الدوحة - الراية: أشاد فضيلة الداعية الشيخ سالم مفتاح جابر الداعية الليبي المعروف بالجهود الكبيرة التي بذلتها دولة قطر في نصرة بلاد الربيع العربي خاصة ليبيا، مؤكدا أن أول قطرة حليب دخلت جوف طفل ليبي بعد الثورة كانت من قطر، وأن أول جرعة دواء أخذها مريض يئن على فراشه بعد الثورة كانت من قطر لافتا إلى أن الشعب الليبي لن ينسى مواقف قطر الرائدة والداعمة له في ثورته. وقال في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أمس: "إننا عشنا في ربيع الثورات، وذقنا من المآسي من الآلام ومن الحروب والمحن، فقيض الله لنا دولة قطر وشعبها بأسره، وأقول لأهل قطر جميعا : جزاكم الله خيرًا عما قدمتم وعما ستقدمون". ودعا الشيخ سالم الشعب القطري للتمسك بهويته الإسلامية والعربية التي وصفها بأنها جذور ممتدة في أعماق الأرض ومن تمسك بها لا يمكن أن يتأثر بالعواصف والرياح القادمة من الشرق أو الغرب، مبديا إعجابه بالزي القطري الذي يدل على الأصالة والطراز المعماري الذي تحافظ عليه قطر، داعيًا جميع الوافدين الذين يقيمون في قطر إلى احترام هذه التقاليد والجذور التي يتمسك بها الشعب القطري وأن يلتزموا بما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم. وانتقل فضيلة الشيخ سالم للحديث عن القضية السورية وأحوال أهل الشام أرض المحشر، قائلا : إنه عار على الأمة الإسلامية أن تستغيث المرأة السورية رافعة صوتها: وا إسلاماه وا محمداه وا قرآناه وا معتصماه، ولا تجد من يجيبها، فأين أمة المليار، وأين الملايين من الأموال، علينا أن نمد جسور المحبة وجسور الإنفاق لإخواننا، فلو أن عثمان بن عفان كان حيا بيننا لتحركت القوافل من كل حدب وصوب أولها هنا أو هناك ونهايتها عند الجامع الأموي. وقال الشيخ سالم متأثرًا كيف تسكت الأمة على سلخ جلود الأطفال ونزع الأظافر في أرض المحشر وكثير من دول الإسلام لم تحرك ساكنا، جميعنا يجب أن نتحرك، كفانا نوما، وكفانا تسيبا ، وكفانا تركا لما يجري. ونبه إلى أهمية الشام بالنسبة للأمة الإسلامية قائلا : إن أرض الشام التي خرجت علماء الأمة وهي أرض المحشر وتظللها الملائكة، كيف نتركها ليدنسها هذا الظالم، يفسد فيها وتُسب عائشة رضي الله عنها ويُسب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ونحن نسمع ونرى. وتساءل الشيخ سالم جابر عن الإغاثة والهبات في ظل ما يجري، داعيا إلى هبة إيمانية مثل هبة المعتصم عندما سمع صرخة المرأة في عمورية ، فقد جمع جيشه وجهزه وأقسم ألا يرجع إلا بعد أن يفتح عمورية، مؤكدا ضرورة أن تكون الأمة أمة واحدة حتى تستطيع أن تأخذ على يد هذا الظالم، فقد هدمت المساجد وحُرقت المصاحف وقُتل الساجدون وهم يذكرون الله تعالى، فإلى متى يسكت المسلمون، وأين أهل الإسلام وأهل النجدة وأهل الشجاعة وأين أهل الإنفاق والبر والإحسان، ومن لأهل الشام إن لم نكن نحن أهل الإسلام. وشدد على أن الأمة إن لم تنصر أهل الشام فسوف يبتليها الله بعدو من خارجها يذيقها الخسف والمسخ والويل، مذكرًا بالآخرة والخزائن التي ستفتح، فماذا وضع كل منا في خزانته حتى يأتي يوم القيامة ويقول أنا فعلت كذا، وهل ستكون خزائننا مثل خزائن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبلال وعائشة وغيرهم من الصحابة الكرام أم سنجد فيها تضييعا للأمانة وتخليًا عن الإخوان، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان حيًا بيننا لغضب غضبًا شديدًا على ما يجري في الشام. وكان الشيخ سالم جابر قد بدأ خطبته بالحديث عن الأخوة الإسلامية، داعيًا إلى وحدة الأمة الإسلامية حتى تستطيع أن يكون لها مكان ومكانة في العالم. وتساءل الشيخ سالم عن الأخوة في الله بين المؤمنين في ظل ما نراه من دول تعددت وتفرقت، وفرق وأحزاب تشيعت واختلفت، وأمة مزقتها الحروب، وأراد أن يسيطر عليها الأعداء ، مؤكدًا أننا في حاجة لأن نجلس تلك الجلسة التي جلسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع الصحابة حوله، منهم المهاجرون الذين كانوا بمكة والأنصار الذين هم بالمدينة، وأول شيء عمله الرسول صلى الله عليه وسلم هو المؤاخاة ، التي نحن أحوج ما نكون إليها حاليًا، فإننا نحتاج لأن يلتقي الشرق والغرب والشمال والجنوب في كل العالم الإسلامي. ووجه حديثه لأمة الإسلام قائلا: أمة المليار لابد أن نلتقي ونتآخى، أمة القرآن لابد من وحدة كاملة، وأنتم تعلمون الصراعات الدولية ولا بد من تكتل قوي حتى نأخذ مكانتنا على الأرض، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بوحدة شاملة، مقسما بالله أن الفرقة بين المسلمين نكد وخسارة، وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها أمر خطير ونادانا بقوله سبحانه: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها"، أنقذنا الله سبحانه بالمحبة والتوادد والتراحم وهذا ما تحتاجه الأمة. وشدد الشيخ سالم على أهمية أن يسود الود والحب بين المسلمين بعضهم بعضا، موردا حديث الصحابي الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائلا إياه : متى الساعة؟، فكان جواب رسول الله له : ماذا أعددت لها؟، فكانت إجابة هذا الصحابي الجليل : "لم أعد لها كثير صلاة ولا صيام، غير أني أحب الله ورسوله" فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم :"المرء مع من أحب"، فالمحبة أساس الأخوة. دعا الشيخ سالم المسلمين لمراجعة مواقفهم ممن يحبونهم، وهل أحبوا أبا بكر فتأسوا به في صدقه، أم أحبوا عمر فتأسوا به في عدله، أم عثمان فتأسوا به في إنفاقه، أم كانت محبتهم للظالمين والمنافقين وارتمى في أحضان المضلين. وأوضح أن قضية الحب والبغض يقوم عليها الإيمان، والرسول صلى الله عليه وسلم يصحح إيمان الأمة في قوله : "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وكذا في قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"، فأين الحب والإخاء والمودة بين المسلمين.