الدوحة - الراية : حجز سيارات مُرتكبي مخالفتي التجاوز من اليمين واستخدام مواقف ذوي الإعاقة بالمخالفة للقانون لمدّة تصل إلى 30 يومًا مع تغريم كل منهم 500 ريال .. أثار جدلاً مجتمعيًا واسعًا. فلأوّل مرّة بدأت إدارة المرور مطلع الأسبوع الماضي في تطبيق إجراءات صارمة ضدّ مُرتكبي تلك المخالفات تفعيلاً لبعض مواد قانون المرور، لتصبح المحصلة عشرات السيارات التي تمّ حجزها في الصناعية. وقد تباينت آراء المواطنين حول تفعيل القانون .. فمنهم من اعتبر حجز السيارات إجراءً قاسيًا، لافتين إلى أنه كان يجب أن يسبق هذا التطبيق الحازم للقانون فترة توعية كافية للجمهور، واقترحوا الإبقاء على الغرامة فقط دون حجز السيارة. فيما رحب آخرون بتفعيل القانون ضدّ مُرتكبي تلك المخالفات بعد تصاعد الشكاوى من تزايد معدّلات تلك المخالفات التي تسبّب عرقلة حركة المرور والتعدي على حقوق ذوي الإعاقة باستخدام المواقف المخصصة لهم وفقًا للقانون. وأشاروا إلى أن إدارة المرور تلقت أعدادًا كبيرة من شكاوى بشأن هذه الظاهرة وأنه كان طبيعيًا أن تستجيب لها وأن تتحرّك لردعها، لافتين إلى أنه رغم وجود نصوص واضحة في القانون تجّرم التجاوز من اليمين وتخالف مُرتكبيه إلا أن قطاعًا غير قليل من السائقين لم يأبهوا بقيمة هذه الغرامات فواصلوا ارتكاب هذه المخالفات، فلم يكن هناك من سبيل أمام إدارة المرور لردعهم سوى حجز السيارات. وأكّدوا أن الإدارة حذّرت السائقين عبر موقعها الإلكتروني واللافتات التوعويّة وصفحتها على موقع التواصل "تويتر": من أنها سوف تقوم بالفعل باتخاذ تدابير صارمة للحدّ من هذه الظاهرة لكن بعض السائقين لم يهتمّوا بهذه التنبيهات، كما أن المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي قامت بدورها في التحذير من خطورة هذه الظاهرة ونقلت تعليقات الكثير من قائدي السيارات وشكواهم منها. د. سيف الحجري : تصاعد الشكاوى وراء تفعيل القانون يقول د. سيف الحجري رئيس مجلس إدارة مركز أصدقاء البيئة : قانون المرور وضع في الاعتبار دائمًا خصوصيّة المجتمع الذي تطبّق فيه وكذلك سلوكياته، لذلك فإن تفعيل المواد الخاصّة بمخالفات التجاوز من اليمين جاء بعد رصد تنامي حجم هذه الظاهرة من ناحية وتسبّبها في الكثير من الحوادث المروريّة من ناحية أخرى. وأضاف : لاحظنا خلال الأشهر الماضية انتشارًا لافتًا لهذه الظاهرة لا سيما في بعض المحاور المروريّة إلى جانب الإشارات والدوارات وذلك على الرغم من أن هناك قانونًا يمنع مثل هذه المخالفات. وأشار إلى أن بعض السائقين أصبح التجاوز لديهم أمرًا طبيعيًا ونمطًا تلقائيًا من أنماط سلوكياتهم لدرجة أن البعض قد لا يشعرون بعد ارتكابه بأي تأنيب للضمير نتيجة لاعتدائهم على حقوق غيرهم. وقال : هذا مظهر غير حضاري يسيء كثيرًا إلى بلدنا الذي أصبح محطّ أنظار العالم لذلك فأنا من أشدّ مؤيّدي الخُطوة التي أقدمت عليها إدارة المرور بشأن حجز السيارات التي تقوم بارتكاب مخالفات التجاوز من اليمين لأن السائقين الذين يرتكبون هذه المخالفات يدركون من البداية أنها تصرّف خاطئ من الأساس فلماذا يرتكبونه إذن ؟ وأضاف : هذه مخالفة مقصودة وليست خطأ غير متعمّد ومن يرتكب الخطأ متعمدًا فعليه أن يتحمّل العواقب. وإن كنت أتمنّى قبل الإقدام على حجز السيارات أن يتم توعية الناس بشكل كافٍ قبل تنفيذه وأن نتأكد أن الرسالة وصلت للجميع لأن القوانين لم يتم وضعها لمعاقبة الناس ولكن لتنظيم حياتهم. وأشار د.الحجري إلى أنه في الوقت الذي يتم فيه مخالفة السائقين الذين يتجاوزون فإنه لا بدّ أيضًا محاسبة السائقين الذين يسيرون ببطء لأن شريحة كبيرة ممن يرتكبون مخالفات التجاوز من اليمين يتحججون بذلك ويقولون إنهم مضطرون للتجاوز لأن السائقين الذي يسبقونهم يسيرون بسرعة بطيئة ونحن نشاهد ذلك بالفعل حيث تجد في الكثير من الأحيان سائقًا يسير بسرعة 40 أو 50 كيلو مترًا في الساعة على طريق سرعته 100 فكيف يكون ذلك ؟ لا شكّ أن مثل هذا الأسلوب في القيادة يعطي مبررًا للآخرين لكي يتجاوزوه لأنهم يعوقون حركة السير، لذلك أتمنّى أن تكون هناك وسيلة لمخالفة مثل هذه النوعيّة من السائقين وهناك دول بالفعل تطبّق مثل هذا النظام فهو ليس غريبًا أو مستحدثًا. وقال : قرار إدارة المرور الأخير بحجز السيارات المخالفة لم يتوقف عن مخالفات التجاوز من اليمين فقط، ولكنه أيضًا شمل مخالفات الوقوف في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصّة، ولا أظنّ أن هناك إنسانًا منصفًا يرى غير ذلك، لأن إدارة المرور وجدت أنه رغم وجود غرامات ماليّة على من يقفون في مواقف المعاقين فإن هذه المُخالفات لا تزال تحدث ولم تشكل العقوبة رادعًا قويًا لبعض السائقين الذين يواصلون الوقوف في مواقف هذه الفئة المحتاجة من السائقين ولم يكن هناك مفر أمام إدارة المرور من القيام بهذا الإجراء لكي تردع كل سائق يقدم على ارتكاب مثل هذه المخالفات. هارون الجسيمان : حجز السيارات المخالفة يحقق الردع يؤكد رجل الأعمال هارون الجسيمان أن قانون المرور تشريع وضعته الدولة لتنظيم حركة السير على الطرق بهدف المصلحة العامّة، فلماذا يصرّ البعض على تجاهله والضرب به عرض الحائط ثم في النهاية يشكون من قيام إدارة المرور بمحاسبتهم ؟ وقال : إدارة المرور لم تتعدَ بنود القانون عندما أقدمت على حجز السيارات التي تتجاوز من اليمين لأن هذا النوع من المخالفات سبب إزعاجًا كبيرًا للغالبيّة العظمى من قائدي السيارات ولم تجد إدارة المرور أمامها من وسيلة لردع مُرتكبي هذه المخالفة سوى حجز السيارة لأن الغرامات لم تردعهم، حيث يقوم البعض بدفع قيمة الغرامة ويعودون إلى ارتكاب هذه المخالفات من جديد رغم إداركهم خطأ هذا الأسلوب وما يُمثله من عدوان صريح على حقوق باقي السائقين، الذين يشعرون بالضيق الشديد عندما يلتزمون بالقانون ثم يتفاجؤون بأن هناك من يقفزون أمامهم. وأكد أن إدارة المرور قامت بتوعية الناس بالفعل قبل إقدامها على حجز السيارات التي تتجاوز من اليمين حيث قامت بنشر خبر صحفي بهذا الخصوص أوضحت فيه أنها سوف تقوم بحجز السيارات التي ترتكب مخالفات التجاوز من اليمين وكذلك مخالفات الوقوف في مواقف المعاقين، رغم أن الإدارة لم تكن مضطرة لذلك لأن هناك قانونًا يمنع ارتكاب هذه المخالفات ويعاقب مرتكبيها ولكن الإدارة حرصت رغم ذلك على تنبيه الناس إلى اعتزامها تنفيذ حملة بهذا الشأن لأنها لا تريد مخالفة الناس فمن يريد مخالفة الناس لا يحذرهم. وأشار إلى أن من يخافون من حجز سياراتهم فعليهم الالتزام بالقانون لأن الحجز لن يطال سوى السائق المُخالف فقط، أما السائق المُلتزم فسوف يشعر بالرضا التام من قيام إدارة المرور باتخاذ هذا الإجراء. غاية لا تدرك وقال : إن إدراك الناس، غاية لا تدرك، فإذا قامت إدارة المرور بحجز السيارة قال البعض إنها عقوبة قاسية وكان من الأفضل أن يتم اللجوء إلى تغليظ العقوبة، وإذا قامت بتغليظها شكا البعض من ارتفاع قيمتها. واقترح الجسيمان أن يكون هناك تدرج في عقوبة الحجز فلا يتم حجز السيارة لمدّة شهر دفعة واحدة وإنما يتم حجزها لمدّة أسبوع في المرّة الأولى وفي حالة تكرّر ارتكابها تضاعف فترة الحجز لتصل إلى أسبوعين لأن في المرّة الأولى قد يتحجّج البعض مثلاً بأن ظرفًا قاهرًا هو الذي دفع للتجاوز من اليمين وسوف تسقط هذه الحجة أو تضعف قوتها في حال إقدامه على تكرار المخالفة أكثر من مرّة؛ لأن هذا يعني أنه سائق غير ملتزم وأنه يتعمّد ارتكاب هذه المخالفة لذا يجب ردعه بطريقة شديدة. سعد الكعبي : الزحام المروري أهم أسباب التجاوز يقول سعد عيسى الكعبي: يجب على إدارة المرور البحث عن أسباب ارتكاب السائقين لمخالفة التجاوز من اليمين وفي مقدمتها الزحام المروري الشديد الذي تشهده العاصمة إضافة إلى بطء بعض السائقين في القيادة بشكل يُثير الضيق، فيجد السائق نفسه مضطرًا في بعض الأحيان إلى التجاوز من اليمين لتجنّب التأخير عن الدوام. وأضاف : لكن ماذا عن دور المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي في التوعية المروريّة لا سيما فيما يتعلق بمخالفات التجاوز من اليمين؟ . وأكّد أن مخالفات التجاوز من اليمين أصبحت ظاهرة لافتة للنظر ولا تكاد ترى إشارة أو دوارًا لا سيما وسط الدوحة إلا وتقع هذه المخالفة أمامه، ويجب على من يشكون من قسوة عقوبة الحجز أن يضع أنفسهم في مكان الشخص الآخر الذي يتجاوزونه، فما هو الشعور الذي سوف ينتابهم عندما يقفون في الطريق مع باقي السيارات وسط الزحام رغم مشاغلهم وظروفهم ثم يجدون أن الأرض قد انشقت عن شخص آخر جاء من اليمين ليقفز فجأة أمامهم ؟ لا شك أنهم سوف يشعرون بالغضب الشديد بل إن هناك الكثير من المشاحنات قد تحدث بين السائقين بسبب هذه السلوكيات غير الحضارية. غريب العنزي : تكثيف التوعية المرورية يقول غريب العنزي مدير موقع التوعية القطرية الشاملة : بحكم طبيعة عملي كمدير لأحد المنتديات ومتابعتي الشديدة لهذا المجال، أؤكد أن الغالبيّة العظمى من المنتديات القطريّة لديها أقسام للتوعية المروريّة تقوم من خلالها بنشر الوعي المروري وتتعاون في هذا الشأن مع إدارة المرور التي تقوم بتزويدها بالمعلومات المروريّة اللازمة. وأضاف : فيما يتعلق بمخالفات التجاوز من اليمين تحديدًا فإن المنتديات حافلة بالمئات من المشاركات والتعليقات التي تشكو من هذه الظاهرة التي تمثل عدوانًا واضحًا على حقوق السائق الملتزم وهناك حالة استياء شديدة في المجتمع منها. وأضاف : تلقت إدارة المرور هذه الشكاوى وكان عليها بالتالي أن تتحرّك وتتخذ الإجراء اللازم للحدّ منها، وكانت هناك مساحة كبيرة من التوعية أمامهم ولكنهم لم يلتفتوا إليها واستمرّوا في سلوكياتهم المُخالفة. محمد الملا : مخالفات تسبب الحوادث يرى محمد علي الملا أن التجاوز من اليمين أصبح ظاهرة تسيء للمظهر الحضاري لقطر، وكان لا بدّ من أن تقوم إدارة المرور بالتحرّك لوضع حل لها بوصفها المسؤولة عن تنظيم الحركة المروريّة على الطرق في البلاد. وقال : من الذي يقبل أن يقف على الطريق وسط الزحام لساعة أو أكثر ثم يُفاجأ بأن شخصًا آخر جاء من حارة الخدمات ليقف أمامه ؟ .. لا شك أنه تصرّف يُثير الغضب فضلاً عن الحوادث والزحام الذي يسبّبه. أحمد السالم : مطلوب زيادة المخالفة وإلغاء الحجز يقول أحمد مصطفى السالم : نعم التجاوز تصرّف مخالفة لكن يجب أن نبحث عن الأسباب التي تدفع بعض السائقين للإقدام على ذلك، فالشوارع بها زحام لا يُطاق وهناك أيضا سائقون يسيرون على الطريق وكأنه ملك لهم وحدهم فيسيرون به على راحتهم دون أي اعتبار لباقي السائقين، فماذا يفعل السائق الذي يريد الذهاب إلى الدوام أو إذا كان لديه موعد هام ؟ ويضيف : نعم هناك أشخاص يتجاوزون عن قصد لكن في نفس الوقت هناك من يتجاوز وهو مضطر لذلك ويجب التفريق بين الاثنين، لذا فإنني كنت أفضل أن تلجأ إدارة المرور إلى رفع قيمة غرامة مخالفة التجاوز بدلاً من حجز السيارة لأنه إجراء ينطوي على مبالغة كبيرة. عبدالله التميمي : الحجز إجراء مبالغ فيه عبد الله التميمي : حجز السيارة إجراء مبالغ فيه كثيرًا، وإذا كان الهدف منه هو الحفاظ على حقوق الناس في استخدام الطريق فإن الإنصاف يقتضي أيضًا أن تتم معاقبة الشخص الذي يسير ببطء بنفس العقوبة لأنه هو السبب الرئيس لوقوع هذه المخالفة، فلو كان يسير بالشكل الطبيعي ما أقدم الآخرون على تجاوزه، إلا أن البعض يسيرون ببطء لدرجة تُثير الضيق وكأنه لا يوجد على الطريق سواهم، متناسين أن هناك سائقين آخرين لديهم أعمالهم ومشاغلهم ويريدون الوصول إليها بسرعة. ويضيف : الزحام الذي تشهده الدوحة نتيجة لمشروعات البنية التحتيّة التي تجري في شوارعها هو من الأسباب الهامّة أيضًا لوقوع مخالفات التجاوز من اليمين، فماذا يفعل السائق الذي يريد الذهاب إلى عمله والطريق أمامه شبه متوقف ؟ وأكد أنه كان ينبغي إيجاد حلول للمسبّبات التي أدّت إلى حدوث مخالفات التجاوز من اليمين وبعد ذلك فلتقم إدارة المرور بما تراه مناسبًا. عبدالله فخرو : عقوبة قاسية .. والزحام وراء معظم المخالفات يقول عبدالله فخرو : رغم رفضي للتجاوز من اليمين إلا أن حجز السيارة أعتبره من وجهة نظري عقوبة قاسية للغاية وكان من الأفضل أن تلجأ إدارة المرور إلى رفع قيمة المُخالفة لا سيما أن الكثير ممن يتجاوزون إنما يرتكبون تلك المخالفة مضطرين بسبب الزحام الشديد والقيادة البطيئة التي أصبحت سمة سائدة بين عدد غير قليل من السائقين؛ ما يسبّب الإزعاج لباقي السائقين الذي يريدون الذهاب إلى وجهتهم في الوقت المناسب دون تأخير. ويضيف : رغم ذلك فإنه ليس لديّ أدنى اعتراض على قيام الإدارة بحجز السيارات التي يستخدم أصحابها مواقف المعاقين، فمثل هذه النوعيّة من المُخالفات لا ينبغي التساهل معها على الإطلاق لأن الإنسان السليم حتى ولو لم يجد موقفًا في مكان قريب من المكان الذي يقصده فإنه بإمكانه وضع سيارته في مكان بعيد عنه قليلاً ثم يسير على قدميه بضعة أمتار ولن يمثل ذلك مشكلة بالنسبة له لكن ماذا عن المعاق ؟ كيف يتصرّف إذا فوجئ بقيام أشخاص آخرين باحتلال الموقف الذي خصصته له الدولة بدون شك لن يستطيع التصرّف وسوف يكون في موقف لا يُحسد عليه. جريدة الراية القطرية