الأيتام جمع كلمة يتيم، فاليتيم شرعاً هو: من مات عنه أبوه وهو صغير لم يبلغ الحلم، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يُتْمَ بعد احتلام” (رواه أبو داود، وصححه الألباني) وهذا يدل على أن اليتيم في مكانة كبيرة وأهمية ذات معانٍ ودلالات قيمة في الدين الإسلامي الحنيف وحالياً وفي هذا الزمن وعلى أرض اليمن موطن الإيمان والحكمة خصصت أماكن ودوراً للأيتام ورعايتهم والاهتمام بهم وحتى تدريسهم، وتكفلت تلك الأماكن والقائمون عليها، سواء كانت حكومية أو خيرية بهذه المهمة، ففي محافظة إب هناك دار عريق ومعروف خاص برعاية الأيتام في المحافظة ويسمّى (دار الحبيشي للأيتام) والحبيشي هو لقب الشخصية الخيرية والرجل الذي أحبّ أن يقترن اسمه مع الأيتام وبذل الكثير والكثير في خدمة الأيتام وتشييد دار مخصص لهم وبذل الجهود لإنجازه ودعمه، مؤسساً بذلك خلال السنوات الماضية داراً ومدرسه تابعة وخاصة بالأيتام. ذلك الرجل والشخصية المعروفة الوالد المناضل الشيخ عبدالعزيز علي الحبيشي، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الشباب والرياضة. فدار الحبيشي للأيتام ورغم الحلم الذي تحقق وصار حقيقة إلا أنه بحاجة لمن ينقذه من الانهيار وإكمال ما شيّده (الحبيشي) ورجال الخير وحتى الدولة وأجهزتها المعنية، فالحال الذي هو فيه - أي الدار - أجبرنا أن نخصص ونقوم باستطلاع سريع وتسليط الضوء عليه وعلى المعاناة التي يعيشها الأيتام ودارهم الخيري بل والصرح التعليمي ممثلاً بمدرسة الأيتام في مدينه إب بمنطقة الجبانة شرق المدينة. فدار الحبيشي لرعاية وتأهيل الأيتام الرئيس فيه ما يقارب (265) يتيماً وهو عدد ليس بالقليل أو الكبير في ظل وجود أعداد مهولة من الأيتام في كافة مديريات المحافظة وقراها وهم بحاجة إلى أن يلتحقوا بإخوانهم الأيتام في دار الحبيشي الذي أصبح بحاجة لعملية توسيع وتجهيز إضافي لاستيعاب الآخرين من الأيتام الذين لا يُستبعد أن بعضهم باتوا مشرّدين في الشوارع. إن من أهم ما يمنع الدار من استيعاب أعداد إضافية من أيتام المحافظة هو الظروف والأوضاع التي يعانيها الدار والموجودون فيه نتيجة لشحة الإمكانيات وغياب الدعم المطلوب سواء من الدولة ممثلة بالجهات المعنية والمختصة أو من مبادرات واهتمام رجال الخير والداعمين للخير الذي ومن خلال السطور القادمة ستمثل رسالة استغاثه ومناشده للجميع للالتفات للدار ودعمه بشتى الطرق والوسائل والإمكانيات اللازمة. ل «دار الحبيشي لرعاية وتأهيل الأيتام بمدينة إب» إدارة متخصصة ويصفها البعض بالجديدة و إن كان قد مرّ على توليها أكثر من عامين الآن سبب ذلك الوصف، تلك الإشادات فيها وبجهودها المبذولة التي لعل وعسى أن تعمل شيئاً وتقدم شيئاً أمام الكم الهائل من المعاناة والمتاعب والافتقار للإمكانيات الضرورية ما يمكّنها من الارتقاء بالدار للمستوى الذي يحلم فيه كل الأيتام والقائمون عليه وعلى خدمتهم. كان أول وأهم من التقينا به في الدار هو مدير إدارة الدار، الأخ عرفات شريف.. وذلك ضمن جولة استطلاعية شملت أقسام وأروقة ومتعلقات الدار الذي وفق مديره يضم في داخله ما يقارب (265) يتيماً وإلى جانبهم ما يقارب (25) شخصاً هم من الكوادر في الدار الذي سعت الإدارة من خلالهم وبالتعاون مع ما وصفهم بالمتعاونين على إيجاد خدمة تليق باليتيم، بالرغم من الصعوبات والمعوقات التي يتم مواجهتها وتقف حد قوله حجر عثرة أمامنا جميعاً وتعرقل كثيراً ما نصبو ونريد تحقيقه من أجل خدمة الأيتام وتطوير خدمات الدار. ويشير الأستاذ عرفات شريف إلى أن أهم تلك المعوقات تتمثل بالميزانية التشغيلية السنوية المخصصة للدار من الدولة رسمياً، إذ أنها وكما يقول لا تكفي ولا تقدم شيئاً مقارنة لما يتم مواجهته وما يتوجب علينا في الدار تقديمه والقيام به من حيث الصيانة، والاحتياجات والمتطلبات اللازمة والضرورية للدار، وحتى الرحلات والصحة، والتغذية وغيرها وهذا على سبيل الذكر وليس الحصر. كاشفاً في سياق حديثه عن الاعتماد المالي الشحيح المخصّص للدار وعدم كفايته لمواجهة المعوقات سالفة الذكر، وهو مبلغ لا يتجاوز (2,172 مليون) ريال سنوياً لا تشمل بند الصحة والخدمات الأخرى والرحلات الترفيهية وغيرها من ما يحتاجه الدار حد قوله. وأضاف قائلاً: في السابق وحسب ما وجدناه عند استلامنا لإدارة الدار ومهامه مبالغ مالية يتم دعم الدار بها من قبل عدد من الجهات ورجال الخير وتوقفت تماماً بعد قدوم الإدارة الجديدة التي عملت جاهده في إطلاق وتوجيه المناشدات بهدف إعادتها مجددا،ً حيث أن هناك تاجراً ورجل خير وحده كان يدعم الدار سنوياً بمبلغ مليون ريال، وتأتي بعده مساهمات مالية من مكتب الشئون الاجتماعية في المحافظة وشركة النفط اليمنية الذين نناشدهم لإعادة الدعم الذي كانوا يقدمونه لهذا الدار الخيري. وعن الخدمات التي يقدمها الدار والمهام التي يقوم بها فيسردها (عرفات شريف) قائلاً: المدرسة هي أساس الخدمات وأهمها حيث يبلغ عدد طلابها ما يقارب (560) طالباً سواء من أبناء الدار، أو من أبناء الحارات المجاورة للدار كونهم أشبه بالأيتام ويتم تسجيلهم مجاناً، ورغم هذا إلا أن الدار ومدرسته يفتقر إلى الكوادر التعليمية والاجتماعية ومشرفين اجتماعيين، وبالأصح لدينا عجز في ذلك إضافة إلى حاجتنا لمشرفين وإخصائيين اجتماعيين ونفسيين يكون لهم دور بارز وهام في الإشراف على الأيتام الذين يعتبرون من أكثر الفئات والشرائح تعرّضاً للضغوطات النفسية والصحية نتيجة فقدانهم لحنان وعطف وحب الوالدين اللذين مهما كان لا يتعوضان، إلا أننا نقوم ببذل اقصى الجهود لتوفير ذلك لهم، وينقصنا المختصون في هذا الجانب فهم وحدهم القادرون على التعامل مع هذا الجاني والقضاء على أسبابه وفق طرقهم، وأساليبهم العلمية والصحية. ويواصل عرفات: ومع الأسف الشديد لم يتم التجاوب مع طلبات إدارة الدار من قبل مكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة الذي تم وسبق التخاطب معهم بهدف توفير وإيجاد طبيب متخصص للدار على اعتبار أن الدار يمثّل للأيتام مقراً وبيتاً وسكناً دائماً، وفوق هذا كله صُدمنا برفضهم لطلبنا الإنساني، وكل ما نوده ونطلبه منهم هو هدف نبيل وإنساني لليتيم والاهتمام فيه صحياً ورعايته وليس هذا كله فحسب فهناك مستشفيات وهي حكومية تتعامل مع الأيتام بشكل غير متوقع وغير لائق. ويستطرد: حينما يتم إسعاف أو نقل الأيتام إلى تلك المستشفيات يتم رفض قبولهم إلا بعد أن يتم دفع الرسوم المالية رغم التوجيهات الصادرة من السلطة المحلية بضرورة التعامل مع اليتيم والأيتام تعاملاً جيداً والاهتمام فيهم ورعايتهم صحياً بمجرد وصولهم إلى أي من المستشفيات الحكومية، مؤكداً أن إدارة الدار تبذل جهدها في التعريف بالأيتام وتحرير المذكرات لتلك المستشفيات لعلّ وعسى تعطي اليتيم حقه دون جدوى باستثناء مستشفى الأمومة والطفولة الذي يعد النموذج الطيب، نتمنى أن يقتدي فيه البقيه، فهو الأكثر تعاوناً وخدمة للأيتام بدون أي مقابل يُذكر.. واعتبر مدير الدار ذلك الروتين الممل من مستشفى إلى آخر بهدف أن يجد اليتيم خدمة ورعاية صحية جيدة ويستحقها، وحلّها أو القضاء على تلك الصعوبات في المجال الصحي تكمن في قيام ومبادرة مختصة في الدولة ورجال الخير بدعم الدار وتوفير وحدة صحية متكاملة مع طبيب خاص بالدار وأنهم في الدار سيواصلون بذل الجهود والمتابعة ونقل المعاناة والصعوبات لمن يهمه الأمر حتى يتحقق بإذن الله للأيتام حلمهم كاملاً وبدون أي منغصات تُذكر. وتظل المعوقات ملازمة لمهام وواجبات واحتياجات الدار يفتقر لها ولايزال هناك الكثير منها وعدم توفر الشيء والافتقار له يمثّل عائقاً ويعيق أي جهود ومهام وحتى نجاحات تُذكر، وحسب قول الأستاذ عرفات شريف إن الدار أيضاً في حاجة ماسة لإقامة بعض المشاريع التي تساعد على تطوير وتنمية قدرات الأيتام وتوفير خدمة محترمة لهم وتنمّي مهاراتهم وقدراتهم بشتى الجوانب، مؤكداً على ضرورة استكمال التوسعة الموجودة في الدار وإنجازها في أقرب وقت مع توفير وسيلة نقل أخرى (حافلة ثانية) إلى جانب الموجودة التي لا تفي بالغرض تماماً خاصة أثناء تنفيذ الرحلات المدرسية والترفيهية للأيتام التي كثيراً ما نقع في حرج عند القيام بها أو الاعتذار عن تنفيذها وتحقيقها لهم نتيجة لتلك الظروف والصعوبات، أو عند قيامنا بنقلهم عند الاختبارات للمراكز الامتحانية. المؤسف هو أن الدار يمتلك مقومات تأهيلية وتدريبية رائعة ك (ورشة نجارة - لحام ألمنيوم - معامل خياطة - مركز حاسوب - مخبز للرغيف) إلا أنها تفتقر للطاقة التشغيلية والكوادر التدريبية القادرة على تدريب وتأهيل الأيتام في ظل تواجدهم بالدار، وهذا بسبب شحّة الموارد المالية وانعدامها بالشكل المطلوب الذي تسبب أيضاً في عدم القدرة على توسعتها وتطويرها أكثر وفق ما قاله لنا الأخ عرفات شريف في ختام حديثه وشرح معاناة الدار وتطلعاته وهمومه، وما يدور فيه شكر كل رجال الخير وفاعلي الخير وأثنى على دعم شركة تيل يمن للاتصالات الدولية الذي تقدمه للدار منذ تأسيسه متمنياً أن يتم الالتفات لهموم ومعاناة الدار وتوفير الاحتياجات والمتطلبات التي يفتقر إليها والعمل على دعم الدار بشكل متواصل وتوسعته وتطويره. ليس كل ما ذكر وأسلف مدير الدار ذكره يمثّل المعاناة وحدها التي تواجه دار الحبيشي لرعاية وتأهيل الأيتام كمنشأة ومركز إيواء ودار ينظر إليه الكثير بأهمية كبيرة، بل وجدنا أن المعاناة مستمرة حتى مع موظفي الدار والعاملين فيه، ونأخذ واحدة من مآسيه على لسان إحدى المربيات الفاضلات والعاملات في الدار منذ أكثر من عقدين من الزمان وتُدعى خيرية محمد التي وكما يظهر عليها ظهرت مسنّة وكبيرة في السن قضت عمرها في هذا الدار وتربية أيتامه، وتتقاضى راتباً وهو عشرون ألف ريال فقط، وليس هذا فحسب، فحلاق الدار يعمل كمتطوّع فيه وبراتب زهيد جداً، ولم يتم حد قوله توظيفه رسمياً، غير معتمد من قبل الجهات المختصة. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر