محمد محمد المقالح يبدو أن اللواء 310 مدرع التابع للفرقة الأولى مدرع، بعمران، يتحول شيئا فشيئا إلى "دماج" أخرى، ما يرشح أن خيار الانتهاء من أزمة عمران، هو ذاته خيار الانتهاء من أزمة دماج، والفارق هو في الدرجة ليس إلا! قائد اللواء القشيبي ومن يقف خلفه في حروب عمران، يريدون من اللواء 310 أن يمثل "بؤرة أزمة" لجلب المقاتلين والأموال من كل أنحاء اليمن، وربما من خارجها، لمقاتلة الحوثيين، وإيقاف نفوذهم، تماما كما مثل "دار الحديث" بدماج بؤرة لأزمة محلية وإقليمية استهدفت جلب المقاتلين والأموال من جميع أنحاء اليمن، بل ومن خارج اليمن أيضاً! ومع أن دار الحديث بدماج لم يكن حينها دارا للتعليم السلفي وحسب، كما كان حين إنشائه، خصوصا بعد أن قام الحجوري وأطراف محلية وإقليمية بضم آلاف المقاتلين من اليمنيين والأجانب، إلى صفوفه، وفي خنادقه ومتاريسه، وبالتالي لم يعد أمر التدريس والعوائل الساكنة هناك سوى غطاء لاستمرار الحرب والحشد لها في تلك الفترة. هذا بالضبط المخطط الذي أراد البعض تنفيذه من خلال دور معسكرات اللواء 310 و11 لواء آخر منذ تشكيل المناطق العسكرية، وجعل صعدة وعمران والجوف "المنطقة السادسة"، وقيادتها العسكرية والمحلية تحت قيادة اللواء علي محسن الأحمر، ونفوذه، ولغرض الحرب ضد الحوثي تحديدا، ومثل دار الحديث بدماج الذي كان سببا لافتعال الأزمة والحرب، ظل مقاتلوه يطلقون النيران من داخله مقابل التحذير بالويل والثبور خوفا على النساء والأطفال إذا ما تم الرد على النيران والعدوان، كان المطلوب أيضاً أن يكون اللواء 310 مدرع محصنا من الحرب ضده وضد مواقعه المنتشرة للقتال داخل وفي محيط مدينة عمران، باعتبارها تابعة لأحد ألوية الجيش النظامي من ناحية، ولكون الرد على مصادر مدفعيتها وصواريخها التي تنطلق من داخل المدينة، سيؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين تحرص قيادة اللواء 310 ومن يقف خلف الأزمة والحرب، على التمترس بهم، والقتال من بيوتهم وشوارعهم، تماماً كما كان يحدث في دماج، متزامنا مع الآلة الإعلامية التي حركت لها فضائيات كثيرة وأموال طائلة! وأمام بؤرة الأزمة المفتعلة في عمران، والتي يمثلها اللواء 310 بقيادة القشيبي، وسلطة المحافظة المحلية، ومن يمثلهم القشيبي في الإصلاح، وفي مراكز النفوذ المشيخي والمالي، تكون الدولة ورئيسها أمام خيارين لا ثالث لهما في موضوع القشيبي ولوائه المؤدلج والمعد لتفجير الحرب. الأول هو سرعة تحرك القائد الأعلى للجيش ورئيس الدولة باتجاه إقالة القشيبي، وإخراج كل المقاتلين الذين تم استجلابهم من خارج قوام اللواء ومن خارج المحافظة، للقتال في صفوفه، وبالتالي نزع فتيل الأزمة والحرب، وتجنيب الجيش مخاطر الزج به أو زج الدولة باسمه في حرب لا ناقة للجيش ولا للدولة فيها ولا جمل، وفي ظرف غاية في الدقة والخطورة، فضلا عن تجنيب هذا الخيار مزيداً من الدماء والضحايا التي قد يسببها استمرار القتال من داخل اللواء وفي محيطه. الثاني هو ترك الأمور تتفاقم كما تركت تتفاقم منذ بداية الأزمة في عمران قبل أشهر، وبالتالي استمرار تداعي الأحداث، وطلقة تجر أخرى، ووساطة تولد وساطة أخرى، وصولاً إلى انفجار الوضع برمته، واقتحام مقاتلي أنصار الله لمعسكرات اللواء، وبالتالي حل الأزمة والانتهاء من الحرب في عمران برمتها، وهو الخيار المؤسف والمكلف كثيرا، ولكن هو الخيار الذي يبدو أن الجميع سائرون إليه بالتداعي وبالعجز والفشل، كما هو حال تعاملهم مع بقية القضايا الأخرى في البلاد! أكثر من هذا يبدو في كثير من الأحيان أن أطرافاً كثيرة بينها، رئيس الجمهورية نفسه، يفضلون هذا الخيار، أو أنهم بالأصح يتركونه ليفرض نفسه واقعاً، ويفرض على الجميع عموما كخيار الأمر الواقع من ناحية، ولفرضه -الرئيس وغيره- من ناحية أخرى، على الإصلاح ومحسن وأولاد الأحمر المصرين على الحرب، والرافضين حتى اللحظة أي حلول قد تجنب الدولة والجيش والمواطنين خوض حروبهم الاستحواذية والدموية! ما أنا متأكد منه أن الوضع في عمران لن يستمر كما هو عليه الآن، وأن تداعيات الأزمة التي يمثلها اللواء وقائده وبقية النافذين من خلفه، ستؤدي حتما إلى انفجار الوضع خلال أيام أو أسابيع قادمة، وبالتالي حل المشكلة بالحرب، وبخروج طرف مهزوم وآخر منتصر! وإذا كان المثل يقول إن "آخر الدواء هو الكي"، فإن الكي في عمران هو آخر دواء الفاشلين في صنعاء! استنكار أم تحريض! إعلام الإصلاح لا يستنكر إقدام عناصر حوثية على تفجير دار الحديث، من أجل أن يمنع الحوثيين وغيرهم من تكرار ارتكاب مثل هذه الجرائم المدانة، بل من أجل أن ترتكب جرائم مشابهة من هذا النوع، وأكثر منها فظاعة، من قبل الطرف الآخر..! بمعنى أن الإصلاح لا يستكر هذه الجرائم، بقدر ما يحرض على ارتكاب مزيد منها! براقش نت