مجلس التعاون يجدد موقفه الداعم للشرعية والتوصل الى حل وفقاً للمرجعيات الثلاث    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    لاعب بركان يسرق الأضواء في نهائي الكونفيدرالية    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    أول رئيس إيراني يخضع لعقوبات أمريكا . فمن هو إبراهيم رئيسي ؟    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    تحرك عسكري يمني سعودي جديد وإعلان من الرياض (شاهد)    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امتهان التسول أصبح عادة لا يستطيع محترفها التخلي عنها ويتحول تدريجياً إلى مهنة مستقلة يمارسها صاحبها بدون أي روادع أخلاقية أو قيمية..
الطريق الأسهل للرزق .. لم يعد سهلاً

يبدأون حياتهم العملية عند بدء الازدحام، وبعضهم يبدأ قبل ذلك، فإشارات المرور تجبر المستهدفين على التوقف،لعل أولئك المستهدفين يجودون ببعض ما في جيوبهم عند سماعهم دعاء طازج يتمنى لهم الخيرات منذ الصباح، أحدهم يؤكد أن الناس يستبشرون خيراً بأدعيته وهو خارج من بيته، فيجزلون له العطاء، بيد أن ما يسميه «جزيل العطاء» ليس أكثر من خمسين ريالاً.
وينتهون من أعمالهم تلك في نهاية المساء، تكاد الشوارع تخلو من المارة والسيارات، يكون أولئك العابرون المتأخرون قد أدركوا ضمنياً أن يداً ذليلة لن تمتد إليهم، وأن آذانهم لن تسمع استجداءً مريراً يشعرهم بالخجل من أنفسهم،وبالقسوة على ضمائرهم، فليس بمقدورهم أن يمنحوا كل تلك الأيدي التي تحاصرهم في الشوارع منذ الصباح، وليس بيدهم أن يغيروا من ذلك الوضع شيئاً.
إحدى الأسر تتكون من ستة أفراد، وسوى الأم، فالبقية أطفال يتوزعون في إشارات المرور بتعليمات من الأم،وعند المساء يكون الخمسة قد جمعوا مابين 2000 إلى 3000 آلاف ريال،يؤكد أمين وهو أكبرهم أنها لاتكفي لجميع متطلبات البيت،لكنها تمشي الحال، وعن تلك المتطلبات يقول «نشتي نأكل مثل الناس وندفع إيجار البيت ونشتري ثياباً ودواء لجدي»، ولم يتح الفرصة لأسئلة كثيرة خلقتها إجابته السابقة،فالغرابة لابد وأن يكون لها محل هنا،ماذا يفعلون بالملابس الجديدة وهم يقضون يومهم بملابس التسول، وماهو مرض جده،وبكم يستأجرون المنزل، وأسئلة أخرى منعتها سيارة فارهة وقفت قريباً، فأسرع نحوها يسابق الآخرين لعله يحظى بقطرة من بحر صاحب تلك السيارة،بيد أن ذلك لم يحدث، فقد ترجل عن السيارة شاب وسيم وأنيق، وبمجرد وصول الفتى إليه اكتفى برد خشن على الكف الممدودة نحوه بمهانة، وسبق كلماته أدعية الصغير الذي أنكسر للحظة.. لحظة واحدة فقط قبل أن تظهر سيارة أخرى فأسرع نحوها لايلوي على شيء..
تستفز طالبة جامعية من أحدهم حين يمد يده إليها،هي في سيارة الأجرة، وهو في الشارع بين عشرات السيارات المتأهبة للتحرك عند اخضرار الإشارة،لاتلفت إلى الخطر المحدق به في تلك اللحظات،لكنها عوضاً عن ذلك تنهره بشده «كل يوم وأنت في هذا المكان،وكل يوم أعطيك شوف غيري» يتركها دون أن يرد عليها، ويبحث عن سيارة أخرى، فلايجد ما يغريه كثيراً، خصوصاً وأن البرد يضطر أصحاب السيارات إلى إغلاق زجاج النوافذ، يختار إحدى الحافلات لأنها مفتوحة الباب،وبجوار الباب يبدأ أدعيته المعتادة للركاب بالتوفيق والرزق وأشياء كثيرة،وفجأة تباغته حافلة أخرى تقف على بعد خطوات منه، يثير ظهورها المفاجئ وصوت الفرامل فزعه، وفي أقل من ثانية يتحول صوته المتضرع إلى صوت مستنكر ومفزوع، يصرح في صاحب الحافلة ويبتعد جرياً إلى الرصيف،وهو ينظر للحافلتين بغضب،ولكن ولاوقت للتوقف والمشاعر الكريهة.. يبحث عن حافلة أو سيارة أخرى،ويواصل أدعيته..
العدالة في التوزيع!
يشكو أصحاب المحلات التجارية من كثرة المتسولين،يقول أحدهم: «أكثر من عشرين أو ثلاثين واحداً يدخلون عندي يومياً،ولو أعطيت واحداً منهم يأتي الآخرون طالبين العدالة في التوزيع، وكأني أوزع من مال المسلمين،في حين يذكر العمال في المطاعم أن المتسولين لايكفون عن اقتحام المطاعم لملاحقة الزبائن أو انتظارهم بالخارج، ويطالبون عمال المطاعم ببقايا الوجبات والمشروبات، ويعتبرون حرمانهم من ذلك مخالفة للإسلام، ويؤكد أحد أصحاب تلك المطاعم» ليس في الأمر مشكلة أن نعطيهم بقايا الطعام أو حتى الفائض الذي لم نتمكن من بيعه، لكنهم يأخذون المسألة وكأنها حق، وكل واحد منهم يخبر أصدقاءه، ويبدأون الزحام علينا منذ أوقات مبكرة يومياً، بالإضافة إلى مضايقتهم للزبائن، وهذا يعطلنا عن أعمالنا».
ثراء على حساب !!
يؤكد المتسولون أن أوضاعهم المادية أو الكوارث والنكبات التي تحل عليهم هي مايدفعهم إلى التسول، لكن تفسيراً آخر يأتي من قبل بعض العارفين، يقول محمود أمين مكرد، ويعمل مدرساً: أن حادث سيارة أودى بحياة والده لكن أولياء الدم سامحوا مرتكب الحادث حتى في الدية،وبعد أن كبر محمود وتخرج من كلية التربية بجامعة صنعاء انتقل إلى قرية في محافظة صنعاء لمزاولة مهنة التدريس،وهناك عرف قصة أحد أبناء تلك القرية الذي بنى له قصراً منيفاً في القرية،وقيل له: إن لديه مثل ذلك القصر في صنعاء،وبعد ازدراء الناس لصاحب ذلك القصر،وتجنبهم إياه استفسر عن السبب فقالوا له: إنه يعمل شحاذاً، وأنه امتهن هذه المهنة منذ ارتكب حادثاً مرورياً أودى بحياة شخص قبل سنوات عديدة.. بقي محمود مهتماً بالقصة التي أثارت دهشته، ودفعه فضوله لمعرفة الكثير من تفاصيل حياة صاحب القصر،فكان لايترك مناسبة يذكر فيها اسمه إلا وسأل عنه أية أسئلة تخطر بباله،حتى فوجئ بأن الرجل هو نفسه الذي ارتكب الحادث الذي أودى بحياة والده،وكانت دهشته عظيمة وهو يكتشف أن موت والده كان سبباً في ثراء الرجل.
لايوجد نهج رسمي أو توجه أو حتى إجراءات لمنع التسول والحد منه،ومع تزايد أعدادهم فإن لهم طرق شتى وعديدة في البحث عما تيسر لهم في أيدي المحسنين،إذ يفاجأ القاطنون في البنايات السكنية بزيارات دائمة للمتسولين تعرضهم للإحراج والخوف من تعرضهم للسرقة بسببها،ويؤكد محمد حمود المقطري أنه فتح الباب ليجد أمامه شاباً يبدو في هيئة أعرج بادره بالدعاء والتوسل ما دفعه إلى الدخول إلى غرفة النوم بحثاً عن ورقة نقدية يمنحها إياه،وعندما عاد لم يجد الشاب، فأقفل الباب وهو في حيرة من أمره وعاد إلى غرفة الجلوس التي كان فيها وقبل أن يخطر بباله أي احتمال لأن يكون الشاب لصاً، فوجأ بالمدفأة التي اشتراها منذ يومين مختفية، فنزل السلالم جرياً،ولما وصل إلى الشارع لم يلمح للفتى أي أثر،وعندما سأل الأطفال الذين كانوا يلعبون أمام باب البناية عما إذا كانوا شاهدوا الشاب ومعه المدفأة،فأفاده أحدهم أنه رآه يخرج من البناية ويوقف سيارة أجرة ويبتعد فيها. تؤكد ألفت محمد الباحثة الاجتماعية أن التسول ظاهرة لاتقتصر على مجتمع بعينه، لكنها تتزايد وتصبح كالوباء في البلدان النامية أو ذات الاقتصاديات الضعيفة، أو التي تعاني من أزمات داخلية وحروب ونزاعات محلية، وهي في هذه البلدان تصبح أكبر وأعظم من أن يتم السيطرة عليها أو مكافحتها، مؤكدة أن امتهان التسول يصبح عادة لايستطيع محترفها التخلي عنها، وهي تبدأ عادة في حالة عوز مالي نتيجة أي ظرف طارىء، أو بسبب عدم القدرة على الحصول على مصدر للعيش، ومن ثم تتحول إلى مهنة مستقلة يمارسها المرء بدون أي روادع أخلاقية أو قيمية.. وأكدت ألفت أن الأمر بحاجة إلى برامج وآليات لمكافحة التسول، لكن الحاجة الأكبر إلى مشاريع وخطط التنمية وسياسات وطنية للقضاء على الفقر وتنمية الإنسان والحد من تفشي البطالة.
يتعقد الكثيرون أن التسول طريق سهل للرزق، ولكنه مشروط بإراقة الكرامة، لكن آخرين يعتقدون أن كثرة المتسولين لاتجعله سهلاً، وتردي الأوضاع الاقتصادية لعامة المواطنين تجعله معقداً أكثر، أما عن الكرامة، فإن أولئك أيضاً يتساءلون: وهل ترك الفقر كرامة لأحد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.