رحمة حجيرة حظي الإخوان المسلمون في اليمن- الفرع الوحيد لإخوان العالم الذين لم يتعرضوا لملاحقات أو محاكمات- بدعم كبير من الرئيس صالح أثناء فترة حكمه، وخاصة بعد حرب 94م، ومساحة لنشر أفكارهم عبر المعاهد الدينية والمساجد، وقاسمهم المصالح وآليات الحكم ضد القوى الليبرالية وضد (الحوثيين) وشباب أسرته!! وهم أيضا أوفوا له وساندوه في الحروب والانتخابات مصيبا ومخطئا!! فكان مرشحهم في الانتخابات الرئاسية 1999 كحاكم عادل لا يجوز الخروج عليه، حتى وصلت صراعات المصالح التجارية والسياسية بين الجيل الجديد لقياداتهم ولعائلة صالح، ذروتها في الانتخابات البرلمانية 2003! وتزامنت هذه الصراعات مع توحيد المعارضة بقيادة الشهيد جار لله عمر، مؤسس اللقاء المشترك، والذي اغتيل في المؤتمر العام الثالث لحزب الإصلاح في يناير 2002!! وهكذا تزعم تنظيم الإخوان والقبائل الأحزاب الليبرالية، في ما يسمى باللقاء المشترك الذي تأسس في 2003، معارضة صالح مع بقاء بعض قياداته النافذة في تحالف معه وشاركوه الحرب ضد الحوثيين!! وكانت انتخابات 2006 تأكيداً على أن الإخوان أكثر نفوذا اجتماعيا وسياسيا وإعلاميا ودوليا بفضل المشترك، وأكثر ضغطا على صالح، وتمردا وكان هو أكثر خضوعا لهم خاصة أثناء الحرب التي أنهكت سلطته، في الوقت الذي شهدت فيه اليمن حضورا كبيرا لسلطة الإعلام والمجتمع المدني والدولي ضد سياساته!! إضافة إلى وفاة الوجاهات الداعمة لصالح والذين لعبوا دور شوكة الميزان بينه وبين الأطراف السياسية لفترة طويلة مثل الشيخين عبدالله الأحمر ومجاهد أبو شوارب والأستاذ يحيى المتوكل وخسرهم في الأربع السنوات الأصعب لفترة حكمه (2006-2010)! حتى أتت أزمة 2011 لتقضي على نظام صالح الذي أنهك بعد انتخابات 2006 بقيادة الإخوان وبتأثير التحديات الاقتصادية والحقوقية والربيع العربي، ولتأكد خطأ صالح عندما أهمل حدسه واتبع مصالح المستفيدين من نظامه ولم يترك السلطة في 2006 بعد حكم 28 سنة ليدخل مرحلة العد التنازلي لسلطته ولصالح الإخوان الحليف المنقلب والمستفيد دائما مع صالح والقبائل في عهده ومن حروبه!! ثم ضده مع المشترك، وأخيرا الفرصة الذهبية مع الحراك الشعبي للتغيير في 2011!! -اليوم وبعد عامين فقط من التغيير، حصد الإخوان بتحالفهم القبلي والعسكري نصف السلطة، ونفوذهم على النصف الآخر بما يعادل ما حصده صالح وعائلته خلال 33 سنة، وجنوا أيضاً ما يوازي الكراهية والخصومة التي نالها خلال ال5 السنوات الأخيرة!! بسبب الانقضاض غير المدروس على أقصى استفادة من فترة سلطتهم!! فالجشع واللهفة للاستئثار بكل شيء وجمع ما يستطيعون جمعه بكل الطرق وبدون مراعاة مصالح الأصدقاء والخصوم والتزامات الحكم ومعالجة قضايا الناس الأساسية، يؤكد أن الإخوان يعلمون بأنهم لن يستمروا طويلا في السلطة، وخاصة بعد أحداث مصر الأخيرة !! مشكلتهم أنهم لم يفكروا في كيفية استخدام السلطة لكسب حلفاء وأنصار جدد وتقوية تحالفاتهم السابقة!! أو في نشر أيديولوجيتهم أو صورة إيجابية عن فترة حكمهم!! إنهم باختصار يحصدون وسيخسرون في فترة قياسية سيدفع ثمنها لاحقا أعضاؤهم وأنصارهم والجيل الجديد من الإخوان!! ليتهم يقيمون أداءهم ويصححون سياستهم كي لا تتحول الفرصة التي مازالت بين أيديهم إلى نقمة!!! *صحيفة اليمن اليوم