الخميس 21 فبراير 2013 04:17 مساءً بالأمس جرت محاولة اغتيال المناضل الكبير حسن باعوم على مدخل عدن، كما جرى اعتقال القادة السفير قاسم عسكر والشيخ حسين بن شعيب، وسقط الخميس العشرات في عدن قتلى وجرحى،وفي صنعاء تم الاعتداء على الجرحى المعتصمين أمام مبنى رئاسة الوزراء بصنعاء وتم استهداف المناضل احمد سيف حاشد في محاولة اغتيال سافرة. واستهدف المئات من الضباط والناشطين الجنوبيين بالاغتيال بوحدات الدراجة النارية والمسدس ذو الكاتم. وبدمشق قتل وجرح العشرات صباح اليوم في انفجار مروع بجوار مدرسة ومركز إيواء للاجئين الصوماليين في احد اكبر شوارع دمشق حصد عشرات القتلى والجرحى. في مصر جرى قتل عشرات الناشطين من الشباب والفتيات وجرح المئات واعتقال وتعذيب الآلاف منهم وانتهاك أعراضهم وأعراضهن في هجمة بربرية لكسر روح الثورة. ويتم تعذيب الشعب البحريني بكل بربرية لكسر إرادته ووأد ثورته وكذلك سكان المنطقة الشرقية في السعودية. ومات شكري بلعيد، أول ضحية اغتيال سياسي في تونس ما بعد الثورة، وهو يرى «الكابوس» الذي ما انفك يحاربه بعد إسقاط نظام زين العابدين بن علي قبل أكثر من سنتين يتحول حقيقة. في هذه الجرائم كلها نرى أصابع الإسلام السياسي المتمثل بأحزاب الاصلاح والحرية والعدالة والنهضة الحاكمة وأتباعها وكلها فروع للإخوان المسلمين، وهي تحاول فرض السيطرة المطلقة على الحكم في كل بلد، وجرّ البلاد إلى دوامة عنف سياسي منهج، بهدف إقصاء الخصوم السياسيين. وهي في المحصلة لاستخدم غير الصهيونية بتدمير الأوطان وهدم مقدراتها ووحدتها الداخلية. هذا ما رآه القيادي التونسي المعارض الشهيد وحذّر منه في مناسبات عدة، كان آخرها مقابلة أُجريت معه عبر قناة «نسمة»، قبل يومين من اغتياله أمام منزله. وبالعودة إلى الشأن اليمني، ربما كانت عقود من القهر والمعاناة قد مسخت شخصية اليمني وحولته إلى جبان رعديد يصفق للأقوياء مالا وسلاحا، ولا يستجيب الا لهم، ولا يسير الا في ركابهم، كما في منظر الشارع الذي يحتشد بمئات الألوف من اجل نصرة طاغية لم تعرف اليمن شرا منه عبر تاريخها، او من اجل نصرة مشايخ وكهنوت وعسكريي حزب الاصلاح وهم شر مكانا وأسوأ طوية من الطاغية الذي كانوا سلاحه وعدته لعقود، وهما بعد، الطاغية وحزب الاصلاح كلاهما عملاء الأجنبي الذي مكنوه من نهب ارض الوطن بما في باطنها من ثروات طائلة، وأعداء الشعب، يظهرا حدهم بقرون الشيطان والآخر بمسوح الرهبان. يسير اليمنيون في ركاب هؤلاء الأنجاس، يستوي في ذلك الأميون الجهلة، ومن نالوا قسطا من التعليم، ولا ينصرون حتى الجرحى في معتصمهم ضد حكومة أهدرت إحكام القضاء واعتدت على الضحايا وبذرت المال العام على اللصوص وحرمت مستحقيه. وإذا كان الجاهل معذورا بجهله في السير في ركابهم لأنه كالإنعام بل وأضل سبيلا، فما بال المتعلمين؟ فالصحافة في بلادنا أصبحت مستحقة للقب المهين (السخافة) وقد فرخ الشيطانان المذكوران عشرات الصحف وعشرات المواقع الالكترونية التي تروج لباطلهما ونكذب لحسابهما، وبين القائمين عليها مواهب كنا نربأ بها عن هذا السقوط، حتى ان القلب ليحزن من هذا التردي الشامل. بالأمس فقط اتهم موقع صدى الغد الحزب الديمقراطي اليمني بأنه ممول من الطاغية، لان الحزب اصدر بيانا يدين فيه وزير المالية ورئيس الوزراء لموقفهما المخزي من الجرحى المعتصمين ، ولأن البيان ذكر رئيس الوزراء ببعض جرائم ماضيه. مع ان الحزب معروف بمناهضته للطاغية وحزب الاصلاح معا قبل ان يعرف الموقع المرتزق طريقه ا لي الفضاء الافتراضي. انه استسهال الكذب. وقد أصبحت خيانة الأمانة طابع اليمنيين الا من رحم ربك، فلا تكاد تجد أحدا يصدق في وعده او يؤدي اجبه كما يجب عليه. فحتى رجال الدين الذين يلوكون القرآن ليل نهار نادرا ما يجد بينهم من لا يشتري بعهد الله وآياته ثمنا قليلا. ويبدو ان هذا الخلق في اليمنيين قديم، وقد حفظ لنا الشعر القديم بيتا يقول: وفي هوازن قوم غير ان فيهم مثل اليمانيين ان لم يغدروا خانوا وفي الشأن العام تسمع اليمنيين مع نافيهم يشكون من الاستبداد ويطلبون الثورة مع ان كلا منهم يحتاج إلى ثورة تقوم اعوجاجه. إن تفكيك الاستبداد لن يتم إلا بعكس الآلية التي جعلت وجوده ممكنا، وأمدته بأسباب القوة، وهي آلية قائمة على التغاضي عن الجرائم وتحويل السلطة إلى مؤسسة عائلية وعشائرية أعصابة إيديولوجية، فجرى وضع أهم وحدات القوات المسلحة والأمن تحت قيادة من ذكرنا أعلاه من إفراد العصابة والأسرة والعشيرة، ثم وضع مؤسسات ووزارات هامة تحت سيطرة الأصهار والأقرباء والأصدقاء. إذن فتفكيك الاستبداد يستلزم حتما إقالة الجميع من مناصبهم التي تولوها دون استحقاق من كفاءة او جدارة، وكف أيديهم بل ومحاسبتهم على ما سلف منهم من جرائم. ان اتخاذ هذه الخطوة الضرورية قد يدفع هؤلاء إلى مواقع التمرد، وهو أمر حسن ان حدث، لأنه يعني استئصال أشفتهم والقضاء عليهم مرة واحدة والى الأبد. ولا أظنهم مقدمين على التمرد على القرارات الشرعية القاضية بإقالتهم، فاللص جبان مهما تسلح. الناظر إلى تجمعات اليمنيين الثائرة في ميادين التغيير والحرية من جهة، والأخرى الموالية للرئيس في ميادين السبعين والتحرير وأشباهها من جهة أخرى، يلمس بوضوح إلى إي حد يجتمع الملاك والشيطان بداخل كل إنسان، والى إي حد تبلغ قابلية الحشود للإيحاء والتأثر دون إعمال الفكر او الاستفادة من ملكات الحكم والتمييز. . وللجماهير عبر التاريخ ادوار منها ما اتسم بالسلبية عبر الدعم الذي أعطته لقوى استبدادية او لإيديولوجيات فاشية وأوصلتها إلى سدة الحكم، او عبر التضحيات العظيمة في سبيل قضايا وطنية واجتماعية، وهو ما يجعلها تجمع بين القدرة على التدمير والقدرة على التضحية الكبرى البناءة في آن واحد. فجماهير ميادين التغيير والحرية التي حرك خيالها شعار سلمية، الذي اسقط طاغيتي مصر وتونس، أصرت على سلمية تظاهراتها وتقبلت بصدور رحبة كل إشكال القمع اللاانسانية رافضة اللجوء إلى العنف. وهي مع ذلك ترسخ الجانب الآخر من الشيطانين وتمكن له ، وتغلبه على الجانب الشيطاني الآخر وتظن أنها بذلك ترتقي في دارج الإنسانية والمدنية. بينما كان الطاغية يلعب دورا ضخما بالنسبة لجماهير ميادين السبعين والتحرير وأشباهها، فهي تتماها مع عنفه وبلطجته، وتسلك سلوكه، لأنه مثلها الأعلى، فإرادته وسلوكه يمثلان النواة التي تتحلق حولها وتنصهر فيها. والجمهور هنا وهناك عبارة عن قطيع لا يستطيع الاستغناء عن سيد، فهو جمهور يحترم القوة، ويمارس العنف.