لم يكن التساؤل في أروقة مهرجان «طيران الإمارات للآداب» في يومه الثالث، أول من أمس، عن مسمى هذه الفعالية أو تلك، أو حتى مضمونها وهوية ضيوفها في فندق انتركونتننتال بدبي فستيفال سيتي، بقدر ما كان يبحث عن إجابة واحدة بالنسبة للرجال «هل هذه الفعالية أيضاً للنساء فقط؟»، حيث أفردت إدارة المهرجان معظم الفعاليات الرئيسة للنساء فقط، تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة. وشهدت الفعاليات المتنوعة، في المهرجان الذي يختتم فعالياته اليوم إقبالاً هائلا، وجذبت أيضاً مجموعات كثيرة من طالبات المدارس، وبدا المشهد العام في هذا اليوم، حتى خارج القاعات التي رفعت لافتات «للنساء فقط»، كأن الرجال أضحوا أقلية نادرة، وهو ما عكسته أيضاً عناوين الموضوعات المثارة أو محل النقاش. وصفات «أدبية» اكتسى عدد من فعاليات، أول من أمس، على وجه الخصوص، إلى جانب الاهتمام بأدب المرأة، إن صح التعبير، صبغة ورش العمل، وإن لم تأخذ شكل الورش تماما، وسادت الأسئلة التي تستدعي إجابات وصفية لعناوين الجلسات، منها «كيف تنشر أعمالك»، «كيف تصنع الرسوم المتحركة»، «كيف تكتب الأدب الواقعي». في المقابل، فرض واقع التدوين والمدونات نفسه على أجندة مهرجان «طيران الإمارات للآداب»، في دورته الخامسة التي تختتم اليوم عبر عدد من الفعاليات التي عقدت أول من أمس، إذ استقطبت ندوة بعنوان «حوار حول التدوين» بين عدد من أبرز المدونين على الانترنت، هم الصحافية والناشطة في هذا المجال شوبها دي، والناشط الاجتماعي بوريش أكونين، والإعلامية في تلفزيون «سي إن إن» كارولين فرح، والكاتبة كاثي شلهوب، مشاركات متميزة، تجاوزت في بعض مفاصلها واقع «التدوين» إلى مستقبله. وقالت مديرة المهرجان إيزابيل بالهول، إنها تحمل إيماناً عميقاً بأن المرأة عموماً، و«المرأة الأم» خصوصاً، بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والرعاية والاستماع والمناقشة، مضيفة «الاتجاه الثقافي لدى الأبناء تحدده بشكل كبير الأم، وفي حال الاشتغال على المقومات الثقافية والفكرية لدى عدد من الأمهات، فإننا من دون شك نكون في الوقت ذاته نتفاعل مع عدد مواز من الأسر، ومن ثم قطاع عريض من المجتمع». وجمعت ندوة سعت لإثارة الكثير من القضايا، عبر سؤال افتراضي هو «من يحتاج لجائزة المرأة للرواية»، بين كل من الكاتبات كيت موس، مؤسسة جائزة المرأة الدولية في بريطانيا، وريتشل بلينغتون الروائية الانجليزية، وكيت إيدي الكاتبة التي تشغل منصب كبيرة المراسلين الإخباريين في هيئة الإذاعة البريطانية، وأمنية أمين الكاتبة وأستاذة الأدب، في نقاشات حول جدوى وجود جوائز روائية مخصصة للمرأة، وما إذا كانت ستسهم بالفعل في وجود جمهور أوسع لإبداعاتها، فضلاً عن مدى جدوى تصنيف المرأة عن الرجل في الأدب عموما. وبأسلوب المائدة المستديرة، تحاورت الشيخة بدور القاسمي والأديبات تغريد النجار ومايا مظلوم وكيت إيدي وأمنية أمين وميشلين حبيب، حول «حب القراءة» و«حب الكتابة» وهي المائدة التي اقتصرت متابعتها ايضاً على النساء فقط وأدارتها فاطمة المري، وتطرقت إلى شغف الأسرة بغرس حب المطالعة في نفوس الصغار والنشء، وكيف أن هذا الدافع الذاتي للأبناء يجب أن يكون مشفوعاً بالاستمتاع، الأمر الذي قد يطور المطالعة إلى إبداع الكتابة، وغيرها من القضايا ذات الصلة بنسج العلاقة بين الأطفال والأدب، قراءة وإبداعا. وضمن اللافتة نفسها، التي تقصر الحضور على النساء، تحدثت لي سيزر المدربة في إنتاج برامج الأخبار التلقزيونية والاستشارات الإعلامية، حول تعزيز مهارات الاتصال للمتحدثات إعلاميا، سواء تحت مظلة مسمى رسمي أو خلاف ذلك، فيما جمعت فعالية أخرى بين الإعلامية هيونوين ماكورا والمصورة تشارني ماغري، عن كتابهما المصور بعنوان «نساء رائدات»، سعين فيه لرصد نجاحات عدد من السيدات في الشرق الأوسط والإمارات. في المقابل، دار عدد من الفعاليات الأخرى، من دون هذه اللافتة، التي ميزت يوم أول من أمس، منها ندوة حول كتابة العمود الصحافي للكاتبة هيثر مايكرريغور الصحافية في جريدة الفاينانشيال تايمز، التي أكدت أن نجاح عمود بعينه لا يعني دائماً ان الأفكار ذاتها قابلة لتحقق نجاحاً مماثلاُ في أعمدة أخرى، مؤكدة ضرورة أن يتحلى كل كاتب عمود بأسلوبه المميز والخاص. «كتابة القصص ليست حكراً على أحد»، هذا ما سعت إلى تأكيده الكاتبة جيرالد مكوريان، في جلسة مع الأطفال بعنوان «الوصفات القصصية»، جاءت أشبه بورشة عمل لمهارات كتابة القصة، فيما سعى الفنان والمدرب روبرت كروثر إلى تأكيد المعنى نفسه، لكن في مجال صناعة الرسوم المجسمة، إذ سعى عبرها لتعليم الأطفال مهارات هذا الفن، في جلسة كانت مادتها الرئيسة الورق المقوى.