رأس الأخ خالد محفوظ بحاح رئيس مجلس الوزراء أمس بصنعاء الاجتماع الدوري الرابع لمتابعة تعهدات المانحين والإطار المشترك للمسؤوليات المتبادلة، والذي كرس لمناقشة مستوى التقدم في تنفيذ إصلاح السياسات، والخطط المشتركة لتسريع آليات استيعاب تعهدات المانحين . وفي الاجتماع الذي شارك فيه من جانب المانحين البنك الدولي وبعثة مجلس التعاون الخليجي وسفراء وممثلو الدول المانحة من الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية، ألقى الأخ رئيس الوزراء كلمة افتتاحية رحب في مستهلها باسمه ونيابة عن الحكومة بجميع المشاركين في اجتماع المتابعة الدوري بين الحكومة اليمنية والمانحين.. شاكراً لهم هذا الحضور وما يظهرونه من حرص كبير على دعم الجهود الحكومية للتغلب على ما يعترضها من تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية ووقوفهم الجاد إلى جانب اليمن في المحنة الراهنة والمشاركة في رسم المستقبل المنشود. كما عبر عن شكره لوزارة التخطيط والتعاون الدولي والجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين على دورهما الحيوي في انتظام هذا اللقاء، بما يتضمنه من تقارير دورية للمتابعة والتقييم تبين وبوضوح جوانب التقدم والإنجاز في تنفيذ واستيعاب تعهدات المانحين وتنفيذ الإطار المشترك للالتزامات المتبادلة بين الحكومة وشركائها، وكذلك جوانب التعثر وما يتطلبه ذلك من جهد مشترك لتجاوزها في المرحلة المقبلة . وخاطب الأخ خالد بحاح ممثلي الدول والمنظمات المانحة قائلا: لا شك أنكم على اطلاع ومعرفة كاملة بحجم التعقيدات والصعوبات والتحديات التي تواجهها بلادنا حالياً في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية ، وتدركون جيدًا الفترة التاريخية بالغة الحساسية التي نمر بها في هذه الأوقات، والتي سيتحدد فيها مصير ومستقبل هذا الوطن من الآن إلى سنوات قادمة.. لكننا ورغم ذلك نرى فيها فرصة سانحة للإنجاز والتحدي، حيث تكون الشجاعة والإرادة، أمرين أساسيين، لاتخاذ الخيارات الصحيحة للوطن وأهله والعمل على تحقيقها، ولنثبت أن هذه الحكومة بمستوى تطلعات اليمنيين وآمالهم، وقادرة على استعادة ثقتهم بدولتهم . وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة استهدفت في برنامجها العام الذي نالت بموجبه ثقة مجلس النواب هذه التحديات، بكل ما هو ممكن ومتاح وفقاً للأولويات القصوى، التي تأسست على وعي كامل باحتياجات الانتقال السياسي من طبيعة الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد في هذا المرحلة وصولًا إلى الحد المطلوب من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.. لافتاً إلى تبني الحكومة في برنامجها هدفاً عاماً تمثل في العمل على إنجاز مهام المرحلة الانتقالية وتعزيز الأمن والاستقرار وتوفير البيئة الاقتصادية اللازمة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام . وأشار إلى أن الحكومة ستعمل على تحقيق هذا الهدف من خلال تنفيذها للممكن والتأسيس للأفضل وفق منظومة من السياسات الرئيسية، وبصورة واقعية وفي حدود الإمكانيات المتاحة وبدعم ومؤازرة من قبل كل القوى السياسية والوطنية. وقال : إن الشعب اليمني يتوق إلى العيش بسلام وكرامة في بلد آمن وديمقراطي، ونحن كنا ولا نزال نراهن على يقظة ووعي وشجاعة هذا الشعب الأبي في مؤازرة الجهود المبذولة لتحقيق هذه التطلعات، وعلى حرص الأشقاء والأصدقاء في مساندتنا لإخراج بلدنا من أوضاعه الراهنة . وجدد الأخ خالد بحاح التأكيد على مضي الحكومة صوب الإنجاز المتمثل في تأسيس وبناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على أساس تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل كونها تمثل رؤية جديدة لوضع اللبنة الحقيقية لبناء الدولة الاتحادية، دولة المؤسسات والعدالة وإرساء قواعد الأمن والسلام، وبما يمكن من الانطلاق نحو مرحلة جديدة من تاريخ اليمن عنوانها الشراكة الفاعلة والمواطنة المتساوية والمسئولية المشتركة بين أبناء اليمن جميعاً.. لافتاً إلى الحرص على تنمية المشاركة المجتمعية وتفعيل أدوار شركاء اليمن في التنمية بأبعادها المختلفة من خلال تفعيل دور القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في كافة المجالات بما فيها مشاركتهما في تعزيز المسار الديمقراطي ووضع الخطط والسياسات العامة وتنفيذ المشاريع التنموية المشتركة. وشدد رئيس الوزراء على أهمية الشراكة الحقيقية الفاعلة مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي سواء في الجوانب السياسية المتمثلة في الرعاية المباشرة لعملية الانتقال السياسي السلمي في اليمن من قبل مجلس الأمن ومجلس التعاون لدول الخليج العربي ومجموعة أصدقاء اليمن، أو في الجوانب الاقتصادية والتنموية من خلال عمل مجتمع المانحين في اليمن.. موضحًا أن الحكومة ومنذ الأسبوع الأول لتشكيلها عقدت سلسلة من الاجتماعات التي ناقشت فيها السبل الكفيلة بتفعيل الاستخدام الأمثل لتعهدات المانحين والوصول إلى معدلات استيعاب عالية لهذه الموارد . وقال : وسنعمل جاهدين على استكمال إقرار السياسات العامة المنفذة لالتزامات الحكومة المناطة بها في إطار المسؤوليات المتبادلة فيما بينها والمانحين كونها تمثل الأداة الرئيسة لتفعيل استثمار التعهدات والاستفادة منها في تحقيق التنمية والاستقرار . وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تطوير نظام للأولويات في اختيار المشروعات التي يجري تضمينها بخطط التنمية في القطاعات المختلفة والعمل على تحقيق المواءمة بين البرامج الاستثمارية السنوية وأهداف وسياسات خطط التنمية، إلى جانب وضع آليات عمل فعالة لمتابعة تنفيذ المشاريع المتعثرة ومعالجة المشاكل التي تعترض تنفيذها، وتطوير نظام معلومات التعاون الدولي لإنجاز عملية مراقبة وتقييم فعالة تساعد في تحقيق الأهداف المتوخاة من المشاريع التنموية الممولة خارجياً. وأضاف : كما أننا نسير في اتجاه تعديل القرار الجمهوري الخاص بإنشاء الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين ودعم سياسات الإصلاحات، بما يحقق دوره الفاعل في تقديم العون اللازم لكافة الوزارات والأجهزة الحكومية المعنية باستيعاب المساعدات الخارجية ومتابعة الإطار المشترك ، والارتقاء بدوره في المتابعة للمشروعات الممولة خارجياً . وعبر الأخ رئيس الوزراء في ختام كلمته عن امتنان الحكومة للمساعدات التي قدمت أو تم الالتزام بتقديمها لدعم اليمن في مؤتمر المانحين بالرياض وأصدقاء اليمن في نيويورك عام 2012م.. مؤكدًا على الأهمية الكبيرة للإيفاء بتلك التعهدات، وحشد دعم إضافي لمساندة اليمن في هذه المرحلة الحرجة.. موجهاً الشكر لجميع الحضور على مشاركتهم المفيدة والمسئولة . بدوره ركز وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد الميتمي على أهمية الشراكة مع المانحين وشركاء التنمية من قطاع خاص ومجتمع مدني.. مقدرًا دعم ومساندة اليمن من قبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية وجميع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات المانحة .. وتطرق إلى المنهجية الجديدة للحكومة القائمة على التشاركية في العمل، والآلية التي ستتبعها لتعزيز القدرات الاستيعابية لتعهدات المانحين ومعالجة مكامن الضعف القائمة . فيما أكدت المدير التنفيذي لجهاز استيعاب تعهدات المانحين أمة العليم السوسوة، على أهمية هذا الاجتماع الذي ينعقد بعد تشكيل حكومة الكفاءات، ومرور عام على إنشاء الجهاز التنفيذي.. مشيرة إلى ضرورة اتفاق الحكومة ومجتمع المانحين على خطة عمل وآلية تسريع مستوى التخصيص والاعتماد والصرف للتمويلات المتبقية، إلى جانب الإسراع في إعداد السياسة الوطنية للمساعدات الخارجية باعتبارها موجهًا اساسياً لهذه المساعدات وناظمًا للعلاقة بين الحكومة والمانحين من جهة وبين الجهات الحكومية . كما ألقيت في الجلسة الافتتاحية كلمات عن البنك الدولي والقطاع الخاص الوطني ومنظمات المجتمع المدني، باركت جميعها للحكومة نيل الثقة من مجلس النواب، والتأكيد على الالتزام بدعم ومساندة هذه الحكومة بقيادة رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، والوقوف معها للخروج باليمن من هذه الظروف الصعبة.. مشيرين إلى أهمية تعزيز جوانب الشراكة الفعلية مع الحكومة، وإيجاد آلية فاعلة لاستيعاب المساعدات والقروض من المانحين، وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص لقيادة عملية التنمية بجوانبها المتعددة . وعرض الجهاز التنفيذي لاستيعاب تعهدات المانحين تقريرًا حول سير استيعاب التعهدات والتقدم المحرز في إصلاح السياسات، فضلًا عن أهم التحديات ومقترحات تجاوزها، كما تناول العرض الثاني برنامج إدارة معلومات المساعدات والمنح (اليامس)، والمخصص لإدخال برامج المعونات المقدمة من المانحين عبر موقعه الإلكتروني بما يتيح إمكانية تتبع التعهدات الخاصة باليمن، وتعزيز فرص المساءلة والرقابة. وخصصت الجلسة الأولى من الاجتماع لمداخلات ممثلي الدول والمنظمات المانحة الذين أجمعوا على تأكيد استمرار دعم بلدانهم ومنظماتهم لليمن في المرحلة الراهنة والمستقبلية، ومساندتهم الكاملة للحكومة، ودعمها بكل السبل من أجل أداء المهام المناطة بها لتحقيق تطلعات وآمال الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي.. مستعرضين برامج الدعم التي قدموها لليمن ومجالات تركيزها وسير تنفيذ الالتزامات القائمة، إلى جانب مشاريع الدعم المخططة للعام القادم . وأكدت مداخلات مجتمع المانحين استعدادهم للعمل مع الحكومة اليمنية لتحديد ما هو أفضل لليمن من مشاريع بحسب أولوياتها، وإمكانية المرونة في إعادة برمجة بعض التعهدات لتنفيذ مشاريع ذات أولوية في الفترة القصيرة القادمة تخدم بشكل مباشر وسريع المواطنين وتنعكس إيجابًا على حياتهم.. لافتين إلى دعمهم لتوجهات الحكومة المعبر عنها في برنامجها العام، والتزامهم بإسناد جهودها وخطواتها التنفيذية لترجمة هذه التوجهات على أرض الواقع. وأبدوا ملاحظاتهم حول الإشكالات القائمة على تسريع استيعاب التعهدات، معربين عن ثقتهم بقدرة هذه الحكومة بما تمتلكه من إرادة واضحة وقوية على تجاوزها.. وأثنوا على الدور الحيوي للجهاز التنفيذي لاستيعاب تعهدات المانحين . وتولى عدد من الوزراء والمسئولين الحكوميين المعنيين الرد على الطروحات والملاحظات المقدمة من قبل ممثلي الدول والمنظمات المانحة.. مستعرضين الخطط والآليات التي يتم العمل عليها لتجاوز الصعوبات والتحديات القائمة في مسار تسريع استيعاب تعهدات وتمويلات شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة، بما في ذلك إعادة النظر في المشروعات وتوزيعها بما يتفق مع أولويات وخطط الحكومة.. مؤكدين أن الحكومة وبتوجيهات من رئيسها الأخ خالد محفوظ بحاح ومتابعته المستمرة لديها العزم والإرادة الكاملة لتحقيق إنجازات ملموسة وفتح صفحة جديدة من الشراكة الفاعلة مع مجتمع المانحين والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني . وثمنوا تأكيد ممثلي الدول والمنظمات المانحة على استمرار ومواصلة دعم اليمن، وما أبدوه من استعداد للعمل الجاد مع الحكومة لتعظيم الأثر التنموي لتمويلات وتعهدات المانحين.. منوهين بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في تقديم معونة غذائية ل 54 ألف أسرة يمنية لمدة عام كامل والتي سيتم البدء فيها خلال الأسبوعين القادمين، في إطار الدعم الأخوي الكبير والمستمر للمملكة العربية السعودية لجيرانها وأشقائها في اليمن . وفي ختام الاجتماع ألقى رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح كلمة تعقيبية، عبّر فيها عن تقديره لهذا التفاعل الحيوي والاهتمام الذي أبداه ممثلو الدول والمنظمات المانحة من الأشقاء والأصدقاء في استمرار دعم ومساندة الشعب اليمني.. مؤكدًا أن الحكومة ستتعامل بجدية مع كل المقترحات والملاحظات التي طرحت في الاجتماع وسيتم عقد جلسة خاصة لمناقشة كل ما ذكر ووضع الحلول العملية لها.. موجهًا بهذا الخصوص الجهاز التنفيذي لاستيعاب تعهدات المانحين بتلخيص هذه المداولات والتوصيات المقترحة لكي يبقى الجميع في الحكومة ومجتمع المانحين متابعين ومراقبين لمستوى التقدم في التنفيذ والإيفاء بالالتزامات، لما لذلك من أهمية في تكوين علاقة فاعلة ومنفتحة قائمة على أسس الثقة والإنجاز . وأكد رئيس الوزراء أن التحدي المهم أمام الحكومة هو قدرتها على إعادة الثقة بينها وبين الشعب من جهة، ومع الشركاء في مجتمع المانحين من جهة أخرى.. مشيراً إلى أن هذه المهمة ليست سهلة، وتتطلب القيام بجهد استثنائي حتى تكون هناك أشياء ملموسة خلال الثلاثة الأشهر الأولى من العام القادم . وقال : ندرك جيداً أن شعبنا لم يعد بحاجة إلى الوعود، بقدر ما يريد تحقيق أشياء ملموسة على أرض الواقع، لذا فإن هذا التحدي يحتم علينا في الحكومة التعامل بمسئولية ومصداقية ونرتقي إلى مستوى الثقة والتطلعات المعقودة علينا، لردم جسر تلك الهوة القائمة في الثقة بين الحكومة والشعب وشركاء التنمية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال إثبات جديتنا وقدرتنا على تنفيذ خطة التسعين يوماً المترجمة للأولويات المعبر عنها في البرنامج العام للحكومة . وأضاف : لقد كررت أكثر من مرة أن خطة التسعين يومًا ستكون مقياساً لتقييم أداء أعضاء الحكومة، لمعرفة مدى قدرتهم على تنفيذ ما التزموا به، وفي إطار من الشفافية الكاملة، حيث سنقوم كفريق عمل واحد في الحكومة على بذل أقصى الجهود في هذا الجانب . وجدد الأخ خالد بحاح التأكيد على عدم قبول أي أعذار من قبل الوزراء مهما كانت للتلكؤ وإيجاد المبررات لعدم تنفيذ مهامهم المنصوص عليها في خطة التسعين يومًا.. موضحاً أن الشعب اليمني وشركاء التنمية قد أصيبوا بالملل من الأعذار والتباطؤ في تادية المهام والأعمال الحكومية، وأنه لن يقبل على الإطلاق بأعذار إضافية. وأعرب رئيس الوزراء عن تطلعه إلى إقامة شراكة فاعلة ونزيهة مع القطاع الخاص، وحرص الحكومة على أن تكون منفتحة وجادة في هذا الشراكة لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للقيام بدوره القيادي في عملية التنمية .. مستعرضًا الوضع الاقتصادي وتوجه الحكومة لرفع كفاءة الموازنة العامة بالتركيز على اللامركزية في هذا الجانب، وإيجاد شفافية كاملة في الإنفاق للحد من الهدر وتعزيز النزاهة . وأشار إلى الدور الأساسي لدعم المجتمع الدولي لبرامج وخطط الحكومة، وأهمية مساندته الفاعلة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ اليمن .. مؤكداً أن الوضع حاليًا لم يعد يحتمل التعاطي بطريقة المهدئات، بل يحتاج إلى عملية متكاملة للبناء والتنمية ضمن منظومة شراكة وطنية ودولية فاعلة لتجاوز هذه المرحلة بتعقيداتها المختلفة، باتجاه تأسيس دعائم إقامة الدولة المدنية الحديثة، الملبية لتطلعات وآمال جميع أبناء الشعب اليمني.