والبعض قال إنها وقعت يوم الجمعة الرابع عشر من أكتوبر1932, والقولان صحيحان علي وجه التقريب, إذ أن سكرة الموت بدأت في العاشرة مساء, أما الوفاة فقد وقعت في الثالثة صباحا, وهذا الوقت بداية يوم جديد ذكري الوفاة, تستحضر في الذاكرة المسيرة الحياتية والإبداعية لهذا الشاعر العظيم, وهي مسيرة مزدوجة, بدأت مرحلتها الأولي مع مولد الشاعر عام1868, إلي أن نفي إلي إسبانيا عام1914, وبدأت المرحلة الثانية مع عودته من المنفي عام1920, إلي وفاته1932, وفي المرحلة الأولي كان لشوقي موقف سلبي من ثورة عرابي, وقد نشرت له( المجلة المصرية) لصاحبها( خليل مطران) في العدد الثاني عام1901 قصيدته التي يهجو فيها عرابي بقوله: صغار في الذهاب وفي الإياب.. أهذا كان شأنك ياعرابي. المهم أن المجلة قدمت القصيدة بأنها لأمير القريض والبيان, وكأن هذا التقديم كان نبوءة باللقب الذي سوف يحمله شوقي( أمير الشعراء), وقد عدل شوقي موقفه من عرابي في المرحلة الثانية من حياته, وعبر عن ذلك في قصيدة( البرلمان) عام1926, التي أشاد فيها بثورة عرابي وثورة1919, وفي المرحلة الأولي أصدر شوقي الطبعة الأولي من ديوانه, وكتب مقدمتها, وذكر فيها أن الذي أشار عليه بتسميتها( الشوقيات) الأمير شكيب أرسلان عندما التقاه في باريس, وكلامنا عن هذه التسمية يقودنا إلي الهدف الأساسي من هذا المقال عن أول من أطلق علي شوقي لقب أمير الشعراء, إذ بجانب الإشارة التي صدرت من( المجلة المصرية) عن( أمير القريض), ذكر( سليم سركيس) في مذكراته التي نشرها في(مجلة سركيس) العدد(14) عام1915 أنه أول من لقب شوقي( بأمير الشعراء). في قراءة سابقة ذكرت أن أول من أطلق علي شوقي هذا اللقب, جريدة الأهرام عام1926, إذ كانت تنشر قصائده تحت عنوان( قصيدة لأمير الشعراء), لكن بعد قراءتي لما كتبه سركيس, عاودت الرجوع إلي المدونات التي تناولت هذا الشاعر, فأكدت عندي أن الأهرام هي السابقة الي هذا اللقب, إذ أن( داوود بركات) الذي تولي رئاسة تحرير الأهرام بعد وفاة مؤسسها( بشارة تقلا), الذي قال شوقي في رثائه قولا صار يجري مجري المثل: رجل مات والرجال قليل قال داوود بركات إنه أول من لقب شوقي( بأمير الشعراء) علي صفحات الأهرام عام1898, وهو ما أكده( أحمد عبيد) في كتابه( ذكري الشاعرين) الذي جمع فيه كل ماكتب عن حافظ وشوقي, وصدرت طبعته الأولي في دمشق عام1351 ه, معني هذا أن سليم سركيس كان يردد ماسبق أن صنعته الأهرام من إطلاق لقب( أمير الشعراء) علي شوقي. كانت الأهرام قد نشرت مقالا في العدد رقم(14984) الصادر في اليوم التاسع من مايو1926 عنوانه:( لماذا لقب شوقي بأمير الشعراء) ؟ يقول المقال: منذ ربع قرن ونيف, جرت علي لسان الأهرام كلمتان في وصف أحمد بك شوقي وشعره الذي كان الأدباء, بل الجمهور كله خاصته وعامته يترقب شعره.. فقالت في وصف الشاعر: إنه( أمير الشعراء) وقالت في وصف شعره( الشوقيات), وقد اجتمع أعلام الأمة العربية في دار الأوبرا في التاسع والعشرين من ابريل عام1927 لمبايعة شوقي بلقب( أمير الشعراء), والاحتفال بإصدار الطبعة الثانية من ديوانه, وبعضويته في مجلس الشيوخ, وفي هذا الحفل ألقي حافظ قصيدته, ومنها قوله: أمير القوافي قد أتيت مبايعا.. وهذي وفود الشرق قد بايعت معي, لكل هذا صح عندي أن جريدة الأهرام هي أول من أطلق علي شوقي لقب( أمير الشعراء).