الإعلان عن مساعدات أمريكية ضخمة لليمن    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    حكيم الجنوب: لولا ضغوط الرياض على الرئيس الزبيدي لتم طرد الشرعية من الجنوب    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    عيدروس الزبيدي يصدر قرارا عسكريا جديدا    الحوثيون يرتمون في محرقة طور الباحة ويخسرون رهانهم الميداني    إجازة الصيف كابوس لأطفال عتمة: الحوثيون يُحوّلون مراكز الدورات الصيفية إلى معسكرات تجنيد    في اليوم 215 لحرب الإبادة على غزة.. 34844 شهيدا و 78404 جريحا .. ومشاهد تدمي القلب من رفح    من فيتنام إلى غزة... حرب النخبة وغضب الطلبة    "لا مستقبل للتعليم تحت سيطرة الحوثيين": استقالة أكاديميين من جامعة الضالع تُنذر بموت الحلم.    خوسيلو يقلب الطاولة على ميونيخ ويقود الريال للقاء دورتموند    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    العرادة يعرب عن أمله في أن تسفر الجهود الدولية بوقف الحرب الظالمة على غزة    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    اختيار المحامية اليمنية معين العبيدي ضمن موسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة مميز    مطالبات بمحاكمة قتلة مواطن في نقطة أمنية شمالي لحج    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين في أبريل الماضي    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    الاتحاد الدولي للصحفيين يدين محاولة اغتيال نقيب الصحفيين اليمنيين مميز    مورينيو: لقد أخطات برفض البرتغال مقابل البقاء في روما    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    قمة حاسمة بين ريال مدريد وبايرن ميونخ فى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    عصابة معين لجان قهر الموظفين    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح الدين.. وجمال عبدالناصر.. يدعمان ثورة 14 أكتوبر من تعز

في الوقت الذي كان يرزح فيه الشعب اليمني تحت وطأة الظلم والجهل والتخلف في شماله جراء حكم الإمامة المتخلف .. آنذاك كان جنوب الوطن أيضاً يعاني من صلف الاستعمار البريطاني، وفي هذا الوقت كانت مصر تشهد ميلاد عصر جديد على يد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي قاد ثورة ال23 من يوليو 52م الذي استطاع من خلالها هذا الرجل تغيير مجرى التاريخ ومستقبل وحياة شعب مصر في تلك الحقبة من الزمن وإلى الأبد عبر الإطاحة بنظام الملك فاروق وإعلان النظام الجمهوري في مصر وبتوليه لزمام الأمور؛ بعدها في مصر اقتربت ساعة رحيل الاستعمار الأجنبي بمختلف أشكاله عن أغلب أراضي الوطن العربي الواحد.
فقد كانت سياسته الداخلية والخارجية تفوح بروح القومية العربية تواقة إلى تحقيق الوحدة العربية الشاملة وكان ذلك واضحاً وجلياً من خلال مواقفه القومية الرافضة للتواجد الغربي في الوطن العربي والداعية إلى التوحد.
ومن هذا المنطلق سعى وبكل قوة إلى دعم حركات التحرر في الوطن العربي للخلاص من الاستعمار ونفوذه الموجود في الوطن العربي بكل صوره وأشكاله إيماناً منه أن هذا هو بداية الطريق نحو تحقيق الوحدة العربية الشاملة.. وقد كان الرئيس جمال يدرك مستوى الجهل الذي كان يسود أوساط هذه الشعوب في تلك الفترة وهو ما يشكل عائقاً كبيراً في طريق حلمه القومي، ومن هذا المنطلق سعى الرئيس جمال جاهداً لدعم حركات التحرر والحركات الثورية التي نشأت في الوطن العربي قبل وبعد ثورة 30 يوليو 52م عن طريق استضافة مصر للزعامات الوطنية.
ولقناعة الرئيس جمال بأن هذه القوى لابد لها من أن تأخذ فرصتها عبر التغيير وسواء كان هدف هذه الحركات هو مقاومة المستعمر الأجنبي أو الإصلاح الداخلي عبر الإطاحة بالأنظمة العربية المستبدة فإن ذلك لا يشكل فرقاً وهو يصب في مصلحة هذه الشعوب العربية .. من أجل ذلك حصلت هذه الحركات على الدعم من قبل الرئيس جمال عبدالناصر.
الخطورة الأولى للرئيس جمال في اليمن
ولما كان يعاني منه الشعب اليمني جراء حكم الإمامة له في الشمال، حيث كان يحكم حكماً ديكتاتورياً فردياً ذا طابع استبدادي يحرم على الشعب حريته ويفقده قدرته على الحياة المستقرة المطمئنة لهذا ولإدراك الرئيس جمال بأهمية موقع اليمن الاستراتيجي وما يعانيه اليمن من تشطير فقد قرر التدخل وعدم الانتظار كون اليمن من وجهة نظره كانت تشكل نقطة ارتكاز حيوية في الأمن القومي المصري والعربي ولذلك قام الرئيس جمال في عام 53م بتكليف المخابرات العامة المصرية في أغسطس 1953م بدراسة الأوضاع في اليمن وما يجب على قيادة ثورة يوليو عمله هناك يدعم الثورة، وعلى إثر ذلك القرار تم تكليف رئيس فرع الشئون العربية في جهاز المخابرات المصرية آنذاك السيد فتحي الديب بهذه المهمة وفور استلام الديب مسئولية هذه المهمة انطلق إلى اليمن في زيارته الأولى لها.
وخلال هذه الزيارة الميدانية جمع الديب المعلومات اللازمة وفتح قنوات اتصال آمنة مع شخصيات وطنية تتسم بخطها الوطني والقومي وبعد الانتهاء من ذلك عاد فتحي الديب إلى القاهرة وهناك استكمل عمله من خلال إجراء عدد من اللقاءات مع عدد من القيادات اليمنية المقيمة هناك، ففي نفس العام كانت المواجهات بين الثوار في اليمن ونظام الإمامة قد أسفرت عن هروب بعض العناصر إلى مصر ومن أبرزهم محمد محمود الزبيري حيث أقاموا فيها ما سمي بالنادي اليمني وعقب لقاء فتحي الديب بهذه العناصر قام الديب بزيارته الثانية إلى اليمن في شهر أكتوبر 1953م وفيها التقى كلاً من العقيد الثلايا والإمام أحمد وعقب وصول الديب إلى مدينة عدن عبر الجو توجه إلى مدينة تعز لمقابلة العقيد الثلايا والإمام أحمد وقد حرص الديب على مقابلة الثلايا قبل مقابلة الإمام لعدة أسباب منها أن الثلايا أحد قادة الانقلاب وهي التهمة التي دخل السجن بسببها حيث أمر الإمام يحيى بسجنه سنة 1948م والسبب الثاني هو تلك المكانة التي كان يتمتع بها الثلايا عند أغلب قادة القبائل اليمنية وهو أحد الأسباب التي دفعت الإمام أحمد إلى إخراج الثلايا من السجن عقب توليه حكم الإمامة، حيث كانت القبائل اليمنية تعد مصدر قلق دائم للإمام أحمد كذلك لما عرف الإمام عن شخصية الثلايا التي كانت تتميز بالقوة والصلابة وهو ما دفع بالإمام إلى إخراجه من السجن في محاولة لكسب وده وولاء الثلايا له هي نفس الأسباب التي دفعت بالديب للحرص على لقاء الثلايا أولاً قبل الإمام أحمد.
وتم اللقاء بين الثلايا وفتحي الديب وانتهى باتفاق الطرفين على ترتيب اتصال منتظم وآمن بين الثلايا ومصر لاستكمال التنسيق بينهم من أجل الإعداد لقيام الثورة وإبلاغ القاهرة بأي تطورات في الموقف على الصعيد الداخلي وأيضاً لإبلاغهم بموعد العملية قبل وقوعها ب24 ساعة من القيام بها على شرط أن توفر القاهرة جميع مطالب الثوار الأحرار ليتمكنوا من إشعال الثورة اليمنية في الوطن اليمني الواحد ضد الإمام ومن ثم ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب وأثناء اللقاء علم الثلايا أن الديب سوف يقابل الإمام أحمد وعلى ضوء ذلك أوضح الثلايا للديب اعتزام الإمام أحمد بناءً علي طلب من الرئيس جمال عبدالناصر إرسال أربعة ضباط مصريين ليتمكن من إعادة تنظيم الجيش والشرطة وهو ما أخذه الديب بعين الاعتبار .. بعد ذلك التقى الديب بالإمام في اجتماع استمر ساعتين بمدينة تعز طلب الإمام خلاله من الديب إمداد اليمن بمدرسين مصريين لمواجهة النقص الذي يعاني منه شمال الوطن آنذاك ولم يطرح الإمام موضوع إعادة تنظيم صفوف الجيش أو الشرطة أو طلب المساعدة من مصر بخصوص هذا الشأن.
وبعد انتهاء الديب من جمع المعلومات لاستكمال مهمته عاد إلى القاهرة ليسلم تقريره إلى الرئيس جمال عبدالناصر.
ويُفجع الرئيس جمال عبدالناصر بالنهاية المأساوية لحركة عام 55م التي كان أحد أسباب فشلها عدم التنسيق مع القاهرة وعدم إبلاغهم بموعد العملية رغم اتفاق الثلايا والديب في مدينة تعز على ذلك ويبدو أن أحد الأطراف لم يلتزم بالاتفاق مما أدى إلى هذه النهاية المأساوية.
وفي العام الذي تلا حركة 1955م كان اتفاق جدة للدفاع المشترك في إبريل 1956م بين مصر واليمن والسعودية وقضى هذا الاتفاق على دعم السعودية للإمام بثلاثة ملايين دولار من السعودية لمواجهة الاعتداءات البريطانية كما تقوم مصر بدعم الإمام بالسلاح والبعثات التدريبية مع التزام الإمام بعدم دعم الانتفاضات في جنوب اليمن وأخذ الرهائن كضمان على تنفيذ هذا الاتفاق أو الشرط، وقد دفع هذا الاتفاق حينها مشائخ الجنوب إلى العودة إلى كنف الاستعمار البريطاني.
وعقب نجاح ثورة ال 26 سبتمبر 1962م وإعلان تنظيم الضباط الأحرار عن قيام النظام الجمهوري في صنعاء أعلنت مصر اعترافها بهذا النظام وكانت بذلك أول دولة تعترف بالنظام الجمهوري في شمال الوطن آنذاك ولم يقتصر دور مصر على هذا الاعتراف فلم تمضِ إلا الأيام قليلة حتى وصلت الطائرات العسكرية إلى أرض اليمن حاملة معها المعونة والجنود ليبلغ خلال أيام عدد الجنود الواصلين من مصر إلى اليمن خمسين ألف مقاتل مصري في خطوة كان يهدف منها الرئيس عبدالناصر إلى حماية الجمهورية حينها، حيث كادت الثورة أن تخمد لولا وصول المساعدة من القاهرة وقد كان لهذه الخطوة دور كبير في إشعال ثورة الجنوب ضد المستعمر البريطاني وعلى نفس السياق استطاع الرئيس عبدالناصر الحصول على اعتراف الولايات المتحدة بالنظام الجمهوري في صنعاء وكان ذلك بتاريخ 19 ديسمبر 62م وقد حصل منها أيضاً على تعهدات بتقديم المعونات للحكومة الجديدة في اليمن مقابل أن يتم سحب كل القوات المساندة لثورة اليمن بالتزامن مع انسحاب القوات المساندة للنظام السابق “حكم الإمامة” ولكن هناك أطراف مشاركة في هذا الاتفاق رفضت ذلك واعترضت عليه بشدة وعملت على إفشاله.
وكان لهذا الاتفاق مغزاه عند الرئيس جمال حيث كان الرئيس جمال قد خطط لعملية صلاح الدين في الجنوب قبل قيام ثورة سبتمبر 62م حيث كان للمخابرات المصرية دور كبير في إشعال ثورة الجنوب.
وهنا يبدأ فصل جديد من حكاية الزعيم الراحل الرئيس جمال عبدالناصر وثورة اليمن.
ولا نغفل هنا عن ذكر دور أبناء المناطق الجنوبية المدافعين عن الثورة والجمهورية فقد توافدوا إلى صنعاء من جميع المناطق الجنوبية للدفاع عنها حيث توجه كلٌ من الشيخ سيف حسن علي القطيبي ومعه مشائخ قبيلته ومنهم الشيخ الشهيد راجح بن غالب لبوزة مع المقاتلين القطبيين إلى صنعاء يتقدمهم الشيخ سيف مقبل عبدالله القطيبي والشيخ راجح بن غالب لبوزة والشيخ عبدالحميد بن ناجي المحلائي بعد أن وفر لهم الشيخ سيف حسن القطيبي ما يوصلهم إلى قعطبة .. كما أن المقاتلين الردفانيين قد أدوا واجبهم في جبال حجة وأمضوا الفترة الإلزامية طوال شهرين .. بعدها عادوا من هناك لاستكمال واجبهم في الجنوب عبر الكفاح ضد المستعمر البريطاني في عدن.
وقد انظمت أعداد من قبائل ردفان إلى الحرس الوطني لمواجهة الموالين لحكم الإمامة الملكية ونظامها البائد وكان انضمامهم متزامناً مع توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الجمهوريين والملكيين في تشرين أول أكتوبر 63م.
وفي 24 فبراير 1963م عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر القوى الوطنية اليمنية حضره أكثر من ألف شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب وقد توصل المجتمعون خلال أعمال المؤتمر إلى الاتفاق على النقاط التالية:
1 توحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة.
2 وضع مشروع ميثاق مؤقت للتنظيم الجاري تشكيله.
3 استقر الرأي على تسمية هذه الجبهة باسم “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل”.
وقد أخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية “الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل” وقد جاءت هذه الخطوة إيماناً من هذه القوى بوحدة الحركة الوطنية اليمنية في النضال لحماية النظام الجمهوري والدفاع عن ثورة سبتمبر الخالدة وتحرير الجنوب اليمني من الاحتلال الأجنبي.
وقد تمخض عن هذا المؤتمر تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه كان على رأسها قحطان محمد الشعبي وبعد اجتماعات عدة عقدتها اللجنة التحضيرية أقرت في 8 مارس نص الميثاق القومي الذي كان يتألف من مذكرة والميثاق نفسه وكان شعار الجبهة “من أجل التحرير والوحدة والعدالة الاجتماعية ونشرت في مايو 1963م الوثيقة الموضحة للخط السياسي لهذا التنظيم وفي 19 أغسطس 1963م تم إعلان تأسيس الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وتم تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصاً.
وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح وهي:
1 حركة القوميين العرب.
2 الجبهة الناصرية في الجنوب المحتل.
3 المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل.
4 الجبهة الوطنية.
5 التشكيل السري للضباط والجنود والأحرار.
6 الإصلاح اليافعية “تشكيل القبائل” ومن ثم التحقت ثلاثة تنظيمات أخرى بالجبهة القومية وهي:
1 منظمة الطلائع الثورية بعدن.
2 منظمة شباب المهرة.
3 والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.
وفي أغسطس 1963م استقبل أبناء ردفان الثوار العائدين من شمال الوطن بقيادة غالب بن راجح لبوزة بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الوليدة.
وبالحديث عن ثورة جنوب الوطن والدور المصري فيه يجب أن نعود بالتاريخ إلى ما قبل ثورة ال26من سبتمبر1962م.
خروج قوات محمد علي باشا وانفراد بريطانيا بالسلطة
بدأت متاعب الحكم المصري في اليمن بعد سقوط عدن في أيدي البريطانيبن، فقد بدأ هينز اتصالاته بمشائخ المناطق الجنوبية الواقعة تحت نفوذ مصر ويحثهم على التمرد على والي مصر عبر إرسال الهدايا والمرتبات ولكن الأحوال تطورت بسرعة بعد تحالف الدول الكبرى ضد محمد علي باشا وانتهى الأمر بانسحاب القوات المصرية من اليمن في عام 1840م وانفردت بريطانية وحدها بمقدرات جنوب اليمن كله وبدأت عشية احتلالها لعدن في تنفيذ سياسة التهدئة في المنطقة حتى تضمن استقرار الأمور في عدن بما يحقق مصالحها الاستراتيجية والتجارية والبحرية فعقدت مع سلطان لحج معاهدة للصداقة ومنحته راتباً سنوياً إلا أن هذا لم يجدِ نفعاً فقد حاول سلطان لحج استعادة عدن ثلاث مرات في عامي1840م و1841م إلا أن تلك المحاولات لم تنجح للفارق الهائل في تسليح القوتين.
مستعمرة عدن بين عام 1937 1962م
سيطر البريطانيون على عدن 1839م عندما قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة وكانت تحكم كجزء من الهند البريطانية إلى سنة 1937م وعندها أصبحت مستعمرة بحد ذاتها تابعة للتاج البريطاني وكانت عدن أكثر تقدماً وعماراً ونسبة التعليم كانت فيها مرتفعة بين سكانها نتيجة الإدارة الإنجليزية للمدينة، حين كانت المناطق القبلية المحيطة بها مثل حضرموت وشبوة وأبين وغيرها لم تختلف كثيراً عن المناطق الشمالية لليمن وقد عقد الإنجليز معاهدات صداقة مع سلاطين القبائل المحيطة بعدن وكانوا يدعمون من تبدو فيه بوادر الولاء والتعاون معهم ضد الآخرين ولم تكن بريطانيا تتدخل في النزاعات فيما بينهم بشكل مباشر.
وفي خمسينيات القرن العشرين تأثر أهالي المستعمرة من العرب في عدن بخطابات الرئيس جمال والأغاني الثورية الصادرة عن إذاعة القاهرة وكان لسياسات البريطانيين التعسفية والمتجاهلة لمطالب العرب في عدن دور رئيسي في تنامي تلك المشاعر مما سبب قلقاً للمستعمر البريطاني فعرض حينها إقامة ما عرف باتحاد الجنوب العربي وهو اتحاد فيدرالي يجمع خمس عشرة سلطنة منتشرة في أرجاء المستعمرة أملاً في تخفيف حدة المطالب الداعية للاستقلال الكامل وخلال الفترة من 19561958م أخذت الانتفاضة (الثورة) في المحميات الغربية والشرقية تزيد في الكم والكيف نتيجة للمد الثوري العربي الذي خلفته الثورة العربية في مصر منذ قيامها في 1952م وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر واستفادت المقاومة الشعبية من الدعم المحدود الذي قدمه الإمام أحمد لها إلا أن الإمام أحمد تراجع عن ذلك بعد أن شعر بخطورة تنامي الوعي الوطني في الشمال وجنوب الوطن على حد سواء ضد حكمه والحكم البريطاني .. وبعد الاتفاق مع البريطانيين على حلول قام بقطع كافة أشكال الدعم المساندة على رجال المقاومة الشعبية فنتج عن ذلك زيادة الهجمة العسكرية البريطانية ضد القبائل الثائرة التي لم تجد معظمها وخاصة القيادات من وسيلة سوى اللجوء إلى المناطق الشمالية أو الهجرة إلى دول عربية .. وبعد لجوء تلك القيادات إلى الشمال اتخذت منها قاعدة لانطلاقتها النضالية ضد المستعمر البريطاني حيث تكون في عام 1957م جبهة أسميت (العاصفة العدنية) بقيادة محمد عبده نعمان الحكيمي الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة وكانت تذيع برنامجاً إذاعياً من إذاعة صنعاء باسم (صوت الجنوب) وبعد فترة وجيزة توقف هذه البرنامج بأمر الإمام حين رفض أي نشاط لهم في صنعاء، بعدها قامت مجموعة من المناضلين بتكوين تجمع جديد لهم في منطقة البيضاء الحدودية برئاسة محمد عبده نعمان الحكيمي ومقبل باعزب وباشتراك عدد من رؤساء القبائل وأسسوا هيئة تحرير الجنوب واليمن المحتل وحصلوا على بعض الأسلحة من مصر عام 1960م لكن الإمام لم يسمح بخروج هذه الأسلحة من ميناء الحديدة.
وفي عام 1956م شهدت عدن حوالي 30 حزباً عمالياً كما شهدت في نفس العام من شهر يونيو هجوم استهدف المراكز الحكومية، قام به الثوار في بيحان ومحافظة شبوة .. وفي خريف عام 1956م أثارت الأحداث التي شهدتها مصر إثر العدوان الثلاثي على مصر من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا غضب الشعب اليمني فازدادت وتيرة العمل الوطني ضد التواجد البريطاني في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية (السلطنة الكثيرية والقعيطية والمهرية والغربية) فعمل المستعمرون على زيادة التوغل في المناطق الريفية لا سيما المحاذية لأراضي المملكة المتوكلية في الشمال.
وفي فبراير 1957م تم أكثر من خمسين عملية إطلاق نار تستهدف المراكز البريطانية والمسؤولين المحليين في كل من ردفان وحالمين والضالع وفي 24فبراير1957م نصب كمين لدورية عسكرية بريطانية تتكون من 22فرداً من قوات الكاميرون مايلاندر نصب لهم من قبل16 مقاتلاً من قبيلة الأزارق أسفر هذا الكمين عن مقتل اثنين من الدورية وإصابة ستة بجروح .. في العام نفسه بدأت انتفاضة قبيلة الشعار في إمارة الضالع متضامنًا معهم أبناء القبائل الأخرى وعند مرور القوات العسكرية القادمة من عدن عبر لحج لقمع تلك الانتفاضة تم رمي تلك القوات في لحج بالحجارة.. كما انتفضت قبائل بيحان ودثينة وقامت على إثر ذلك القوات البريطانية باعتقال العديد منهم وصادرت ممتلكاتهم وفي عام 1958م رفض سلطان لحج علي عبدالكريم الانضمام إلى اتحاد الإمارات للجنوب العربي فأرسلت بريطانيا في إبريل 58م 4000جندي تدعمهم الأسلحة الثقيلة واحتلت السلطنة تحت مبرر اكتشاف مخازن للأسلحة والذخائر وإثر ذلك نزح جزء من قوات سلطان لحج إلى تعز وبلغ عددهم 45ضابطاً و300جندي وفي 22ابريل 58م قامت قبائل الشاعري والدكام والحميدي والأحمدي والأزرقي والمحاربة وجحافة وبني سعيد وحالمين وردفان باحتلال مركز السير في جبل جحاف بقصد السيطرة عليه أما في يافع السفلى فقد نشب خلاف بين السلطان محمد عيدروس والبريطانيين على أسعار القطن الذي كانت تتحكم به السلطات البريطانية فعزلت بريطانيا السلطان محمد عيدروس الذي قاوم الإجراءات البريطانية فاستمرت العمليات القتالية بين السلطان عيدروس وقوات الاحتلال من فبراير 58م إلى إبريل 1961م واستخدمت القيادة العسكرية البريطانية كل وسائل التدمير ضد قوات السلطان ودمرت بالطيران كل معاقل السلطان محمد عيدروس في قلعة (القارة) الحصينة في يافع وإثرها نزح السلطان عيدروس إلى تعز.
وفي 19 يوليو 1958م اندلعت انتفاضة قبائل سيسان والمناهيل في حضرموت كما قامت قبائل الربيزي في العوالق في مارس 1959م بإجبار القوات البريطانية على الانسحاب من المراكز العسكرية التي أقاموها في العوالق فقامت القوات البريطانية بقصف مناطق تلك القبائل بواسطة الطيران ما أدى إلى استشهاد عدد من الثوار وأحرقت المزارع وأُبيدت المواشي وتشردت الأسر ولجأ الثوار إلى الجبال لمواصلة المقاومة حتى تحقق النصر بنيل الاستقلال وخروج آخر جندي بريطاني من عدن في 1967م.
دور الرئيس جمال في ثورة جنوب اليمن
كان للرئيس جمال الدور الأبرز في تحرير جنوب الوطن من المستعمر البريطاني من خلال دعم حركات الثوار في الجنوب عقب نجاح ثورة ال26من سبتمبر 62م في شمال الوطن فقد بدأت المخابرات المصرية بالعمل والإعداد لعملية صلاح الدين في سنة 62م فاتخذت من تعز مقراً لها، وفي حقيقة الأمر فقد كانت المخابرات المصرية تتابع ما يجري في الجنوب بعد نجاح ثورة الشمال في 26سبتمبر 62م فعقب دعوة الرئيس جمال عبدالناصر إلى عقد مؤتمر الزعماء العرب للنظر في قضية تحويل إسرائيل لمجرى نهر الأردن والذي تم فيه إنشاء منظمة التحرير بزعامة الشقيري واستثناء قيادات حركة القوميين العرب منها التي كان قد أسند إليها قيادة الثورة في جنوب الوطن والتي بدورها أوصلت إلى القيادة المحلية للتنسيق مع المخابرات المصرية التي لم تكن على وفاق معها حتى أدى الأمر إلى توقف جسور التعاون بين مصر والجبهة القومية لتتطور الأمور بعدها حيث سيرت المخابرات المصرية أكبر مسيرة ضد قيادة الحركة التي كانت في تعز بالتعاون مع سلطات الشمال في ذلك الحين بتعاون مع مؤيدي الدمج الذين اشترطوا سلمية المسيرة وعدم اقتحام مقر الجبهة في مدينة تعز وقد أدت هذه الأحداث إلى مغادرة جورج حبش والوفد المرافق له لليمن عن طريق أسمرة حيث كان قد وصل إلى تعز بعد خطوة 13يناير 1966م وبرفقته محسن إبراهيم وهاني الهندي مرسلين من الرئيس جمال، مدعيين أن جهاز المخابرات المصرية العامة في تعز يريد أن يفرض على الجبهة القومية وحدة مع البعثيين، وكان السبب وراء ذلك يرجع إلى انفصال سورية عن مصر سنة 1961م وكما أن هذا هو أيضاً ما يقوم به المعارضون لدمج قيادة الجبهة القومية مع البعثيين العرب، وقد رفع بذلك من قبلهم إلى قيادة المركزية لحركة القوميين العرب في بيروت وعند لقائهم بعدها بالرئيس عبدالناصر وطرح الموضوع عليه قال لهم: اذهبوا إلى اليمن واطلعوا على الوضع هناك .. لهذا الغرض جاءوا إلى تعز وقد أخرجتهم الجماهير الوحدوية اليمنية من شمال الوطن وجنوبه من فندق الإخوة في جبل الضبوعة بتعز متنكرين بهوية الموسيقار أحمد فؤاد حسن وفرقته الماسية وذلك خوفاً من الجماهير الغاضبة التي خرجت مؤيدة ومباركة لخطوة 13يناير 63م والتي أسماها المعارضون فيما بعد بالدمج القسري وقد رفضت القيادات الميدانية هذا القرار بعد أن كانت قد وافقت عليه القيادة الكبيرة في الجبهة مما أدى للتراجع عنه، ولم يبق خارج الصف الوطني إلا من أسماهم مدير إذاعة صوت العرب الأستاذ أحمد سعيد (بخوارج 13يناير66م) وكان هذا آخر مسمار دق في نعش علاقة المخابرات المصرية بالجبهة القومية ومنذ ذلك الحين شجعت المخابرات المصرية تكوين جناح عسكري خاص بجبهة التحرير وأعطته دعمها الكامل وأخذ الإعلام المصري ينسب له كل أعمال المقاومة.
الرئيس جمال وصلاح الدين في تعز
في 24 /4/ 64م زار الرئيس عبدالناصر تعز حيث ألقى كلمته الشهيرة في جماهير الشعب اليمني التي خرجت عن بكرة أبيها لاستقبال هذا الزعيم في مشهد لم تشهد له اليمن مثيلاً في ذلك الوقت من الزمن حيث قال لهم في كلمته: أرجو أن يعلم أولئك المعتدون على إرادة الشعب اليمني في الثورة واختياره النظام الجمهوري أننا سنرد على عدوانهم بعشرة أمثاله.. الخ
وقد قال أيضاً مقولته الشهيرة: (على بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل من عدن) وفعلاً تم ترجمة أقوال الرئيس جمال إلى أفعال حيث تم الإعلان الفعلي لبدء عملية صلاح الدين منطلقة من تعز تحت إشراف وقيادة المخابرات المصرية والتي أنشأت مركز لقيادة العملية في مدينة تعز وبدأت الفرق في تدريب الثوار على أحدث أساليب القتال كما تم نقل أول دفعة سلاح لثوار ردفان من تعز حملها لهم فخري عامر في شهر فبراير64م.
تفاصيل عملية صلاح الدين
كما تم نقل أول دفعة سلاح لثوار ردفان حملها فخري عامر بداية شهر فبراير 64م حيث انطلقت مع آخر خيط ضوء لأحد أيام شهر فبراير وتحرك من تعز فوج من سيارات النقل العسكرية وهي تحمل خمسين طناً من الأسلحة والذخائر والمدافع والألغام وفي المقدمة سيارة لاندروفر حملت فخري عامر وأبو النصر ووصلت قافلة السلاح إلى مطار ذي ناعم وهو المطار المخصص لمدينة البيضاء ويقع في مواجهة قرية ذي ناعم، وهناك تم إنزال صناديق السلاح والذخيرة والألغام وتم تخزينها في الحجرات الخلفية لمبنى المطار تحت إشراف اثنين من رجال المظلات، وهم إبراهيم وعفيفي خريجو أول دفعة مظلات .. وفي عصر اليوم الثاني بدأت عملية تحميل السلاح فبعد وصول حوالي مائة وعشرين جملاً يصطحبهم مائة وعشرون رجلاً وهم أفراد قبيلة الدماني بدأت عملية تحميل الجمال بالسلاح بعدها انطلقت القافلة لتشق طريقها إلى جبال ردفان وبصحبتها مجموعة من الجنود المصريين وكان خط سير القافلة هو "جبال البورمان يافع السفلى طريق ذي ناخب قرية السورق" التي تقع في بداية سايلة وهناك انتهت مسؤولية فخري عامر كقائد للقافلة لتبدأ مسؤولية بلليل بن راجح لبوزة ورجاله من أبناء ردفان وهو ابن الشهيد غالب لبوزة.
وقد كانت تقف القافلة مع أول خيط ضوء وتعاود التحرك مع آخر خيط ضوء وكان الاعتماد في سير القافلة على الدليل اليمني الشمالي لأنه الوحيد الذي يعرف الطريق وبعد أيام وصلت القافلة إلى مقر قيادة الثورة في ردفان وهي عبارة عن كهف في الجبل حيث استقبلهم علي عبدالله المجعلي مسؤول الجبهة القومية بردفان ليبدأ بذلك توزيع السلاح بين القبائل وقد شهد ذلك اليوم عمليات ضد القوات البريطانية في ردفان وعدد من المناطق أزعجت المستعمر وأشغلت وكالات الأنباء.
المراجع:
1 الظروف الداخلية والعربية التي هيأت لثورة 14أكتوبر للواء سالم بن حلبوب.
2 عبدالناصر بين حربين حرب اليمن وحرب 1967م بقلم عمرو صابح نشر 6أغسطس 2010م.
3 هذه هي حكاية قافلة السلاح المرسلة إلى الثوار في جبال ردفان الذي نشر في صحيفة 26سبتمبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.