للاستثمار في عدن قصة أخرى.. والمشاريع المنفذة تكشف زيف دعوات تشجيع الاستثمار.. أي حديث يمكن ترديده عن تشجيع الاستثمار إذا كان مستثمرا يظطر لإيقاف مشروعه لعشر سنوات كاملة بانتظار الفصل من القضاء، في حين يكون من الوارد والمحتمل أن يتأجل الأمر لفترة أطول من عقد من الزمان. هذه قصة مشروع "حديقة النصر" بعدن، وهي أنموذج حي، وشاهد على عرقلة الاستثمار في عدن!! بداية القصة .. كان مشروع "حديقة النصر" بيد أحد المستثمرين منذ العام 1994، وحتى 2004، وفي عام 2004 ألغى المجلس المحلي لمحافظة عدن، برئاسة محافظ عدن الأسبق، المناقصة الخاصة بتسليم المشروع إلى ذلك المستثمر، وتم إعلان مناقصة جديدة دخل فيها المستثمر السابق - كمنافس - لكنها رست على مستثمر آخر، وتم التوقيع على اتفاقية تأجير الحديقة للمستثمر الجديد في 20 سبتمبر 2004، وجرى الاتفاق على تأجير "حديقة النصر" مع الكورنيش التابع لها، الممتد من جزيرة العمال، وتشغيلها واستثمارها، وتشييد مطعم و"كافتيريا" للوجبات السريعة، وإقامة ألعاب أطفال وتسلية وملاهي ومجالس للعائلات على طول خط الكورنيش القائم، كما تم الاتفاق في عقد التأجير على أن مدة الاتفاقية عشرين سنة، قابلة للتجديد بشكل تلقائي فترة أخرى مدتها عشر سنوات. القضاء يعرقل الاستثمار ! تم توقيع الاتفاقية في سبتمبر 2004، ولم تمض أشهر ثلاثة فقط؛ حتى قام المستثمر السابق، الذي ألغى المجلس المحلي مناقصته، برفع دعوى أمام القضاء. بدون شك؛ التقاضي حق مشروع، والقضاء ملاذ الجميع.. لا محالة.. لكن الكارثة؛ أن يتوقف مشروع استثماري منذ عام 2004 وحتى 2014، نتيجة عدم الفصل القضائي في القضية. عقد من الزمن مضى منذ عام 2004 وحتى 2014، والمشروع متوقف، والمستثمر عاجز عن استكمال الخدمات والإنشاءات داخل الحديقة؛ نتيجة عدم الفصل القضائي في دعوى (إبطال تصرف)، هذا عدا عن الخسائر والأضرار الناجمة عن توقف المشروع الاستثماري، وما ترتب عن هذا التوقف من خسائر وأعباء مالية طوال الفترة التي بقيت فيها القضية في أدراج القضاء!! كان المستثمر الذي رست عليه المناقصة قد بدأ بتنفيذ عدد من الأعمال، كما قام بنقل التربة الخاصة للزراعة وأنشأ مطعما واخر في طور الانشاء ، وهناك مبالغ "عربون" تم دفعها لشركات خارجية؛ لتنفيذ أعمال في الحديقة، وجميعها ذهبت أدراج الرياح!! الأربعاء الماضي تحركت أطقم أمنية الى موقع "حديقة النصر" بخورمسكر، بحجة أن الحديقة مغلقة، رغم ان القضاء وجه بإغلاقها لحين الفصل في القضية المفتوحة منذ اكثر من عشر سنوات، وتم اعتقال حراس الحديقة. في اليوم التالي (الخميس) 2014/6/19 وجه رئيس محكمة صيرة الابتدائية القاضي ناصر الزراعي مذكرة الى محافظ عدن، جاء فهيا: "تنظر المحكمة دعويين مدنيتين رقم (43) و(44) لعام 1435ه، موضوعها (إبطال تصرف)، والمدعي فيها عبدالله بن عبدالله بن عطاف ضد مكتب الاشغال العامة والطرق م/ خورمكسر، وجمال الزريقي وأمين عبدالله الناصري، ولا تزال الدعوى قيد النظر في المحكمة، وعليه يتم عدم التدخل من اي جهة حتى يتم الفصل بالقضية من قبل المحكمة". أ.ه اقتحام بعد التوجيه القضائي! ورغم هذا التوجيه القضائي الصريح؛ جرى اقتحام الحديقة مرة أخرى بتوجيهات من محافظ عدن في مساء اليوم نفسه، الذي تم فيه تسليم التوجيه القضائي لمكتب المحافظ، وتم اقتحام الحديقة مساء الخميس 2014/6/19 وترويع العوائل والموجودين فيها بسبب بلاغ كاذب يقول بأن مسلحين يتواجدون داخل الحديقة، ثم ما لبثت القوة الأمنية أن انسحبت. ويقول عاملون في الحديقة بأن القوة الأمنية غالبا ما كانت تحضر الى الحديقة بناء على توجيهات المحافظ، على ذمة بلاغات كاذبة، ثم تنسحب لاحقا، فمن يا ترى يزود المحافظ بهذه البلاغات الكاذبة؟! يوجه القضاء بإغلاق الحديقة لحين الفصل، ويوجه المحافظ بفتح الحديقة ولو بالقوة، ويبقى المستثمر حائراً بين احترام كلمة القضاء، او تنفيذ أوامر محافظ عدن!! الطريق البحري.. معضلة أخرى! نصت اتفاقية عقد التأجير بين المستثمر، والمجلس المحلي بأن مساحة الحديقة المؤجرة مع الكورنيش التابع لها، الممتد من الحديقة الى جانب مدينة الألعاب المائية باتجاه مديرية المعلى، ومن الحديقة حتى عمارة الأحمدي بجزيرة العمال، الا ان مشروع توسعة الطريق البحري ستترتب عليه اضرار جسيمة للحديقة، حيث سيمر الى وسط الحديقة وسيسحب مساحة كبيرة منها وسيحدث أضرارا كبيرة في الاعمال المنشأة والمقامة داخل المشروع، وفقا للتصميم، حيث سيهدر الاعمال الانشائية والزراعة والتمديدات الشبكية والارضيات بالكامل، بما فيه المخططات، وهذا سيكلف المستثمر أعباء مالية كبيرة، فيما لسان حال المستثمر يردد: من سيعوضنا عن الاعمال الانشائية التي نفذناها والتي سيجرفها الطريق البحري وخسائرنا بسبب ايقافنا من قبل المحكمة طوال 10 سنوات؟. ختاماً .. إذا أخذنا قضية "حديقة النصر" كنموذج لإعاقة الاستثمار، ترى أي حافز يدفع المستثمر لاستثمار أمواله في الداخل، وتشغيل الايدي العاملة، اذا كان التعويض عن الخسارة غائبا، والقضاء يماطل في إصدار حكم لعقد من الزمن، والمشاريع الاستثمارية تجمد بهذه الطريقة العبثية؟! تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية : أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال. أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء. أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم. أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية. لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية. ل "الأمناء نت" الحق في استخدام التعليقات المنشورة على الموقع و في الطبعة الورقية ". الامناء نت