زيارة بن مبارك إلى المكلا لإقتسام أراضي الخور والطريق الدائري الجديد    معهد دولي أمريكي: أربعة سيناريوهات في اليمن أحدها إقامة دولة جنوبية    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    انتشال جثتي طفلتين من أحد السدود بمحافظة صنعاء وسط مطالبات بتوفير وسائل الحماية الأزمة    تحذير حوثي من هجرة رؤوس الأموال والتجار من اليمن نتيجة لسياسية النهب    ما وراء امتناع شركات الصرافة بصنعاء عن تداول العملة النقدية الجديدة !    حكم الجمع في الصيام بين نية القضاء وصيام ست من شوال    "إيران تسببت في تدمير التعاطف الدولي تجاه غزة"..كاتب صحفي يكشف عن حبل سري يربط بين اسرائيل وايران    هل ستطيح أمريكا بالنظام الإيراني كما أطاحت بنظام "صدام حسين" وأعدمته بعدما قصف اسرائيل؟    اليمن يطرح مجزرة الحوثيين بتفجير منازل رداع على رؤوس ساكنيها في جلسة لمجلس الأمن الدولي    ماذا يحدث بصنعاء وصعدة؟؟.. حزب الله يطيح بقيادات حوثية بارزة بينها محمد علي الحوثي وعبدالملك يضحي برجالاته!    لا داعي لدعم الحوثيين: خبير اقتصادي يكسف فوائد استيراد القات الهرري    فيرونا يعود من بعيد ويفرض التعادل على اتالانتا في الدوري الايطالي    حضرموت تستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة لتحرير ساحلها من الإرهاب    مصرع جنديين وإصابة 4 في حادث انقلاب طقم عسكري بأبين والكشف عن حوادث السير خلال 24 ساعة    "قد لا يكون عسكريا"...صحيفة امريكية تكشف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران    - ماهي الكارثة الاليمة المتوقع حدوثها في شهر شوال أو مايو القادمين في اليمن ؟    القوات الأمنية في عدن تلقي القبض على متهم برمي قنبلة يدوية وإصابة 3 مواطنين    الليغا .... فالنسيا يفوز على اوساسونا بهدف قاتل    نونيز: كلوب ساعدني في التطور    الحكومة: استعادة مؤسسات الدولة منتهى أي هدف لعملية سلام    مسلسل تطفيش التجار مستمر.. اضراب في مراكز الرقابة الجمركية    شيخ مشائخ قبائل العلوي بردفان والضالع يُعزَّي المناضل ناصر الهيج بوفاة زوجته    المبعوث الأممي يحذر من عواقب إهمال العملية السياسية في اليمن ومواصلة مسار التصعيد مميز    الوزير الزعوري يشيد بمستوى الإنضباط الوظيفي بعد إجازة عيد الفطر المبارك    إصدار أول تأشيرة لحجاج اليمن للموسم 1445 وتسهيلات من وزارة الحج والعمرة السعودية    خلال إجازة العيد.. مستشفيات مأرب تستقبل قرابة 8 آلاف حالة    إنتر ميلان المتصدر يتعادل مع كالياري بهدفين لمثلهما    "العمالقة الجنوبية" تسقط طائرة مسيرة حوثية على حدود شبوة مأرب    كيف نتحرك في ظل هذه المعطيات؟    جريمة قتل في خورة شبوة: شقيق المقتول يعفوا عن قاتل أخيه فوق القبر    البنك الدولي.. سنوات الصراع حولت اليمن إلى أكثر البلدان فقراً في العالم مميز    مجلس الامن يدعو للتهدئة وضبط النفس والتراجع عن حافة الهاوية بالشرق الأوسط مميز    إسرائيل خسرت 1.5 مليار دولار في ليلة واحدة لصد هجوم إيران    العوذلي: البلاد ذاهبة للضياع والسلفيين مشغولين بقصّات شعر الشباب    12 دوري في 11 موسما.. نجم البايرن الخاسر الأكبر من تتويج ليفركوزن    زواج الأصدقاء من بنات أفكار عبدالمجيد الزنداني    الوحدة التنفيذية : وفاة وإصابة 99 نازحاً بمأرب في حوادث حريق منذ العام 2020    هل يعيد التاريخ نفسه؟ شبح انزلاقة جيرارد يحلق في سماء البريميرليج    جماعة الحوثي ترفض التراجع عن هذا القرار المثير للسخط الشعبي بصنعاء    هل صيام الست من شوال كل إثنين وخميس له نفس ثواب صومها متتابعة؟    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    فضيحة جديدة تهز قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي الجنوبي (صورة)    الخميس استئناف مباريات بطولة كرة السلة الرمضانية لأندية ساحل حضرموت    ليفربول يصطدم بكريستال بالاس ويبتعد عن صدارة الدوري الانجليزي    البنك الدولي يضع اليمن ضمن أكثر البلدان فقراً في العالم    رئيس الوزراء يعود الى عدن بعد أيام من زيارته لمحافظة حضرموت    حلقة رقص شعبي يمني بوسط القاهرة تثير ردود أفعال متباينة ونخب مصرية ترفض الإساءة لليمنيين - فيديو    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    أهالي تعز يُحذرون من انتشار فيروس ومخاوف من تفشي مرض خطير    حتى لا يُتركُ الجنوبُ لبقايا شرعيةٍ مهترئةٍ وفاسدةٍ.    نزول ثلث الليل الأخير.. وتحديد أوقات لإجابة الدعاء.. خرافة    موجة جديدة من الكوليرا تُعكر صفو عيد الفطر في اليمن    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    يستقبلونه ثم تلاحقه لعناتهم: الحضارم يسلقون بن مبارك بألسنة حداد!!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    سديم    بين الإستقبال والوداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة "الخليج" تستشرف مستقبل المسرح الإماراتي
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 08 - 2012

أدار الندوة: نجيب الشامسي / أعد ورقة المحاور: علاء علاونة / أعدها للنشر: ليلى سعيد
تلعب الفنون بشكل عام دوراً مهماً في التعبير عن مكنونات المجتمعات ورسم تطلعاتها وآمالها، وهي تعتبر المرآة التي يمكن أن تعكس صورة هذه المجتمعات لأي متابع، وينظر للمسرح بوصفه أحد أهم الفنون التي تمارس هذا الدور بشكل مباشر، فقد عُرف عن المسرح بأنه يمثل أداة مهمة من أدوات التعبير الجاد عن المجتمع الذي ينشأ فيه، ومن خلال متابعة المسرح الملتزم يمكن أن نقيس نبض المجتمعات ونتعرف إلى مجمل القضايا التي تشغلها .
وكغيرها من مجتمعات الأرض شهدت المجتمعات العربية خلال عقود بروز ظواهر مسرحية اعتبرت بوصلةً تقيس اتجاهات مجتمعاتها، وكان لكل تجربة ما يميزها، وعلى صعيد بلدان الخليج العربي الذي ينظر إليها بوصفها صاحبة التجارب الأحدث في العمل المسرحي على المستوى العربي، لا يمكن للمتابع أن ينكر الدور الفاعل الذي بات يلعبه المسرح الإماراتي على الصعيدين الخليجي والعربي، فهذا المسرح، ورغم العمر الصغير له نسبياً، إلا أنه استطاع أن يحتل مكانته على المستوى الإقليمي، وبات له كتابه وممثلوه وفرقه المسرحية، وهؤلاء كلهم من المهمومين بطرح قضايا المجتمع الإماراتي بكل تجرد وموضوعية .
وكان للمهرجانات المسرحية الداخلية والخارجية دور المنشط للعمل المسرحي الإماراتي، واستطاع المسرح الإماراتي أن يحظى بمكانةٍ له في هذه المهرجانات العربية، في الوقت الذي مثلت أيام الشارقة المسرحية بوابةً مهمةً لإبراز الأعمال المسرحية الإماراتية، وفتحت الباب للمسرحيين الإماراتيين للتواصل مع المسرحيين العرب مقدمةً للجميع فرصة كبيرة للتعارف والتقارب وتبادل الخبرة بما يدعم الحركة المسرحية العربية بشكلٍ عام . ومثلت مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإنشاء الهيئة العربية للمسرح دوراً مهماً في تعزيز مكانة المسرح الإماراتي على الصعيد العربي، من خلال جعل الإمارات موطناً لهذه الهيئة، الأمر الذي يشجع على المزيد من الإبداع المسرحي .
وتسعى هذه الندوة، التى اعدها مركز "الخليج للدراسات"، إلى التعرف بشكل أكبر إلى التفاعل بين المسرح الإماراتي ومختلف التجارب المسرحية العربية وتناقش النقاط الآتية:
* المسرح الإماراتي: المحفزات والمتطلبات .
* المسرح الإماراتي والتجارب المسرحية العربية: أوجه الشبه ونقاط الاختلاف .
* مبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد المسرحية: نحو تكامل مسرحي عربي .
* نجيب الشامسي: عودتنا جريدة "الخليج" على تبني أهم القضايا الوطنية، ومن ضمنها هذه الندوة المصاحبة للعرس الثقافي الذي تشهده دولة الإمارات والوطن العربي عموماً، باعتبار أن أيام الشارقة المسرحية أصبحت مشهداً ثقافياً ومسرحياً وفنياً ليس إماراتياً فحسب، وإنما عربي وإنساني بكل ما تعنيه الكلمة من حضور نوعي ومشاركة عربية، ذلك العرس الثقافي الذي ننتظره دوماً لنعزز ونجسر علاقتنا كإماراتيين مع إخواننا الخليجيين والعرب المعنيين بالشأن الثقافي والمسرحي .
شهد المسرح الإماراتي نقلة نوعية في تقنياته وطاقاته البشرية ومساحاته الزمنية نتيجة للاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والجهات المعنية كوزارة الثقافة وتنمية المجتمع، والدوائر الثقافية المعنية في مختلف الإمارات ومنظمات المجتمع المدني، حتى أصبح هناك جمهور نوعي يتابع الحركة المسرحية ويواكبها .
كانت هناك مشاركات مسرحية ومازالت تمخضت وتبلورت نتيجة وجود أيام الشارقة المسرحية، واستطاع أبناء الإمارات أن يكون لهم حضورهم المتميز في مختلف المهرجانات المسرحية العربية، وحتما هناك بعض الإشكاليات التي تواجه المسرح الإماراتي كي ينهض ويكون له تأثير واضح في المشهد المسرحي العربي سنتطرق إليها في هذه الندوة التي تحتضن نخبة من المسرحيين العرب الذين نتوسم فيهم أن يوجهوا للمسرح الإماراتي رؤيتهم ونقدهم كي ننهض بالحركة المسرحية ومسرح الإمارات تحديداً .
شهد مجتمع الإمارات خلال العقود الثلاثة الماضية تطوراً سريعاً في المسار المادي، لم يواكبه تطور ثقافي وإبداعي كي يخفف من حدة الهوة بين التطور المادي والتطور الإبداعي، وربما هناك تساؤل ملح: إلى أي مدى أسهم المسرح الإماراتي في تشخيص الواقع المعيش والتصدي لإفرازات الفترة الماضية وفي التخفيف من حدة التباين بين المسارين المادي والثقافي والمعنوي؟ وإلى أي مدى عمل المسرح على تنمية الوعي لدى أبناء الإمارات وتحصين المجتمع من التدفق الثقافي الهائل الذي رغم إيجابياته إلا أن هناك سلبيات أوجدت بعض الاختلالات المزمنة التي يعاني منها مجتمع الإمارات؟
وإلى أي مدى جذر المسرح روح الولاء والانتماء والوطنية في تكويناته ومرجعياته وقيمه ومبادئه؟ وإلى أي مدى طرح المسرح معالجات لمجتمع يعاني من بعض الاختلالات المزمنة؟
نطرح هذه التساؤلات من إيماننا المطلق بأن المسرح هو مرآة المجتمع، وقناة ثقافية ومسؤولة عن مواجهة بعض التشوهات التي يعاني منها في ظل ما توفر له من دعم، وفي ظل الإيمان بكوادره المؤهلة علمياً وثقافياً من كتاب ومخرجين وفنانين وفنيين ومسؤولياتهم تجاه مجتمعاتهم، فكيف يمكن لكل هؤلاء أن يكون لهم تأثير وحضور محلي متميز؟ فالمحلية هي بوابة العالمية .
وهناك إشكالية تتعلق بالنقد المسرحي، ومدى تقبل أهل المسرح النقد من أجل تجويد أعمالهم وتطوير قدراتهم . وإشكالية أخرى تتعلق بالخطوط الحمراء والرقابة على النصوص المقدمة للإجازة وترجمتها إلى عروض وأخيراً كيف يمكن أن يحقق للمسرح الإماراتي حضوراً واضحاً وتميزاً في المشهد العربي في ظل التحولات التي يشهدها واقعنا العربي؟
* نواف يونس: لقد بدأ التأسيس الفعلي للمسرح الإماراتي في حقبة الثمانينات من القرن الماضي مع وجود كوكبة أو كما اسميها كتيبة مشاه متقدمة في حقل من الألغام، فمع نشأة الدولة بدأ الاهتمام في القرن الماضي بالبنية التحتية، وربما تأخر الالتفات إلى الثقافة منذ بداية الدولة في السبعينات إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي، حيث أسهمت الصحف في إبراز المشهد الثقافي ومنها جريدة الخليج التي بلورت إطار المشهد الثقافي المقبل سواء على المستوى المسرحي أو التشكيلي أو الأدبي عموماً، واعتمدت تلك المرحلة على جهود شبه ذاتية من قبل شباب مهمومين بالمسرح، بالإضافة إلى مجموعة من المخرجين الإماراتيين والعرب الذين يحبون المسرح .
تبلور الواقع أكثر عندما بدأت مأسسة العمل الثقافي وحيث كان أول مهرجان للمسرح أيام الشارقة المسرحية في بداية الثمانينات (مهرجان الثقافة والفنون)، وتبنته دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وضم مجموعة من الأنشطة الثقافية والتشكيلية والمسرحية والأدبية والشعرية، مما أبرز طاقات الفرق المسرحية في رأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة .
قابل المسرح الكثير من العقبات والمتاريس منها النظرة الدونية من قبل المجتمع للعاملين في المجال المسرحي، إضافة إلى المعوقات أمام عمل المرأة في هذا المجال، إلا أن الفنانات الأوائل استطعن ان يجتزن هذه العقبات من خلال اهتمام الدولة بالعمل المسرحي، وبروز دور صاحب السمو حاكم الشارقة واهتمامه بالمسرحيين من خلال دائرة الثقافة والهيئة العربية للمسرح والكثير من المبادرات، حتى تبلور الآن الشكل المتقدم للحركة المسرحية الإماراتية والذي أدى إلى حصد العديد من الفنانين والفنانات جوائز في مختلف مجالات العمل المسرحي وفي كثير من الدول العربية، إضافة إلى تقديم الكثير من الأعمال المسرحية الإماراتية على خشبات مسارح عالمية وعربية وخليجية، وهذا الوضع المتقدم مسرحياً ليس هو نهاية المطاف وإنما هو بداية مرحلة جديدة لتطوير الواقع المسرحي الإماراتي من خلال حل بعض الإشكاليات التي تواجه هذا الواقع والتي أهمها رفد الساحة المسرحية بدماء شابة لأن المسرح حركة متطورة دائماً مع تطور المجتمع، إضافة إلى إشكالية الجمهور .
* نجيب الشامسي: في ظل وجود هذا الزخم الكبير، ورغم وجود البنية التحتية لمعهد مسرحي، إلا أن السؤال الأهم متى يُفعل معهد عال للمسرح؟ أسوة بما هو موجود في الكويت، خاصة أن معظم شبابنا تخرجوا في المعهد المسرحي الكويتي، ولدينا كوادر وطاقات ونأمل أن تكون هناك ديمومة في العمل المسرحي من خلال هذا المعهد .
* أحمد أبو رحيمة: تبلورت الحركة المسرحية مع بداية أيام الشارقة المسرحية، وتكونت كوادر من الجيل الثاني في مختلف عناصر العمل المسرحي من الكتابة والتمثيل والفنيين والإخراج وكل مفردات العمل المسرحي .
في ما يخص المعهد العالي للمسرح، فهو قضية مرتبطة بسوق العمل، وفي السنوات الأخيرة لا يوجد من الدولة سوى طالبين ملتحقين بالمعهد المسرحي في الكويت، في البداية كانت هناك مغريات للعمل والدراسة في المسرح وامتيازات كثيرة، والآن حتى مسألة التفرغ غير متوفرة للفنان، لذلك هناك كثير من الفنانين أحجموا عن الالتحاق بالمعاهد المسرحية وانطلقوا إلى آفاق أخرى .
وقد عوضنا عن ذلك بتوفير دراسات حرة وورشات معتمدة لتطوير العمل المسرحي، وأؤكد أن المعهد هو أهم قناة لتطوير العمل المسرحي، والمعهد موجود كبنية، ولكن مع الأسف ليس هناك إقبال من الطلاب للالتحاق للدراسة، كذلك كانت هناك محاولة لفتح كلية للدراما في جامعة الشارقة وتوقف المشروع، وهناك بعض المقترحات والمشروعات لعلها تجد طريقها للبدء، والآن جامعة الشارقة في طور الإعداد لفتح كلية جديدة أو معهد لدراسة المسرح والإخراج التلفزيوني، حتى تتوافق مع احتياجات سوق العمل ويسهل على خريجيها الالتحاق بالعمل في الإعلام أو المسرح .
* عبدالله مالك: لو تأملنا في المحور الأول للندوة فسنجد أن المحفزات كلها تقريباً متوافرة بالنسبة للمسرح، بداية من دعم صاحب السمو حاكم الشارقة واهتمامه الشخصي بالمسرح بشكل خاص وبقية الفنون عموما، وهذا غير متوافر لكثير من الدول، إضافة إلى توافر المشاركات الخارجية لأبناء الإمارات الذين يحضرون في أكبر المهرجانات الخليجية العربية والأوروبية، ولم تبخل الحكومة والمسؤولون في توفير هذه الفرص .
المحفزات بشكل عام موجودة ومتوافرة، ولكننا نطمح إلى المزيد، لذا ما هي المتطلبات، وأؤكد برغم تبريرات عوائق إنشاء معهد عالٍ للفنون المسرحية في الإمارات، إلا أنه يبقى ضرورة لابد منها خصوصاً في بيئة تحتضن المسرح على المستوى الثقافي والفني، وهناك اهتمام رسمي ومن المتابعين والفنيين والنقاد بالعمل المسرحي، لذلك سيكون المعهد ضرورة ملحة خاصة في الشارقة، ولن نعجز عن توفير وظائف لخريجيه خاصة إذا تم تفريغهم للعمل المسرحي وشكلنا منهم فرقة مسرحية قومية إماراتية .
ولا بد إلى جانب ذلك أن تكون هناك مواكبة نقدية أكثر دقة ومتابعة وصدقاً للفعاليات المسرحية، إضافة إلى التوثيق المدروس لها لأن هذا ما سيبقى للأجيال القادمة .
المعضلة الكبيرة التي يواجهها المسرح في الإمارات الافتقاد إلى الجمهور الحقيقي للمسرح، حالياً من يحضر العروض المسرحية هم النخبة، ولكن هذا حال المسرح في كل بلدان الخليج، إلا أن اللوم أكثر على الإمارات لأن النتاج المسرحي وفير، فالمشهد الخليجي متشابه في تلك المعضلة، ففترة السبعينات كانت فترة ذهبية في مدى إقبال الجمهور على المسرح، كان هناك إقبال عفوي رغم عدم توافر وسائل الإعلام وذلك لأن أغلب النصوص التي قدمت في هذه الفترة من لكتاب محليين تطرقوا إلى موضوعات اجتماعية لا تخلو من النقد، وفي هذه الحالة عندما يكون المسرح مرآة المجتمع ويعكس واقعه، يسهل تعرفه إلى المجتمع وثقافته ومعاناته .
انعكس المسرح التجريبي على الخليجين بفهم خاطئ فقدمت أعمال قد تكون مبهمة بالنسبة للجمهور . وانتبه الإماراتيون إلى هذه المشكلة ولكي يتجنبوا الغموض غرقوا في التراث، وتناسوا الأعمال المعاصرة والمواكبة للأحداث العربية، ونسينا الجمهور المسرحي ولم نعطه حقه، والوسائل الإعلامية الأخرى سرقت منا الجمهور .
* نجيب الشامسي: في الماضي استقطبت وزارة الثقافة مجموعة من المخرجين منهم خليفة العريفي الذي قدم الكثير لمسرح رأس الخيمة وكانت له أعمال متميزة، فقد كان هناك مخرج مثقف يمتلك حساً بالانتماء، والآن نفتقد إلى مسؤولية رسالة المسرح والتي يجب أن تصل إلى الجمهور .
هناك تحديات تواجه مجتمع الإمارات لذلك نحن في أمس الحاجة لينهل الكاتب المسرحي منها مادة خصبة، ولا يغرق نفسه في الموروث الشعبي فقط، والذي يعتريه بعض التشويه أحياناً، فضلاً عن إشكالية، ضعف إقبال الجمهور على المسرح والذي لم يجد قضاياه ومشكلاته وهمومه مطروحة أمامه، التطور مطلوب ولكنه يجب أن يواكب الجمهور، المسرح إن لم يطرح أسئلة استفزازية للمشاهد أو يطرح رؤية أو قضية، فلن يكن له جمهور وسيكون هناك عزوف، وأرى أن خشبة المسرح هي من هجر الجمهور وليس العكس . إضافة إلى قضية النقد المسرحي والتي هي ضرورية ومطلوبة فهل مشكلة المسرح إماراتية أم خليجية أم عربية؟ وإلى أي مدى تتوافر المنافذ الإعلامية التي تكرس للثقافة المسرحية؟
* نواف يونس: النقد المسرحي جيد ولكن علينا ألا نبالغ في جلد الذات، وبالنسبة لاستلهام التراث فقد اعتمده المسرح العربي عموماً ومن ثم الإماراتي، لقد اعتمد الجميع على استلهام التراث وتوظيفه في مناقشة بعض القضايا المعاصرة، وهناك أعمال ناجحة خاصة في المسرح الإماراتي منها "باب البراحة" و"مولاي مولاي" و"حبة رمل" وغيرها أعمال كثيرة استلهمت التراث بأسلوب غير مباشر، وهذا هو دور الفن .
ولم يقتصر المسرح الإماراتي على استلهام التراث، بل لجأ إلى المسرح الواقعي وتناول قضايا وجودية مهمة، وأيضاً هناك مسرح جديد توجه إلى الذات وسبر أغوار الإنسان الذي يعيش في ظل هذه المتغيرات التي تكاد تعصف بكل شيء من حوله .
ونجح المسرح الإماراتي في التجريب كمحاولة مستمرة لتطوير الحركة المسرحية من خلال رؤى جديدة وحلول قد تحفز الحركة المسرحية، فالتجريب ليس تياراً أو مدرسة ثابتة، بل هو حركة مستمرة لتطوير المسرح والخروج برؤى مسرحية جديدة .
* د . جمال ياقوت: هناك مزايا إيجابية كثيرة في المسرح الإماراتي، يأتي على رأسها اهتمام صاحب السمو حاكم الشارقة، فعندما تكون السلطة راعية المسرح تتخذ من القرارات ما يدعم استمراريته وتوفر بنية تحتية للنهوض به .
ولكن القضية الأهم تتمثل في غياب معهد الفنون المسرحية، فالمعهد لن ينشأ إلا إذا كان هناك احتياج له، والبداية تأتي من الاهتمام بالمسرح المدرسي، ليس بغرض توفير كوادر وطاقات فنية فقط وإنما على الأقل لتكوين جمهور مسرحي مستقبلي مهتم بالمشاهدة، وهذه المشكلة عربية عامة ففي مصر على سبيل المثال هناك الكثير من الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة، لا يعلمون أن هناك قسماً خاصاً للمسرح في كلية الآداب وهذا قصور شديد من جهات عدة، إن الممارسة المسرحية في المدرسة ستضمن بناء قاعدية جماهيرية مستقبلاً . والأهم لماذا لا يدرس المسرح ضمن المناهج الدراسية شأنه شأن الفنون الأخرى .
عندما نقدم مسرح لابد أن نقدم ما يتماس مع هموم المواطن الأمر الذي يدفعه لارتياد المسرح، إضافة إلى الاهتمام الإعلامي، والأهم توعية المواطن بمفهوم استرداد الضريبة في صورة خدمات توعوية وتثقيفية وتعليمية ومنها مشاهدة المسرح، وقد لاحظت الحكومة في السويد عدم اهتمام بالمسرح من قبل طبقة العمال، فسعى بعض المثقفين للعمال على توجيههم للذهاب إلى المسرح ولم ينجحوا، فقرروا أن يذهبوا هم بمسرحهم إلى العمال، وعرضوا مسرحياتهم في بعض المصانع وفي النهاية تشكلت فرق مسرحية من العمال .
* الرشيد أحمد عيسى: ما هو متوفر من استقرار وبنية تحتية ودعم حكومي للمسرح الإماراتي غير متوفر في كثير من البلدان العربية، وقد أكون جئت من تجربة مغايرة تماماً، خاصة أنني أحيا في تقاطع أفرو- عربي .
منذ أن جئت إلى الإمارات من السودان وجدت بعض المشكلات والأسئلة الملحة، فالنهضة التي استغرقت 40 عاماً فقط صاحبها كم هائل من المشكلات أهمها تنوع التركيبة السكانية الذي أخل بأسئلة المسرح، وحيث تقوقعت أسئلة المسرح في مسألة الهوية، وذهب المسرحيون للبحث في أسئلة التراث، لأن هذا التنوع الكبير في التركيبة السكانية أصاب المبدعين والمفكرين والفنانين بالخوف، وهذا أمر طبيعي .
حتى يستطيع فنان المسرح أن يتطور لابد أن تكون هناك ممارسة تراكمية مستمرة، فلم أر في حياتي فناناً مسرحياً يشتغل بروفات لمدة 3 أشهر ليعرض 6 عروض فقط، ما أعرفه ان المسرحي لابد أن يقدم مسرحيته على الأقل في 200 عرض الممارسة التراكمية في المسرح الإماراتي ضعيفة جداً ولا تؤدي إلى تطور .
كيف نقدم تجارب مختلفة ومتنوعة في هذا الواقع الذي مازال يعتقد أن المسرح هو ذاك المبنى المغلق التقليدي، أسئلة الواقع تتطلب منا أن نبحث عن مكان لأن نقدم هذا المسرح، ولماذا يعود مسرحنا إلى أسئلة الرعيل الأول من الفنانين العرب؟ عندما كان سؤال المسرح لديهم يتلخص في ضرورة أن يتخلصوا من التبعية وأن يبدعوا أشكالاً عربية جديدة . نحن لم نذهب في هذا الاتجاه، بل ذهبنا إلى مسرح خاص بنا، لدينا في بعض المناطق مسرح الشجرة، وغيره من أشكال مسرحية تقدم مسرحاً مرتبطاً بقضايا ومشكلات الناس .
في الشارقة، حاولنا في إدارة المسرح أن نخلق وعياً جديداً لدى الجمهور، فبدأنا بمسرح الشارع بأسئلة ترتبط بالجمهور نفسه وكانت انطلاقتنا من رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة المستنيرة، والتي تدفعنا لأن نقدم مسرحاً متمرداً يذهب للجمهور، واستطعنا أن نقدم أكثر من 20 عرضاً مختلفاً في كل أنحاء الإمارة .
أيضاً حاولنا تدريب الشباب، وهي حاجة ضرورية وملحة، من خلال مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة .
وبدأنا الدورة الأولى لمهرجان المسرح المدرسي ب18 مدرسة من كل المراحل، وشاركت 34 مدرسة في الدورة الثانية وإلى 60 مدرسة في الدورة الثالثة .
* نجيب الشامسي: نعم هناك دعم مسرحي كبير، وبنية مسرحية ليست في الشارقة فقط، وإنما في مختلف الإمارات، إلا أنني أعتقد أنه على الفنان تحمل مسؤولياته أمام الجمهور والمجتمع، فالفنان قائد تنويري، وهو أحد العوامل التي أدت إلى تشكل منظومة الوعي في مجتمع الإمارات .
إن الدعم الذي يتلقاه أهل المسرح كبير ونوعي، صاحب السمو حاكم الشارقة يأمل في أن يكون للمسرح حضور نوعي على مستوى الساحة الخليجية والعربية، ولكن تكمن المشكلة في كتّاب المسرح الذين يجب أن يقدموا نصوصاً نوعية، وأيضاً في المخرجين والطاقات البشرية الذين لا نشاهد هم إلا في أيام الشارقة المسرحية .
* عبدالقادر الملا: هذه المرة الأولى أحضر فيها أيام الشارقة المسرحية، وكانت بالنسبة لي صدمة واكتشافاً، صدمة بالمفهوم الإيجابي، لأننا نحن المسرحيين العرب من لم يعرف المسرح الإماراتي يعتقد أنه ضعيف، وكانت فرصة أطلعتني لأعرف هذا المسرح وأتلمس مستواه .
لمست خلال وجودي في "الأيام" حالة شغف كبيرة جداً لدى المسرحيين، ولمست تطوراً كبيراً في ما يتعلق بعمل الممثل، وتحديداً الممثلة، وفي أغلبية العروض التي شاهدتها لم أر ممثلاً ضعيفاً .
إضافة إلى وجود تطور في مفهوم النص المحلي الإماراتي المعتمد في كل العروض، وهذه ظاهرة إيجابية .
ولكن ما وجدته خلال التجارب المسرحية أن حالة النص الأدبي هي المسيطرة على المؤلف المسرحي الإماراتي، ما زالت هناك مقترحات جميلة ولكنها ليست متطورة في ما يتعلق بما وصلت إليه كتابة النص المسرحي الحديث .
الأمر الآخر، والمهم، أن ظاهرة المسرح بمفهومه عرضاً لم تتبلور كثيراً في مسرح الإمارات، مازالت الحكاية هي المسيطرة، عناصر المشهد البصري قليلة جداً باستثناء بضعة عروض، وهناك إشكالية كبيرة في مفهوم حركة الممثل، وفي كثير من العروض الإخراج منفصل عن عناصر الحكاية، فليس هناك رابط في ما يختص بمهام المخرج وكيفية تناوله للنص بشكل متصل عضوياً بمفرداته وعناصره .
أعتقد أن المسرح الإماراتي الآن يحيل إلى بدايات المسرح العربي، وليس من حيث انتهت التجارب المسرحية العربية من تطور .
شاهدت عروضاً ما زالت تتبع المذهب الطبيعي، وعروض لا تولي مفردات العرض المسرحي أي أهمية إلا في إطار لوحات يعبر المخرج من خلالها عن اجتهاده حول النص، ويغيب التكامل بين مفردات العرض المسرحي الحداثية باعتباره عرضاً مرئياً، فلا يتم العمل على المشهد البصري وما يشغل المخرج هو الفكرة .
من جانب آخر لا أعتقد أن هناك حاجة ملحة لمعهد مسرحي بدليل التجارب الأكاديمية العربية، خاصة أن لم نضمن ما سيؤول إليه هذا المعهد من ترهل كما حدث في سوريا ومصر لقد اصبحت هذه المعاهد معبراً لنيل الشهادة وكارنيه النقابة، وفي اعتقادي أن تلك المواهب المتفجرة الموجودة في الإمارات، والتي تحمل هما وهاجساً حقيقياً يجب أن تصقل طاقاتها في دورات وأتمنى أن تكون خارج الدول العربية، فالتجارب العربية تنحو إلى تكرار واجترار ما ترسخ في الذهن من تجارب مسرحية، وفي اعتقادي أن 4 سنوات من الدراسة الأكاديمية كثيرة جداً، خاصة أن غالبية الأكاديميين العرب في حالة بائسة قد تدعوهم إلى التعامل مع التدريس في المعاهد على أنه عمل وليس إبداعاً .
* عبدالواحد بن ياسر: هموم المسرح لا تنتهي، وبالتأكيد سنتقاطع ونكرر بعضاً، وهذا التكرار يؤكد قول الفقهاء ما تكرر قد تقرر . إن الشارقة حالة استثنائية، نموذج، حتى أننا نكاد نقول إن الشارقة مدينة تسن قوانين المسرح، بالمعنى الهيكلي المؤسسي .
ومثلما المحفزات كثيرة فالمتطلبات كثيرة، متطلبات التكوين والانفتاح على المسارح المختلفة، لماذا لا تنفتح أيام الشارقة المسرحية مستقبلاً على تجارب مسرحية عربية للتلاقح؟
لقد أثارني كلام الأستاذ أحمد بورحيمة حول معهد المسرح، فالمفارقة أنها ليست حالة خاصة بالشارقة ولكنها تكاد تكون ظاهرة عربية، فخريجو المعاهد المسرحية لا يجدون مجال عمل لهم، وعلى قلتهم، في المغرب نسبة كبيرة من خريجي المعهد العالي للمسرح يعملون في الأقاليم في ما يسمى بالمديريات الجهوية لوزارة الثقافة، وقلة قليلة منهم أفرغوا طاقاتهم الإبداعية في أعمال مسرحية، فالعمل الإداري يلتهم الطاقة الإبداعية ولا ينميها، وممارسوا العمل المسرحي هم من العصاميين الذين احترفوا المسرح . وهي مشكلة يعاني منها المسرح الإماراتي ولابد من البحث عن تناغم ما بين الدراسة وسوق العمل .
إن إشكالية الجمهور ليست إشكالية شارقية فحسب، بل هي إشكالية عربية بدرجات متفاوتة . وتستدعي دراسات سيكولوجية وسسيولوجية للجمهور، ومن سلبيات الدراسة الأكاديمية للمسرح غياب بحث ظاهرة الجمهور، وكأنه كيان هلامي متجانس لا غير، وعلينا ألا ننسى أن المسرح فن وافد، ولابد أن يتجذر في حياتنا، قديماً كان الذهاب للمسرح طقساً احتفالياً عائلياً، والمشكلة أننا نحن الممارسين للمسرح لا نساعد في جذب واستقطاب الجمهور، نقدم في بعض الوقت مسرحاً لا يراه أحد . علينا أن نذهب إلى الجمهور كما هو حاصل في بعض الأقطار العربية وفي المغرب العربي خصوصاً، فلماذا لا تذهب أيام الشارقة في شكل قوافل مسرحية إلى مختلف إمارات الدولة .
وأخيراً أضم صوتي بضرورة تخصيص مادة للمسرح في المدرسة وفي الجامعة، مادة إلزامية حتى في التخصصات العلمية، من خلال برامج درامية مشوقة وجذابة بشقيها النظري والتطبيقي .
أحمد أبو رحيمة: أؤكد ما ذكر بأن أيام الشارقة المسرحية تنتقل إلى مختلف الإمارات في الموسم المسرحي الصيفي .
وعن ضعف الإقبال الجماهيري على المسرح، فهناك مسرحيات إماراتية تشهد إقبالاً جماهيريا لافتاً، ولكن القضية ماذا نقدم للجمهور؟ هل نقدم مسرحاً كوميدياً لا يعبر عن واقع وقضية حقيقية؟ المسرح التجاري له جمهوره، ولكن المسرح الطليعي جمهوره مختلف، وأعتقد أن الجمهور المتابع لأيام الشارقة المسرحية غالبيته من الجمهور العام المهتم والمقبل على مشاهدة الأعمال الجادة .
أما التدريب والتأهيل، فلدينا في إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام برنامج متواصل لذلك، والمسرح في الإمارات له تجربته الثرية وأسماؤه الراسخة، والمسرح المدرسي ناشط، وكذلك مسرح الشباب، والورش والتدريبات تنتج أعمالاً مسرحية جيدة .
المسرح الإماراتي منفتح على التجارب العالمية، وهناك مشاركات خارجية من قبل مسرح الشارقة بدعم صاحب السمو حاكم الشارقة . وهدفنا أن يتعاطى الجمهور مع المسرح يوميا ويكون ضمن برنامج الأسرة والفرد .
* نجيب الشامسي: إن السؤال الأهم ماذا نقدم للجمهور؟ نحن نبحث عن المسرح الجاد، أو المسرح الاجتماعي صاحب الرسالة والمضمون حتى وإن تم تناولها بشكل كوميدي، وحتى الأعمال المستضافة في أيام الشارقة المسرحية تحظى باهتمام كبير وجمهور نوعي، لحاجة الجماهير لتلك الأعمال . السؤال كيف يمكن للمسرح الإماراتي الاستفادة من مختلف التجارب العربية؟
* د . صميم حسب الله: العرض المسرحي يتكون من مجموعة من العناصر التي عندما تتفاعل ينتج عنها عمل مسرحي جيد، وأعتقد أن المسرح كغيره من الفنون يجب أن ننتعامل معه بحب ويشتمل على مجموعة من التقنيات سواء في التمثيل أو الرؤية الإخراجية وكيفية تشكلها .
لقد زرت قبل أيام بينالي الشارقة وأتمنى على كل المخرجين المسرحيين زيارة البينالي ومشاهدة الأعمال المقدمة فيه لأنها تحفز للمخيلة والتي تعد الأساس في العمل الفني والإخراج .
أشار البعض إلى أن هيمنة النص والحكاية هي الأساس في العمل المسرحي، ولكن هل نحن ملزمون بمعالجة النص كما كتبه المؤلف؟ أعتقد أن المسرح تجاوز هذه المرحلة منذ سنوات طويلة، فالنص عنصر مهم ولكنه ليس كل العناصر، لابد أن تكون هناك رؤية إخراجية تختزل الكثير في مشهد بصري، الذي لا يعني إلغاء المضمون .
كثير من العروض التي شاهدناها في "الأيام" مثقلة بزحام في الديكور، الأمر الذي يتنافى مع متطلبات المسرح الحديث، وهنا تكمن أهمية تدريب الشباب الإماراتيين في الخارج في ورش مسرحية أجنبية لاكتساب الخبرة والمعرفة، فالديكور يطغى أحياناً على بعض العروض الإماراتية، إضافة إلى الحوار المستمر بسبب هيمنة النص، رغم أننا ندرك أن الصمت في العرض المسرحي ضروري لضبط الإيقاع . إن ضبط النص يحتاج إلى إعادة قراءة، فالكتابة الحديثة للنص الدرامي كتابة مشفرة ورمزية تعزز العرض وليست مجرد متن حكائي .
أرى أن جميع الممثلين في العروض التي شاهدتها يمتلكون التقنيات نفسها، الأداء المبالغ فيه، وهناك إمكانات ضخمة لدى بعض الممثلين لا تستثمر من قبل المخرج، حتى وإن كان المخرج حبيس النص .
المسرح الإماراتي يفتقد الاستعراض والتقنيات المسرحية في الإضاءة أو الديكور، اغلب العروض مجرد إلقاء بقعة ضوء على الممثل وتنتقل من مشهد إلى آخر من دون معالجة إخراجية، ولذا يجب أن تعقد دورات وورش عمل من أجل تطوير مهارة الدراماتوج، وواحدة من وظائف الدراماتوج كيفية قراءة نص وإعادة إنتاجه على خشبة المسرح بما يتفق مع الرؤية الإخراجية وليس ما يتفق مع طموحات نصية .
* نواف يونس: من الإشكاليات التي نقلت من المسرح العربي إلى المسرح الإماراتي علاقة المخرج بالممثل، وكأن هناك عداوة بين المخرج والممثل، فالمخرج العربي يكره على ما يبدو الممثل، يضعه في عمق المسرح ويقيده، ويخفي الإضاءة عنه، علاقة غير سوية، ففي أغلب أعمال أيام الشارقة المسرحية لا نشاهد ملامح الممثل على المسرح، يؤدي الحركة بجسده فقط، فإما هو موجود في قاع الخشبة أو الضوء غير مسلط عليه، أو يضع قناعاً وهي ظاهرة عربية فقط .
* يوسف البحري: أولاً: أجد صعوبة في تمييز أو فهم في ما نحن نتحدث، فليس هناك فصل بين ما هو جمالي وما هو تنظيري، بين منتوج المسرح من عروض بما فيها من وجهات نظر فكرية جمالية، وبين الناحية الهيكلية التي تنظم الممارسة والمهن المسرحية والتمويل والتشريعات، مسيرة المسرح في المجتمع ورؤيته .
ثانياً: أطلب بكل رفق من المسرحيين العرب أن لا يخربوا، كما خربوا في الماضي - الفعل المسرحي في الشارقة بالمدح والتزلف .
ثالثاً: حديثنا دراسة مقارنة بين ما يقع في الإمارات والمشهد المسرحي العربي، وأرى أن المقارنة لا بد أن ينتج عنها أفكار جديدة .
إن مناقشاتنا اليوم حول المسرح تتركز حول أفكار ثلاثة: الفكرة الأولى تتعلق بالتكوين الذي هو جوهر العروض، فالمسرح يتضمن مهناً مختلفة تقتضي خبرات تكتسب في إطار التكوين .
الفكرة الثانية تتمثل في التجارب العربية في إنشاء المعاهد وهي تجارب معروفة، وإذا كنا نحمل تجارب بلداننا لنتحاور ونتفاعل حولها، نجد أن المسرح كمادة تدريسية موجود ضمن مناهج التعليم في تونس، إضافة إلى معهد ثانوي للمسرح، ومعهدين عاليين ومع ذلك لم يفض كل هذا إلى مسرح تونسي كبير .
فالنموذج التونسي رغم ثرائه، فإنه يمتلئ بالمشكلات، فلماذا لا نتحول إلى معاهد إقليمية، لماذا لا يتحول معهد المسرح في الشارقة إلى معهد دولي يستقطب الطلاب من مختلف الجنسيات؟
الفكرة الثالثة ترتبط بقضية التشريعات، في التجارب المسرحية فهناك مطالبات بالتفرغ، مشكلة قانون المهن الدرامية أنه ينظم ما هو موجود، وحيث لم يسبق المشرع برؤيته المستقبل فيعطي هامشاً لتطور المهن المسرحية، نحن نحتاج تشريعات تتطلع إلى المقبل ولا تكتفي بواقع المسرح الراهن .
* الرشيد أحمد عيسى: نعود للتساؤل: لماذا لا يشارك الفنانون الإماراتيون في الندوات؟
الفنان الإماراتي لا يحضر الندوة النقدية لأنه يشعر بعدم المصداقية، وهذا هو الخوف، لابد أن نتعامل مع فن المسرح على أساس أنه ظاهرة كونية معرفية تسهل تواصلنا وتخرجنا من إطار النفاق العربي الطارد للإبداع .
لا نستطيع أن نتحدث عن أوجه تشابه بيننا لأننا لا نعرف بعضنا البعض، لم أعرف عن المسرح الإماراتي شيئاً إلا عندما أتيت للإمارات، نحن نفتقد الصدق في تجاربنا، إن الاعتراف بالجهل فضيلة، وفي كثير من تجاربنا العربية نجهل أشياء ولكننا نتحدث عنها بمكابرة .
المسرح الإماراتي رغم معاناته ومشكلاته يشهد تقدماً كبيراً في التقنيات تتوافر له بنية تحتية مميزة، يقابلها فقر كبير في مفهوم التجريب، ومازال النص مسيطراً، رغم تجاوز التجارب الحديثة للنص المكتوب .
* نجيب الشامسي: نؤكد أن الإمارات ليس لديها مقومات مادية وبنية تحتية فحسب، ولكنها حاضنة لنخبة من المسرحيين ولفعاليات وتجارب وكوادر ثقافية عدة، ونسعى من خلالها إلى تطوير مسرحنا .
وعندما يطرح صاحب السمو حاكم الشارقة نفسه كاتباً مسرحياً ويقدم أعمالاً يعالج من خلالها الهم العربي، وينشئ الهيئة العربية للمسرح من أجل تجسير العلاقة الطبيعية بين المبدعين العرب، فإن ذلك يثري التلاقح الطبيعي في الحركة المسرحية . فوجود مسرح عربي ناهض في الإمارات يخدم العروبة كلها، فالإمارات حاضنة للثقافة العربية بمبدعيها ومثقفيها .
ومقومات نجاح معهد الشارقة للفنون المسرحية متوفرة، والدعم الكبير للمسرح الإماراتي تؤهله ليكون فاعلاً ومستقطباً للمواهب والكفاءات العربية .
* عبدالقادر الملا: فيما يتعلق بالاستفادة من التجارب العربية، أرى أن المسرح الإماراتي الآن يكاد يكون المسرح الأكثر تطوراً في البلدان العربية، لذا أشدد على أهمية الاستفادة من تجارب مسرحية حقيقية مهمومة بالمسرح ومسرحيين لا ينتمون لهيئات رسمية لأن هذه الهيئات تلغي مبدعين مهمين .
* يوسف البحري: من خلال اطلاعي على بعض كتب البينالي وبعض منشورات دائرة الثقافة وجدت أن المسألة عند صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ليست نحو تكامل عربي فقط، ولكنه رؤية ووعي بأن هناك مشكلة في الإمارات تتمثل في النجاح السريع والنماء والرخاء والمراكمة دفعة واحدة في سنوات قليلة، ما أفضى إلى انتشار واسع للاستهلاك . ما طرح على سموه باعتباره رجل ثقافة وإبداع وسياسة سؤالاً هو كيف ننجو من الاستغراق في سياسة الاتسهلاك دون الاستغناء عن النجاح؟
وهذا السؤال معاصر، لأن العولمة تطرح رهانات جديدة ليس في مصلحة الإنسان فقط، وإنما ضد الإنسان أيضاً . فكان الاهتمام بالثقافة في الشارقة من خلال البينالي وأيام الشارقة والهيئة العربية للمسرح وغيرها من الفعاليات نوعاً من المقاومة الثقافية، وتكريس مفهوم الكونية بما فيها من إيجابية كبديل عن العولمة بما فيها من مشكلات، فالعولمة تفرض النمطية وتسحق الخصوصية، في حين الثقافة ترشد الاستهلاك وتعيد طاقة التعبير لدى الإنسان وتقيه من التنميط .
* نجيب الشامسي: الثقافة الاستهلاكية لا تستشري في مجتمع الإمارات فحسب بل يعاني منها معظم الوطن العربي، وللحد منها لابد من تنشيط منظمات المجتمع المدني، وتفعيل المؤسسات الثقافية للتخفيف من طوفان العولمة الذي يقتلع قيمنا ومبادئنا، حتى لا يصبح الإنسان العربي مجرد مستهلك .
ويعمد صاحب السمو حاكم الشارقة إلى تنشيط المسرح العربي من منطلق إيمانه بمشروعه النهضوي للأمة العربية عموماً، ونستقرئ ذلك من خلال أعماله المسرحية الموجهة للعرب، فالإنسان العربي أصبح مشدوداً للخارج أكثر منه للداخل . فما يحدث في قطر عربي ينعكس على سائر الأقطار العربية والإنسان العربي .
* الرشيد أحمد عيسى: عندما بدأت الجاليات العربية التوافد إلى دولة الإمارات منذ السبعينات، حاولت كل جالية أن تقيم لها نادياً، وكانت رؤية ومشروع صاحب السمو حاكم الشارقة حقيقة، فرفض هذه الأندية وأنشأ نادياً ثقافياً عربياً مبنياً بمواصفات مميزة . الأبواب مشرعة في الشارقة لكل الفنانين العرب الحقيقيين لعمل إبداعي .
* أحمد أبو رحيمة: دولة الإمارات بدأت العمل المسرحي منذ السبعينات مع الراحل زكي طليمات عندما وضع استراتيجية تطوير المسرح المدرسي في الإمارات، تلتها تجارب وأسماء كبيرة منها صقر رشود وفاروق أوهان وإبراهيم جلال وقاسم محمد ويحيى الحاج ومحمود أبو العباس وانتهاء بالرشيد عيسى وغيرهم من الأسماء العربية المشهودة، دائما نبحث عن دعم المبدع الحقيقي في تجاربنا ونتعامل مباشرة مع المبدع وليس مع مؤسسة .
إيمان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي بمشروع الشارقة الثقافي والحركة الثقافية، دائماً ما يركز على التحاور مع الآخر والتعريف بتجربتنا، والانفتاح على العالم والندوات والأيام الثقافية . كما دعا سموه في خطابه في الصين عندما كرمته الهيئة العالمية للمسرح، إلى الاندماج في الثقافة والتواصل مع الآخر بعيداً عن الصورة النمطية عن الصورة العربية . هناك مشروع ثقافي ومسرحي من أجل الوصول إلى صيغة وصورة للإنسان العربي .
* نجيب الشامسي: لا تقتصر جهود صاحب السمو حاكم الشارقة الثقافية على المسرح وحسب، ولكنه قدم الكثير من المشروعات في شتى حقول الثقافة الأخرى سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، لأنه يؤمن بالحوار الذي يترجم مفهومه عن العلاقات بين الأمم والشعوب، بمشروع حضاري وتنموي ليس على مستوى دولة الإمارات، وإنما على مستوى الوطن العربي بشكل عام .
المشاركون في الندوة
* أحمد أبو رحيمة: مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة
* د . جمال ياقوت: أستاذ المسرح في كلية الآداب في جامعة الإسكندرية
* الرشيد أحمد عيسى: إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة
* صميم حسب الله: ناقد ومخرج مسرحي، كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد
* د . عبدالقادر الملا: مخرج وناقد مسرحي، المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق
* عبدالله مالك: ممثل ومخرج ومسرحي، قسم المسرح المنزلي في وزارة التربية والتعليم في البحرين
* د . عبدالواحد بن ياسر: أستاذ التعليم العالي للمسرح والناقد المسرحي، المغرب
* نجيب الشامسي: كاتب ومؤلف مسرحي
* نواف يونس: مدير تحرير مجلة دبي الثقافية
يوسف البحري: مؤلف مسرحي وأستاذ في جامعة سوسة في تونس
التوصيات
- أهمية دعم الدولة والقطاع الخاص للنشاط المسرحي في الإمارات .
- إنشاء مؤسسة بحثية تضع الدراسات المتعلقة بالمسرح الإماراتي، وتقدم الاقتراحات الكفيلة بتعزيز هذه الظاهرة الثقافية وتواكبها دراسات نقدية وعمل توثيقي يرصد الحركة المسرحية ويضعها في السياق الصحيح .
- تأسيس معهد فني متخصص للمسرح في الإمارات
- إدراج مادة متخصصة في الدراما والمسرح في المناهج الدراسية لجميع المراحل التعليمية .
- ضرورة تواصل المسرحيين مع مختلف المؤسسات والجهات وتنظيم عروض مسرحية في أماكن عامة ومفتوحة للتغلب على ضعف الإقبال الجماهيري .
- الانفتاح والتلاقح على تجارب أخرى لتعزيز التجربة المحلية، وربط النص بالرؤية الإخراجية والاشتغال البصري لإنجاح أي عرض مسرحي، مع ضرورة تأهيل المسرحيين وجعلهم أكثر قدرة على مواكبة ومجاراة متطلبات العمل المسرحي .
- تفرغ المسرحي وتوفير مختلف أوجه الدعم له .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.