قال الفنان التشكيلي البارز شهاب المقرمي، إن الفن التشكيلي في اليمن مهنة تصرف عليها ولا تصرف عليك، وإن ثورة فبراير 2011م مثلت طوق النجاة للشعب اليمني من طغيان الزعيم الأوحد، غير أنها تتطلب مزيداً من العمل ليسود العدل والقانون والمواطنة المتساوية.. وتحدث المقرمي في حوار خاص ل«الجمهورية» عن قصته الأولى مع الفن التشكيلي وأهم أعماله الفنية، فضلاً عن واقع هذا القطاع والإشكالات التي يواجهها وغيرها من المحاور...من هو شهاب المقرمي؟ شهاب المقرمي إنسان يحاول بقدر ما يستطيع أن يكون جديراً بكلمة (فنان).. من أبناء المقارمة –حجرية- تعز.. من مواليد عام 1970م، متزوج وله 6 أبناء.. يعمل في وكالة الأنباء اليمنية سبأ مخرجاً صحفياً ورسام وجوه في صحيفة (السياسية) التابعة للوكالة، وهي الصحيفة المتوقفة منذ شهر يونيو 2011م بسبب أحداث حرب الحصبة الشهيرة.. البداية مبكرة جدا حدثنا عن بداياتك الأولى كفنان تشكيلي وإلى أين وصلت اليوم؟ البداية كانت مبكرة جداً قبل دخول المدرسة وتعلم حروف الهجاء.. عبر الخربشات البدائية واللعب بالعجين والطين.. لكن البداية الحقيقية كانت حين رسمت الرئيس الراحل المحبوب إبراهيم الحمدي لأن الوالد –حفظه الله- كان دائماً يحكي لي عنه بحب وإعجاب فأحببته ورسمته.. رسمت بالقلم الرصاص معظم أعمالي، وبالحبر الشيني، رافقها لفترة قصيرة بالألوان الزيتية، ثم بكاوية اللحام على أبلكاش وخشب.. ثم بالأقلام الملونة.. والآن أحاول العودة وبجدية للألوان الزيتية.. أفضل الأعمال لم تأت بعد هل لك أن تذكر لنا باختصار أهم أعمالك الفنية التي أنجزتها حتى الآن، وإلى أي مدرسة فنية تميل في أعمالك؟ يرى الفنان كل أعماله مهمة وكل عمل يقوده لعمل أكبر وأهم أو يبني عليه عملاً آخر بمعنى أنه يسير في سلسلة تنمو وتتطور.. وفي بداياتي كانت لي لوحة أسميتها (صنعاء بوابة التاريخ) مزجت فيها بين التشكيل والخط.. وجسدت فيها معلم باب اليمن التاريخي.. أما العمل الذي اعتز به كثيراً وانتشر بشكل كبير فاجأني فهو (الذاكرة الشهابية).. هذه الذاكرة حشدت فيها أكثر من 300 وجه مؤثر خير وشر حول العالم.. ثم جاء بعدها كتابي الأول (وجوه رصاصية)، حشدت فيه أكثر من ألف وجه، وصدر عن وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).. غير أن أفضل الأعمال هي التي لم تأت بعد.. وكما لا يخفى فأنا مفتون برسم الوجوه.. لا تعنيني التصنيفات وعلى الفنان أن يحلق عالياً بعيداً عن القيود ولو كانت فنية، عليّ فقط أن أرسم وعلى النقاد تصنيف أعمالي، التي أفضل أن تظل في حكم المتغير. قصة الفصل من الدراسة حدثنا عن أهم القصص التي واجهتها في مشوارك الفني. بما في ذلك قصة رسمك للملكة اليزابيت الثانية وماذا تعني لك؟ القصص التي صادفتها كثيرة.. أذكر منها: أنني في الصف الثاني الثانوي رسمت وجه مدرس مادة الدين أثناء الحصة، وكانت ملامحة مميزة وسهلة يشبه كثيراً الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن، فسحبها الزميل الذي بجواري وتخاطفها الزملاء في الهواء وحصل هرج ومرج.. وظن الأستاذ أنني اسخر منه ومن الحصة.. فأخذني إلى الإدارة قائلاً للمدير: إما أنا أو هو في هذه المدرسة وأصر على ذلك، وبعد إلحاح المدير تم فصلي أسبوعين فقط من الدراسة.. وقبل مدة تقريباً عام 1985م رسمت الملكة اليزابيت ملكة بريطانيا في لوحة بالألوان الزيتية وشاركت بها في ملتقى فني أقامه المجلس البريطاني في صنعاء.. فقاموا ببروزة اللوحة وأرسلوا لي 3 آلاف ريال، وكان مبلغاً خيالياً بالنسبة لي حينها، وعلقوها لديهم.. وبعد مرور قرابة شهرين أعادوا إلي اللوحة، فقلت ألم تدفعوا 3 آلاف ريال؟ قالوا: ذلك أجرة عرض اللوحة.. في الحقيقة لهذه القصة أبعاد كثيرة: أناس لا تعرفهم ولا تربطهم بك علاقة.. يقدرون عملك ويهتمونك به ويحفظون لك حقوقك المادية والمعنوية ويخجلوك بتصرفاتهم النبيلة... بينما العكس بالنسبة للجهات المحلية المعنية. الثورة الشبابية طوق النجاة ماذا مثلت لك الثورة الشبابية الشعبية في اليمن (فبراير 2011م)، وماذا قدمت لهذه الثورة كفنان؟ مثلت الثورة الشبابية طوق النجاة للشعب اليمني من طغيان الزعيم الأوحد.. لكنها للأسف لم تحقق كل أهدافها.. فمازال المجال يتطلب المزيد من العمل ليسود العدل والقانون والمواطنة المتساوية.. أما إسهامي فيها فهو جزء من الواجب تماما كبقية الشباب الحريص على رقي وتقدم بلده.. رسمت كل شهداء جمعة الكرامة رحمة الله عليهم.. والعديد من شهداء ثورتنا السلمية عموماً.. العلاج للكثير من الهموم.. الملاحظ أنك مهتم برسم الوجوه.. فالطبيعة اليمنية ماذا رسمت منها؟ الوجوه أكثر ما يستهويني.. فهي العنوان وهي السيرة والملخص لصاحبها.. وهي التحدي والجمال والمتعة.. أما الطبيعة فربما افكر فيها مستقبلاً.. ماذا يعني لك الفن؟ الفن بالنسبة لي هو المتعة وهو الحياة.. الصفاء والسمو والمحبة.. وهو العلاج للكثير من الهموم والأمراض. أيوب طارش والبردوني من آخر وجه رسمته، وماهي الأعمال التي تستعد لإصدارها وماذا تتضمن؟ آخر وجه رسمته هو بورتريه للمخرجة السينمائية سارة إسحاق.. أما عن الأعمال القادمة فقد دخلت المرحلة الزيتية وربنا يسهل.. وهناك فكرة تلح عليّ دائماً وهي أن أرسم للفنان الكبير أيوب طارش مجموعة من البورتريهات التي تليق به وبفنه لتكون نواة معرض خاص به.. والأمر عينه بالنسبة لشاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني الذي تستدرجني ملامحه وأخاديد وجهه للمزيد من البورتريهات.. مازالت النظرة قاصرة ما هو تقييمك لواقع الفن التشكيلي في اليمن، وماذا عن مستوى الاهتمام الرسمي والشعبي؟ شيء لا يسر.. مازالت النظرة قاصرة تجاه الفن ليس في بلدنا فقط، وإنما في عموم المنطقة.. فالفن يأتي في آخر الاهتمامات، ومع ذلك لا يخلو الأمر من تقدير تلقاه الأعمال الجيدة من هنا أو هناك.. تجارب مرة ماهي أبرز المعوقات التي يواجهها الفنان التشكيلي اليمني.. وهل بالإمكان أن تحدثنا باختصار عن تجربتك في التعامل مع المؤسسات الرسمية المعنية بالإبداع وبرعاية الفنانين وتحديداً وزارة الثقافة؟ مازال الفن في بلادنا مهنة تصرف عليها ولا تصرف عليك، وهناك تحديات كثيرة تواجه الإبداع والمبدعين وخصوصاً الفنانين التشكيليين، فالبيئة السائدة غير مواتية.. أما المؤسسات المعنية فلي معها تجارب مرة.. طبعاً كان هذا في العهد البائد وأرجو أن يكون الأمر قد تحسن.. لكن على الفنان أن يتسلح بإصراره وعزيمته وتطوير نفسه. إذا ما هي النقطة الجوهرية للنهوض بالفن التشكيلي اليمني؟. الاهتمام بالتربية الفنية في المدارس أولى وأهم الخطوات الجوهرية للنهوض بالفن التشكيلي. هاشم المعلم تجربة فنان أثر فيك؟ اقرأ سيرة وأعمال الكثير من الفنانين قديماً وحديثاً.. وفي أيام الصبا وقفت كثيراً أمام أعمال الفنان الكبير جمال قطب.. وبالمناسبة كنت أتابع مجلة روز اليوسف وصباح الخير لكثرة البورتريات التي كانت تزخر بها. بكلمتين ماذا تقول عن: هاشم علي، عبدالجبار نعمان، د. آمنة النصيري، مظهر نزار؟ هاشم المعلم.. عبدالجبار رائد البورتريه في اليمن ربنا يشفيه ويمد في عمره.. د. آمنة نجمة عالية في سمائنا نقداً وفناً.. مظهر الإبهار اللوني. كلمة أخيرة تود قولها؟ نتمنى لشخصكم الكريم ولصحيفة الجمهورية التوفيق.