الحلقة الثانية عشرة : مخاطر التلوث النفطي في مديريات م/ شبوة المنتجة للنفط والغاز الطبيعي. تحت رمال جنوب الربع الخالي توجد أكبر بئر نفطي في العالم 04-24-2013 10:14 الجنوب الحر - بقلم : د. حسين مثنى العاقل لقد تبين لنا من خلال الزيارة الميدانية التي حرصنا على جمع المعلومات من مصادرها الحقيقية، ومن واقع الحال لمديريات محافظة شبوة المنتجة لخام النفط والغاز الطبيعي، وهي كما ذكرنا في الحلقات السابقة المديريات الثلاث (عسيلان، جردان وعرماء)، مدى ما تتعرض له ثرواتها المخزونة في مكامن طبقاتها الرسوبية منذ الاف السنين من نهب واستنزاف، لا يمكن القبول أو الصبر والسكوت عن ما يحدث هناك من تصرفات عبثية وانتهاكات جائرة بحق أبناء تلك المديريات بصورة خاصة وأبناء محافظة شبوة وشعب الجنوب بصورة عامة ؟!!.. لذلك فإن الحقائق المدعومة بالصور التي سنعرضها عن مخاطر الكارثة البيئية في مناطق القطاعات المستباحة ثروتنها السيادية، من قبل الشركات النفطية العالمية تحت حماية وتواطؤ زعماء القبائل اليمنية وجنرالاتها العسكرية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن أراضي تلك المديريات قد صارت فعلاً مسرحاُ ومرتعاُ للنهب الهمجي من قبل عصابات نظام سلطة صنعاء القبلية، وما يؤسف له أن تجد من يحدثك عن تلك المعاناة الطبيعية والإنسانية هم من أبناء تلك الأرض الأبية ومن خيرة رجالها وشيوخ قبائلها الأوفياء الصابرين على جور ما أبتلتهم به نوازع الطغاة وأطماع الشركات المتهافتة على عروض الفيد اليمني.. حيث تجدهم يتحدثون عن واقعهم بمشاعر تلفها مرارة الضيم والقهر، وتنجش من أعماقهم زفرات الكبت الموجع التي تكاد تفض كبد السماء، وهذه المشاعر لا تقتصر على من يعملون بوظائف عادية مع الشركات العاملة في قطاع جنة 5، وقطاع العقلة S2 وقطاع 4 عياد الغرب والشرق وأمال وغيرها، وإنما ترى وتسمع ذلك الشعور المتذمر من رعاة (البوش) الأغنام والأبل في مرابع البادية وهم يحدثوك عن ناقلات الحثيلي، وعن حفارات عبد الرحيم ووكالة محسن علي محسن، وعن المتنفذ القبلي محمد ناجي الشائف وعن الأفندم على- وأحمد- وحميد- والراعي و....و... فلا تستغرب حين تسمع منهم دقة الوصف وحصر أعداد أسطول الناقلات اليومية التي تمر أمام منازلهم البسيطة والمتواضعة ليلاُ ونهاراً، صورة رقم (16)، وهي ترج الأرض محملة بأطنان من كميات النفط الخام أو الغاز الطبيعي متجهة صوب الغرب إلى مأرب. والعجيب أيضاً أن معظم سكان مديريات النفط يعرفون لمن تتبع تلك الناقلات الضخمة من خلال لوحاتها أو حسب نوعيات وأشكال كل منها، إلى درجة أنهم يدركون تماماً أموراً كثيرة عن عمليات النهب لخيرات أرضهم ونتائجها التدميرية، وما تحدثه لحياتهم المعيشية ولمواشيهم وتربة أرضهم من تلوث وخراب وأمراض وبائية خطيرة.. صورة رقم (16) أسطول الناقلات لخام النفط والغاز الطبيعي من حقول قطاعات مديريات شبوة إلى مأرب. المصدر: قطاع قبلي يحتجز أكثر من 600 ناقلة نفط في مأرب، انظر: https://www.google.com/search?q= أرباح طائلة للشركات الأجنبية ومشايخ اليمن.. وخراب وتلوث بيئي لأصحاب الأرض والثروات؟؟. يشير العديد من الباحثين ومنهم المهندس ناصر وحان اللهبي، احد كبار المهندسين النفطيين اليمنيين إلى أن حجم الأموال المهدورة والمنهوبة من عائدات النفط والغاز الطبيعي خلال السنوات من 2000 – 2010م تصل إلى حوالي (3,167 ثلاثة تريليون ومئة وسبعة وستين مليار ريال) وتعادل نحو (15,835 مليار دولار). وهذه الأموال الضخمة كما يقول الليثي تذهب إلى جيوب رموز الفساد اليمني، وتهدر في مجالات حكومية وهمية، وفي الإنفاق على كسب الولاءات وفي مصالح سياسية خاصة " فمعظم هذه الأموال تذهب إلى الرئاسة والداخلية والأمن وباقي الوزارات والشعب يموت من المرض والجوع"(46). وتتوزع هذه الأموال حسب السنوات كما في الجدول رقم (8) والشكل رقم (3). جدول رقم (8) يكشف حجم الأموال الضخمة المنهوبة سنوياً من عائدات النفط والغاز والتي تذهب إلى جيوب الفاسدين في نظام سلطة الاحتلال اليمني وهي من ثروات شعب الجنوب. المصدر: من مقابلة المهندس ناصر عبدة الليثي، مع قنات سهيل في برنامج بصراحة، بتاريخ 10 يونيو 2011م. الشكل رقم (3) يوضح مستوى النهب واهدار عائدات النفط والغاز حسب السنوات 2000-2010م. ولكي تتضح المقارنة بكل تجلياتها المؤسفة والمؤلمة معاً.. فإن عناصر الجريمة تتمثل بمظاهر التلوث البيئي ومخاطر نتائجها الوخيمة على حياة السكان في مديرات إنتاج النفط والغاز (عسيلان- جردان- عرماء)، فسُحب الدخان الناتج بفعل احتراق كميات كبيرة جدا من الغاز الطبيعي من آبار حقول الإنتاج (انظر الصورتين رقم (17- 18)، تكاد تكون من المناظر المألوفة التي يشاهدها أبناء تلك المديريات يومياً، وهي تغطي سماء وأجواء مناطق تجمعاتهم السكنية وأراضيهم الزراعية ونباتات الغطاء النباتي محدودة الانتشار والتنوع بمراعيهم البرية ذات الطابع الصحراوي الجاف معظم أيام السنة، حيث تشاهد ظاهرة التلوث من مخلفات الترسبات الكربونية المنبعثة من عمليات احتراق الغاز العبثية، حتى خلال ساعات الليل وقد شكلت طبقات سميكة من السًحب البيضاء الغريبة ؟!. وهذه الظاهرة تتطلب من الباحثين والمتخصصين في مجالات البحث والتنقيب عن خام الثروات النفطية، ومن الخبراء العارفين بالوسائل والطرق المتبعة في عمليات الحفر والمواد الكيماوية المستخدمة من قيل الشركات النفطية العاملة في مختلف مناطق ومديريات المحافظات الجنوبية المتبعة أثناء عمليات حفر الآبار، إلى سرعة التحرك والاستشعار بمسؤولية دورهم الوطني في كشف الحقائق للسكان والرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، إن كانت الشركات النفطية تقوم باستخدام مواد كيماوية مسموح بها دولياً وقانونياً عند حفرها للآبار، وأنها أيضاً لا تشكل خطورة بيئية لها عواقبها التدميرية مستقبلاً على حياة السكان ومكونات البيئة النباتية والحيوانية والتربة والمياه السطحية والجوفية وغيرها، أو أن ما يحدث ويمارس ويترتب من سُحب دخانية في سماء المنطقة كما تظهر الصورتان رقم (19- 20). توضح الصورتان (17-18) ظاهرة احتراق كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المنتج من الآبار النفطية في قطاع العقلة S2 بمديرية عرماء محافظة شبوة، في سبتمبر 2012م. تكشف الصورتان رقم (19- 20) ظاهرة تشكل طبقات سميكة من السُحب الدخانية في فترتي الليل والنهار في سماء وأجواء مناطق حفر الآبار النفطية بقطاع العقلة S2 بمديرية عرماء م/ شبوة، في سبتمبر 2012م. وتأكيدا على مدى خطورة وجريمة ما يحدث من مظاهر التلوث البيئي نتيجة انبعاثات سُحب الدخان الكربونية، هو ما شاهدناه ورصدته عدسات آلة التصوير من صور لتلك البقع السوداء أثناء الزيارة الميدانية إلى مديريات عسيلان وجردان وعرماء م/ شبوة في شهر سبتمبر من العام الماضي. وهي تغطي اسطح الكثبان الرملية البعيدة عن أبار إنتاج النفط واحتراق الغاز المهدور، وهذا دليل على أن مخاطر التلوث ليس محصوراً على مناطق القطاعات النفطية المنهوبة فحسب، وإنما مخاطر الكارثة البيئية لن تسلم من عواقبها التدميرية حتى بعض مناطق جنوب صحراء الربع الخالي ورملة السبعتين، كما أن المناطق التي تتعرض فيها شبكة الأنابيب الناقلة لخام النفط إلى مواني التصدير للتفجيرات المتكررة، ستعاني هي الأخرى من مخاطر وعواقب التلوث البيئي الناتجة عن تسرب كميات كبيرة من النفط الجنوبي المنهوب، (انظر الصورتين رقم (21-22). تبين الصورتان رقم (21- 22) ظاهرة التلوث البيئي على اسطح الكثبان الرملية بفعل انبعاث السُحب الدخانية من احراق الغاز المنتج من الآبار النفطية، وأيضاً نتيجة تسرب النفط الخام جراء تفجيرات أنابيب الناقلة له إلى مواني التصدير لجني الأرباح الخاصة بالشركات وزعماء القبائل اليمنية. في الحلقة القادمة سنبين حقائق مهمة عن مخاطر ونتائج التلوث النفطي في مديريات شبوة.. الهوامش (46) من مقابلة المهندس ناصر عبدة الليثي، مع قنات سهيل في برنامج بصراحة، بتاريخ 10 يونيو 2011م، انظر أيضاً الموقع: http://www.youtube.com/watch?v=MhhE_7aoiZw