عبداللاه سُميح/ خاص/ نقلا عن النسخة الورقية: قال رئيس المؤتمر الوطني لشعب الجنوب المناضل محمد علي أحمد أن المجتمع الدولي والإقليمي قد أعترف بالقضية الجنوبية قبل ثلاثة أعوام من الان، بعد أن واصل الحراك الجنوبي السلمي نضاله ضد السلطات اليمنية منذ 2007م، ويتحتم علينا طرح ما نريده بطريقة مدروسة وواضحة، جاء حديثه هذا خلال لقاء ودي جمعة بمجموعة من الصحافيين الجنوبيين يوم الخميس الماضي بعدن. وأشار إلى أنه والرئيس الأسبق علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس قد التقوا بأطراف دولية خلال العام 2010م، أكدت لهم بأن الحكومة الجنوبية السابقة قد سلمت دولة في العام 1990م بطريقة (غبية) – حسب قوله – عن طريق اتفاقية الوحدة التي لا تتجاوز الصفحة والنصف فقط، إلى جوار عدم إشعار ثلاث مؤسسات دولية هي الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة التي كانوا ممثلين فيها، وعدم إشعارها بتنصل صنعاء عن اتفاقية الوحدة حينها، وماهية الحلول التي يريدها الجنوبيون. وبحسب محمد علي أحمد فإن أحد المعاهد الدولية يسمى "معهد صنع القرار" قد أقترح عليهم حلولا لمعالجة مشكلة الجنوب، حيث اشترط المعهد أن تدفع تلك القيادات مبلغ 3 مليون دولار ونصف مقابل أن يتحمل المعهد مسؤوليته في تلك المقترحات، أو أن تدفع القيادات الجنوبية ممثلة بتيار علي ناصر محمد ستون ألف دولار مقابل ذلك الحل دون تحمل المعهد أي مسؤولية، مؤكدا أن المعهد الدولي قد أقترح عليهم النظام الاتحادي الفيدرالي يستمر لخمس سنوات ومن ثم يليه تقرير المصير للشعب الجنوبي، شريطة أن نقدم مشروعنا إلى خمس دول عربية هي السعودية ومصر والأردن وقطر وعمان، وفي حال قدمنا الرؤية المطلوبة سيتعامل المعهد معنا بشكل مباشر، مشيرا إلى أن المعهد الدولي قد وصف توقيع اتفاقية الوحدة ب(الغباوة) حيث أنها لم تحمل في طياتها أية ضمانات دولية. وأكد المعهد – بحسب بن علي – أن الحل المُقترح يُعد العلاج الأول لإرادة الشعوب المضطهدة، وقال رئيس مؤتمر شعب الجنوب :"قدمنا مشروعا بذلك إلى تلك الدول ورفضت المملكة العربية السعودية أن تُدير هي الحلقة خشية أن يتسبب ذلك بحساسية لدى الشماليين كونها أحد الأطراف الداعمة لهم في حرب صيف 1994م، ولذلك كانت مصر هي مرجعية الحوار لنا ولجماعة علي عبدالله صالح باعتباره حاكما لليمن". ويضيف محمد علي في إطار وصفه للكيفية التي جاء بها مشروعهم السياسي للجنوب :"علي عبدالله صالح رفض مقترحنا بشكل قاطع قبل أن يهدده الأمين العام للجامعة العربية حينها عمرو موسى في حال عدم تجاوبه بأن يرفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي، وخضع (صالح) بعدها ليأتي إلى شرم الشيخ بمصر ويطلب مقابلتنا كلٌ على حده، حتى لا يتسنى لنا التفاوض معه على مائدتين شمال وجنوب، إلا أننا رفضنا ذلك وكنا مصرون على أن نلتقيه بشكل جماعي، وكان ذلك قبيل ثورات الربيع العربي ببضعة أشهر فقط، وكان يدير ملفنا الراحل عمر سليمان رجل المخابرات الأول في مصر، بإشراف مباشر من عمرو موسى، ولذلك كان عمر سليمان ينقل لنا ما قاله علي عبدالله صالح في الجلسة الثانية، وكان يرفض بشدة إقامة أي نظام إتحادي فيدرالي في اليمن باستثناء نظام حكم محلي واسع الصلاحيات، عقب ذلك بشهر جاءت الثورات ووصلت إلى مصر وفقدنا إدارة ملفنا مع صالح". يكشف عن تحالف مع المشترك يقول محمد علي أحمد أنهم وصلوا إلى اتفاق مع قيادات المشترك في الشمال ممثلة بالدكتور ياسين سعيد نعمان والشيخ حميد الأحمر بعد أن أفقدتهم الثورات إدارة ملفهم ومتابعته، اتفقوا معهم على أن تنتقل الثورة الشعبية التي بدأت في الجنوب في 2007 إلى الشمال وتحديدا صنعاء باعتبارها عاصمة سياسية لعلي صالح حتى يمكنوا من الإطاحة به، وعقدنا معهم عقدين أحدهما خالفوه واضطررنا إلى الغاءه والآخر استمر باستمرار الثورة، مقابل أن يكون شعارنا في عدن هو المطالبة بإسقاط النظام". وتابع ضاحكا :"كل شيء في الشمال انتهازي!، حتى القوى السياسية، فحين احتفلوا بذكرى انطلاق الثورة لم يحتفلوا بها في السابع من يوليو حين انطلقت الثورة في الجنوب، بل احتفلوا بذكرى اندلاع ثورتهم في 11 فبراير، ولا زلنا معهم في صراع حتى الآن، ولقد استطعنا أن نقلب الطاولة عليهم عبر هذه الوثائق – وكان يشير بيده إلى خمسة مجلدات كبيرة وضعها أمامه – التي دونّا فيها كل التجاوزات التي تجري في الجنوب من قتل ونهب واستيلاء وتسريح وظلم وتهميش". وظهر محمد علي أحمد منتشيا بإنجاز فريقه لتلك المجلدات التي يراهن على أنها هي من ستستعيد الدولة الجنوبية عبر مؤتمر الحوار، حيث قال :"الجنوب لن يعود بالمظاهرات أو قطع الطرقات، أو الكلام على قناة (عدن لايف)، بل بمثل هذه الوثائق التي أعددناها كمحتوى للقضية الجنوبية والمقدم إلى فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني، وبدون هذه الدلائل والوقائع فلا يمكن لنا أن نتحدث بصلابة، ومن (ينبح) من الخارج هو لا يقدم إلا مشاريع وهمية، وهم من مهّد للقوى النافذة في الشمال أن تستسيغ النهب في الجنوب، ". بن علي يتوعد بنشر غسيل متنفذي الجنوب وتوعد رئيس المؤتمر الوطني لشعب الجنوب المشارك في الحوار اليمني أطراف جنوبية بحصر تجاوزاتها في الجنوب عقب الانتهاء من تقديم المتعلقة بتجاوزات نافذو الشمال في الجنوب، وقال :"أحد الشخصيات الجنوبية البارزة يمتلك وحده أكثر من 35 قطعة أرض، إلى جوار هذا الفندق الذي نحن مقيمون فيه الان – ويقصد فندق جولد مور بالتواهي – ومعظم أراضية مسجلة بأسماء ولده وابنته وزوجته". وتابع حديثه متكئا على مجلدات الوثائق الموضوعة أمامه، :"هذه الوثائق أذهلت المشاركون في الحوار، وفريقنا هو الوحيد الذي قدم كل شيء بالإدلة، ونحن نأسف أن يأتي من يشتمنا بينما هو يدغدغ مشاعر الشعب بشعارات رنانة، في حين أنه من تسبب بتسليم الجنوب للشمال". وهنا انتابت المناضل محمد علي أحمد موجة مفرطة من الحماس، وضرب الطاولة بقوة قائلا :"نحن من سيستعيد لكم الوطن، بالإدلة والوثائق، فنحن ليس لدينا قوة ولا سلاح، رغم أني من دعاة السلاح، لكننا في الوقت الحاضر لا نملك جيشا ولا أمنا ولا مؤسسات ولا تأييد دولي ولا إقليمي، بل حتى لا نملك شعبا موحدا في الداخل يستطيع القتال، فكيف لنا أن نقاتل؟!، أم أن من يدعو إلى ذلك سيُطلق رصاصتين في الهواء ثم يولي هاربا ويترك الشعب يواجه حتفه أمام آلة القتل، نحن أدرى بالمعارك وخضنا حروبا هزمنا وانتصرنا فيها". وبنبرة حزينة، تمتمَ ثم ولى يقول :"لقد دخلنا الوحدة بالعواطف، وعواطفنا هذه تجرّعنا الثمن الآن، ويجب أن لا نكرر خطأ العواطف مرة أخرى، وننساق إلى ما لا يحمد عقباه وراء دعوات مجهولة". دعوة إلى مناظرة سياسية شدد محمد علي أحمد على ضرورة أن تعترف الحكومة والقوى النافذة سياسيا بالقضية الجنوبية كقضية تاريخية ودولة لها سيادتها، وأن ذلك مرهونا بمواصلة الحوار في المرحلة الثالثة المتعلقة بالحلول قبل الدخول في شكل الدولة، وقال :"لن نواصل الحوار في مرحلته الثالثة حتى تنفذ خمسة شروط لدينا، وهي الاعتراف بشكل رسمي ومعلن بالقضية الجنوبية، والاعتذار عن حرب صيف 1994 من قبل كل المشاركين فيها شمالا وجنوبا، إلى جوار أن يعتذر حزب الإصلاح عن الفتوى الدينية، ويقر بخطئها، وتعويض الجنوب عما لحق به من أضرار في الملكية العامة والخاصة، وأخيرا إعادة المسرحين والمبعدين قسرا إلى وظائفهم". كما دعا (بن علي) القيادات الجنوبية التاريخية إلى مناظرة سياسية معلنة أمام عامة الشعب الجنوبي، يقدم فيها كل طرف مشروعه السياسي لحل القضية الجنوبية، ومن ثم للشعب حق التقرير أي المشاريع سيختار. واستغرب أن يردد علي سالم البيض كلمة (رئيس) في حين هو ترك الرئاسة وهرب عقب الحرب، وترك الشعب يواجه مصيره، ويرى أن الوحدة اليمنية قد سقطت بحرب صيف 94، فيما أن فك الارتباط قد تلاشى بهروب البيض من عدن إلى عمان. وقال أنه في وقت الحرب قد خسر قرابة 20 مليون في حين أن غيره استفاد من هذه الحرب المعلنة على الجنوب، مؤكدا أن تغنيهم بالوحدة سابقا كان لا يعدو عن كونه نكاية بأطراف سياسية أخرى في الجنوب، ومن منطلق العواطف لديهم، مشيرا إلى أن الوحدة اليمنية لم تكن حقيقة، ولو كانت حقيقية لاستمرت حتى اليوم، وكُتب لها النجاح. واختتم حديثه الودي الموجه إلى عدد من صحفيي الجنوبيين بقوله ساخرا :"عقلية القيادات في الجنوب هي أن الكل يبحث له عن موقع سياسي، نحن متفقون فيما بيننا، أؤكد لكم ذلك، إلا أننا نتسارع على المواقع السياسية".