انتقد الدكتور محمد عبدالله الهبدان كثرة حديث أمة الإسلام المليارية دون أن ينعكس ذلك أفعالاً وتحركات ملموسة وأثراً على حياتها. وقال الداعية السعودي في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، إنها مصيبة أن يكثر الكلام ويقل الفعل، مؤكداً أن الأمة السلامية قادرة على أن تفعل الشيء الكثير، وأن تصنع الأمر الكبير، لكنها بحاجة للعزيمة والإصرار والحماس المنضبط المستمر. وأضاف عضو رابطة علماء المسلمين والمشرف العام على مؤسسة نور الإسلام، إنه لا يجب ألا نتحمس لفترات ثم نتراجع ونتكاسل، معتبراً أن المسلمين بحاجة إلى أقوال تترجم لأفعال على أرض الواقع، خاصة أن الأمة الإسلامية على الحق، وعلى المسلمين أن يعوا ذلك، أن يعوا أنهم على حق والباقي على الباطل وأنهم أصحاب قضية. وزاد الخطيب إن قضية المسلمين الأولى الدعوة للدين وهداية الخلق، ويجب أن تصحبهم دائماً ويستشعروا مسؤوليتها على مدار الوقت والزمان، مشيراً إلى أنه من سنن الله تعالى أن من جد في هذه الحياة واجتهد في مرغوبه فإنه سيحصل على مبتغاه. ونبه إلى جد الكفار في دعم أفكارهم ومشاريعهم وصبرهم على باطلهم، والتفاني من أجل عقيدتهم مما جعل باطلهم ينتفش في هذا الزمان، وضلالهم يكثر في كل وقت وزمان، لافتاً لقوله تعالى في حق المشركين والكفار: «وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد». وقال الدكتور الهبدان لو كان عندنا من الحماسة والصبر عشر ما عند هؤلاء، لحققنا الكثير، مع أنهم على باطل، ولكنهم يعملون بحماسة ورجولة وصدق في سبيل نصرة باطلهم، مضيفاً أن الكفار يصبرون بعضهم بعضاً. وتساءل ما هو حال الإسلام في صبرهم على دينهم وعلى دعوة الناس إلى الإسلام، وفي صبرهم للإنفاق في سبيل الله، وفي صبرهم في إقامة المشاريع الدعوية. وقال الخطيب إن الفرق بيننا وبين الكفار أننا نرجو من الله ما لا يرجون، داعياً إلى النظر إلى أثر الكفار في الإعلام، حيث يسيطرون على جل وسائل الإعلام في العالم، فيما لا يوجد للمسلمين ذكر وتأثير في وسائل الإعلام، ويعانون من نقص كبير. وتساءل أين المسلمون من تعلم اللغات الأجنبية للدعوة بها لصالح غير الناطقين بالعربية، سواء تعلق الأمر باللغة الهندية أو الإسبانية أو الفلبينية أو غيره. كما تساءل عن ملايين ومليارات المسلمين لماذا لا تصرف في هذا الباب المهم في الدعوة للإسلام وتنوير الناس وهدايتهم للخير وتصحيح المفاهيم الخاطئة وإنشاء قنوات فضائية لخدمة هذا المسعى والهدف النبيل، مشيراً إلى أن إندونيسيا خامس دولة في تعداد السكان، لكن لا يوجد بها إلا قناة واحدة تدعو إلى الإسلام، فيما الباقي مهتم بالطرب والغناء والسينما والكرة وما إلى ذلك، وفي الهند حيث أكثر من مليار شخص لا توجد بها قنوات إسلامية وكذلك الأمر في الفلبين وغيرها. وانتقد الخطيب عدم إنفاق أغنياء المسلمين في سبيل الدعوة والاهتمام بالرغبات الدنيوية فقط، معتبراً أن الإعلام من الأبواب التي يجب الإنفاق عليها في سبيل إنشاء قنوات إسلامية تدعو إلى الإسلام وتصحح المفاهيم الخاطئة عن الدين الحنيف. وقال الداعية السعودي إن التاريخ لن يذكر لاعب الكرة ولا مغنياً ولا ممثلاً... بل سيكتب بأحرف من نور ويذكر الشباب الذي غير مجرى التاريخ، وقدم ما ينفع الأمة، واقتدى بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، داعياً لعدم الانحباس في الصعوبات لأن المنحة تولد من رحم المحنة، مشيراً لقوله تعالى: «يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء». وطالب الخطيب المسلمين لإعادة إحياء النفوس بالإيمان وتربية الجيل الناشئ على قيم الدين الإسلامي، معتبراً أن الأمة الإسلامية مطالبة بإعادة ترتيب أوراقها ورص صفوفها في ظل تكالب الأعداء عليها. وزاد أن الأيام القادمة تتطلب من المسلمين التعالي عن الخلافات الداخلية فقهية كانت أو غيرها، والتعالي عن الحزبية، وضرورة التعاون والاعتصام بحبل الله لقوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً». كما دعا عضو رابطة علماء المسلمين إلى العمل الجاد والدؤوب، والاستفادة من تقنيات العصر الحديثة لخدمة الدين والدعوة إليه وخدمة المسلمين، مشيرا لمنصّر كان يسير إذاعة في إفريقيا لوحده، فهو المحرر والمذيع والحارس والمدير، ويبذل كل جهده للدعوة لدينه فيما كثير من شباب المسلمين يضيعون وقتهم في الشكوى وقلة العمل. وأكد الخطيب أن المرحلة القادمة مرحلة عمل وجد مثابرة، وأن الزمن زمن الأقوياء، ولا مكان فيه للضعفاء، مؤكداً أن الإسلام يطلب من المسلم أن يكون قوياً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير».