عشرون عاما انقضت من الطغيان وها أنا اقف اليوم حائرا في انتقاء المفردات وصياغة الجمل التي ترتقي وتليق بتلك الروح العظيمة وقداسة مكانتها في نفوسنا وكأنني اقف بذلك الموقف الذي وقفت فيه وانا طفلا في اواخر شهر ابريل 1994عندما استقبلت نبأ استشهاد والدي رحمه الله فوقفت حائرا مترددا بين الانصياع لهيجان مشاعر الحزن والبكاء وبين اثبات فحولة الموقف امام أخوتي الصغار، نعم ان الكتابة عن من حباهم الله في اعلئ درجات العليين تتطلب اعلى درجات الاختيار والتبجيل التعبيري البلاغي لمحاولة الوصول الى اعشار الجزاء البسيط من الوفاء والعرفان لتلك الغئة الباقية ذكراها الخالدة في قلوبنا وهي الشهداء، خاصة عندما يكون من بين صفوف طليعة تلك الفرسان اعز عزيز واغلى حبيب وسبب وجودي - ابي الشهيد - طيب الله مثواه الذي كان له الشرف ولنا الفخر في ما ناله من شرف الشهادة والفداء في سبيل الحرية والعزة والكرامة للوطن ، الذي ما ان انطلقت اولى شرارات نيران العدوان الاستعماري المتخلف ودقت طبول بدء اجتياحه العسكري والقبلي المقرونة بفتوى الابادة العرقية والطائفية للجنوب وشعبه ،لم يتوانى أبي رحمه الله ومن معه من الابطال في الذود وتقديم ارواحهم قربانا رخيصة للوطن ولم يبخلوا في ري تربته الغالية بدمائهم الزكية الذي طالما كان حلما ومصيرا راودهم كل يوما هتفوا فيه للوطن في طوابير الجندية وميدان البطولة. الزمان؛ 27/4/1994 اول ايام تدشين الحرب الابادية والهمجية لدولة الجنوب . المكان؛ معسكر اللواء الثالث مدرع مدينة عمران اليمنية . الحدث؛ ملحمة اللواء الثالث مدرع الذي شاخ من هول احداثها جنين لم تلده امه وانشقت الارض من عنف النيران وحنين المدافع وطوفان الدماء لتخفي بشاعة الجرم الذي طال حتى جثث الشهداء المتفحمة التي لم تعد تتميز هويتها عندما دكت وتلاصقت بعجلة عربات ومدرعات حلف الاحتلال العسكري القبلي الطائفي المحملة براية الحقد العدواني المزمن ومنهجية الجهاد التكفيرية . فسلاما لك ابي وباقي آبائي الشهداء في تلك الملحمة العظيمة الذي صنعتموها ورفضتم الذل والخنوع والاستسلام ، الذي بقيتم طوال العشرين السنة وستبقون ابدا مشاعل مسيرتنا التحررية ودمائكم نبراس طريقنا في تحقيق ماضحيتم ونلتم شرف الشهادة من اجله ،فسلاما لكم جميعا في هذه الذكرئ السوداء الحزينة وعهدا لكم باننا سنكون خير خلف لخير سلف في الطريق التي رسمتموها لنا حاملين راية الكفاح التي ورثناها عنكم ماضيين بالوصية التي استلهمناها من بطولة تضحياتكم حتى ياذن الله بالنصر لنا ولكم او الشهادة ويجمعنا بكم . لكم الخلود والرضوان والمغفرة ؛ ولاحول ولاقوة الا بالله . حياة عدن