نشرت الحكومة الفرنسية مساء أمس الاثنين كشف الوزراء عن ممتلكاتهم في إجراء غير مسبوق، بعد قضية وزير المال جيروم كاهوزاك، في خطوة أولى لفرض معايير أخلاقية يريدها الرئيس فرنسوا هولاند لإعادة الثقة بين السياسيين والمواطنين. ولأول مرة في فرنسا، نشرت على الإنترنت بيانات تكشف عن العقارات أو المجوهرات أو التحف الفنية أو السيارات التي يملكها الوزراء ال37 ورئيس الحكومة جان مارك أيرولت. وتبين أن أيرولت يملك سيارة فولكسفاجن من العام 1988 قيمتها ألف يورو، وأن وزير الخارجية لوران فابيوس من الأكثر ثراء، إذ تقدر ثروته بستة ملايين يورو. وبحسب استطلاعات الرأي تؤيد غالبية الفرنسيين ذلك حتى وإن كان قسم من الطبقة السياسية يخشى كشف معلومات بعد فضيحة وزير الموازنة السابق جيروم كاهوزاك الذي كذب حول امتلاكه لحساب مصرفي سري في الخارج. وخلافاً لحكومته لم ينشر هولاند أمس الاثنين ثروته التي أعلن عنها قبل عام بمناسبة الانتخابات الرئاسية. وبحسب الإعلان الذي يعود إلى مايو 2012 تقدر ثروة هولاند ب1.17 مليون يورو. وقالت أوساط رئيس الحكومة الاشتراكي الذي أقر بأن هذا الإجراء لم يكن ليسمح باكتشاف الحساب السري لكاهوزاك: «هناك العديد من البلدان التي تعتمد هذه الشفافية وباتت جزءاً من العادات». واستبق بعض أعضاء الحكومة الأمر، ما دفع المعارضة اليمينية إلى الكلام عن «السباق إلى الأكثر فقراً» بين وزير يملك سيارة رينو قديمة أو تحفاً فنية قيمتها الإجمالية 1400 يورو». وفي اليمين أعلن رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون «حتى وإن كنت غير متحمس لهذه الفكرة فإن الشفافية بشأن ممتلكات الشخصيات السياسية تطبق في 24 من دول الاتحاد الأوروبي ال27، وعلينا بالتالي اعتمادها أيضاً». أطراف أخرى وكشف ممتلكات الوزراء إجراء أول سيطال أيضاً البرلمانيين ورؤساء البلديات وموظفين حكوميين كبار. وسيفرض عليهم مشروع القانون حول الأخلاقية في الحياة العامة الذي وعد به الرئيس هولاند وسيعرض في 24 أبريل على مجلس الوزراء، الشفافية نفسها رغم التحفظات التي عبرت عنها حتى الآن الغالبية. وجاء الانتقاد الأشد من رئيس الجمعية الوطنية الاشتراكي كلود بارتولوني الذي قال: «يندرج الكشف والمراقبة والعقاب في إطار الشفافية في حين أن الإعلان مرادف للتطفل». والاثنين أعربت الوزيرة المكلفة شؤون المسنين ميشال دولونيه التي أعلنت أنها تملك وزوجها حساباً بقيمة 5.4 ملايين يورو، عن قلقها من الشعور «بالعار» مقرة بأن «غالبية الفرنسيين الذين هم في ضيق سيجدون صعوبة في تفهم ثروتها الكبيرة». وقال جان فرنسوا كوبيه زعيم حزب التجمع من أجل حركة شعبية أبرز حزب يميني معارض في فرنسا، ساخراً: «ما النقاش في فرنسا مع تسارع وتيرة العجز والبطالة وضرورة تطبيق الإصلاحات المهمة؟ كيف سنضع مقياس ريشتر لتحديد الوزراء الأكثر أو الأقل ثراء». وأضاف أن «النتيجة الوحيدة لكل ذلك هي أن أشخاصاً ينتمون إلى المجتمع المدني -تجار وحرفيون وأصحاب مهن حرة- لن يشعروا برغبة في خدمة البلاد». من جهته قال الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان ألان فيدالييس أمس الاثنين إن الهدف «ليس مطاردة الأثرياء بل إعادة الثقة» والتخلص من «شكوك المواطنين حيال السياسيين». لكن هولاند من خلال إطلاقه عملية «الأيدي النظيفة» كسر أحد محرمات المجتمع الفرنسي. وقالت العالمة الاجتماعية جانين موسوز-لافو «في فرنسا لا نعرف بالتحديد رواتب أفراد أسرتنا أو أصحابنا أو جيراننا، وسيكون من الوقاحة طرح هذا السؤال».