عجبت من قومٍ كانوا من ألد خصوم الوحدة اليمنية قبل قيامها، فلما تحققت انتشر كبارهم يتزاحمون بالمناكب في محافظات غنية بالثروات مثل حضرموت، فتمكنوا من بسط سيطرتهم عليها، وعندما قامت حرب صيف 94م كانوا السباقين إلى الحرب، بل أصدروا فتواهم التكفيرية في حق أبناء الجنوب وأحلوا بها دماءهم، وعندما حاول الرئيس السابق تحجيم فيدهم انقلبوا بين عشية وضحاها إلى أعداء للوحدة ومناصرين للانفصال كورقة يلوحون بها في وجه الوحدويين الشرفاء. أما اليوم وبعد أن سيطروا على الحكم أصبحوا وحدويين أكثر ممن شيد الوحدة، بل أصبحوا يصرون على فرضها بقوة السلاح.. والعجيب في الأمر أنهم يدمرون هذه الوحدة بجشعهم وتصرفاتهم العرجاء، حتى أصبح أبناء حضرموت على سبيل المثال يكرهون الوحدة ويكرهون كل شمالي دون تمييز بمن فيهم المواطنون البسطاء والفقراء رغم أن منهم من هو طالب رزق، ومعلم بناء، وصاحب بقالة، وكهربائي، وحفار، وسباك، وغيرهم من الذين أصبحت تصرفات عتاولة المتنفذين وبالاً عليهم ما بعده وبال، حتى انطبق على هؤلاء البسطاء قول المتنبي: وجرم جرَّه سفهاء قومٍ ** وحل بغير جارمه العذاب. تجلى كل ذلك في استعراض هذه الشلة لقواها العسكرية، وخلق فتنهم بين فئات الشعب في حضرموت، وفي عدن، وتمدد نهبهم للأرض والنفط والأسماك.. هم يعتقدون وخاصة متنفذيهم كالجنرال (علي محسن) وضباطه، و(حميد) وأخوته وعصابتهم، والداعية الديني (الزنداني) ومليشياته، أنهم بهذا سيستعبدون العباد والبلاد بعاصفة من القوة والفساد، بينما يرى العقلاء في إقامة دولة (الأقاليم الفيدرالية) المخرج الوحيد لهذه المعضلة، وإذ لم يتم ردع أولئك المتنفذين، ولم يكفوا عن النهب والسلب وتركيع أبناء الجنوب، ولم يعتذروا لهم، ويعيدوا نصاب ثرواتهم ويكفوا عن تحدي الدولة ومحاولات إفشال مؤتمر الحوار الوطني، فلن يكون هناك مجال للصمت. وفي تصرفات حميد وإخوته من إثارة الفتن واستعراض القوة، وفي تصرفات توفيق عبد الرحيم من الاستيلاء على منشأة (حجيف) بعدن، وفي ظلم (سميع) لأهل مأرب والمقاولين منهم، وفساده وتلاعبه بالمناقصات، وفي الاختلال الأمني المتفشي حد الانفلات الكامل، وفي مهزلة قرارات مجلس الوزراء العشوائية وغير ذلك، أمثلة ليس إلا، تشير إلى توطيد كراهية الشعب للوحدة التي أقامها بسواعده وحماها طيلة العشرين عاما، والآن لم يبق سوى خيارين هما: إما أن يعقل هؤلاء المتنفذون ويعتذروا لشعب الجنوب ويعترفوا بحق تقرير مصيره وإقامة أقاليمه الفيدرالية في عموم الوطن، وإما الانفجار العظيم، ولا غير ذلك من حلول وخيارات.. اللهم أني بلغت اللهم فاشهد.