إعاقتها البسيطة لم تقف حائلاً بينها وبين هوايتها المفضلة، ولم تضع مبررات وأعذار تحول بينها وبين الطبيعة والجري وراء الطيور، والحياة البرية التي تعشقها،لكنها أخذت من هذه الإعاقة دافعاً ومحفزاً لممارسة ما تحب، بل وإتقانه،فحملت كاميراتها الخاصة، وراحت تطارد كل ما هو جميل وحي باحثة عن أفضل اللقطات، لتصبح واحدة المصورات المتميزات في تجسيد الحياة البرية والطيور في الإمارات عبر الصورة . إنها المصورة الفوتوغرافية سلمى السويدي التي التقيناها وكان هذا الحوار . رغم أنك تعانين إعاقة في قدمك فإنك اخترت هذه الهواية الصعبة فلماذا؟ - أنا من عشاق الحياة البرية خاصة الطيور، وأهوى التصوير في الوقت نفسه، لقد عشت في البر وتعلقت بأجوائه ومخلوقاته الجميلة، وعشقت الربيع وأصوات طيور البر خاصة "القوبعة أو بوعلعال"، فهي حياة جميلة لا يعرف قيمتها إلا من عاشها، وهذا العشق قديم من قبل أن أدخل عالم التصوير، أما الإعاقة فهي التي خلقت بداخلي نوعاً من التحدي للذات،حتى أثبت لنفسي أنني قادرة على التميز والعطاء مهما كانت الظروف،لأن الإنسان الطموح الذي يريد التفوق يجب عليه ألا يختلق الأعذار أو يستسلم للظروف مهما كانت صعبة، وهذا ما جعلني أدرس دبلوماً في دراسات الحاسب الآلي،وأعمل في مجال الغرافيك، في إحدى الدوائر الحكومية، لمدة أربع سنوات، ما جعلني أتعرض لآلام مبرحة في ظهري، ونصحني الطبيب بعدها بالتخلي عن هذه الوظيفة المرهقة بخاصة أنها تناسب الأشخاص الذين لا يعانون مشكلات صحية . وكيف عملت على تطوير هذه الموهبة؟ - من خلال طرق عدة، الإنترنت ومنتديات التصوير الفوتوغرافي مثل مصوري الإمارات، جمعية مصوري الإمارات، وفريق وموقع عدسة الإمارات، وبعض المواقع السعودية مثل المعمل الضوئي، وفن الصورة، وعرب ديجي، إضافة للكثير من الكتب الأجنبية ودروس "يوتيوب" التعليمية،كما حصلت أيضاً على مساعدة ودعم من بعض الأشخاص على الشبكة العنكبوتية، كما حصلت على دعم خاص من اتحاد المصورين العرب . ماذا عن دور الأسرة في حياتك مصورة فوتوغرافية؟ -أحصل على دعم من أسرتي، لكنه محدود بسبب العادات والتقاليد في مجتمعنا، لأن مجال التصوير وخاصة الطيور والحياة البرية لا يتناسب مع ظروفي كوني فتاة، فليس بإمكان الفتيات التنقل في الحدائق أو الصحراء بمفردهن للبحث عن لقطة لطائر أو مشهد من الطبيعة . بما أنه مجال صعب فلا بد أنك واجهت صعوبات كثيرة كيف تغلبت عليها؟ - إذا أراد الإنسان الوصول إلى القمة، فحتماً سيحقق أهدافه، لذلك لم أستسلم يوماً لأي من المعوقات التي صادفتها في حياتي، وهي تتلخص في عدم القدرة على حضور الورش التعليمية في مجال التصوير، إضافة إلى صعوبة البيئة في الإمارات بالنسبة لظروفي العائلية والصحية بشكل خاص، حيث تسبب لي إعاقتي البسيطة صعوبة في التنقل مع عدة التصوير الثقيلة، خاصة في المناطق الرملية، وقد سبق أن تعرضت لحادث وأنا أتنقل في الصحراء، أثناء ملاحقتي لفراشة لتصويرها ولم أنتبه لهشاشة التربة في ذلك المكان، مما تسبب في سقوطي وكسر ساقي، وظللت في ،جبيرة لمدة شهرين، إلا أنني لم أستسلم لهذا الظرف الطارئ، وكنت أتنقل بالعكازات لمراقبة الطيور وتصويرها، لأن شغفي بالحياة البرية أكبر مني . تصوير الطيور يحتاج لاستعدادات وظروف معينة بسبب سرعة حركتها، فكيف كنت تحضرين لهذا؟ - مصور الحياة البرية يعتمد بشكل كبير على معلوماته وخبراته، من خلال دراسته للبيئة المحيطة، وسلوكيات الكائنات الحية، حتى يتمكن من التغلب على الكثير من الصعوبات التي قد تواجهه، ويأتي ذلك بعد معرفته للتقنيات المستخدمة والحرص على اقتناء العدة الخاصة بالحياة البرية، ففي هذا النوع من التصوير نحتاج إلى عدسات ذات بعد بؤري كبير لتسهل علينا الاقتراب من الطيور والحيوانات دون إخافتها، أو الإضرار بها وبالبيئة، وكثيراً ما أنتظر لمدة موسم كامل أراقب الطائر حتى أتمكن من أخذ لقطة معينة، وبعدها أقوم بتجهيز مكان التصوير وحتى أرسم المشهد بالكامل ثم أختار الزاوية التي تتناسب مع الإضاءة، وبعدها أجهز خيمتي وبعض الحلويات والمشروبات الباردة أو الساخنة، حسب الأجواء، وأجلس أنتظر لفترات قد تصل لساعات طويلة، وقد تتكرر المراقبة والتجهيزات لأيام حتى أجد ما يرضيني من لقطات، لذلك فقد عمدت إلى توفير كوخ للتخفي والتصوير بالقرب من المنزل، حتى أتمكن من الذهاب إليه متى أردت التصوير، ولعمل جذب للطيور قمت بتوفير الماء والغذاء الدائم في المكان، وفي بعض الأحيان استخدم لباساً، وخيمة للتخفي لأتمكن من الاقتراب قدر الامكان من الطيور دون إخافتها .