لم تكن طالبات الإدارة في كلية أبوظبي للطالبات راضيات عن إدخال مادة "تقدير الفن" إلى تخصصاتهن، فماذا ستضيف لهن تلك المادة على المستوى الاكاديمي العلمي أو حتى المهني مستقبلا، هذه هي الفكرة التي علت بها أصواتهن معترضات، لكن الممارسة والوقت كانا كفيلين بأن يمحوا الاعتراض، هذا ما عبرت به عدد من طالبات الكلية التابعة لكليات التقنية العليا، حول إضافة مادة "تقدير الفن" إلى تخصصاتهن في مساق الدراسات الحرة، التي تعد بدراساتها المختلفة من متطلبات الكلية بشكل عام، والتي يطرحها قسم الدراسات الحرة كثقافة عامة للطالبات، بعيداً عن تخصصاتهن الدراسية . تحدثنا الطالبة منى العبيدلي عن تحول فكرتها حول إدخال مادة "تقدير الفن" قائلة: أدرس إدارة الأعمال، وكل ما أدرس يدور حول هذا التخصص، فلا يوجد أية مادة دراسية تقدم لنا بشكل منفصل عن هذا السياق، وحين تم إقرار مادة "تقدير الفن" وجعلها من المواد التي نحصل من خلالها على درجات ويمكن أن يتم الرسوب في حال عدم الالتزام بها، لم يخطر ببالي أبداً سوى سؤال واحد، ألا وهو لماذا أدرس الفن وليست له علاقة بتخصصي؟ لكن يبدو أنني وجدت الجواب بعد أن أجبرت على الالتزام بمادة "تقدير الفن" التي قدمت لي الكثير من المعلومات عن الفن وأيضاً قدمت لي الفسحة النفسية التي يمكن من خلالها أن تقلل من الضغط الدراسي، هذا ما توافقها عليه عائشة العلي، التي وجدت المتعة والثقافة في هذه المادة، وتخبرنا عن ذلك قائلة: "لم أعتقد أن الفن سيحمل لي كماً هائلاً من المعلومات، فقد قدم لنا ثقافة واسعة عن حضارات عربية وعالمية لم نكن لنتعرف إليها، لولا أن قدمت لنا بشكلها الفني عن طريق هذه المادة، ففي البدء كان على أستاذ المادة مارك الكسندر أن يعرفنا بعدة حضارات، منها حضارات المايا والإغريق والحضارات الإفريقية والمصرية وغيرها الكثير، ولكل من تلك الحضارات فنونها التي تعبر عنها"، وفي السياق ذاته تكمل موزة يوسف، مشيرة إلى كم هائل من أنواع فنون الحضارات التي تعرفن إليها، إضافة إلى فنانين عالميين لم يكن يعرفن بعمق من أنواع فنونهم سوى أسمائهم، ومنهم ليوناردو دافنشي وبيكاس وفان كوخ وغيرهم، والخط الذي أخذه كل منهم في فنه، وتقليد لوحاتهم من خلال لوحات يرسمنها بنفس الطريقة الخاصة بالفنان والخط الذي أخذه كل منهم في فنه، وتقليد لوحاتهم من خلال لوحات يرسمنها بالطريقة نفسها الخاصة بالفنان . بينما تحدثنا عائشة العلي عن خطوات تعلمهن الفنون قائلة: "بدأنا بتعلم الرسم على الفخار أولاً، وتجسيد فنون الحضارات العالمية عليها، ومن ثم تشكيل الطين الصناعي بما يجسد فنون كل حضارة أيضاً، وبعدها بدأت تدريبنا على أساسيات الرسم وكيفية التلوين، وبدأ ذلك بتعلمنا رسم الخطوط الرئيسة لكل لوحة ننوي رسمها، ومن ثم الخوض في تفاصيلها التشكيلية، ورافق كل ذلك عروض أفلام مرئية للحضارات وأعمال الفنانين، وبدأنا الرسم بالغرافيت ومن ثم الألوان، واختيار كل منا فنان عالمي لتقليد فنه"، أما فاطمة علي راشد، فتؤكد أن هناك الكثير من الطالبات اللاتي كن يمتعضن من فكرة تنفيذهن رسومات ما، لكنهن بعد الممارسة أصبحن الأكثر تمسكا بها، لدرجة أنهن لا يتركن عملاً فنياً إلا وينتهين منه في اليوم ذاته، حتى لو كلفهن ذلك البقاء حتى المساء في الكلية، وتضيف: "لقد أزالت عني هذه المادة الكثير من الضغط النفسي والتوتر، في حين لا أشعر بمضي الوقت وأنا منسجمة مع ما أعمل عليه من فنون، ولا يهمني إن تأخرت في الكلية، طالما أنني أنجز" . وتشير إيمان خوري، إلى مدى الشغف الذي تولد عن الممارسة لمادة "تقدير الفن" قائلة: "أصبحنا اليوم وبعد أن كنا رافضين لدراسة هذه المادة، نتمنى أن تقدم لنا في الفصل الدراسي الثاني أيضاً ولا تقتصر على الفصل الأول، حيث وجدنا في ممارستها متعة كبيرة، خاصة بعد أن أقامت الكلية معرضاً للوحاتنا، أتاح لنا ذلك أن ندون أسماءنا على أعمالنا وأن نستمتع بإعجاب الطالبات بها، ونود أيضاً أن نتحصل على معلومات أكثر وأوسع عن فنون الحضارات"، هذا ما تؤيدها فيه شمسة السويدي، التي ترى أنه وبرغم بعض الصعوبات التي واجهتهن في دمج الألوان وإتقان بعض اللوحات لفنانين عالميين، إلا أن المتعة التي استخلصنها بحد ذاتها كفيلة بأن تجعلهن متمسكات بالمادة، وراغبات حتى بعد التخرج أن يواصلن تنمية ما اكتشفنه من مهارات في أنفسهن، حيث إنهن حالياً يدرسن في السنة الأخيرة، ويحتم عليهن التخرج ألا يدرسن المادة بعد، لكن ما تتيحه الكلية من دورات تدريبية في الفنون كافة، تتيح لهن عدم الانقطاع عما تعلمنه واستمتعن به . داليا رحاب مدرسة تاريخ الفن والدراسات الحرة في الكلية، تحدثنا عما قدمته مادة "تقدير الفن" للطالبات قائلة: هناك عدد من المواد التي أصبحت تضاف للطالبات، لإكمال متطلبات التخرج حتى وإن كانت بعيدة عن تخصصاتهن العملية، فالهدف من تلك المواد ومنها "تقدير الفن" هو دعم الطالبات بالثقافة العامة، ولأجل تجاوز المرحلة الدراسية والتخرج، كان لزاماً على كل طالبة الالتزام بالمادة، لكن قلق الطالبات خصوصاً اللائي لم يجربن مرة أن يعملن بأيديهن، أي نوع من أنواع الفنون، كان هو الهاجس الذي جعلهن يعترضن بادئ الأمر، لكن تدريجنا لهن كل المعلومات أولا ومن ثم التنفيذ كان كفيلاً بجعلهن يغيرن وجهة النظر، فالأمر ليس فن مجرد، إنما هو دراسة لتاريخ الفن، وأصبحت كل طالبة مطالبة بأن تأخذ من الحقبة التاريخية التي تعرفت إليها ما لامس روحها، وتنفذه بشكل عملي، فأصبحت هناك صلة فعلية مادية بينها وبين ما درست من فن لحضارة ما أو فنان، وتشير رحاب، إلى أن المادة كانت تدرس بواقع أربع ساعات أسبوعياً، تقسم إلى حصتين في الأسبوع، على مدى 16 أسبوعاً، وتؤكد أن ما تعلمته الطالبات، جعلهن ينظرن إلى المتاحف التي تفتتح في الدولة، وتلك التي تنظم الزيارات لها بنظرة مختلفة عن ذي قبل، بعدما درسن المادة وتاريخ الفن، إضافة إلى أن أهم ما قدمته لهن، هو النظر إلى كل عملي فني بزوايا عدة لا بنظرة عين واحدة، هذا ما أضفى المتعة على ما تعلمنه، أي المتعة الحسية والبصرية، وتلك المادية من خلال أعمالهن .