د. سلطان عبد العزيز العنقري هل هناك سم لذيذ وآخر غير ذلك؟! نقول نعم، هناك سم قاتل لذيذ اسمه "الهيروين"، وهو أحد أخطر أنواع المخدرات على الإطلاق. فالسم اللذيذ في مقالنا هذا نقصد به الهيروين. ولكن لماذا يكون سمًّا ولذيذًا في الوقت ذاته؟! لأن الشخص عندما يبدأ في تعاطي تلك المادة المخدرة الخطرة المسمّاة "بالهيروين"، ويأخذ (أول جرعة)، فإنه يشعر"زيفًا" بأنه يعيش في عالم آخر، بمعنى آخر يرتفع عن الأرض التي يمشي عليها، ويعيش في عالم آخر، بعبارة أخرى يغيب لفترة قصيرة عن الدنيا ومشكلاتها وهمومها، وبذلك تقترن أول جرعة يأخذها الشخص بمصطلح يطلق عليه "النشوة التي لا يمكن أن تتكرر". قد يقول قائل، عند قراءته لمقدمة المقال للوهلة الأولى، إننا نحثّ ونُشجِّع على تعاطي هذا "السم"، لأننا تحدثنا عن جانب واحد وهو "اللذيذ المزيّف" في ذلك المخدر؟! ولكن لم نتحدث بعد عن الجانب القاتل (أيّ السم القاتل). فاللذة أو النشوة تأتي مرة واحدة فقط، ولا يمكن أن تتكرر أو تكرر نفسها تمامًا مثل الموت، إذن فبعد أن خلصنا من اللذة أو النشوة التي لا يمكن أن تتكرر باستخدام الهيروين، نعود إلى السم القاتل، وكيف أن تلك الجرعة الأولى اللذيذة المزيّفة تقود إلى الموت المفاجئ، وبذلك يدفع الإنسان ثمن تلك الجرعة الأولى "اللذيذة"، والتي رحّلته لوقت محدود عن هذه الدنيا، وبالتالي فإن تلك الجرعة سوف تكون سببًا في أن يرحل الشخص عن هذه الدنيا، وإلى الأبد (أي الموت). ولكن كيف يحدث ذلك؟! عندما يأخذ الشخص في بداية تعاطيه لأول مرة تلك الجرعة فإن فسيولوجية الجسم تكون غير معتادة على تلك المادة التي أدخلها الشخص إلى جسمه، بما فيها مراكز المخ، والجهاز العصبي بشكل عام، وبذلك يستجيب الجسم لذلك المخدر استجابة سريعة، وتحدث تلك "النشوة المزيّفة"، ولكن ما الذي يحصل بعد ذلك؟ عندما يشعر متعاطي تلك المادة المخدرة لأول مرة في حياته بأن هناك نشوة، أو لذة حصل عليها، فإنه يطمع بالمزيد، وهنا تحصل الكارثة -والعياذ بالله- فيبدأ بأخذ الجرعة تلو الجرعة، ولكن يكتشف أن تلك الجرعات التي أخذها لم تحقق تلك النشوة أو اللذة التي حصل عليها في أول جرعة أخذها في حياته، فيقوم ذلك الشخص المدمن بزيادة الجرعة عن معدلها السابق لكي يحصل على تلك النشوة، ولكنه يفشل أيضًا، ثم يقوم بعد ذلك بزيادة الجرعة أعلى من سابقتها ويفشل أيضًا، ثم تحصل الكارثة التي سبق وأن ذكرناها سابقًا، وهي أن زيادة الجرعة تؤدّي إلى الوفاة بالسكتة القلبية؛ لأن الجرعة الزائدة من ذلك "السم اللذيذ" يُغيِّر ويلخبط نظام دقات القلب، الذي وضعه الله سبحانه وتعالى وفق نظام دقيق ومعيّن، ثم بعد ذلك تحدث الوفاة. عادة ما نلحظ ونسمع كيف أن بعض مدمني المخدرات، وخاصة على مادة "الهيروين" وُجدوا متوفين في غرفهم الخاصة في منازلهم، أو منازل أسرهم.. لماذا؟! لأن مخدر الهيروين إمّا أن يؤخذ بشكل جماعي، خاصة إذا كان يؤخذ عن طريق الأوردة على شكل حقن، حيث يقوم المتعاطون للمخدر بإدخال الحقنة في الأوردة، وعندما يفرغ منها نسبة معينة من مادة الهيروين يقوم بنزعها وإعطائها مباشرة إلى الشخص الذي بجانبه؛ لكي يضعها مباشرة في وريده، ثم يقوم الشخص بنزع الحقنة وإعطائها إلى الشخص الذي يليه، وهكذا على هذا المنوال. وخطورة تلك الحقن الملوّثة تكمن -بالإضافة إلى المخدر- أن المتعاطين يتعرضون بشكل مباشر لانتقال مرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" عن طريق تلك الحقن الملوّثة بدماء تلك الأوردة من المتعاطين لذلك المخدر وغيرها من الأمراض المعدية، التي تنتقل عن طريق الدم، أو يؤخذ المخدر بشكل انفرادي في أماكن مغلقة، وفي الغالب منازل المدمنين، وبخاصة غرفهم الخاصة؛ ممّا يجعله يزيد الجرعة ويدخل في غيبوبة تؤدّي إلى توقف القلب والموت. المهرّبون والمروّجون منعدمو الضمير والإنسانية، يجب ألاّ تُقطع رؤوسهم بالسيف؛ لأنه أداة قتل مريحة، وما نتمنّاه أن يتم إعطاؤهم جرعات من نفس المخدر الذي قاموا بتهريبه، أو ترويجه، وبخاصة مخدر الهيروين، لكي يعرفوا -عن طريق التجربة- المعاناة الكبيرة، والآلام المبرحة المنتهية بالموت المفاجئ للمدمنين من الأبرياء الشباب وصغار السن، الذين غرّر بهم أولئك القتلة والمجرمون.. وأخيرًا نعوذ بالله من تلك السموم، ومآسيها، وويلاتها، ولذتها القاتلة، حمانا الله وشبابنا، ومجتمعنا من تلك الآفة القاتلة. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة