أقلية الحوار الصعب .. 2013/02/17 الساعة 00:23:41 التغيير - صنعاء: حمدان الرحبي : يتفاءل الشاب اليهودي يحيى يوسف، كثيرا بمؤتمر الحوار الوطني المقبل، الذي ينُظر إليه كطوق نجاة لبلاده اليمن، للخروج من مشكلات البلاد في الشمال والجنوب، ويستدل يوسف وهو حاخام اليهود في اليمن، بآية من القرآن الكريم، فيقول:" كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ). ويكثر يوسف – 34- عاما الذي يسكن في المدينة السياحية وهو من اليهود الذين رفضوا رحلات ( بساط الريح )، من ترديد كلمات الوطنية، وتأكيد الانتماء لبلده، الذي عاش فيه أجداده آلاف السنين، رغم ذلك فان طائفته الموزعة بين العاصمة صنعاء، وشمالها في محافظة عمران تتناقص عاما بعد عام بسبب الهجرة الى الولاياتالمتحدة الأميركية وإسرائيل، حتى وصل عددها إلى اقل من ( 350 ) شخص، بحلول العام 2013، وربما يوما ما، سيجد يوسف نفسه وحيدا، إذا استمرت رحلات ( بساط الريح )، التي بدأت في أربعينيات القرن الماضي ولا تزال مستمرة حتى اليوم. يعيش اغلب سكان طائفة اليهود في محافظة عمران 35 كلم، شمال صنعاء، في مديرية ريدة، وخارف، وفي عام 2007، انتقل اليهود الذين كانوا يعيشون في محافظة صعدة، بعد طردهم من قبل جماعة الحوثيين التي خاضت ستة حروب مع الدولة، واستولوا على منازلهم وأراضيهم، وقامت الدولة بتوفير مساكن للمهجرين في صنعاء، في المدينة السياحية التي لا تبعد سوى بضعة أمتار عن السفارة الأميركية، وهو ما مكنهم من الحصول على حماية عالية، على مسكنهم الجديد واستقرار معيشي لأسراهم وأطفالهم فيما اعتمدت الحكومة إعانة مالية شهرية لهم. وفيما يرفض الحاخام يحيي الحديث، عن مشاركتهم السياسية في مؤتمر الحوار الوطني، فان عام 2011، شهد استغلال الحكومة السابقة لهم حيث أعلن يهود المدينة السياحية، بسعوان تأييدهم للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ضد الثورة الشعبية، وهو ما يلقى بظلاله على مخاوف اليهود حاليا من استغلالهم من قبل الأطراف السياسية. وقد أوضحت المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، التي سلم بموجبها الرئيس السابق علي عبدالله صالح السلطة، بما يعرف باتفاق التسوية السياسية، التي وضعت اليمن في مرحلة انتقالية مدتها عامان، تنتهي عام 2014، أهداف مؤتمر الحوار، والتي من ضمنها، الاهتمام بالأقليات في البلاد ونصت الآلية التنفيذية على ( اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها (. الانتماء السياسي ويؤكد يحيي يوسف موقفهم الايجابي من مؤتمر الحوار الوطني، بقوله:" وافقنا على المشاركة، بعد دعوتنا من قبل اللجنة الفنية للمشاركة، وطلبنا منهم خمسة مقاعد، من حصة الرئيس عبدربه منصور هادي، ونشكره كثيرا على اهتمامه بنا ". وبحسب حاخام اليهود، فقد قدمت الطائفة خمسة أسماء إلى لجنة الحوار لتمثيلهم، في مؤتمر الحوار، ويقول:" تم اختيار ممثلينا بعد نقاشات ومشاورات داخل الطائفة، ووضعنا معايير لهم، أبرزها، توفر المعرفة، والثقافة، والقدرة على طرح قضايانا ". وينفى يوسف انتمائهم إلى أي أي طرف سياسي، ويقول " نحن يمنيين، ولا ننتمى إلى أي حزب، ولدينا حقوق كفلها لنا الدستور كيمنيين ". ويؤكد يوسف في حديثه لموقع " التغيير " أهمية تكاتف أبناء البلد من اجل مصلحة بلادهم، ووضعها فوق المصالح الشخصية فألاهم أن يكون اليمن أولا. وينظر حاخام اليهود للحوار الوطني بفرح وسعادة كما يقول، ويتابع" الحوار سيضع مصلحة اليمن وآمنه واستقراره في المقام الأول، وهذا أهم مطلب نسعى إليه ". ويؤكد " نريد من خلال الحوار إن نخرج إلى بر الأمن وحل مشاكل البلاد في الشمال والجنوب فنحن شعب يمني واحد بغض النظر عن الأديان فهو وطننا جميعا " . وحول القضايا الخاصة بطائفته يقول يوسف : " هناك الكثير من المشاكل والقضايا الخاصة بنا سنطرحها في طاولة الحوار، منها مثلا موضوع تهجيرنا من بيوتنا في صعدة، وتعويضنا، إضافة إلى موضوع المساواة ". وحين سألته عن مطلبهم في المشاركة السياسية، ابدى ترددا، رافضا الحديث حول ذلك وقال: " كل شيء في وقته زين ". ويؤكد الحاخام يحيي يوسف رفضهم لأي تدخل أجنبي في شؤون بلادهم اليمن، بعد تردد أنباء عن سفر عدد منهم الى إسرائيل مؤخرا عبر دولة عربية، يقول يوسف:" لا توجد أي مضايقات ضدنا وننفى ما ذكره الإعلام حول ذلك ". وقبل انتهاء حديثه طلب يوسف ان نوصل شكر وتقدير طائفته للرئيس هادي والدكتور عبدالكريم الارياني رئيس اللجنة الفنية للحوار وجميع أعضائها على اهتمامهم بمشاركتهم في مؤتمر الحوار ". مختتما حديثه بالقول :" نحن متفائلين بالخير، وندعو كافة أبناء الشعب اليمني مسؤول ومواطن الالتفاف بيد واحدة كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "، علينا أن نتكاتف من اجل مصلحة الوطن قبل المصالح شخصية ". ويقول رئيس مركز قياس الرأي العام والبحوث حافظ البكاري:" إن اليهود في اليمن أصبح موضوعهم رمزي بسبب قلة عددهم "، ويستدرك البكاري في تصريح ل" التغيير ":" نحتاج لبلد يتساوى فيه الناس جميعا بمواطنة واحدة وسيادة واحدة وهي سيادة القانون ". ويتابع " من حق اليهود المشاركة في المؤتمر الحوار الوطني، لكن من المستحيل ان يعطوا أكثر من مقعد واحد ان تم إشراكهم ، لان عددهم بالعشرات فقط، وطبعا من حصة الرئيس هادي ". ويشير البكاري إلى أن اليهود لا يشكلون نسبة سكانية تذكر، وبالتالي سيعطوهم مقعد واحد، فهناك فئات أكثر منهم سكانيا. ويرى انه من الممكن أن " يسعى الرئيس هادي الى ان يستفيد من مشاركة اليهود في الحوار الوطني، عند الغرب، نوعا ما، لكن الغرب لن يطرح هذه القضية او ينظر إليها باهتمام ". والسبب بحسب البكاري " إن الغرب ربما يتدخل أو يضغط إذا تعرض اليهود لانتهاكات أو اعتداءات ". تمكين سياسي في معظم الانتخابات التي أجريت في اليمن منذ 2003، وحتى أخر انتخابات رئاسية في 2012، لم يعط لليهود حق الترشح فيها أي منها، سواء الانتخابات الرئاسية او البرلمانية او المحلية، ويرجع ذلك الى المشرع اليمني الذي قيد الترشح بان يكون مسلما ويؤدي الفروض الإسلامية، ما جعل اليهود كرقم انتخابي لا غير، يقول فؤاد العلوي رئيس منظمة "سواء" لمناهضة التمييز:" اليهود للأسف الشديد يعانون من قيود عديدة أهمها، المشاركة السياسية، فلا يحق لهم الترشح ولا تكوين حزب سياسي، بمعنى انهم ناقصي مواطنه، رغم ان الدستور كفل لهم المساواة ". ويستشهد العلوي في حديثه إلى " التغيير "، بحادثة وقعت في الانتخابات المحلية عام 2006، حيث حرم احد اليهود من الترشح في عمران بفتوى من لجنة العليا للانتخابات . وعلى صعيد الأنشطة التي تقوم بها مؤسسته يشير العلوي إلى أنهم عملوا على تنظيم حملات إعلامية لمساندة الأقليات في مؤتمر الحوار الوطني، واستهدفت أكثر من 60 وسيلة إعلامية محلية وأجنبية، كما قمنا بعمل دراسة ميدانية عن اهم مطالب الأقليات منهم اليهود والمهمشين، لمساعدتهم في طرح قضاياهم والوصول بها إلى مؤتمر الحوار، ومن ثم الخروج بحلول تعالج أوضاعهم ". ويتأسف رئيس منظمة " سواء " على التشربعات اليمنية، التي تمنع اليهود من العمل السياسي، وهو ما يتطلب ضرورة تعديلها، وإلغاء تحريم مشاركة اليهود في العمل السياسي، وإعطائهم المواطنة المتساوية التي كفلها الدستور ". ويتساءل العلوي " لماذا لا يكون من حق اليهود ان يكونوا أعضاء في مجلس النواب والشورى أو يترشحو لمنصب رئيس الجمهورية بغض النظر عن الدين؟!"، ويتابع " الدستور اليمني يؤكد على المساواة ويجب ان ينال الناس على الحقوق المتساوية للجميع بما فيهم اليهود كانشاء حزب سياسي، وحقهم في تعليم مناسب لأطفالهم، وفقا لعقيدتهم اليهودية ". مؤكدا أن اليهود اقلية، لكنهم قبل ذلك مواطنون ينتمون لهذا البلد ويجب ان يحضوا بكامل حقوقهم ". مستويات التمثيل لقد فرضت الظروف التي تعيشها اليمن بعد التسوية السياسية، التي أوجدتها الثورة الشعبية عام 2011، واقعا جديدا، لليمن، من أهم أسسه، المشاركة السياسية لجميع أبناء اليمن، التي فرضت على القائمين على الإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار، الحرص على مشاركة جميع شرائح المجتمع، بموجب المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، التي فتحت نافذة للأقليات والمهمشين لسماع صوتهم، وبحسب الناطقة الرسمية للجنة الفنية أمل الباشا:" فأن قضية مشاركة الأقليات في مؤتمر الحوار طرحت ضمن جدول الأعمال في محور الحقوق والحريات مطروح قضية التهميش والإقصاء والتنوع والتسامح ". وتوضح الباشا في حديثها الى " التغيير" كيفية مشاركة الفئات المهمشة والأقليات،:" على مستوى تمثيل الفئات المهمشة سيكون هناك طريقتين: الأولى يمكن ان تضم للأحزاب السياسية التي تنتمي لها، عناصر من هذه الفئات، وهذا ما شددت عليه، اللجنة الفنية في خطابها مع المكونات، والفعاليات الحزبية والسياسية، وطالبتها بضم افراد من هذه الفئات في قوائم ممثليها لمؤتمر الحوار ". تضيف الباشا:" الطريقة الثانية، عبر تمثيلها في مؤسسات المجتمع المدني المعنية بهذه الفئات اذا ما انطبقت المعايير والشروط على تلك المؤسسات بشرط أن يكونوا مستقلين ". وتوضح ناطقة اللجنة الفنية:" هناك مستوى آخر لتمثيل هذه الفئات المهمشة والأقليات، الدينية كاليهود والمذهبية كالإسماعيلية والاخدام ورجال الدين والمشائخ والمغتربين والمعاقين.. الخ، عن طريق تخصيص لهم مقاعد من المقاعد الخاصة بحصة رئيس الجمهورية البالغ عددها 62 مقعدا، وهو من سيختارهم " . بساط الحوار لقد رفض العشرات من المنتمين للأقلية اليهودية طوال العقود الماضية، ركوب ( بساط الريح )، متمسكين بوطنهم وأرضهم التي عاش أجدادها فيها منذ أزمنة تليده، واليوم يفتح لها اليمن الجديد، في 2013م، بساط الحوار الوطني، لطرح قضاياها ومشاكلها، التي لم تجد من ينظر إليها طوال عشرات السنين، فهل يركب اليهود، ( بساط الحوار الوطني )، لحل مشاكلهم أم ينتظرون دورهم في ركوب ( بساط الريح ) من غير رجعه؟!. يهود اليمن يقول المؤرخ تيم ماكينتوش سميث: "إن تاريخ اليهود في اليمن يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد على أقرب تقدير". ويضيف موضحا: " نعلم هذا لأن في تلك الحقبة تولى الملك يهودي يُدعى ذو نواس." ويرى المؤرخ أن إنشاء إسرائيل ألحق ضربة قاصمة بالطائفة اليهودية في اليمن. وبحسب تقرير لبي بي سي العربية، فانه بعد أعمال الشغب المناهضة لليهود في اليمن في أربعينيات القرن الماضي، رُحل عشرات الآلاف من اليهود اليمنيين، إلى إسرائيل عبر رحلات جوية دولية عرفت باسم " عملية بساط الريح". تقدر المصادر التاريخية عدد اليهود في اليمن في مطلع القرن العشرين يتراوح بين 75 الف و100 الف نسمة , موزعين على حوالي 1000 تجمع سكاني, فيما لا يصل عددهم حاليا في 2013، الى 350 نسمة فقط. سكن اليهود عددا من المدن والقرى مثل صنعاء , عدن , لحج , تعز , ريدة , حورة , صعدة , خمر , وحبور الى جانب بعض وديان حضرموت , غير ان القسم الاعظم من تلك التجمعات قد اختفى من الخارطة، ولم يتبق اليهود سواء في بلدة ريدة وخارف في محافظة عمران شمال صنعاء. الحالة الاجتماعية لا يمتلك اليهود أرض زراعية أو عقارات أو محلات التجارية، اغلبهم يعمل في حرف يدوية، ابرزها ( إسكافي ) لإصلاح الأحذية، والحدادة والنجارة وإصلاح السيارات، اضافة الى سائقي دراجات نارية. وبقول المتخصص في شؤون اليهود محمود طه، في دراسة منشورة له، ان لديهم مدرسة (الشبزي) العبرية وهي المدرسة الوحيدة للطائفة وتأسست في عمران1999، حيث تتكون من فصلين، يتلقى فيها الطلاب تعليمهم الأساسي في مختلف المواد عدا التربية الإسلامية التي يحل عوضاً عنها التربية اليهودية الى جانب اللغة العبرية.