جميلة هي قرية 'لا كلوساز' ، وبعد ليلة هادئة استيقظنا في منتهى النشاط حيث لايوجد تكييف صناعي، وتناولنا إفطاراً منزلياً يعده أهل تلك النُزل في جبال الألب بلا تكلف ، كل مكوناته من الطبيعة من حولهم، خرجنا لنستنشق الهواء العليل ونتنزه قليلاً فلمحنا كوخاً في أعلى الجبل الأخضر والدخان يتصاعد من مدخنته، فقصدناه طلوعاً بالمصعد المعلق ، وبعد أن استمتعنا بمشروب الشوكولاته الدافيء ، جئنا لنعود أدراجنا فوجدنا لافتة تقول (وليس كل ما يقال يصدق!) : "القرية 45 دقيقة" . فآثرنا المشي سيراً مع الصحبة الطيبة مع أمي حفظها الله وأخواتي، وليتنا لم نفعل.. فالطريق وعرة، والمسافة طويلة ، ولم يبق موضوعُُ إلا وخضنا فيه، وما إن تتسع الدرب لشخصين جنباً إلى جنب حتى تضيق مرة أخرى لنمشي صفاً واحداً ! فخالفت الشاعر وقلت : وسعت ولما انفرجت جنباتها ضاقت وكنت أظنها لاتفعل ُ ! ومع من التقينا بهم مصادفة في الطريق ، عرفنا أنهم مدججون بأحذية وعصي خاصة لهذه المهمة التي تدعى HIKING واستغرقت منا مايناهز الساعتين ! آثرت أسرتي البيات الشتوي "صيفاً" لما حل بها من التعب ، ولأنني "أحببت" أحاديث أسرتي وأنا وحيد بينهم ومللت هدوء القرية واشتقت لضجيج المدن بعد فترة إنطلقت أنا وسيارتي ننهب الأرض نهباً بين جبال 'شامونيكس' الجميلة باتجاه إيطاليا خلف جبل 'مون بلان' الشاهق الذي تدخل نفقه من الناحية الفرنسية لتخرج في الإيطالية ، فيبدو لك العشب أكثر إخضراراً في ناحية الفرنساويين منه في بلاد الطليان، فسبحان من سقاه من ماء واحد. تورينو أول مدينة كبرى تصادفك .. دخلتها وإذ بي أُصدم من منظر شرفاتها القديمة التي تذكرني بالقاهرة ! والمليئة بالغسيل من الملابس الرثة التي تطل من بينها 'الماما' الإيطالية ذات الزنود الضخمة! ومن شوارعها الخالية في تلك الظهيرة ، إنها "السييستا" أو "لاسييست" باللاتينية وتعني القيلولة .. وكم يعشق أحفاد 'دافينشي' الراحة ! إلى اللقاء