من أكثر الأحداث التي أثّرت في تاريخ اليمن في القرن الماضي, هو الحدث الذي سبقته إرهاصات كثيرة, وصاحبته أحلام ثوّار ومثقفين ورجالات, كان نبضها هو النهوض بهذا الشعب الذي رزح طويلاً تحت نير الاستبداد والجهل والظلام والمرض, الذي كلّه كما يبدو ما زال جاثماً, أو لنقل بعضه. عن ثورة سبتمبر.. الحلم الذي يُراد له أن يكون حقيقة.. عن تحقيق أهدافها هل هو بحاجة بالفعل إلى ثورات جديدة..؟ متى تموئد الحلم, أو أريد له أن يحرف عن مساره كما يقول البعض؟ هل هناك مكتسبات ملموسة, إذا وجدت كيف يمكننا الحفاظ عليها..؟ عن كل ذلك وأشياء أخرى من قبيل الاصطفاف الوطني والحفاظ على منجزات الجمهورية والوحدة, تم مناقشتها مع جيل نشأ في حكومات ما بعد الثورة, وما زال يعيش الحدث كما يقول, وها هو يتغنّى اليوم بسبتمبر, الشهر واليوم والساعة واللحظة لانبلاج الفجر. قوى البداية كانت مع الإعلامي لطفي الشميري والذي يرى أنه منذ انطلاقة ثورة 26 سبتمبر عام 1962 وهي تواجه قوى الظلام والتخلّف، فقد استمرت تلك القوى بمقاومة الثورة إلى أن وصلت قوى التخلف إلى محاصرة صنعاء بعد خروج الجيش المصري، بعدها فقدت الثورة بريقها بالاتفاقات المشبوهة التي أدت إلى عودة الحكم الإمامي بطريقة أو بأخرى إلى سدة الحكم. تصحيح وعن الثورة هل حققت أهدافها يقول الشميري: ويرى كثيرون أن 26 سبتمبر لم تحقق أهدافها كاملة؛ نتيجة للضغوطات التي مورست عليها, وأدت إلى فرض شخصيات قبلية في مناصب متعددة في هيئة الدولة.. وكانت هناك ثورة تصحيحية فعلية, قام بها الرئيس الحمدي وحقق فيها نجاحاً ملموساً في السياسة الاقتصادية التعاونية, وكسب من خلالها حب واحترام الجميع, إلا أن تلك القوى المحلية وهي في الأصل ممثلة لقوى إقليمية لا تريد الخير لليمن, وترى خير اليمن شراً عليها، فقامت تلك القوى بالتآمر عليه وقتله، ثم ما حدث في عام 78م من تصفية كل الكوادر التي كان يعوّل عليها الشعب في النهوض وبناء دولة حديثة، وبرزت مرة أخرى قوى وشخصيات قبلية في سدة الحكم لتتحكم في مصير البلاد والعباد، وبالتالي استمر مسلسل الفساد والإفساد وحرفت الثورة تماماً عن مسارها من جديد. مكتسبات ويستطرد الشميري قائلاً: لكن لا يمكن أن ننكر أن هناك مكتسبات حتى وإن كانت يسيرة لثورة 26 سبتمبر, وهي في الحقيقة لم تكن من صنع الدولة بل كانت من صنع الشعب نفسه، سواء كانت في التعليم أو الاقتصاد، ويتمثّل أكبر منجز للثورة في إعادة توحيد اليمن، ولا يمكن الحفاظ على هذه الوحدة إلا بإشراك الجميع في السلطة وإعطاء كل ذي حق حقه دون إقصاء أو تهميش، وعلى أن لا تُعطى فئة من الناس الحق في الحكم والتحكم في البلاد كاملة, تحت أي مسميات.. وأعتقد إننا اليوم بالتأكيد نحن بحاجة إلى الاصطفاف الشعبي من أجل الحفاظ على اليمن أولاً, ثم على المكتسبات التي حققها الشعب, فالمخاطر التي تواجه اليمن حالياً لا يمكن السكوت عليها أو تبسيطها. مُنقذة أحمد الرحابي “محامٍ” بدوره يرى أن ثورة سبتمبر كانت ضرورة وطنية وشرعية, لابد منها, فهذه الثورة العظيمة نقلت اليمنيين من الظلم والظلمات وحكم السلالات إلى النور والحرية وإزالة الفوارق والطبقات, بين سائر أبناء الشعب اليمني, فقد كانت ومازالت إلى اليوم هي الثورة المنقذة، فهي بالنسبة لليمنيين كالإسلام بالنسبة لسائر العرب, مع الأخذ بفارق القياس. إقصاء وعن المكتسبات التي من المفترض أن نحتفي بها اليوم يرى الرحابي أن الثوار قد أخذوا على عاتقهم تحقيق أهداف سامية, تمثلت في الأهداف الستة للثورة، إلا إن بعضها لم يرَ النور بعد، فما تبع فجر سبتمبر الساطع في تاريخ اليمن من أعمال الثورات المضادة والمؤامرات الإقليمية والمحلية, بفعل جهل قطاع كبير من أبناء القبائل, التي قاتلت الجمهورية والجمهوريين, علاوة على بعض التجاوزات من إقصاء بعض الثوار ووضعهم في دائرة الاستهداف وفقاً لأجندة غير ثورية.. كذلك وغيره ساهم في تأخر تحقيق أهداف الثورة السبتمبرية. حلم أما أسامة القرشي فيؤكد أن ثورة سبتمبر1962م كانت حلماً للثائرين بأهدافها الستة وبسقفها المرتفع الطامح للتغيير, ومنذ انطلاقتها سرعان ما قوبلت بالمشروع المقاوم للمشروع الثوري اليمني, مدفوعاً ومدعوماً من أطراف خارجية بالمال والسلاح وحتى العام 1970م, ولقناعتها بفشلها بمقاومة الثورة بالقوة للدعم غير المحدود من مصر عبدالناصر وبفضل الله والشرفاء من اليمنيين عادت لاتباع أسلوب آخر للالتفاف على الثورة, وعلى أهدافها السامية, فهذه القوى هي عدوة لأي تغيير حقيقي، فمثلاً عند بزوغ مشروع الشهيد إبراهيم الحمدي باعتباره مشروعاً نهضوياً لم يستمر ذلك المشروع أربع سنوات إلا وتآمر عليه المتآمرون.. لذا لابد أن نقول إن أي عمل ثوري يجب أن يكون هدفه الأول تجسيد مبادئ وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر الخالدتين, وتضاف عليها ما يرون من الأهداف. محاولة أما خالد النعمان وهو من الجيل الثالث لأسرة النعمان, التي لها باع طويل في النضال يرى أنه مازلنا في طور محاولة تحقيق أهداف ومكتسبات الثورة التي ضحّى من أجلها الكثير من أبناء هذا الوطن شمالاً وجنوباً, فلقد وئد الحلم باكراً, كما يرى وذلك بعد التآمر على القوى السبتمبرية ونفيها وإقصائها وقتلها, وذلك بالتقاسم والتحاصص من جديد مع الملكيين, ومن ثم القضاء على مشروع الدولة في قتل الحمدي الذي تبنّى في السبعينيات مسألة التصحيح, لذا نحن اليوم بحاجة إلى الاصطفاف من أجل تحقيق مصلحة البلد. تحقق عمار القباطي يرى أن أهداف الثورة تحققت نوعاً ما, فالحركات التصحيحية ثم ثورة فبراير الأخيرة الشبابية, كل ذلك يُراد له أن يبتعد عن أهداف الثورة الأم التي يجب أن نحتفي بها اليوم خير الاحتفاء.