أحمد عمر بن فريد الاربعاء 2014-03-12 17:03:09 . يقال دائما .. أن الشباب هم " قوة الحاضر " و " عماد المستقبل " لأوطانهم ولشعوبهم ايضا, وذلك عطفا على العديد من الصفات والمزيا التي يتمتع بها الشباب دون غيرهم من الفئات العمرية الأخرى, ويأتي في مقدمتها بطبيعة الحال اختزانهم لكم هائل من المقدرة على العطاء اللامحدود الذي غالبا ما يتفجر لديهم بفعل عامل " الحماسة " و " الطموحات " الكبيرة في تحقيق الانجازات والنجاحات على اكثر من مسار . ويبدو لنا في المشهد السياسي الجنوبي وفي هذه المسيرة الوطنية الكبيرة التي يخوضها " الجنوب " بحثا عن حقه المشروع في الحرية والاستقلال وبناء دولته الوطنية المدنية الحضارية , أن الشباب هم وقود هذه المسيرة وجذوتها الحقيقية , وان عامل الاستمرارية والصمود لمسيرتنا التحررية مرتبط بهم الى حد كبير ! .. كما يبدو ايضا ان لهم من " التضحيات " النصيب الأكبر . . لكني ومن خلال تواصلي المستمر مع العديد من الشباب الجنوبيين , اكاد المس حالة من " التوهان " و عدم الوضوح في الرؤية لديهم فيما يجب عليهم ان ينتهجوه في درب العطاء الوطني ! .. حتى ان هذه الحالة يمكن ان تلمس بشكل واضح من خلال ذلك الكم الكبير من الأسئلة التي تصارع افكارهم وخواطرهم في كل يوم وفي كل لحظة تقريبا جهة العديد من القضايا والاستحقاقات والمستجدات لتفيض في وعاء كبير من اسئلة عديدة تبدأ ولا تنتهي من قبيل : ماذا يجب علينا ان نفعل الآن ازاء هذه الحالة المستجدة ؟ .. وهل نتبع هذا المسار ام نسير في غيره ؟ .. ومالذي يمكن ان ينتج عن ذلك " اللقاء التاريخي " الكبير والمفصلي الذي جمع القيادي " س " مع القيادي " ص " في المكان " ب " ؟ .. هل يمكن ان نتوقع ونحن " المساكين " .. الراجين .. المنتظرين الى عطاءاتهم السياسية والوطنية اللامحدودة ! ان تهطل علينا نحن شباب الجنوب مطرا لتوري عطشنا وتوقنا الى كلمة سواء توحد صفوفهم المبعثرة ؟ وما رأيك في التصريح السياسي الذي اعقب ذلك " اللقاء التاريخي " ؟! وماهو تفسير ما قاله " القيادي التاريخي " فلان ابن فلان ابن فلان !!! خاصة وانه في يحتل في مخيلتنا مكانة ذلك " القائد الموجه " والسياسي المحنك الذي طالما وبرهن " تاريخه " الطويل الحافل بالانجازات الوطنية " الخارقة – الحارقة " كم كان مصيبا ! وكم كان محقا .. وكم كانت تقديراته وحساباته السياسية دقيقة ومحنكة او كما يقول اخواننا المصريون ماتخرش الميه ! ثم ماذا يمكن ان يحدثه قرار مجلس الأمن الدولي 4120 على تأثيرات على مسار قضيتنا الوطنية ؟ .. وماذا عن " الأزمة الاوكرانية " وكيف يمكن ان نستغلها لصالحنا ؟!! .. وماذا عن قرار سحب السفراء للدول الخليجية الثلاث من دولة قطر ؟ .. هل هي خطوة لصالحنا ام انها ليست كذلك ؟ .. وهل يفيدنا ان نرفع صورة " السيسي " ام نستعيض عنها برفع صورة الزعيم فلان ابن فلتان ؟ .. وهل رفع العلم " الأخضر " افضل لنا حاليا ام ان رفع العلم " الأصفر " اجدى ؟! . ان هذا الكم الهائل من الأسئلة التي لا تكاد تخلو منها ساحات " النقاش " الشبابية ستؤثر تبعا لنتائجها على ساحات " النضال " التي يحتل شباب الجنوب المساحة الأكبر فيها , كما انها تحمل دلالة اكيدة على حجم التوهان الذي يعيشه شباب الجنوب اليوم ك" نتيجة حتمية " لتخبط قياداتهم الكبيرة ولعدم مقدرتها حتى الآن على ان تقود هذه المسيرة بالطريقة الصحيحة المنتظرة ! .. وفي الحقيقة انه لا يمكن ان يلام الشباب على هذه الوضعية الصعبة المزرية التي يعيشونها كل يوم ولا يكاد يبدو ان هناك املا في الخروج منها , طالما واستمروا " هم " مقيدين انفسهم بأنفسهم باغلالها التي صنعوها ايضا " هم " بنفسهم وكتفوا بها ايديهم وخنقوا بها قدراتهم ووأدوا بها احلامهم !! .. ان هذه الأسئلة الكثيرة التي تكاد تعصف بأفكارهم وعقلياتهم " النظيفة " هي بمثابة " الطفح " الذي يمكن رصده بالعين المجردة لحالة مرضية اعمق ! أو انها نتيجة طبيعية لحالة اخطر تفرز كل هذا التوهان وكل هذا الهدر للطاقات وحتى للبراءة الوطنية ان جاز التعبير . . وانا هنا .. وبكل تواضع وشعور بالمسئولية , ومن منطلق الواجب الوطني الذي هو حق مشاع لي كما هو لغيري ايضا اتوجه بخطابي هذا لهذه الشريحة الرائعة والهامة من الجنوبيين التي ارى فيها " الأمل والرجاء " كله .. ومن الواجب علي ان ابعث اليهم برسائل من هذه النوعية التي لا أزعم انها " الحقيقة " التي يجب ان يؤخذ بها بحذافيرها ! ولكنها على الأقل من قبيل العشم بانها جزء من الحقيقة والأهم من كل ذلك انها جزء لا يتجزأ من " المصداقية الوطنية " التي اشارك بها مئات الألوف من ابناء الجنوب في كل مكان سواء في داخل الوطن اوفي خارجه ... ويهمني هنا , في هذه الرسالة ان اهمس في آذان الشباب بأن اول خطوة للخروج من هذا المأزق الخطير ترتبط ارتباطا وثيقا بعامل في غاية الأهمية تستوجب الضرورة الوطنية استحضاره فورا .. وهو عامل " الثقة بالنفس " !! . ياشاب الجنوب .. آن الآوان لكي " تثقوا " بانفسكم وبقدراتكم و طاقاتكم وافكاركم وامكانياتكم ومقدرتكم الحقيقية التي اجزم انها " اكيدة " على احداث " الفعل السياسي " تلو الآخر وعلى تحقيق " الانجاز الوطني " تلو الآخر .. وعلى رسم خارطة الطريق بكل حذافيرها وبكل تفاصيلها ليس لخروجكم انتم من مأزقكم الخطير هذا , وانما لخروج " وطنكم " الجنوب و " شعبكم " البطل من هذا الاحتلال البغيض الى فضاءات الحرية والاستقلال والبناء للدولة المدنية الجنوبية ! .. ياشاب الجنوب من المهم جدا ان تتمعنوا جيدا في تلك الأسئلة التي تطرحها الظروف كل يوم عليكم لترسم بعدها " اجاباتكم " ردود افعالكم تجاهها ولكن " الأهم " هو الا تجعلوا تلك الأسئلة " تحتل " .. نعم " تحتل " عقولكم وتصيغ تحركاتكم لتصيبكم في مقتل ! .. عليكم ان تعلموا جيدا انكم انتم " اللاعبون " الحقيقيون على الساحة التي على ارضها يصنع " الحدث " ويرسم فوق ترابها مستقبل اهلها , فلا تسمحوا لأحد – وبكل ادب واخلاق – ان يمتطي صهوتكم لكي ينجز عبركم شيئا لا يمكن وصفه الا انه " عبثا في عبث " !! عليكم ان تعوا ان كل القيادات التاريخية – ولا اعني قياداتنا بطبيعة الحال – قد انطلقت في رحلاتها النضالية فيما يقارب اعماركم تقريبا! .. ما يعني ان عليكم مرة اخرى ان تثقوا في انفسكم . . ياشباب الجنوب .. عليكم ان تتذكروا ان ما اتاحه لكم " التطور التكنولجي " في حقل التواصل الاجتماعي والاعلامي ونشر المعلومة والخبر والتعميم السياسي , لم يكن متاحا للزعيم التاريخي نيلسون منديلا ولا للمهاتما غاندي من قبله ولم يكن كذلك للزعيم الافريقي مارثن لوثر كنج صاحب عبارة " لدينا حلم " حتى وان كان قد مارس نشاطه السياسي في البلد الذي اخترع الفيسبوك والوتس اب !.. ولا كان كذلك لقيادات سياسية عربية انجزت استقلال ضائعا لاوطانها العربية , فعليكم استغلال هذه " الميزة " بشكل منهجي وعلمي ودقيق , وجعلها وسيلة ترفد عملكم لا تشتته او تمزقه. . ياشباب الجنوب ..يقول المثل العربي / لا ترمي بيوت الناس بالحجارة وبيتك من زجاج ! ..ويؤسفني ان اقول لكم الى حد الصراحة القاسية ان انتقادكم لعجز " القيادات التاريخية " الجنوبية وغيرها من القيادات جهة فشلها الذريع حتى الآن على تحقيق اصطفاف وطني بأي شكل من الأشكال وتحت اي صيغة من الصيغ " يقابله " مع الأسف الشديد " حالة مماثلة " على مستوى شباب الجنوب ايضا .. وأنتم جميعا " ابطالها " ؟!! .. ترى ماهو السبب الحقيقي والجوهري الذي يجعلكم " أنتم " نسخة مصغرة لحالة العجز الكبيرة ؟!! .. هل انتم تقتدون بالفشل ؟! .. وهل أن " الفاشلون " هم قدوتكم ؟ .. أم انكم حتى الآن مجرد جماعات شبابية مشرذمة .. فئة منها تتبع القيادي فلان والأخرى تتبع القيادي او الفصيل " سين " ؟ .. أما آن الآوان ياشباب الجنوب كي تحرروا " قراركم الوطني " من هيمنة هذه التبعية البغيضة ؟ .. خاصة وانتم تعلمون علم اليقين ان هذه التبعية ناتج طبيعي لتبيعة اكبر ؟! .. وأن من يتبع لا يمكن ان يكون حرا ولا يمكن ان يكون مصدرا للحرية على خلفية أن فاقد الشئ لا يعطيه . . ياشباب الجنوب .. ان اول خطوة للثقة بالنفس وللتحرر من التبعية هي الفهم الصحيح لمعنى " العطاء الوطني " .. انه ذلك العطاء الذي يحرر صاحبه من العمل لغرض تحقيق " مكاسب ذاتية " .. سواء كانت مكانة قيادية او مكاسب مادية والعياذ بالله او شهرة زائفة ! .. ان العطاء الوطني في حالته المثالية هو ذلك العطاء الذي يمكن ان يصل بصاحبه الى مرتبة رديفة الى منزلة " الرهبنة الدينية " .. ان تكون راهبا متبتلا في محراب العطاء الوطني هو في تقديري الشرف الذي لايضاهيه شرف وهو المكسب الذي يتعامل معه التاريخ من خلال انصع صفحاته .. فأين أنتم ياشباب الجنوب من هذا النوع " المترهبن " من العطاء الذي يطرق ابوابكم كل يوم فاذا انتم توصدون الباب امامه بكل سهولة ويسر ! . ياشباب الجنوب .. اجعلوا هذا النوع من " العطاء الوطني " وجهتكم وطريقكم ومصدر تعاليمكم الوطنية المقدسة , وهي حالة يمكن ان يستشعر بها الشاب منكم متى ما شعر بأن لديه الرغبة والقدرة الذاتية على تقديم زمليه على نفسه ومتى ما شعرتم بأن " التنازل " لبعضكم هو تنازل للوطن ولدماء الشهداء .. وأن " المكونات " التي تقاسمتكم ومزقتكم جماعات وجماعات متضادة ومتقابلة لهي " وسيلة " لتحقيق " غاية وطنية " نبيلة لا اقل ولا اكثر .. فلماذا أنتم الآن تجعلون من هذه الوسيلة غاية قائمة بذاتها ! ولماذا انقلب ايمانكم بغايتكم الوطنية الى ايمانكم بوسائلكم ما ادخلكم في كل هذا التوهان ؟!! ترى هل يمكن ان تتحرروا من هذه الوسائل التي كبلتكم جميعا لتكونوا جميعا في بوتقه وطنية واحدة ؟ .. مالذي يمنعكم من تحقيق ذلك ؟ ان تذرعتم بمجموعة من الحجج والمبررات فعليكم في هذه الحالة الا تلعنوا من تلعنوه كل يوم وهو يتذرع امامكم أنتم بذات الذرائع التي تسوقونها لبعضكم البعض دون ان تدركوا انكم في هذه الحالة وجه آخر لعملة جنوبية واحدة ؟ . وأخيرا ياشباب الجنوب – اسوق اليكم هذا النص الذي اعجبني : " انها لموهبة عربية اصيلة : أن يظلوا بفعلوا بالقول مايجب ان يفعلوه بالفعل وما يعجزون أو يهابون او لايعرفون أن يفعلوه بالفعل . انهم بقدر مايعجزون عن الفعل بالفعل يذهبون ليبالغوا جدا في الفعل بالقول . ان اصواتهم لتعلوا بقدر ما تصمت قدراتهم .. ان اسلحة كل العالم لا تستطيع ان تصنع شيئا من الانتصارات التي تصنعها السنة العرب .. انها لاتوجد قوة تساوي قوة العرب في فعلهم بالصوت لكل ما يجب وينبغي فعله بالفكر والتخطيط والارادة والقدرة والجسارة والقلب !! " .. . تمعنو جيدا في النص واعلموا ان هناك فرقا جوهريا يمكن ان يحسب بقياسات السرعة الضوئية ما بين ان " تعمل " وانت " تعلم " تماما ماذا تفعل ؟ ولماذا ؟ منطلقا من " خطة " دقيقية تسير على هديها وبين ان " تتخبط " وتتحدث وتتوعد دون ان تعلم لماذا انت تتخبط هكذا على غير هدى ! .. حتى ولو كانت لديكم " نيات الأنبياء " الصالحة المؤمنة برسالتها السماوية ! .. لقد صعد الانسان الى القمر بحسابات دقيقية , وانطلقت المركبات الفضائية ايضا بموجب خطط وتقديرات مرسومة على الورق , وتصنع المنجزات الصناعية من الطائرات والسفن العملاقة الى اصغر الصنائع وفقا لحسابات وخطط وتقديرات ومقادير.. حتى السياسات ياسادة لها ايضا حساباتها الخاصة .. وأنتم مع الأسف الشديد تفتقدون لمثل هذه الخطط ولمثل هذه البرامج والرؤى العملية التي ستمكنكم من تحقيق ما تريدون تحقيقه على الصعيد الوطني حالما حزتم على " الثقة بالنفس " و " التحرر " من التبيعة . . عدة حرة