تحاورت مع نفسي وكأنني أتحدث مع أحد الساسة حول لماذا انشق اللواء علي محسن الحاج؟!!.. وكيف اقتنع المعتصمون في الساحة بقبوله بينهم؟!!.. تداولنا الحديث وذكرنا بأن صانعي الأزمة قد عادوا إلى رشدهم وهرولوا إلى الساحات لمناصرة (المظلومين) وأصحاب الحق في الساحات اليمنية، ولكن كيف تم إقناع المعتصمين بأن انضمامهم هو من باب المؤازرة والواجب، وبأنهم لا يطمعون بأي مناصب في الدولة مستقبلاً، وإنما فقط يريدون التخلص من النظام الموجود وسيتنازلون عن المناصب التي كانوا يعملون فيها مع النظام السابق على حد قولهم؟!!.. وما زاد الطين بلة وثوق المعتصمين بهم رغم أنهم من أبرز رموز الفساد وسلاطينه، وانضمامهم يعد هروباً من العقاب الذي ظل المعتصمون في الساحات يدعون إليه. وقد انشق كبير السحرة اللواء الحاج وجهز أفراده لحماية المعتصمين أثناء المكوث في الساحات – حسب زعمه- لكنه كان يقنصهم أثناء المسيرات ويحمل النظام مسؤولية ذلك، والمستغرب منه أنه ظل يرعى هذا الجيش ويحافظ عليه طيلة سبعة حروب في صعدة، وفي نفس الوقت كان يمول الحوثيين بالسلاح ليصفي حساباته الغامضة مع الدولة، والرئيس كان يمنحه صلاحيات مفتوحة ويثق به ثقة عمياء، ولو كان في أية دولة أخرى فلن يجد أي دستور يمنحه ولا حتى ربع الصلاحيات التي كان يتمتع بها، إضافة إلى استقوائه بمسلحيه والبسط على أميال من الأراضي التي لا يعلم عددها إلا الله، ناهيك عن عمله في تجارة البنزين والامتيازات الخاصة الممنوحة من أي رسوم تدفع للدولة، وما خفي كان أعظم من الاستثمارات في الخارج التي تقدر بمليارات الدولارات.. والغريب في الأمر هو كيف تخلى اللواء المنشق عن هذا النظام الذي منحه ما لا يعقل من النفوذ وما لن يحلم به في المستقبل ما عاش؟!!.. يبدو أن الرجل كان يفكر هذه المرة بالسطو على منصب الرئيس دون أن يعرف أنه يحفر حفرته بيده، فبعد أن ملَّ انتظاراً لمدة ثمانية أو تسعة أشهر فكر ملياً في امتلاك كل مقومات الحكم، وقرر أن يلعب بها ويحسم الأمر فطلب الاجتماع بالرئيس علي عبدالله صالح في منزل المشير الركن عبدربه منصور هادي وطلب اللواء المنشق من الرئيس علي عبدالله صالح التخلي عن منصب الرئيس، ويتنازل عن المدة الدستورية المتبقية له في الرئاسة مقابل أن يرحل هو وحميد الأحمر ومذحج وهاشم واليدومي والزنداني وثلاثة من أعضاء المشترك، وكان اللواء الحاج يهدف من هذا الاتفاق إلى السطو على منصب الرئيس، لكنه تجاهل أن الشعب بعد منح الحصانة للرئيس صالح من مجلس النواب بات ينتظر بكل شوق تنفيذ مطلبه الأساس (رحيل اللواء هو وزمرته) لتكتمل بنود المبادرة الخليجية وأصبح لزاماً عليه تنفيذها، أما رئيس المؤتمر الشعبي العام المناضل علي عبدالله صالح فإن أعضاء المؤتمر كلهم معه، ويقودهم بكل فخر إلى مرحلة جديدة قادمة، أما اللواء المنشق عن جهالة فهو في حالة استرخاء ونقاهة، يفكر أين ستكون محطته الأخيرة التي سيعيش فيها بقية حياته!!.. صار الجزاء من جنس العمل!!..