GMT 0:00 2013 السبت 6 أبريل GMT 2:23 2013 السبت 6 أبريل :آخر تحديث مواضيع ذات صلة أحمد يعقوب المجدوبة كلمّا وجدت إسرائيل نفسها محصورة في زاوية تُحتّم عليها التّحرك باتجاه السلام، بسبب الضغوط السياسية التي تُمارس عليها فلسطينيا وعربيا ودوليا، تحاول التملّص والإفلات عن طريق شنّ حرب جانبية أو فتح جبهة عسكرية جديدة. فعلت ذلك في الماضي عندما كانت تغير على لبنان أو تغزو أراضيه أو تحتلها أو تفتح جبهة مع حزب الله. وهي تفعل ذلك اليوم – لا بل منذ مدّة – من خلال الإغارة على غزة أو الاشتباك مع حماس. أصبحت لعبة إسرائيل مكشوفة لكل متابع للأحداث. اليوم إسرائيل محاصرة من جديد. أولاً، زيارة أوباما للمنطقة وضعت النقط على الحروف من خلال إعلان أوباما صراحة للإسرائيليين أن لا بقاء لهم ولا استقرار إلا من خلال السلام ومن خلال حلّ الدولتين. ثانياً، لم تعد ثورات "الربيع" العربي، بسبب طول أمد الصراع في سورية وخيبة الأمل في مصر وتونس، تمنع العرب من التحرك بعض الشيء من جديد تجاه القضية الفلسطينية. وما الاتفاقية المهمة التي وقعت بين الأردن وفلسطين بهدف حماية الأراضي المقدسة إلا مؤشر على بدء العرب من جديد بالاهتمام بالقضية الفلسطينية التي رغم كل الظروف تبقى قضية العرب والمسلمين الأولى. ثالثاً، أصبحت قضية الأسرى الفلسطينيين، بفعل الإضرابات عن الطعام والتظاهرات الشعبية التي أشعلتها وفاة الأسير ميسرة أبو حمدية والتفات بعض المنظمات الدولية للأمر وانتقادها إسرائيل بسبب معاملتها اللاإنسانية للأسرى، تؤرق الحكومة الإسرائيلية وتحرجها دولياً. رابعاً، تمسّك السلطة الفلسطينية بثوابت السلام ومبدأ الكفاح السلمي غير المسلّح والتزامها به التزاماً مطلقاً وتحركها على المستوى الدولي على نحو ذكي وحضاري، يُفوّت على إسرائيل اتخاذ أي فعل عسكري تجاه السلطة بهدف تسليط الأضواء بعيداً عن استحقاقات السلام وبعيداً عن مواجهة قضية الأسرى. إذاً، أين تتجه إسرائيل وماذا تفعل للخروج من المأزق؟ ليس جهة إيران. أولاً لأن ضرب إيران أمر معقد وينطوي على مخاطر ونتائج لا تُحمد عقباها، وثانياً لأن أوباما أعلن صراحة لإسرائيل في إسرائيل أنّه لا ولن يساند أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران، وأنه يرغب في معالجة الملف الإيراني بالطرق الدبلوماسية. أين إذاً؟ تجاه الهدف السهل: غزّة. وهذا ما بدأت به إسرائيل فعلاً. إسرائيل تعرف أن حماس وغيرها من القوى في غزة ما زالت تؤمن بالخيار المسلّح. تفتح جبهة معهم فيفتحون جبهة معها. هذا أولاً. ثانياً، غزة وحماس وغيرها هدف سهل لن يكلف إسرائيل شيئاً يُذكر. تقصفهم إسرائيل بالطائرات والدبابات فتقتل أو تصيب المئات وتدمر أحياء كاملة، فيرد مسلحو غزة بصواريخ تخدش بعض المباني وتصيب بعض الإسرائيليين بشيء من الذعر معظمه مبالغ فيه لأغراض إعلامية – في أحسن الأحوال قد تصيب أو تقتل منهم أعداداً لا تصل إلى العشرات. فشتّان ما بين ما تُوقِعه إسرائيل بغزّة وما يُوقعه مسلحو غزة بالإسرائيليين. النتيجة معروفة سلفاً، فقد شهدناها من قبل مراراً. معاناة وبؤس للغزّيين، ونجاح لإسرائيل في تحويل الأنظار عن الأسرى ومستحقات السلام. نتمنى أن تدرك حماس ويدرك غيرها ألاعيب إسرائيل الشيطانية هذه، ونتمنى أن يُفوّتوا الفرصة عليها لتحقيق مآربها من خلال هذه اللعبة الإسرائيلية التي تتقنها إتقاناً تاماً. والأهم من ذلك كله، نتمنى أن تتخذ حماس الخطوة التي تأخرت بأخذها كثيراً على حساب الغزيين وعلى حساب القضية الفلسطينية: المصالحة الفورية مع السلطة ووحدة الصف الفلسطيني لمواجهة إسرائيل دبلوماسياً وسلمياً. وأصر هنا على كلمتي "دبلوماسياً" و"سلمياً". فإسرائيل تعشق الحرب وتُجيدها لكنّها تتهرب من السلام وتخاف منه ومن اللاّعنف. يقال: لا يُلدغ المرء من جحر مرتين. لُدغنا مرات ومرات؛ نرجو أن يستوعب بعضنا الدرس ولو بعد تأخّر.