في أواخر القرن الماضي شهدت اليمن تنفيذ أول جرعة في البلاد وذلك بزيادة في أسعار المشتقات النفطية قدرت ب30 % على وجه التقريب، وكانت جرعة اضطرارية تم تأجيلها لسنوات عدة ولكن الاقتصاد الوطني كان في انهيار وشيك وسعر صرف الدولار مرشح إلى 5000 ريال بناء على تقارير دولية. وعند تنفيذ الجرعة الأولى تم تحويل 50 % من المبالغ المخصصة لدعم المشتقات النفطية إلى بند رواتب الموظفين والعمال في القطاع العام والمختلط وشبكات الأمان الاجتماعي، وخصصت المبالغ المتبقية لمشاريع التنمية، واستفادت اليمن من هذه الخطة ولوحظ تحسن في دخل الفرد حتى ان مجلس النواب الأمريكي اصدر قراراً في عام 2005م يهنئ فيه الرئيس علي عبدالله صالح لالتزامه بالاصلاحات، وتم وضع اليمن مع عديد من البلدان الأخرى كنموذج للتحول إلى الديمقراطية في العالم العربي.. في هذه الاثناء تعهدت الولاياتالمتحدة وغيرها من المانحين مثل البنك الدولي وصندوق النقد بمساعدة اليمن لنجاحها الكبير في الاصلاحات الاقتصادية ووضعها على قاعدة اقتصادية متينة. في يوليو 2005م شهدت اليمن جرعة أخرى تزامنت مع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاجور والمرتبات، وزادت رواتب موظفي الدولة في القطاعين العام والمختلط وشبكات الأمان الاجتماعي وبنسبة 30 إلى 40 %، لكن حزب الاخوان المسلمين "الإصلاح" هيج الشارع وأخرج الطلاب من المدارس للتظاهر وأعمال الشغب والتخريب التي كبدت الحكومة خسائر فادحة، وكان ذلك احتجاجاً على تنفيذ الجرعة الاقتصادية المفيدة والمنعشة للاقتصاد الوطني الذي بدأ يتعافى، ولا يزال الجميع يتذكر ان الشارع لم يهدأ إلا بعد ان تدخل الرئيس علي عبدالله صالح بتخفيض 10 ريالات في كل لتر من المشتقات النفطية وأشياء أخرى عبارة عن مراضاة لقادة المعارضة الاخوان المسلمين ومن لف لفهم في المعارضة، ولم ينته هذا الحدث وانما كان عنواناً بارزاً لمرشح اللقاء المشترك الراحل فيصل بن شملان، وكانت مادة دسمة يتم تسويقها من قبل أجهزة اعلام اللقاء المشترك حول ذبح المواطن وتنفيذ الجرع التي وصفوها بايعاز من الدول الغربية والمانحين الذين لا يرجون خيراً لليمن حد زعمهم. الأستاذ ورجل الأعمال محمد سالم باسندوه واصل هذا المشوار في اجتماعات لمجلس التضامن الوطني التي يرعاه حزب الاخوان المسلمين "الإصلاح".. وأتذكر الأستاذ محمد سالم باسندوه في كلمة له أمام هذه التكتلات من قناة "الجزيرة" وهو يترحم على الفقراء الذين تضاعف فقرهم من جرع صالح وباجمال ومجور، وقد اغرورقت عيناه بالدموع من كارثة الجرع التي زادت الفقراء حد زعمه مجاعة وأوصلتهم إلى أسفل خط الفقر. ويوم الأربعاء 5 ابريل أصدر باسندوه قراراته التي تذبح الفقراء وتزيدهم فقراً بزيادة 100% في المشتقات النفطية دون ان يحرك الإصلاح ساكناً، ودس الاخوان المسلمين رؤوسهم في الرمال ولم يعودوا مدافعين عن الفقراء من جراء جرع حكومة الوفاق الباسندويه، ليس هذا فحسب بل ان احد نواب الإصلاح ويدعى الهجري برر هذه الجرع في مجلس النواب وقال انها ضرورة حتمية للانقاذ.. وزاد الطين بلة التعاميم الصادرة من حزب الاخوان المسلمين "الإصلاح" إلى قواعده بالتهدئة وتبرير هذه الزيادة المجحفة بحق 21 مليون يمني تقريباً. ونحن في هذه العجالة نتساءل: أين ساحات التغيير في تعز وفي إب وفي صنعاء الذين تحولوا إلى (ابو الهول) أمام هذه الحادثة المفجعة؟!!.. ولا ننس قناة "سهيل" التي تجاوزت الحدث ببرودة أعصاب، ونادت بالهيكلة، وحكومتهم إذا استمرت ستجعل من الفقراء هياكل وجماجم. تصويب: في العدد رقم (189) وردت أخطاء غير مقصودة في مقالي الموسوم (عايزين ايه من النسوان؟!!)، حيث ورد ان محمد نجيب (رائد) والصحيح أنه كان يحمل رتبة (لواء).. والوفد الاخواني الذي قابل جمال عبدالناصر كان برئاسة حسن البنا والصحيح سيد قطب، لذا وجب التنويه والاعتذار للقراء وللاخوان.