يعتبر الطب الوقائي اليوم من أهم القضايا الصحية التي تشغل بال الأطباء حول العالم، فالأمراض سريعة الانتشار والفتك هي ديدن العلماء اليوم والحكومات الراقية، للمحافظة على صحة ولياقة شعوبها، وخصوصاً كبار السن منهم. فعلى سبيل المثال، لدى حكومة الولاياتالمتحدة الاميركية مركز التحكم والوقاية من الامراض المزمنة CDC، وهذا المركز لا يقدم العلاج فحسب، بل يقوم بالدراسة ودعم العلماء ونشر الحملات التوعوية والدفع ببرامج وقائية لكبار السن، لحمايتهم من هذه الامراض الفتاكة كالسرطان والزهايمر وغيره. تشير الإحصاءات إلى أن أكثر أنواع السرطان انتشاراً هو سرطان البروستات لدى الرجال، وعند النساء هو سرطان الثدي، ورغم أن مرض السرطان هو علامة مسجلة لدى لجان العلاج في الخارج هنا، إلا ان الحكومة للأسف ليس لها أدنى برنامج توعوي ضد هذه الأمراض، ناهيك عن توفير مراكز للكشف المبكر عن هذه الأورام. في الولاياتالمتحدة تلزم شركات التأمين الكبرى المستشفيات بأن تقوم بالكشف المبكر عند كل بوليصة تأمين لمن هم فوق 65 عاما، لأن تكلفة الكشف المبكر عن مرض السرطان أقل بكثير من تغطية علاج مريض السرطان. لذلك فإن الحديث هذه الأيام عن الأزمة الصحية هو حديث متأخر كثيراً، خصوصاً في ما يتعلق بتوسعة المستشفيات وتحديث أجهزتها، نحن في الحقيقة بحاجة الى من يمنع المريض ان يدخل المستشفى، لا من يرعى دخول هذا المريض للمستشفى ويتفرج على معاناته ووفاته! لننظر لها من الجانب المادي على الأقل، كم نصرف نحن في العلاج في الخارج، ومهما طورنا مراكزنا الصحية هل يظن أحد اننا سنصل الى مستويات المصحات العالمية؟ ماديا غير مجدية، وصحياً نحن نترك اباءنا وامهاتنا يعانون دون أن نتجاوب وقائياً مع احتياجاتهم، نحن بحاجة الى تشريع يوجب الكشف المبكر لهذه الأمراض عند كافة الأعمار، مثل كشف الزواج على الأقل، فاليوم مراكز الطب الوقائي أهم بكثير من توسعة وجلب معدات طبية مكلفة، وقد لا تجد أصلاً مرضى لديهم أمل في العلاج! شافاكم الله وعافاكم. ناصر بدر العيدان Nasser.com.kw