من يتابع الساحة الوطنية ويقيم دور الأطياف السياسية بصفة عامة من الفتنة الحوثية وتجمع "الإخوان" بصفة خاصة، يجد أن هناك تخاذلاً واضحاً وتشفياً ظاهراً لما يحدث ومناكفة سياسية مقيتة وكأني بلسان حالهم يتمنى فشل المؤسسة العسكرية في مواجهتها مع الحوثيين وفتنتهم، التي أشعلوها وكأنهم في منأى عن الساحة الوطنية مع أن الجميع على سفينة واحدة. التجمع اليمني للإصلاح الذي يتزعم قيادة اللقاء المشترك لم يحدد موقفه من الفتنة الحوثية والصراع الدائر في صعدة والذي يدخل شهره الثالث، وما آلت إليه الأمور من قتل وتشريد ونزوح قرى بأكملها أمام هذا العدوان الإرهابي لفتنة التمرد والمواجهة التي فرضت على مؤسستنا العسكرية من صقور الجو وأسود البر لهذا التمرد الأرعن، وما يحصده من قتل في خيرة أبنائه وتدمير في بنيته التحتية والخدمية لهذه المحافظة بمديرياتها الإحدى عشرة وبجانبها محافظة عمران وكثير من مديرياتها التي وصل إليها هذا المد الشيعي الصفوي الخرافي والظلامي، وما أحدثه من غسيل لعقول بعض أبناء الوطن بسبب الفراغ الثقافي والروحي. فهؤلاء الشباب وجدوا فيهم أرضية خصبة لزرع مثل هذه الخزعبلات والخرافات الكهنوتية واللاهوتية والتي عفى عليها الزمن، وأصبحت ذكريات من ماضي الشعب اليمني لما ذاق في عهده من جهل وفقر ومرض ولبس خلال فترة هذا الحكم لباس الجوع والخوف، وهاهم اليوم الأذيال المنتمون إلى تلك الفئة الضالة والذين يمثلون نبتة شيطانية لأشرار أولئك، القوم يحاولون أن يعيدوا الكرة على هذا الشعب بعد تسعة وأربعين عاماً من قيام الثورة المجيدة.. متناسين أن الثورة والجمهورية قدمت الغالي والنفيس للتحرر والانعتاق من هذا الحكم الظلامي الكهنوتي.. وهيهات أن ينالوا ما يحلمون به وما تسكنه نفوسهم المريضة من نزعة استعلائية سلالية تحت مسمى "الحق الإلهي" في الحكم، محاولين أن يجعلوا في هذا الشعب سادة وعبيداً. ولكن ما يحز في النفس هو الموقف الرمادي لأكبر تجمع حزبي معارض بقواعده وكوادره في الساحة الوطنية، والذين أعطوا ظهورهم للعاصفة لتمر ولم يواجهوها بمواقف وطنية تمليها عليهم وطنيتهم وضمائرهم، ويبدو أنهم أعطوها إجازة نكاية ومناكفة بقيادة البلاد وما تكن صدورهم من حقد وكراهية، ولسان حالهم يقول اذهب أنت وربك فقاتلا إن هاهنا قاعدون رغم ان التجمع الإخواني هم من كانوا بالأمس يكنون العداء الإيراني بحكم ما تحمله الثورة الخمينية من أهداف توسعية ونتوءات مذهبية وطائفية بين السنة والشيعة، فهل الموقف المتخاذل للإخوان قطراليمن من الفتنة الحوثية والسكوت عنها هو امتداد للموقف الإخواني المركزي في مصر؟!. إذ قد أبدوا تحالفهم الظاهر مع إيران وأصبحوا يمثلون قنوات استيرادية للثورة الخمينية مع فارق الأيديولوجية بين الشيعة الاثنى عشرية والأهداف التي أسسها حسن البناء، حتى أن حركة الإخوان المسلمين في مصر اصبحت ايضا همزة وصل للحركات الشيعية في الهلال الشيعي المستهدف من إيران، ومن يقيم اليوم موقف تجمع الإصلاح من الحركة الحوثية يجزم أن هناك تحالفاً في توسيع الحركة نكاية بالنظام القائم وهو النظام الذي تحالف معه بالأمس ضد الشيوعية في الجنوب ويتنكر له اليوم ليقف ضده مع الحركات الشيعية في صعدة، إذاً فلا يصح ولا يليق أن يربط التجمع الإصلاحي موقفه من الحوثيين ومن إيران بموقف حركة الإخوان المسلمين العالمية من إيران ويغض الطرف عن توسعها ونفوذها وحركة التشييع التي تقودها في مصر والعراق ولبنان وغزة .. ولا ندري لمَ هذا التراجع في المواقف؟!.. هل هي لعبة المصالح والمكاسب السياسية والتي تأتي على تقويض النظام، والوطن يتعرض لتدمير في بنيته التحتية والكل يتفرج ويغض الطرف؟!!، مع أن الزيدية والشافعية عاشت الفترة الماضية مع بعضها وتعايشت حكاما ومحكومين منذ قيام الثورة المباركة والقضاء على كهنوت الحكم الإمامي بالحق الإلهي المزعوم. وهاهو التاريخ يعيد نفسه فالذين حاربوا الجمهورية عند ولادتها من رحم المعاناة هم اليوم يقفون في وجه الدولة الواحدة متحالفين مع سلاطين الجنوب، الذين هم الآخرون يحلمون بأمجاد سلطانهم المتهاوي في الجنوب اليمني بقيادة طارق الفضلي، الذي هو الآخر أتى من جبال أفغانستان بعقلية جهادية إرهابية، يريد ان ينقل التجربة الأفغانية الطالبانية من جبال قندهار وتورو بورو إلى جبال المراقش ويتحالف مع الحوثيين الموتورين في جبال ضحيان ليشكل بؤرة هلامية في وجه النظام والقانون، ولكنهم لن يفلتوا من قبضة المؤسسة العسكرية التي هي صمام أمان النظام والقانون والدستور.