تحتفل دول العالم بما فيها بلادنا بعيد المرأة العالمي الذي يصادف 8 مارس من كل عام كنوع من رد الجميل لنصف المجتمع او تقديرا لدورها في صناعة الامم والشعوب كونها حجر الزاوية في بناء المجتمعات وتطورها وبها فقط تستطيع الدول ان تحجز لذاتها مكانا مرموقا في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة . وظهرت فكرة اليوم العالمي للمرأة مع بداية القرن الماضي الذي تميز بالثورة الصناعية والتزايد السكاني الكبير ولاسيما في المدن، ورافق هذا الصعود تنامي الأفكار الثورية والتجمعات المناهضة للاستغلال والاستبداد واضطهاد المرأة؛ حيث بدأت المناسبة بمظاهرات لآلاف من النساء العاديات العاملات بقطاع النسيج والخياطة في مدينة نيويورك الاميركية ،واستمرت من 1-8 مارس 1857م ، وكان الهدف من المظاهرات المطالبة بتقليص ساعات العمل اليومية من 16 ساعة إلى 10 ساعات ، والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء وتحسين ظروف العمل للنساء والرجال معا. وفي اليمن والكثير من الدول العربية ربما لا يعدوا الوضع كونه بهرجا او برتوكولا تجاري به احتفالات العالم نظرا لحقيقة الواقع المر الذي تعيشه المرأة العربية واليمنية على وجه الخصوص . في هذا العام يأتي العيد فيما المرأة اليمنية في استمرارية دائمة مع معاناة فرضها الوضع الاقتصادي والاجتماعي ورواسب الفكر القبلي والديني القاصر ناهيك عن فقر مدقع ومجتمع ذكوري ما زال يفرض حق الوصاية وتحويل عنصر مجتمعي هام وشريك فاعل في بناء الحياة العامة الى ملحق ليس إلا. ولعل اهم مع تعانيه المرأة اليمنية هو اهدار حقها في التعليم والعمل رغم الانفراج الطفيف الذي شهده حال المرأة في المدينة على خلاف ما تعانيه المرأة الريفية التي لا تزال تعيش حياة الزراعة وتربية الابناء والكد في ضل بيئة تفتقد لأبسط مقومات العيش البشري . ويتحجج الكثير من المتشددين المعارضين لحقوق المرأة المكفولة دستوريا ودينيا بنظرية بيولوجية تصنف المرأة على انها عنصر قاصر لا يمكن ان تؤدي ادوارا كبيرة كسياسية او حاكمة او حتى قاضية فيما تضل تلك المهمة بالنسبة لهم حكرا على الرجل . وهنا تنفي امة العليم السوسوة وهي وزيرة يمنية سابقة وتشغل حاليا مديرا للمكتب العربي لبرنامج الاممالمتحدة الانمائي عدالة تلك النظرية او الاعتقاد السائد معللة ان ليس كل الرجال عقلانيين ولا كل النساء عاطفيات ولكن المسائلة نسبية ومن يصنعها هو الواقع الاجتماعي بحد ذاته الذي يفرز امراة ناجحة او فاشلة . وتقول وزير حقوق الانسان السابقة ان الله اوكل تربية الابناء للمراة لصعوبة المهمة وليس للرجل الذي اثبت فشلا في ذلك واوضحت ان مهام كبيرة تقوم المراة بها وهي اكثر صعوبة من العمل في السياسية او القضاء . وتختتم " لا يمكن للمجتمعات على الاطلاق ان تعيش الحياة المتساوية طالما ان طرفا لم يأخذ حقه كاملا ". فيما تؤكد الاعلامية سمية القواس ان المعاناة لم تقتصر على المراة الريفية فحسب بل ان المراة المتعلمة او الحضرية ما تزال تعاني صعوبات كبيرة اهمها النظرة المجتمعية القاصرة لدور المرأة بالنسبة لعملها ودورها الفاعل في المشاركة المجتمعية كافة ناهيك عن صعوبات اخرى في مقدمتها العنف . وتشير دراسات ان المرأة اليمنية ما تزال تعاني ظاهرة العنف الذي تتعرض له من قبل أفراد أسرتها او المجتمع نظام الحكم القائم في البلاد ، فالعنف الجماعي الذي يمارس بحقها في تزايد مضطرد مع ارتفاع نسبة الفقر وحرمان المرأة من التعليم والعمل . وتقول نتائج الدراسات الحديثة التي أجريت لسجلات مراكز الشرطة في المحافظات اليمنية أن معدلات العنف ضد المرأة ارتفعت خلال عام من 36حالة إلى 142حالة، فضلاً عن ارتفاع طفيف في معدل حالات قتل النساء . وأشارت نتائج دراسة ميدانية حول ظاهرة العنف الأسري في المجتمع اليمني، أن نسبة النساء اللاتي يعانين من العنف من قبل الزوج أو أحد أفراد الأسرة الذكور مرتفعة، حيث تتعرض 67% من النساء للعنف من قبل أزواجهن، و30% من قبل إخوانهن الذكور، و17% من قبل الوالدين، كما بينت الدراسة أن 57% يتعرضن للعنف لأكثر من خمس مرات خلال أربعة أشهر، وأن 53% من عينة الدراسة تعرضن للعنف الجسدي. ويأتي في المرتبة الثانية العنف النفسي بالألفاظ النابية والتجريح, كما أن 23% منهن مُنعن من التعليم و13% تعرضن للهجر من قبل الزوج، و25% يتم الاستيلاء على رواتبهن إما من قبل الزوج أو الأهل. وكانت دراسة أجريت في محافظة عدن على عينة من 43 امرأة قد بينت أن فئة النساء العاملات في القطاع الحكومي هن أعلى فئة تتعرض للعنف بنسبة 56.6% ،وتأتي فئة الأميات في المرتبة الثانية بنسبة43.4%. وفي دراسة أخرى أُجريت على عينة من مئة امرأة ورجل في العاصمة "صنعاء" حول العنف المُمَارس ضد المرأة في الشارع، أثبتت هذه الدراسة أن المرأة تتعرض في الشارع اليمني لأشكال العنف النفسي (المعاكسة والتحرش) بصورة أكبر من أشكال العنف المادي. وتبقى ثورة 11 فبراير الشبابية السلمية قشة النجاة بحسب ناشطات وإعلاميات وحقوقيات يمنيات عبرن عن املهن بحياة جديدة تشكل انفراجا للحال القائم بالنسبة لواقع المرأة اليمنية .