شبام نيوز . الحياة أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لزعماء الدول الإسلامية المجتمعين في العاصمة المصرية القاهرة أمس (الأربعاء) أن النزاع العربي - الإسرائيلي وتفاقم الأزمة السورية يمثلان أبرز التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي. وأضاف - في كلمته أمام قمة منظمة التعاون الإسلامي ألقاها نيابةً عنه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أن مجلس الأمن «هو الكيان الدولي المعني بتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وإذا فشلنا في جعله يهب لنصرة الأمن والسلم الدوليين في كل من سورية وفلسطين، ووقف أعمال العنف التي تمارس ضدهما، فعلينا أن ندير ظهورنا له، وأن نعمل على بناء قدراتنا لحل مشاكلنا بأنفسنا». وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى أن «عالمنا الإسلامي يمر بالعديد من التحديات والتطورات والتغييرات البالغة الدقة، مما يتطلب منا جميعاً تدارس أبعادها وتداعياتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وضرورة اتباع أفضل السبل المنهجية لمعالجتها والتخفيف من حدتها على شعوبنا الإسلامية، خاصة في الجوانب الاقتصادية والتنموية». وأوضح أن أبرز تلك التحديات يتمثل في النزاع العربي - الإسرائيلي الذي يتمحور حول قضية الشعب الفلسطيني وحصوله على حقوقه المشروعة، والتصدي للتوسع الاستيطاني الذي تمارسه إسرائيل من خلال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وشن العمليات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني بلا هوادة. وقال إن ذلك يوجب «علينا جميعاً الوقوف ضده، وتكثيف الجهود لحشد موقف دولي موحدٍ لممارسة الضغط على إسرائيل». وشدد خادم الحرمين الشريفين على تفاقم «الأوضاع المأسوية والإنسانية التي يعيشها أبناء الشعب السوري، وما يرتكب في حقه من النظام السوري، من جرائم بشعة، والمتمثلة في التنكيل والتعذيب والقتل الممنهج، وتشريد ونزوح الأسر». وقال إن هذه الجرائم بلغت مستويات «لا يمكن أن يُبَرَّرَ الصمتُ عنها، أو عدم عمل أي فعل لردعها. فعلى دولنا القيام بواجبها لدعم هذا الشعب». وطالب الملك عبدالله بن عبدالعزيز المجتمع الدولي، خصوصاً «مجلس الأمن أن يتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة لردع هذه الجرائم والعنف عن الشعب السوري، وإنهاء انتقال السلطة بكل الوسائل الممكنة». وأكد خادم الحرمين الشريفين أن المملكة بذلت «جهوداً كبيرةً للتعاطي مع القضيتين الفلسطينية والسورية، انطلاقاً من مسؤوليتها الدينية والتاريخية، ولم تدخر جهداً في تقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي، وحث المجتمع الدولي على ضرورة القيام بمسؤولياته التاريخية والأخلاقية حيال رفع المعاناة عن الشعبين الفلسطيني والسوري». وذكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في كلمته، أن الإرهاب ظاهرة خطيرة، وآفة عالمية «لا تنتمي إلى دين أو جنسية، بل تمثل تهديداً يقوض الأمن والسلم الدوليين». وطالب بضرورة مواجهة «هذه الآفة الخبيثة حيثما كانت للقضاء عليها ولتسلم البشرية من شرورها، وأن نجتهد في محاربتها بكل الوسائل الممكنة وتحديد الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، والعمل بالشفافية والمصداقية اللازمة». وأكد أن من التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة الإسلامية «استفحال ظاهرة كره الأديان ورموزها، من ذوي الأهداف المشبوهة وبعض أصحاب النفوس الضعيفة، الذين اتخذوا من حرية التعبير والرأي وسيلة للهجوم على المسلمين ومقدساتهم». وطلب خادم الحرمين الشريفين من الدول الأعضاء بالمنظمة «أن يدعموا مقترح المملكة لدى هيئة الأممالمتحدة لاستصدار قرار يدين أي دولة أو مجموعة أو أفراد تتعرض للأديان السماوية وللأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام». وهيمنت الأزمة السورية على أعمال القمة الإسلامية التي تختتم اليوم أعمالها في القاهرة ببيان يدعو إلى حوار جاد بين المعارضة السورية وبين ممثلي الحكومة الملتزمين بالتحول السياسي والذين لم يتورطوا مباشرة في أعمال القمع، فيما أدت معارضة إيران ودول أخرى إلى حذف عبارات تحمّل النظام السوري مسؤولية العنف. وحض الرئيس المصري محمد مرسي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، فصائل المعارضة التي لم تنضم إلى «الائتلاف الوطني السوري» على التنسيق معه، داعياً القيادة السورية إلى «أن تدرك أن التاريخ يقول إن من يعلي مصلحته الشخصية على مصلحة شعبه ذاهب وشعبه باق». أما رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فطالب ب «مخرج سلمي» من الأزمة، فيما دعا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي الرئيس السوري بشار الأسد إلى «التضحية». وشهدت الجلسة الافتتاحية للقمة ارتباكاً وفوضى واحتجاجات من وفود رسمية لم يُسمح لها بدخول الفندق الذي استضاف أعمالها عند أطراف القاهرة بسبب الإجراءات الأمنية المشددة لمنع الاحتجاجات. غير أن هذا الأمر لم يحل دون تجمع عشرات الشباب السوريين قرب مقر إقامة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورفعوا لافتة كتبوا عليها: «ليس لك منا من كرم الضيافة إلا ضرب النعال»، ورددوا شعارات ضد أحمدي نجاد الذي رشقه شاب سوري بالحذاء لدى خروجه من مسجد الإمام الحسين مساء أول من أمس. وسجل الرئيس الفلسطيني محمود عباس موقفاً لافتاً في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة بانتقاده «الزيارات السياسية التي تأخذ طابعاً رسمياً لقطاع غزة، وكأن هناك كياناً مستقلاً في القطاع»، معتبرا أنها «تمثل مساساً بوحدة التمثيل الفلسطيني، وتعزيزا للإنقسام، وإضراراً بالمصالح الفلسطينية»، في إشارة إلى زيارات وفود مصرية وقطرية وتركية وتونسية وماليزية. وتلعثم عباس حين هم بشكر الرئيس المصري، فشكر الرئيس السابق حسني مبارك، قبل أن يتدراك الخطأ ويذكر اسم مرسي. وفي وقت أشاد رئيس الدورة المنتهية للقمة الرئيس السنغالي ماكي سال بالدور الذي بذلته الحكومة الفرنسية في مالي، وأعرب عن أسفه لعدم التضامن الكافي مع مالي في منظمة المؤتمر الإسلامي، عبر مرسي عن «القلق البالغ» من التصعيد في هذا البلد. وانتقد ضمناً التدخل الفرنسي بأن دعا إلى «التعامل مع الوضع هناك من منظور شامل يتعامل مع الأبعاد المختلفة للأزمة ويعالج جذورها سياسياً وتنموياً وفكرياً وأمنياً». وفي وقت لاحق، عقد مرسي وأحمدي نجاد ونظيرهما التركي عبدالله غُل قمة ثلاثية بحثت في «آليات واضحة لإنهاء نزيف الدم السوري وتمكين الإرادة الشعبية السورية من أن تري حلولاً ملموسة لوقف نزيف الدم ووقف إهدار البنية التحتية»، بحسب الناطق باسم الرئاسة المصرية ياسر علي الذي قال إن «إعادة إعمار سورية ستصبح عبئاً كبيراً جداً على المجتمع الدولي نتيجة بلايين الدولارات التي أهدرت في هذا الصراع بين نظام متمسك بالسلطة وشعب يتطلع للتغيير واختيار السلطة التي تعبر عن إرادته». وعن عدم مشاركة السعودية في هذه القمة المُصغرة رغم أن مرسي شملها بمبادرته الرباعية التي سبق أن أعلنها، قال علي إن «المحادثات مع السعودية في هذا الشأن قائمة ومستمرة، لكن لظروف خاصة غادر ولي العهد السعودي القاهرة بعد الجلسة الأولى للقمة الإسلامية نظراً إلى ارتباطات خاصة به». وعلى هامش القمة، وعد مرسي أحمدي نجاد بتكرار زيارته لطهران، فيما تعانق وزيرا خارجية إيران علي أكبر صالحي ونظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، وكان صالحي المبادر بالتحية. وغادر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي القاهرة قبل التئام القمة لمتابعة الأوضاع المتفجرة في بلاده بعد اغتيال القيادي المعارض شكري بلعيد.