملية إزاحة الكتل الإسمنتية متحدين رجال المرور مثل هذا الوضع بحاجة إلى قرار من السلطة واللجنة الأمنية وتوفير أفراد من الأمن والجيش لفرض إجراءات صارمة فالحاصل الآن أن رجال المرور هم يحاولون ويتحملون السب والشتيمة ويتعرضون للتحدي وطيش الطائشين مع أن هناك قصورا من جهات مدنية بإزالة عوائق وعمل استحداثات منها ردم الحفر في وسط المدينة 26 سبتمبر مثلاً وتوفير اللوحات الإرشادية. ورفع المفرشين والبساطين حتى يتمكن رجال المرور من القيام بمهاهم وحماية اللوحات وتطبيق القانون وتنظيم حركة السير. مطلوب سلوك حضاري التوعية مطلوبة ويفترض أن يواكبها ردع؛ لأن صور العبث والعشوائية تزيد وتتسع وتتناسل وتتجاوز التشوه والتشوية إلى ما هو أسوأ من ذلك. وحسب رأي الأستاذ الأكاديمي د. نبيل سفيان فإن التوعية بمساوئ هذه الظواهر السلبية والانحرافات تقتضي أن تؤدي التوعية بها إلى انفعال يحقق انحيازا أو التزاماً بقواعد السلوك السليم وكره العشوائية واللانظام وهذا ما نعني به الوعي ويعكسه سلوك حضاري يحترم حقوق الناس في استخدام الطريق والقضاء على أسباب المخالفات والانحرافات في كل شئون حياتنا. ويأمل المواطنون على اختلاف مستوياتهم ومن فئات متعددة أن لا يغير قادة الرأي والدعاة والمرشدين من حالة السكينة في نفوس الناس في هذه الأيام من شهر رمضان بأن ينتقوا أطيب الكلام للتأثير في أفراد المجتمع كي يخلصوا من العادات السيئة والعصبيات والنعرات والسمو فوق الصغائر حتى يتحابوا ويتركوا الشطط والسلوكيات العبثية وتنمية مشاعر الإخاء والولاء لله والوطن واحترام النظام وإن لم تكن الرسالة راقية فإن الحاجة ستكون أكبر وأشد لوسائل ردع لاحقاً سرعان ما سيخرج أناس يدعون إلى اللين والرحمة لمن يسيئون لمدينتهم ولبعضهم لابد من استثمار مدرسة رمضان لغرس قيم إيجابية تعيد الأمانة إلى مجرى الأعمال التجارية والاحترام لحقوق الضعفاء العابرين ويطرح خبراء في التنمية البشرية أن الوعي ليس مجرد تأثير سماع موعظة أو قراءة كتاب أو حضور ندوة فالإنسان يعي ويرغب في التغير من داخله والتغيير في محيطه، لكن الأشياء الإيجابية لا تتحقق لمجرد أننا نريد ولا بد من تجذر القيم والمثل في اللاوعي ليكون سلوكنا الإيجابي أقوى من المعوقات الفنية والعقلية المتخلفة.