فيصل الصوفي عندما بحث حزبا المؤتمر والإصلاح عن جذور القضية الجنوبية، أرجعها الإصلاح إلى ثلاثينيات القرن العشرين، والمؤتمر تقدم قليلا إلى عام 1967.. المؤتمر ركز على الصراعات السابقة وما نتج عنها من إقصاء واستبعاد، الإصلاح ركز على الصراعات، وأشار إلى أخطاء ما قبل وما بعد حرب 1994، وأعفى نفسه منها، بما في ذلك فتوى استباحة دماء الجنوبيين وأراضيهم. من مظاهر الخفة في تناول القضية أن الإصلاح وجد أن واحدة من جذورها "غياب الفساد المالي"..! قال: لم يعرف الجنوب ظاهرة الفساد المالي بشكل واضح بسبب طبيعة النظام الإداري وصرامة الإجراءات الرقابية في القطاع الحكومي.. ! يعني كان على النظام في الجنوب أن يسمح بالفساد هناك، فإذا تحققت الوحدة ونقل الفساد إلى الجنوب لن يثير تذمر المواطنين ما داموا قد اعتادوا عليه، لكن النظام غيب الفساد للأسف، فغرس للقضية جذرا. الرجوع إلى زمن ثلاثينيات وستينيات القرن الماضي أو إلى يومين قبل يوم 22 مايو 1990 للبحث عن جذور القضية، من شأن المؤرخين، أما السياسيون فمهمتهم التركيز على ما هو عملي وآني، إذا أرادوا الإسهام في حلها. القضية نشأت أساسا عام 2007، والبحث عن جذورها لا يتطلب التنقيب في صحراء قوم عاد، بل يبحث عنها بين ركام الكوارث والأخطاء التي حدثت منذ عام 1990، ومنها حرب 1994 وما رافقها وما نتج عنها، وما تراكم بعدها، وهي جذور القضية والتربة التي نمت فيها والمياه التي رويت بها. دعك من الذي يقول إن الوحدة الاندماجية كانت قرارا متسرعا اتخذه علي سالم البيض، ودعك من القائل إن الشعب في الجنوب لم يستفتِ على الوحدة، ودعك من القائلين إن حرب صيف 1994 كانت احتلالا شماليا للجنوب، ودعونا أيضا من محاولات انتزاع الجذور من براثن التاريخ. بعض الاتفاقيات الوحدوية تنص على الأخذ بما هو أفضل في تجربتي الشمال والجنوب، هذا لم يحدث، بل عمم السيئ، ومن هذا الذي تم تعميمه الفساد الذي اعتبر الإصلاح غيابه في الجنوب جذرا من جذور القضية.. الحراك في الجنوب نشأ نتيجة أخطاء ومظالم.. المواطنون كانوا يعتمدون على الدعم الحكومي للسلع والخدمات، فأدخلوا اقتصاد السوق بلا عدة السوق، عسكريون استُبعِدوا أو أحيلوا إلى التقاعد قسرا، موظفو القطاع العام فقدوا وظائفهم بسبب الخصخصة، المتقاعدون لم تحسن مرتباتهم، العاطلون عن العمل كثروا، أراضٍ نهبت، وممتلكات الدولة ومنازل قيادات جنوبية تم السطو عليها.